الشيف خديجة بن سديرة: السر في الإنجازات يكمن في العطاء
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
إعداد: عزيزة نايت سي بها تابِع 2 دقائق
في حلقة اليوم من برنامج "ضيف ومسيرة"، تستضيف عزيزة نايت سي بها الشيف خديجة بن سديرة. تراوحت مسيرة هذه الأخيرة بين مهنية التدريس والابتكار في فنون الطهي. خديجة بن سديرة تجسد الشغف والتفاني في عالم النكهات والأطباق، حيث أبدعت في تقديم أشهى الأطعمة وابتكرت وصفات فريدة.
ولدت الشيف خديجة بن سديرة في مدينة فاس المغربية بتاريخ 3 يوليو 1952، وهي مدينة تعتبر واحدة من أهم المراكز التي تتميز بالأطباق التقليدية الغنية بالنكهات والتقاليد الشهيرة.
تربّت خديجة بن سديرة في بيئة عائلية محبة للطهي، حيث كانت تعتبر النساء في ثقافتها ملزمات بتعلم فنون الطهي والخياطة. وكانت عائلتها متفهمة وداعمة لأحلامها وطموحاتها، وقد أتاحا لها والداها الفرصة للسفر ودراسة الفندقية والسياحة في الخارج دون أي شروط أو قيود.
رغم مواجهتها لتحديات في اختيار اختصاص الفندقية والسياحة، إلا أنها اختارت أن تلتفت إلى شغفها بالطهي وخاصة الطهي المغربي التقليدي. ودخلت مدرسة الفندقية بمراكش في عام 1972 ودرست الفندقية والسياحة بشغف وتفاني، مستمدة إلهامها من ثقافتها وتراثها الغني.
بعد تخرجها، قررت الشيف خديجة بن سديرة مشاركة خبرتها ومعرفتها بفنون الطهي المغربي. عملت فنون الطهي المغربي الأصيل في مدرسة تواركة، بهدف حماية التراث والأطباق التقليدية المهددة بالانقراض. تولت الشيف خديجة منصب رئيسة الطهاة في المدرسة وبدأت رحلتها المهنية.
لاحقاً، برزت الشيف خديجة بن سديرة بفضل برامجها التلفزيونية المميزة، حيث قدّمت العديد من البرامج مع تلامذة مدرسة تواركة، منها "طبق اليوم" و"تحت الشمس". وعرفت بمشاركتها في برنامج "وليمة" عام 1986، الذي حقق نجاحاً كبيراً وشهرة واسعة في المغرب.
تحمل الشيف خديجة بن سديرة العديد من الإنجازات والتكريمات، بما في ذلك حصولها على لقب سفيرة المطبخ المغربي من قبل أكاديمية الطهي الفرنسية عام 2000، وفوزها بأول كأس عالمي للمطبخ في إيطاليا عام 2002، عن فئة أفضل كسكس.
في عام 2022، تم تكليف الشيف خديجة بن سديرة بإعداد قائمة "شهيوات ماما" الشتوية لقطارات "البراق" TGV المغربي، مما يعكس تقدير الجهات المختصة لموهبتها وخبرتها الطهو.
تظل الشيف خديجة بن سديرة شخصية ملهمة للشباب، تجسد قصة نجاح حقيقية، حيث أثبتت أن الإصرار والشغف يمكن أن تحقق الطموحات رغم التحديات.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: فيضانات ليبيا البابا فرنسيس ريبورتاج المغرب فرنسا
إقرأ أيضاً:
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: وجدان العطاء
دلالة العطاء دون مقابل تكمن في صفاء الوجدان، الذي تتعالى لديه المنزلة المعنوية عن المادية بفارق شاسع؛ حيث يتوقف شعور صاحب القيمة النبيلة على سعادة الآخرين، التي تبدو مظاهرها في ابتسامة، أو رضا، أو امتنان، أو مقدرة على استكمال مسيرة الحياة، وهذه المكرمة يتحلى بها الإنسان صاحب السريرة النقية، الذي يدرك أن ما يملكه أو يحوزه يستطيع أن يحدث به أثرًا إيجابيًا في نفوس الآخرين، كما يمكنه أن يعزز أطر التواصل الإيجابي، بما يؤدي إلى ترابط النسيج المجتمعي بصورة تلقائية.
وجدان العطاء يشعر صاحبه بالسعادة الغامرة، جراء ما يقوم به من ضروب خير متنوعة؛ لذا لا يفارقه الإحساس بماهية الرضا؛ حيث اليقين بأداء رسالة تقع على كاهل الإنسانية قاطبة؛ فالاجتماعية تقوم فلسفتها على مدّ يد العون، والشراكة، ومساقات المساعدة لأصحاب الحاجة، وهنا نود أن نشير إلى أن العوز لا يتوقف عند حدود المادية في إطارها المتعارف عليه؛ فهناك عطاء يكمن في إبداء مشاعر جياشة، أو محبة، يترجمها لطف التعامل والمعاملة؛ ومن ثم يقع مقصد هذه القيمة النبيلة في مساحة إضفاء البهجة والسعادة لدى قلوب الآخرين.
منْ يمتلك وجدان العطاء يحوز المعرفة الصحيحة لمفاهيم الحياة ومضامينها السوية؛ لذا لا نغالي عندما نقول إن الفؤاد يتقد، عندما تمتد اليد للآخرين، مقدمة كل ما يدخل السرور، وهنا يوقن الإنسان صاحب البذل أن الرحلة لا تخلو من اشتياق يحفزه دومًا تجاه إسعاد من يترقب الأمر، وهذا يجعل الروح مع العقل في حالة من الاتزان والانسجام المستدام؛ ومن ثم يصل صاحب الفضيلة إلى مرحلة السمو، وتلك درجة نتطلع إليها، ونأمل بلوغها بمزيد من الممارسات، التي تعمل على تأصيلها؛ لنصبح متمسكين بالتراحم والمحبة فيما بيننا على الدوام.
ثمة اتفاق على أن وجدان العطاء في مجتمعاتنا لا يقابله نظير في مجتمعات أخرى، وهذا دون مواربة سر التماسك والاندماج الاجتماعي، وقاعدة الترابط التي تجعل الجميع لديه شعور موحد، تجاه ماهية الوطن، والحفاظ على ترابه، والعمل على نهضته، وإعمار ربوعه، كما أن هناك ممارسات فريدة في حد ذاتها، نرصدها بين أهلنا الأكارم؛ حيث التعاون الذي يحض على دروب البر، وأعمال الخير، ليس فقط من قبيل صلاح السريرة، وحسن الخلق؛ لكن هنالك إحساس قوي بالمسؤولية تجاه المجتمع، وتعزيز استقراره، وبقائه، ونموه.
دعونا نفرق بين عطاء خالص، وممارسة تقوم على التفضل أو المنة؛ فشتان بينهما؛ فالأولى ترفع منزلة صاحبها في القلوب، ويصل من بوابتها للرضا الذاتي، بل، يحرص على أن تزيد معدلات السخاء من قبله، ولا يتقبل بحال من الأحوال اللجوء لمحاولات جني المكاسب، أو الحصول على امتنان وشكر من الآخرين؛ لأن كرم القلب واليد تقوم على سماحة في سياقها المطلق، وتلك صفة عظيمة المعنى؛ إذ تؤكد على رحابة الصدر وسعته، ويسر وسهولة التعامل؛ ومن ثم لا يعكر صفو صاحب وجدان العطاء المواقف العابرة التي قد تؤذي مشاعره، وأما عن الثانية فيزول الأثر في النفوس بعد لحظة المفارقة.
تعالوا بنا إلى نهضة تستلهمها نفوسنا؛ فتصير في طريق العطاء اللامحدود، وتعلى من قدر التعاون فيما بين أطياف هذا المجتمع، صاحب التاريخ والمواقف النبيلة، وهيا إلى تعزيز صور الممارسات، التي تعضد فلسفة العطاء في وجدان الأبناء؛ لتصبح حالات العوز في أدنى مستوياتها، وتزداد دروب الخير، التي يتدافع إليها الجميع دون استثناء؛ فالأمر ليس قاصرًا على عطاء مادي، بل، يتجاوز كل الأفعال والممارسات، المفرحة للآخرين، والمبهجة لقلوبهم، والسارة لنفوسهم؛ ومن ثم ترتوي أرواحهم سعادة تغمر وجدانهم النقي.
تراث المجتمعات التي تفقه فلسفة وجدان العطاء، تشاهد في عيون منتسبيها وممارساتهم المتباينة ملامح للولاء والانتماء والمسؤولية تجاه الوطن، وتلاحظ بعدهم عن مظاهر الأنانية، وحب الذات، والانطواء من أجل التفرد؛ لذا يتعاظم في النفوس فكرة الواجب الاجتماعي، الذي يزيد من تمسكنا بالقيم النبيلة، ويحثنا على الالتزام بالتشريعات التي توافقنا عليها؛ فيعم الأمن، والأمان، والطمأنينة، والاستقرار.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.