جريدة الوطن:
2024-06-12@04:19:08 GMT

أذى الطبيعة

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

فاجعتان في غرب العالَم العربي خلَّفتا آلاف الضحايا وأضعافهم من الذين أصبحوا بلا مأوى، بزلزال مدمِّر في مراكش بجنوب المغرب وعواصف وسيول في درنة وغيرها بشرق ليبيا، سبَّبتا حالة من الحزن العامِّ في أرجاء المنطقة. ورغم أنَّ الأحداث لا تزال ساخنة والقلوب بعدها دامية من الألَم والأسَى، إلَّا أنَّ استخلاص الدروس مُهمٌّ تحسُّبًا لتكرار تلك الكوارث الطبيعيَّة التي زادت وتيرتها وحدَّتها في الأوان الأخير.

فزلزال المغرب يأتي بعد فترة وجيزة من الزلزال المُدمِّر الذي ضرب سوريا وتركيا مخلِّفًا آلاف الضحايا ودمارًا هائلًا. وما بَيْنَ الحدثَيْنِ، شهدت مناطق أخرى من العالَم زيادة في حدَّة الظواهر الطبيعيَّة من عواصف وسيول وحتَّى زلازل أقلَّ حدَّة. ليس أقلَّها أمطار موسم «المونسون» في الهند التي أضرَّت بمحصول الأرز ما جعل الحكومة تفرض حظر تصدير أدَّى إلى ارتفاع أسعار الأرز في العالَم. ذلك غير الحرائق التي ضربت أميركا الشماليَّة وأوروبا وأزهقت أرواحًا ودمَّرت محاصيل وممتلكات. طبعًا تلك أضرار لا تقارن بفداحة الخسائر البَشَريَّة في المغرب وليبيا وقَبلها سوريا وتركيا.
قَدْ يوصف كُلُّ ذلك بأنَّه أذى الطبيعة لسكَّان الأرض، لكنَّ الطبيعة غالبًا ما تُحقِّق التوازن بغَضِّ النظر عن الأضرار. وما جهد البَشَر في محاولة تطويع الطبيعة إلَّا إخلال بذلك التوازن أحيانًا. هذا ما يحدث فيما يتعلَّق بالتغيُّرات المناخيَّة التي يُسبِّبها الإنسان بانبعاثات الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري، وغير ذلك من النشاطات التي تخلُّ بالتوازن الطبيعي مِثل إنتاج النفط والغاز الصخري في أميركا الشماليَّة وبريطانيا والذي يُسبِّب الزلازل بشكلٍ مباشر. أمَّا الحرائق التي تزيد قوَّتها وأضرارها والأمطار والسيول والعواصف فهي نتاج مباشر لتغيُّر المناخ. فالعاصفة دانيال التي ضربت ليبيا هي عاصفة موسميَّة، لكن لَمْ يحدُثْ أن أدَّت إلى وفاة الآلاف وطمر مُدُن بالكامل كما حدَث قَبل أيَّام. حتَّى الزلازل التي ضربت نيويورك وما حَوْلَها في الولايات المُتَّحدة هذا العام لَمْ تكُنْ بالقوَّة والأضرار كما حدَث في المغرب قَبل أيَّام وقَبل ذلك في سوريا وتركيا. ولعلَّ تلك هي ما تُسمَّى «العدالة المناخيَّة» التي تصاعد الحديث عَنْها في مؤتمر المناخ العالَمي، كوب 27، العام الماضي في مصر، ولا شكَّ ستكُونُ أكثر حضورًا في مؤتمر «كوب 28» في الإمارات. تلك العدالة التي يقصد بها أنَّ الدوَل الكبرى الغنيَّة مسؤولة عن أكثر من ثلاثة أرباع التلوُّث البيئي المُسبِّب للتغيُّر المناخي، بَيْنَما تُعاني بقيَّة دوَل العالَم بشكلٍ أكبر وأخطر من نتيجة تلك الأضرار. وذلك هو الأذى الأكبر الذي يُسبِّبه الإنسان وليس الطبيعة.
إذا كانت بقيَّة كوارث الطبيعة من عواصف وسيول وقَبلها الحرائق وغيرها مرتبطة بشكلٍ مباشر بارتفاع حرارة كوكب الأرض نتيجة انبعاث الغازات المُسبِّبة الاحتباس الحراري، فإنَّ الزلازل والبراكين ربَّما يصعب الربط بَيْنَها وبَيْنَ التغيُّر المناخي. فالزلازل تحدُث نتيجة تحرُّك الصفائح التكتونيَّة التي تُشكِّل الطبقة التالية من الكرة الأرضيَّة تحت قشرتها وفوق القلب الصلب للكرة. هذه الصفائح في حركة مستمرَّة وتُسمَّى المناطق ما بَيْنَ أطرافها «الفالق». يُحدِّد علماء الجيولوجيا 14 صفيحة كبرى تحت قشرة الأرض تتحرك بما بَيْنَ سنتيمترَيْنِ وعشرين سنتيمترًا سنويًّا. وحين تحتكُّ أطرافها أو تطغى فوق بعضها تحدُث الزلازل. يبدو علميًّا إذًا أنَّ الزلازل هي نتيجة عمليَّة جيولوجيَّة تحت سطح الأرض يصعب إثبات أنَّها تتأثَّر كثيرًا بما فوقها. لكن في السنوات الأخيرة مع تكرار الزلازل بشكلٍ غير معتاد في مناطق تحطيم الصخور لاستخراج النفط والغاز بدأت أبحاث العلماء تحاول الربط بَيْنَ الزلازل كظواهر طبيعيَّة والتغيُّرات فوق سطح الأرض وربَّما في مجالها الجوِّي أيضًا.
لوحظ أيضًا أنَّ الزلازل تكثر في منطقة الهيملايا في فصل الشتاء، ولا تحدُث في وقت موسم المونسون حيث الأمطار الكثيفة تثبت قشرة الأرض. وممَّا يثبِّت قشرة الأرض بالضغط القوي عليها أيضًا جبال الجليد التي أخذت في الذوبان بكثافة في السنوات الأخيرة نتيجة التغيُّر المناخي. وهناك أبحاث الآن تربط بَيْنَ تخفيف الضغط على قشرة الأرض وزيادة تحرُّك الصفائح التكتونيَّة تحتها بما يزيد من احتمالات الزلازل، وكذلك قوَّتها عِنْد كُلِّ فالق. هذا فضلًا عن أنَّ ذوبان الجليد يؤدِّي إلى ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات ما ينقل الضغط على قشرة الأرض من منطقة إلى أخرى. تلك الاختلالات الطبيعيَّة ناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، بالإضافة إلى نشاطات بَشَريَّة أخرى تُسبِّب أضرارًا للتوازن الطبيعي. والنتيجة أنَّ الظواهر الموسميَّة أصبحت أكثر حدَّة وتحدُث بوتيرة أسرع. ومع استمرار ضغط البَشَر على المناخ تتسع هوَّة الاختلال الطبيعي في غلاف الكرة الأرضيَّة ويزيد الضرر على قشرة الأرض فيؤدِّي بِدَوْره إلى مزيدٍ من الكوارث الطبيعيَّة من باطن الأرض كالزلازل والبراكين.
ربَّما يكُونُ الإثبات العلمي ليس كافيًا بعد للربط بَيْنَ زيادة عدد الزلازل وحدَّتها، وبالتَّالي أضرارها بالتغيُّرات المناخيَّة. إلَّا أنَّ المؤشِّرات تبدو قويَّة حاليًّا. وحتَّى إذا ردَّ بعض المُنكرين أصلًا للتغيُّر المناخي وأضراره فإنَّ العواصف والسيول التي تدمِّر المُدُن بكاملها وتودي بحياة الآلاف من البَشَر هي نتيجة مباشرة لاختلال المناخ. ولعلَّ ذلك كافٍ حتَّى الآن، قَبل أن نشهدَ كوارث أكثر، للتعامل بجديَّة مع أسباب التغيُّرات المناخيَّة.

د.أحمد مصطفى أحمد
كاتب صحفي مصري
mustafahmed@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ر المناخی ر المناخ العال م الب ش ر ة التی التی ت

إقرأ أيضاً:

القهوة".. السر الطبيعي لجمال ونضارة بشرتك| فوائدها مذهلة

القهوة ليست مجرد مشروب يمدنا بالنشاط والحيوية في بداية يومنا، بل هي أيضًا كنز طبيعي مليء بالفوائد الصحية والجمالية، خاصة للبشرة، ففي عالم العناية بالبشرة، أصبحت القهوة مكونًا شائعًا في العديد من المنتجات بفضل خصائصها المميزة التي تحارب علامات الشيخوخة، وتساعد في تقليل الالتهابات والانتفاخ، وتحسن من ملمس البشرة بشكل عام، واستخدام القهوة سواء كقناع للوجه أو مقشر للجسم يمكن أن يكون له تأثير إيجابي واضح على صحة وجمال بشرتك، وفي هذا المقال، سنستعرض معًا أبرز فوائد القهوة للبشرة وكيفية استخدامها لتحقيق أفضل النتائج.


 

القهوة للبشرةفوائد القهوة للبشرةمضادات الأكسدة:

تحتوي القهوة على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، التي تساعد في مكافحة الجذور الحرة، مما يقلل من علامات الشيخوخة ويجعل البشرة تبدو أكثر شبابًا.


 

2. تقشير البشرة: 

يمكن استخدام القهوة كقناع لتقشير البشرة. الحبيبات الدقيقة تعمل على إزالة الخلايا الميتة والشوائب، مما يحسن ملمس البشرة ويمنحها نعومة ونضارة.


 

3. تقليل الانتفاخ والهالات السوداء: 

الكافيين الموجود في القهوة يساعد في تقليل الانتفاخ والهالات السوداء تحت العينين، حيث يعمل على تضييق الأوعية الدموية وتقليل التورم.


 

4. تحسين الدورة الدموية: 

عند تطبيق القهوة موضعيًا، يمكن أن تحسن الدورة الدموية في البشرة، مما يعزز من إشراقها وحيويتها.


 

5. التقليل من السيلوليت: 

الكافيين في القهوة يمكن أن يساعد في تقليل مظهر السيلوليت عند استخدامه كمقشر للجسم، حيث يعزز من تدفق الدم ويساعد في شد البشرة.


 

6. خصائص مضادة للالتهابات: 

القهوة تحتوي على مركبات مضادة للالتهابات، التي يمكن أن تساعد في تهدئة البشرة وتقليل الاحمرار والتهيج.


 

استخدام القهوة كقناع للوجه أو مقشر للجسم يمكن أن يكون طريقة رائعة للاستفادة من هذه الفوائد، ولكن من المهم تجنب استخدامها إذا كانت البشرة حساسة للكافيين أو إذا تسببت في أي تهيج.

مقالات مشابهة

  • سيصيب معظم سكان الأرض.. خبير الزلازل الهولندي يصعق الجميع بتحذير جديد غير الهزات الأرضية
  • بوابة الجحيم في سيبيريا.. تتضخم وتُرى من الفضاء بسبب التغير المناخي
  • تعاون استراتيجي بين أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية ومجموعة g7+ ومعهد التنمية الخارجية البريطاني
  • إطلاق آلية لتسهيل جهود التمويل المناخي
  • «قمة المحيطات» تناقش الاقتصاد الأزرق والحوكمة البحرية
  • كنز الجمال الطبيعي.. كيف يمكن لـ "الموز" تحقيق شعر صحي ولامع
  • هزة أرضية خفيفة تضرب نواحي تطوان
  • المركز الثقافي القبطي و«تأثير» يطلقان ندوة «أرضنا مستقبلنا» لمواجهة التصحر
  • إرتقي بنفسك لحياة أجمل: تخلص من هالة النكد وضع لها ألف باب وحد
  • القهوة".. السر الطبيعي لجمال ونضارة بشرتك| فوائدها مذهلة