جريدة الوطن:
2025-05-25@19:37:48 GMT

من دراسات الشورى «6ـ16»

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

من دراسات الشورى «6ـ16»

سادسا: «دراسة ضوابط وإجراءات تنظيم صَيْد الأسماك النادرة…»
قِطاع الأسماك من القِطاعات المهمَّة جدًّا التي تستثمر فيها الدوَل المطلَّة على البحار والمحيطات والخلجان، وتقرُّ التشريعات والقوانين التي تُشكِّل حماية لضبط وتنمية هذا القِطاع وتنظيم عمليَّات الصَّيْد، وحماية حقوق ومناطق الصيَّادين التقليديِّين، وتُقدِّم لهم الحكومات أشكالًا من الدَّعم والتَّحفيز لضمان استمرارهم في حرفة الصَّيْد وتطويره وتنميته، فالاستثمار فيه وفق خطط وبرامج ووسائل ذكيَّة ومبتكرة، وبأيدٍ وعقول خبيرة ومتخصِّصة، سوف يتحوَّل إلى موْردٍ سخي يتميَّز بالاستدامة، ويمتلك القدرة على الإسهام في تنويع مصادر الدخل، وتعزيز إمدادات الغذاء في الأسواق المحلِّيَّة، وتوفير فرص عمل للباحثين عَنْه، وإنشاء مصانع وأنشطة تجاريَّة خاصَّة باستثمار الإنتاج السَّمكي الفائض عن حاجة السُّوق… وعُمان من الدوَل التي تمتلك بحارًا وشواطئ طويلة وثروة ضخمة وأنواعًا عديدة من الأسماك التي يعتمد عَلَيْها ويعتدُّ بها لتحقيق تلك الغايات والأهداف الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، ولدَيْها تاريخ طويل من الخبرة في استثمار البحار وثرواتها.

ولكن ـ للأسف الشديد ـ تعرَّض هذا القِطاع لانتهاكات واسعة وعمليَّات صَيْد جائرة تسبَّبت فيها شركات عابرة للقارَّات مخالِفة لأنظمة وقواعد وأعراف الاستثمار في هذه الثروة، لا يهمُّها من الأمْرُ إلَّا تحقيق الربح السريع، مدعومة بلوبي من عددٍ من المسؤولين النافذين والمنتفعين من هذا التعاون والشراكة غير المسؤولة، وكذلك، من منافسة العمَّال الأجانب الذين سيطروا فعلًا لسنوات على مناطق الصَّيْد في عددٍ من المواقع والشواطئ المهمَّة، المليئة بالثروة السمكيَّة، والذين كذلك انتشروا فاتَّسعت تجارتهم وتجذَّرت أعمالهم وتأسَّست على كفالة العُمانيِّين أنفُسهم الذين ارتضوا وقنعوا بالكفاف في تبادل لمصالح غير متكافئة، فتضرَّر من ذلك الصيَّاد التقليدي الذي أنهكته المنافسة الشَّرسة وغير العادلة، ووجد نَفْسَه وحِرْفته بَيْنَ «فكَّيْ كمَّاشة»، فهجر جلُّهم مهنة الآباء التي يفترض أنَّها مربحة وتدرُّ دخلًا جيِّدًا، لصالح الوظيفة في القِطاعَيْنِ الحكومي والخاصِّ بأجورٍ متواضعة ومنافسة الباحثين عن عمل على الوظائف. المجلس، في مرحلتَيْه «الاستشاري» و»الشورى»، تنبَّه مبكِّرًا إلى هذه الظاهرة الخطيرة وآثارها الضارَّة اجتماعيًّا واقتصاديًّا، فتصدَّى لعمليَّة الهدر التي تتعرَّض لها هذه الثروة الوطنيَّة، فقام بزيارات ميدانيَّة متعدِّدة وعلى فترات، إلى مناطق الصَّيْد، والتقى بالصيَّادين التقليديِّين واستمع إلى معاناتهم وملاحظاتهم وأفكارهم الجادَّة، وناقش المسؤولين وعددًا من الخبراء وأهل الاختصاص، واطَّلع على القوانين والتشريعات المنظِّمة للصَّيْد وحمايته من الاستغلال المُدمِّر والاستثمار في القِطاع السَّمكي في عددٍ من بُلدان العالَم، وأعدَّ جملة من الدراسات والتقارير المتخصِّصة والرصينة التي رُفعت إلى المقام السَّامي، أو مجلس الوزراء، ضمَّنها جملة من التوصيات والرؤى لتنظيم عمليَّات وأساليب الصَّيْد، ووضع عقوبات مشدَّدة على التجاوزات الواسعة التي تشهدها البحار التي تقع ضِمْن نطاق السِّيادة العُمانيَّة… كما ناقش المجلس هذا المحور مع عددٍ من الوزراء إبَّان حضورهم لاستعراض بيانات وزاراتهم السنويَّة، وأحال مجموعة من الأسئلة وطلبات المناقشة والإحاطة في استثمار للأدوات البرلمانيَّة وتوظيفها لإلقاء الضوء على هذا القِطاع والتَّنبيه المستمر إلى ما يلقاه من تعدِّيات وهدرٍ وشُبه فساد لصالح شركات أجنبيَّة وعددٍ محدود من النافذين في البلاد. دراسة «ضوابط وإجراءات تنظيم صَيْد الأسماك النادرة في السَّلطنة»، من بَيْنِ مبادرات وتحرُّكات كثيرة تؤكِّد جهود وإنجازات المؤسَّسة الشورويَّة، ركَّزت على «النظر في الضوابط والإجراءات المتَّبعة في تنظيم صَيْد الأسماك النادرة في السَّلطنة، وتحديد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بَيْنَ عمليَّة المحافظة على هذه الثروة السمكيَّة وتنميتها وبَيْنَ إتاحة الفرصة للصيَّاد العُماني للاستفادة مِنْها واستثمارها»، وجاءت دراسة المجلس في عددٍ من الأقسام «عالج الأوَّل تقسيم مناطق صَيْد الأسماك في السَّلطنة» وتناول القِسم الثاني تحديد «مواسم صَيْد الأسماك النادرة»، والثالث «الضوابط الفنيَّة المتعلِّقة بصَيْد هذه النَّوعيَّة من الأسماك» وخصّص القِسم الرابع لـ»تنظيم عمليَّات صَيْد الأسماك» بأنواعه المختلفة لضمان استدامته وتكاثره ونُموِّه، واستثماره في التصنيع كذلك. مع الإشارة إلى أنَّ دراسة مجلس الشورى لهذا الموضوع تمَّت على ضوء التعليمات السَّامية، وهي من بَيْنِ الموضوعات «المحالة من جلالة السُّلطان»، فقَدْ أثار «الأهالي موضوع تنظيم صَيْد الأسماك النادرة في السَّلطنة مع جلالته أثناء جولته السَّامية في المناطق في مطلع عام 1993م»، ولا بُدَّ للمرء أن يتساءلَ: كمْ من الخسائر التي تكبَّدها هذا القِطاع منذ ذلك التاريخ وحتَّى اليوم؟ نوعيَّة الأسماك التي انقرضت، الثروة والأرباح الهائلة التي تدفَّقت لمصلحة شركات ومستثمرين أجانب، أو بضعة نافذين عُمانيين، وحرمت مِنْها الموازنات العامَّة للبلاد، عدد الصيَّادين الذين تركوا مهنة الصَّيْد بسبب المنافسة الشَّرسة…؟ ومن المؤسف كذلك أنَّ شركة وطنيَّة تعمل وتستثمر في هذا القِطاع المربح، وفَّرت لها الحكومة جميع احتياجاتها ودعمتها بسخاء لَمْ تتمكَّن على مدى عقود من تحقيق أرباح تُذكر تُسهمُ ولو بالقليل في تنويع مصادر الدخل، بل إنَّ خسائرها ظلَّت تنمو وتتراكم سنة إثر أخرى، آخر البيانات المنشورة أعلنت أنَّ المجموعة الوطنيَّة تكبَّدت صافي خسارة بلغت 8’1 مليون ريال عُماني في 2022م، مقارنة بـ6‘1 مليون في 2021م» ويشير التقرير إلى أنَّ «نتائج المجموعة أظهرت تعمُّق الخسائر بنسبة 11%» فماذا يُمكِن أن يقالَ في تشخيص هذا الواقع؟ يتطلع اليوم المُجتمع العُماني في ضوء الإصلاحات التي أُجريت على جهاز الاستثمار العُماني في هيكلته وتشريعاته وعمليَّات الدَّمج التي استُحدثت إلى أن يتمكَّنَ من الحفاظ على هذه الثروة الوطنيَّة وحمايتها واستثمارها وتنميتها وفق برامج وخطط تُحقِّق موردًا في الناتج المحلِّي الإجمالي، ويستعيدَ الصَّيْد التقليدي مكانته المفقودة وتوفير وظائف مُجْدية للعُمانيِّين.

سعود بن علي الحارثي
Saud2002h@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: هذه الثروة الع مانی ع مانی فی الس التی ت

إقرأ أيضاً:

انخفاض مستمر في أسعار الأسماك بأسواق المحافظات

مسقط- الرؤية

شهدت الأسواق السمكية في محافظات سلطنة عمان، الأحد، انخفاضا في أسعار الأسماك بمختلف أصنافها مع وفرة وتنوع المعروض من الأسماك من أسطول الصيد الحرفي. وقد شمل انخفاض الأسعار سواء للبيع بالكيلوجرام أو البيع بالحبة الواحدة.

ووصل سعر أسماك الشعري والكوفر للكيلوجرام الواحد إلى ريالين وانخفض سعر الكيلوجرام الواحد من أسماك العومة والضلعة إلى 500 بيسة وتراوحت أسعار بيع الأسماك للحبة الواحدة بين أربعة ريالات كأقل سعر وسبعة ريالات كأعلى سعر.

مقالات مشابهة

  • انخفاض مستمر في أسعار الأسماك بأسواق المحافظات
  • جامعة صحار تنظم محاضرة لتعزيز المعرفة بحقوق المرأة في التشريع العُماني
  • منتدى حوار المعرفة العُماني السعودي يستعرض سُبل تعزيز التعاون المعرفي وتبادل الخبرات
  • الدولة والشورى يناقشان المواد محل التباين في خمسة مشروعات قوانين
  • ابتكار عُماني ينجح في تطوير «حشوة» متوافقة مع أنسجة الأسنان
  • مجلس الشورى يشارك في منتدى اقتصادي برلماني بمراكش
  • وزير الإسكان العُماني: التوقيع مع طلعت مصطفى يُجسِّد رؤيتنا لتعزيز شراكات كبرى
  • الكاتب ديمتري ستريشنيف لـ«عمان»: الأدب العُماني يفاجئ القارئ الروسي .. والترجمة جسر لا غنى عنه
  • المفتش الجديد بوزارة الداخلية يباشر التحقيق في الدراسات الوهمية لرؤساء جماعات ومجالس
  • دراسات علمية تؤكد ان العطور ومرطبات الجسم المعطرة تسبب أكثر من 7 امراض وتدمر دفاعات الجسم .. عاجل