بين معالم زُيّنت بلون الرّمل منذ الفترة الرومانية، وبخطوات الباحث عن المعنى، يتنقّل أنيس الشابي(40 سنة)، وسط مكوّنات الموقع الأثري بسبيطلة. يقارن، بين الفينة والأخرى، ما بقي من آثار مع ما جمعه من صور قديمة تحاكي تاريخ مؤسسي المدينة والمارين بها منذ فترة الرومان والبيزنطيين ومن تلاها...

هواية أنيس البحث عن صور سبيطلة أو سفيطلة في العقود والقرون الماضية، والنّبش في تاريخ مدينة التاريخ.

ويقول في تصريح لموزاييك "كانت مصارعة الأسود تقام غرب الموقع، والحفلات تقام في المسرح شرقه''.

الموقع هو مكان المدينة منذ حوالي 2000 سنة، تحاصره أسوار محصّنة، وأقواس ترحّب بالزوّار والفضوليين، وفسيفساء وحمامات بألوان الطيف، ومعابد منتصبة في عمق الأرض وفي سماء التّاريخ. 

ويردد أنيس ما تم تداوله في روايات شفوية وفي مراجع تاريخية حاول عبرها معرفة ماضي مدينته ، ويضيف، باحثا عن ما قد يكتشفه في جولته في حضن الحضارة:" المقاتل الذي يصارع الأسود في الغرب كان يُدفن غربا، إذا لقي حتفه. الموت وغروب الشمس لهما المعنى نفسه لدى القدامى. وللشروق عندهم معاني الحياة والفرح''.

ويعتبر الموقع الأثرى بسبيطلة من أهم المعالم التاريخية في تونس، بمساحة تقدر بحوالي 20 هكتار، وبمعالم لا يزال جزءا كبيرا منها بارزا للعيان يقاوم الزمان ومتغيّراته ويحدّث أجيال اليوم والغد عن عظمة المدينة في حقباتها القديمة.

ويشير أنيس إلى ميزات عديدة لمسقط رأسه قائلا:"لا تعتبر سبيطلة مدينة تاريخية فحسب، بل هي نموذج تونسي صرف للتنوع والتعدّد. فإلى اليوم لا تزال أزقة تسمى في البلدة بمن يقطنها من مدن مجاورة أو بعيدة على غرار "حومة الجريدية"، "حومة الصفاقسية"، "حومة القوابسية"، وغيرها خير دليل على ذلك''.

"للأسف الكنيسة عوضتها البلدية، ومعبد اليهود أصبح مقرا لجمعية اتحاد سبيطلة، أما المسجد فهو في مدخل المدينة على بعد 300 متر من الكنيسة والمعبد. كل الأديان كانت تعيش في سلام وفي انسجام في القرن الماضي في سفيطلة"، هكذا تحدث أنيس في ختام جولته مع موزاييك، في محطة القطارات الخاوية على عروشها.

انتهت رحلتنا، اليوم، في سبيطلة، وفي طريق العودة (الطريق الرئيسية) لا يزال قوس النصر يرحّب بالضيوف، شرق المدينة، وبعده، وغير بعيد عن كلّ مسافر عبر سفيطلة، تنتصب معابد جوبيتير ومينيرفا وجونو لتحدّث المارّين عن تفاصيل مدينة حضنت التاريخ والتنوّع.

برهان اليحياوي

المصدر: موزاييك أف.أم

إقرأ أيضاً:

بعد إيران.. هل تستطيع أميركا تنفيذ السيناريو نفسه في كوريا الشمالية؟

في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، يرى الكاتب ويليام هينغان أن الضربات الجوية الأميركية لإيران تعزز قناعة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بأن امتلاك السلاح النووي هو الضمانة الوحيدة للبقاء. اعلان

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالًا تحليليًا للكاتب ويليام هينغان يتناول تداعيات الضربة الأميركية الأخيرة على البنية النووية الإيرانية، وانعكاساتها على الاستراتيجية الأميركية تجاه كوريا الشمالية. ويرى الكاتب أن تلك الضربة، التي شملت 14 قنبلة ضخمة تزن كل منها 30 ألف رطل، عززت لدى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قناعة قديمة: امتلاك السلاح النووي هو الضمانة الوحيدة لبقاء النظام.

ويشير المقال إلى أن كوريا الشمالية، بخلاف إيران، تمتلك بالفعل ترسانة نووية تشمل نحو 50 رأسًا حربياً ونحو 40 أخرى قيد التصنيع، إضافة إلى صواريخ باليستية عابرة للقارات يُحتمل أن تطال كبرى المدن الأميركية. وفي ظل غياب التهديد الأميركي المباشر لكوريا الشمالية، مقابل الغارات الجريئة على إيران، يرى كيم أن موقفه بات أكثر قوة، لا سيما مع التطورات الأخيرة في القدرات النووية والتحالفات الإقليمية، ومنها اتفاق دفاعي مع روسيا.

ويوضح الكاتب أن واشنطن، رغم إصرارها على شعار "نزع السلاح النووي الكامل والقابل للتحقق ولا رجعة فيه"، لم تحقق أي اختراق دبلوماسي يُذكر خلال العقود الماضية. حتى أن دعوات الرئيس بايدن في عام 2021 للحوار دون شروط مسبقة لم تلقَ تجاوبًا من بيونغ يانغ. ورغم أن إدارة ترامب لا تبدو منشغلة بالملف الكوري في ولايته الثانية، إلا أن الوقت قد حان لتبديل نهج واشنطن، خصوصًا بعد فشل الضربة الجوية في شل البرنامج الإيراني بشكل حاسم.

Relatedماكرون يحذَر الصين: أبعدوا كوريا الشمالية عن أوكرانيا وإلا ستجدون الناتو في آسياضربات ترامب لإيران تُرسّخ قناعة كوريا الشمالية بالتمسك بسلاحها النوويإخفاق بحري في كوريا الشمالية بعد فشل تدشين سفينة حربية وكيم يصفه بـ"العمل الإجرامي"

المقال يدعو إلى نهج جديد يعترف بالواقع النووي لكوريا الشمالية كأمر واقع، دون أن يعني ذلك بالضرورة شرعنته. فالتعاطي الدبلوماسي الواقعي، كما يرى الكاتب، قد يؤدي إلى تجميد البرنامج مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية، وهو خيار لا يخلو من المخاطر السياسية، خاصة تجاه الحلفاء كاليابان وكوريا الجنوبية، لكنه قد يكون السبيل الوحيد لتجنب مواجهة غير محسوبة.

ويستعرض المقال مواقع استراتيجية في البرنامج النووي الكوري، منها مجمع "يونغبيون" الذي يُنتج البلوتونيوم واليورانيوم العالي التخصيب، ومنشأة "كانغسون" التي كُشف عنها مؤخرًا، وموقع التجارب النووية "بونغيي-ري" الذي شهد ست تجارب نووية منذ عام 2006، إضافة إلى مصنع الصواريخ في "هامهونغ" الذي ينتج صواريخ تُصدّر إلى روسيا وتُستخدم في أوكرانيا. كذلك يتطرق المقال إلى موقع "سوهه" على الساحل الغربي حيث تُختبر منظومات الصواريخ.

ويخلص المقال إلى أن تجاهل بيونغ يانغ أو مواصلة استراتيجية "الكل أو لا شيء" لم يؤتِ ثماره منذ عهد بيل كلينتون، ولن ينجح اليوم. فمع تصاعد التهديد النووي وتغير ميزان القوى الإقليمي، يرى الكاتب أن من الحكمة أن تتخلى إدارة ترامب عن أوهام التفكيك الكامل، وتتبنى سياسة احتواء ذكية وواقعية تعكس الحقائق الميدانية وتفتح باب التفاوض لتفادي الأسوأ.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • مدحت عبد الهادي: الأهلي شرف نفسه ومصر في في كأس العالم بنسخته الجديدة
  • قصة حُلم معطّل (8)
  • بعد إيران.. هل تستطيع أميركا تنفيذ السيناريو نفسه في كوريا الشمالية؟
  • من هي الفئة الأكثر عرضة لنقص النحاس في الجسم؟
  • المجلس الإسلامي السوري يعلن حلّ نفسه
  • «طقس الإمارات».. هطل أمطار على مدينة العين اليوم السبت.. وانخفاض الحرارة الأربعاء
  • السلطات الولائية تكرّم التلميذ أنيس بويلي صاحب أعلى معدل بولاية باتنة
  • مقاومة الفاشر: مليشيا الدعم السريع تستمر في قصف أحياء المدينة منذ صباح اليوم
  • قصة حلم معطل (٧)
  • شاهد ..رجل يشعل النار في نفسه داخل مترو سيول