هل يستغل السياسيون في ليبيا كارثة درنة لتأخير الانتخابات؟
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
يبدي الليبيون خشيتهم من أن يستغل الساسة والقادة المتنفذين في شرق وغرب البلاد؛ كارثة درنة، لإطالة أمد الأزمة السياسية، والإفلات من الاستحقاق الانتخابي الذي يطالب به الليبيون منذ سنوات، ويرون فيه أملا للخلاص من النخب السياسية التي أثقلت كاهل البلاد بالأزمات وعمقت حالة الانقسام
وضرب إعصار في العاشر من الشهر الجاري مدينة درنة ومناطق محيطة بها في الشرق الليبي، مخلفا وراءه دمارا واسعا في الممتلكات، وآلاف الضحايا بين قتيل ومفقود.
وفي آخر حصيلة، قالت لجنة تابعة للحكومة المكلفة من البرلمان في شرق ليبيا إن "حصيلة الوفيات جراء الفيضانات ارتفعت إلى 3845 حالة، وفقا للأرقام الموثقة والمسجّلة لدى وزارة الصحة (بحكومة الشرق)، لكن تقارير صادرة عن الهلال الأحمر الليبي تقول، إن الكارثة خلفت وراءها 11300 قتيل و10000 مفقود حتى الآن، فضلا عن الجرحى و40 ألف شخص بدون مأوى.
توظيف الأزمة
وكشفت الكارثة في درنة المنكوبة، والأسباب التي أدت إليها من تهالك للبنى التحتية وغياب صيانة المرافق والسدود القديمة، عن عمق الانقسام بين الشرق والغرب، خاصة مع تنازع حكومتان للسلطة، الأولى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، ومقرها سرت وسط البلاد، والثانية معترف بها دوليا ويقودها عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس.
ورغم حالة الانقسام إلا أن كارثة درنة لا تخلو من توظيف سياسي لها، إذ أن الأجسام السياسية والعسكرية المتحكمة في البلاد، سواء من الشرق أو الغرب، تحاول الاستفادة مما يجري لصالح تمديد أمد بقائها في السلطة، وإبعاد "شبح" الانتخابات التي قد تطيح بها من المشهد.
وفي هذا السياق، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي، فرج دردور أن السياسيين في ليبيا يستغلون كارثة درنة، للافلات من الاستحقاق الانتخابي؛ وتمديد أمد إجراءها لصالح بقائهم في مناصبهم.
ولفت دردور في حديث خاص لـ"عربي21" إلى أن المستفيدين من الأوضاع القائمة سيتذرعون بأن الوقت ليس مناسبا لإجراء الانتخابات وأن الأولوية لإعادة اعمار درنة وإزالة آثار الكارثة.
وفيما يتعلق بمصير لقاءات مجلسي النواب والدولة حول انجاز القوانين الانتخابية، قال دردور، إنه ما جرى سابقا بين الطرفين "كان صفقة لتقاسم السلطة، ولم تكن هناك أي مباحثات جدية للخروج من الأزمة في البلاد".
وشدد على أنه بعد استلام الرئيس الجديد لمجلس الدولة، محمد تكالة، اتضحت الأمور، وتأكد أن الانقسام ما زال موجودا وأنه لم تكن هناك أي خطوات جدية كانت تهدف إلى الخروج من الأزمة عبر الانتخابات.
ويعتقد الكاتب الليبي أن ما يجري في ليبيا "بلطجة سياسية"، حيث يستغل بعض الساسة والمتنفذين ما يجري في درنة للحصول على مكاسب سياسية، مشيرا بقوله: "لاحظنا السلطات العسكرية في الشرق الليبي، وهي تعطل عمليات الاغاثة ويجمعون المساعدات، ثم يعيدون توزيعها بطريقتهم الخاصة على من يريدون، وهذا طبعا توظيف للأزمة وللعمل الإنساني".
وتابع: "لاحظنا كيف أن أحد أبناء حفتر صرح في البرلمان الاوروبي أنه سوف يرشح نفسه للرئاسة بعد يومين من كارثة درن، وكأن الأمر لا يعنيهم، وكذلك الأمر في الغرب، فهناك من يستفيد من هذا الوضع". وفق قوله.
تأخير الانتخابات
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن الليبيين يخشون من استغلال السياسيين لأزمة الفيضانات، والعمل على تأخير إجراء الانتخابات.
وذكرت في تقرير لها أن الليبيين يُريدون إجراء تحقيق دولي في الكارثة والاستجابة لها، والنظر في دور السلطات بالخصوص، مشيرة إلى أن النخب السياسية تسعى دومًا على مدار العقد الماضي، للإفلات من العقاب، وأن الكارثة سلطت الضوء على ما اقترفته النُخب السياسية، وتقاعسهم خدمة البلاد ورعاية مصالحها.
يشار إلى أن مجلسي النواب والدولة كانا قدر شكلا لجنة "6+6" كانت قد أصدرت في 6 يونيو/ حزيران الماضي، القوانين التي ستجرى عبرها الانتخابات المنتظرة، إلا أن بعض بنودها يلاقي معارضة من أحزاب سياسية وأعضاء بالمجلسين وسط إصرار اللجنة على أن قوانينها "نهائية ونافذة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية درنة ليبيا الانتخابات ليبيا درنة الانتخابات سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کارثة درنة
إقرأ أيضاً:
ما علاقة حفتر ونجله في منع إجراء انتخابات بلدية شرق وجنوب ليبيا؟
أثار منع قوات أمنية في شرق ليبيا فتح مراكز الاقتراع في مدن سبها وبنغازي وسرت لتسليم بطاقة الناخبين بعض الأسئلة، عن هدف الخطوة وعلاقة قوات حفتر بها، وسبب المنع للمرحلة الثانية من الانتخابات البلدية.
وذكرت مفوضية الانتخابات في ليبيا أنه "تعذر فتح مراكز الاقتراع وتسليم المواطنين بطاقة الانتخاب في مدن بنغازي (شرقا) وسرت (وسط) وسبها (جنوبا)، وأن الأمر تم تبريره باعتبارات أمنية".
علاقة حفتر ونجله
وذكرت مصادر من الشرق الليبي، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أن "القوات التي منعت فتح مراكز الاقتراع لها علاقة مباشرة بالقيادة العامة برئاسة المشير خليفة حفتر، وأن الهدف من منع الأمر هو تهميش البلديات وبقاء الوضع كما هو عليه، بغرض إفساح المجال أكثر لصندوق الإعمار الذي يرأسه بلقاسم نجل حفتر".
وبعد قرار المنع ذكرت عدة صفحات موالية لحفتر أن الانتخابات البلدية لا قيمة لها ولا داعي لها الآن، ويكفي للشرق الليبي والجنوب ما يقدمه صندوق الإعمار ورئيسه بلقاسم حفتر، ما يشير إلى أن منع الاقتراع قد يكون متعمدا.
ويأتي هذا المنع في ظل ترحيب دولي وكذلك عبر البعثة الأممية للدعم في ليبيا بالعملية الانتخابية في البلديات، وسط دعم متواصل للخطوة من قبل البعثة الأممية التي تعاني من صدام ومنع لها من قبل الحكومة الموالية لحفتر من دخول مناطق نفوذهم.
فما أهداف منع إجراء انتخابات بلدية في مناطق نفوذ حفتر؟ وما الرسالة من ذلك؟
من جهته، أكد مصدر مسؤول في المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، طلب عدم ذكر اسمه، أن "المفوضية أرسلت بالفعل المعدات والبطاقات الخاصة بالعملية الانتخابية لكل من بنغازي وسرت وسبها، لكن جاءت تعليمات من لجان أمنية هناك بعدم فتح مراكز الاقتراع".
وقال المصدر في تصريح خص به "عربي21": "الحقيقة لا نعرف سبب هذا المنع، ولم يصلنا أي تواصل من أي جهة أمنية بالخصوص، لكن ما نؤكده أن العملية الانتخابية قد تتعطل في البلديات الثلاث بسبب هذه التصرفات التي نعتبرها "قوة قاهرة" لمنع العملية الانتخابية"، كما قال.
وحول قرار المفوضية بالخصوص، قال المسؤول: "نتمنى حل الإشكالية قبل الانتخابات المقررة في شهر أغسطس القادم، فالوقت لازال متاحا لحل الأمر، والحقيقة ليست المرة الولى فقد تعرضنا لغلق مراكز الاقتراع في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية في مرحلة تسجيل الناخبين في نفس مناطق النفوذ هذه، ومن ثم فتحوها بعد ذلك ونود أن يحصل ذلك مع بنغازي وسرت وسبها".
عرقلة عسكرية
في حين، رأى الأكاديمي والباحث الليبي، فرج دردور أن "مفوضية الانتخابات تتحدث عن عرقلة لاعتبارات أمنية، ولكنها تُداهن عندما لا تذكر الذي يمنع إجراء انتخابات حرة نزيهة في ليبيا على كل المستويات البلدية أو حتى البرلمانية والرئاسية، وهو خليفة حفتر وأولاده الذين يرغبون بأن يكون المنتخبين عبارة عن موظفين مقيدين بالسلاسل في قرارتهم التي يجب أن تكون في خدمة عائلة حفتر".
وقال في تصريحات لـ"عربي21": "هذه للاسف مصيبة ليبيا، وهي أن حفتر يعرقل المسار السياسي ويخرب اقتصاد ليبيا ويفقر شعبها ولا أحد قادر على إيقافه، وقد سبق لحفتر أن طرد عمداء البلديات المنتخبين في مناطق سيطرته وعين بدلا عنهم موظفين موالين له، والانتخابات ستؤدي إلى تغيير عمداء البلديات المعينين من قبل حفتر بآخرين، وهذا ما لايقبله لأنه لا يريد أي مسؤول في الدولة غير خاضع له"، وفق قوله.
وأضاف: "حفتر قسّم إدارة شؤون البلاد في الشرق والجنوب على أبنائه، ومن يعمل هناك هم موظفون خاضعون لسيطرتهم، أما الانتخابات بالنسبة لهم مرفوضة، وتستخدم كتهمة يعرقلها خصومهم وليس هم من يعرقلها وفق إعلام الكرامة التابع لعائلة حفتر"، كما صرح.
الناشط السياسي من الجنوب الليبي، موسى تيهوساي قال من جانبه إنه "ليس هناك سبب وجيه لمنع إجراء الانتخابات البلدية في شرق وجنوب ليبيا كونه لا يوجد ما يمكن أن يهدد سلطة القيادة العامة من قبل أي عميد بلدية قد تفرزه الانتخابات".
وأشار إلى أن "منع إجراء الانتخابات هو أمر يخضع بشكل كبير إلى صراع نفوذ داخلي بين أقطاب تابعة للقيادة العامة، وربما لا علاقة لحفتر، بما في ذلك صراع الأخوة الخفي على النفوذ، وسينتهي به المطاف إلى تدخل مباشر من قبل المشير حفتر لحسم الخلافات حول القوائم الانتخابية وتنتهي الأزمة، لكن أيضا قد تمنع الانتخابات ويستمر الوضع الحالي دون أي تغيير في سلطة المجالس البلدية التي هي عبارة عن واجهات لسلطة عسكرية أعلى وتتحكم في كل صغيرة وكبيرة"، وفق تصريحه لـ"عربي21".