نقطة.. ومن أول السطر!
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
أحمد العمري
سبق وأن كتبت في موضوع هذا المقال من قبل بعنوان آخر ومن زاوية أخرى، لكنني رأيت كما يرى الجميع أن أصحاب قنوات التواصل الاجتماعي بكل أصنافه وأنواعه يزدادون يومًا بعد يوم ويكثرون ويتكاثرون، وخاصة في خريف ظفار 2023، وفي جميع المهرجانات التي تقيمها مختلف المحافظات وعلى مدار العام.
طبعًا منهم من هو تواق للشهرة، ومنهم من هو ساعٍ للمال، ومنهم من يدعي الحضور الشخصي والرغبة في الإبهار والانبهار.
أما أن تدّعي أنك المصلح الاجتماعي والمرشد الصادق ولا أحد غيرك، فهذا ما لم ينزل به الله من سلطان! أو أنك تنتقد الجهة الحكومية أو الأهلية أو حتى الأفراد؛ فهذا ليس من حقك ولا من صلاحياتك، ولا ننسى أن هذه الأمور يُعاقِب عليها القانون، ولا أحد يملك الوصاية على المجتمع سوى الدولة والقانون.
لنعُد إلى رشدنا ونعي ماذا نقول ونراجع المحتوى الذي نبثه للمجتمع من جميع جوانبه قبل النشر، وعليه أرجو أن تكون هذه دعوة لكم أيها الإخوة جميعًا للتفكير وطرح ما هو مناسب للمجتمع وما يخدم البلاد والعباد، ونعتبر أن ما مضى أصبح من الماضي وانتهى، وأن لا نعود إليه أبدًا، وأن نضع نقطة آخر السطر، وأن نبدأ من أول السطر الجديد؛ بما يخدم بلادنا وسلطاننا- أعزه الله- ويفيد المجتمع ويطوره وينميه، وكفى مُغالطات وغلو وتعقيد.
وأقول غلوًا؛ لأن هناك من يثير النعرات الطائفية في المجتمع العماني المسالم.. وأقول تعقيدًا لأن هناك من يعقِّدك حتى في الدواء والعلاجات، وأضحى المجتمع لا يعرف من يصدق ومن يكذِّب، وحتى في الجانب العقائدي والديني؛ للأسف هناك من يحلِّل ويحرِّم على هواه ومزاجه ورغبته ونفسيته.
أعتقد؛ بل أجزم، أن الوقت قد حان للتدخل من جانب الحكومة وخاصة وزارة الإعلام وتحديدًا مكتب التواصل الإعلامي، لوضع الضوابط والإجراءات والأطر والأسس والمعايير في هذا الجانب؛ حيث إنه وبعد أن حددت كل وزارة وكل وحدة متحدثًا رسميًا لها، لم يبقْ هناك مجال للتأويل والتحليل ولا حتى التخمين أو الاجتهاد من قبل هؤلاء.
فرفقًا بنا أيها الأحبة ولنتلاحم ونتعاضد ونتكاتف في حُب عُمان وسلطانها وشعبها.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: وثيقة المدينة نموذج رائد لبناء المجتمعات المتنوعة
عقد الجامع الأزهر أمس الاثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة)، تحت عنوان "العهود والمواثيق في ضوء وثيقة المدينة المنورة.. دروس من الهجرة"، بحضور: أد عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأ.د عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الحوار الشيخ أحمد عبد العظيم الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر.
في بداية الملتقى قال فضيلة الدكتور عبد الله النجار، إن الباحث في وثيقة المدينة، يجد أنها أحد الأركان التي أقام عليها النبي صلى الله عليه وسلم مجتمع المدينة بعد الهجرة الشريفة، من خلال بيان الحقوق والواجبات اللازمة لبناء مجتمع إسلامي متكامل، فهي لم تكن مجرد تنظيم إداري، ولكن إطار يحدد الحقوق والواجبات اللازمة لبناء مجتمع وتوازن، وهذا الإطار المستمد من شرع الله، هو السبب في ظهور مجتمع المدينة في شكل حضاري، لأن الإسلام لا يكره أحدًا على العقيدة، وإنما ينظم حركة الناس بما يضمن سعادة الأفراد واستقرار المجتمع.
وأوضح الدكتور عبد الله النجار، أن وثيقة المدينة المنورة لم تكن مجرد صدفة، بل جاءت كضرورة ملحة لضبط وتنظيم مجتمع المدينة الذي كان يتسم بالتنوع الكبير، هذا التنوع، الذي كان يتطلب إطارًا واضحًا لتحديد العلاقات بين الأفراد وضمان استقرار الجميع، حتى أن الدخول إلى المدينة خارج أفراده، وضع له النبي صلى الله عليه وسلم ما ينظمه، من أجل الحفاظ على هوية المجتمع واستقراره وأمانه، كما وضع الحدود المكانية للمدينة، وهو ما عرف فيما بعد باسم ترسيم الحدود، وهو رد على الدعوات التي تنادي بإزالة الحدود بين بعض الأقاليم.
من جانبه قال فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، إن وثيقة المدينة المنورة تمثل دستورًا يُحتذى به في بناء المجتمعات، لهذا نجد كل القوانين والدساتير التي عرفتها البشرية بعدها والتي تضمن استقرار وأمن المجتمعات، هي انعكاس لما جاءت به وثيقة المدينة المنورة، لأنها شملت الحقوقًا كاملةً للإنسان غير منقوصة، كما تضمنت على كامل الحقوق والواجبات، التي من شأنها أن تحافظ على نسيج المجتمع مهما تشابكت خيوطه، وتعددت أطيافه، وهو ترجمة مدنية لما جاء به القرآن الكريم من أوامر ونواهي، مشيرًا إلى أن وثيقة المدينة المنورة كانت خير دليل على انفتاح المجتمع المسلم وقبوله للآخر مهما كان دينه ولونه وعرقه، لهذا لا تعرف المجتمعات البشرية مجتمعًا أكثر حضارة مما كان عليه المجتمع الإسلامي.
وأضاف الدكتور عبد الفتاح العواري: إن وثيقة المدينة جاءت بالمعنى الحقيقي للمواطنة التي لا تعرف العنصرية لدين أو مذهب أو التشدد لعرقٍ دون الآخر، وعززت معنى مشاركة الجميع في بناء المجتمع، من خلال توجيه التعددية إلى التكامل، مشيرًا إلى أن نقض وثيقة المدينة كان من قبل اليهود الذين خانوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو التزموا بعهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نصت عليه وثيقة المدينة لما حدث خلاف بينهم وبين المسلمين في المدنية، لأن الإسلام بشريعته دين يحترم العهود والمواثيق، ولا يسمح لأتباعه أن يخونوا أي عهود أومواثيق قطعوها، لكنه في نفس الوقت يأمرهم أن يتعاملوا بحزم مع كل من يعتدي عليهم أو يخونهم.
كما أكد فضيلة الشيخ أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني للجامع الأزهر، أن الدين الإسلامي اهتم بالمواثيق والعهود بين البشر، لما فيها من تنظيم للعلاقات وضبها، والحفاظ على حركة الحياة في إطارها المنضبط، لهذا قال الحق سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾، لهذا كانت وثيقة المدينة المنورة ضمانة لكي يكون المجتمع قوي من الداخل وقادر على مواجهة التحديات من الخارج، والباحث في تاريخ المواثيق والعهود المدنية، يجد أن وثيقة المدينة هي أول شكل لأشكال هذه المواثيق والدساتير، كما كانت هذ الوثيقة شاملة ومتكاملة، بما يجعلها ضمانة لنجاح أي مجتمع.
يُذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.