جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-19@14:16:10 GMT

إدارة أزمة فواتير الكهرباء إلى أين؟!

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

إدارة أزمة فواتير الكهرباء إلى أين؟!

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

لا صوت يعلو هذه الأيام فوق أصوات المشتكين من فواتير الكهرباء، والمطالبة بتخفيض قيمة تسعيرة الكهرباء في أرجاء البلاد، فقد تابعنا خلال الأيام الماضية أزمة ارتفاع الفواتير خلال فصل الصيف؛ إذ ضجّت منصات التواصل الاجتماعي، والتحقيقات والمقالات في الصحف المحلية، برصد نبض الشارع العُماني الذي عبّر عن امتعاضه من هذا الارتفاع غير المبرر- من وجهة نظرهم- لفواتير الكهرباء؛ سواء للمواطنين أو المقيمين طوال الشهور الماضية!

ويتضح ذلك جليًا لمن اطلع على مضامين هذه الرسائل التي تشير إلى وجود مشكلة؛ بل هذه المشكلة قد تحوّلت إلى أزمة حقيقة تحتاج إلى حل عاجل وتدخل سريع من صناع القرار في هذا البلد العزيز؛ فمجلس إدارة مجموعة نماء الذي يرسم سياسة الشركات المنضوية تحته، وكذلك الرؤساء التنفيذيون، على إطلاع بمعاناة المُتضرِّرين من تلك الارتفاعات في الفواتير، فقد فضّلوا هذه المرة الصمت وعدم مواجهة الرأي العام وجهًا لوجه، وذلك من خلال المؤتمرات الصحفية أو الحديث لوسائل الإعلام للدفاع عن الشركة التي تتعرض للنقد؛ إذ تجنب هؤلاء المسؤولون- الذين تفوق رواتبهم أضعاف ما يتقاضاه الوزراء- إقناع الجمهور بجودة خدمات الكهرباء، أو عدالة الأسعار، إن كانت كذلك.

اكتفت مجموعة نماء ببيانٍ صحفي لم يكن على مستوى الحدث، فكان المبرر هو عدم تحديث البيانات المتعلقة بالدعم الحكومي المتعلق بعدادين للمواطن الذي يملك عدة حسابات للكهرباء، وكذلك الفئة المستفيدة من الدعم الوطني والذين تنطبق عليهم الشروط المتعلقة بالدعم. وفي واقع الأمر الشركة تملك المعلومات المتعلقة بالمشتركين؛ سواء من يملكون عدادًا واحدًا فقط وهم القاعدة العريضة من الشعب، أو من يملك أكثر من حساب والذين يجب أن يحدِّثوا بياناتهم وتحديد أرقام الحسابات المتعلقة بهم وليس بعقارات الإيجار، فنحن نعيش ما يعرف بالحكومة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي اللذيْن ليسا ببعيد عن هذه الشركة الكبيرة التي تملك كوادر وطنية وخبرات فنية مُعتبرة، وكان يمكن لها بكل سهولة وضع النقاط على الحروف ومعالجة هذه القضية منذ البداية.

الذين ترتفع أصواتهم هذه الأيام من زيادة قيمة الفواتير، هُم من الذين يملكون حسابًا واحدًا فقط، والشركة تُدرِك ذلك، أمَّا المواطن الذي يملك منزلًا واحدًا فيمكن إضافته مباشرة إلى القائمة ويستفيد من الدعم الحكومي تلقائيًا (أوتوماتيكيًا) دون الرجوع إليه.

يبدو لي أنَّ من يتم اختيارهم لمجالس إدارات الشركات الحكومية بشكل خاص والشركات المساهمة العامة بشكل عام، وكذلك المديرين التنفيذيين الذين يتخذون قرارات تتعلق بمستقبل الوطن والمواطن، عليهم أن يكونوا على دراية تامة بأهمية قراراتهم وتأثيرها على المجتمع خاصة الطبقة الوسطى وأصحاب الدخل المحدود وما أكثرهم.

من هنا يجب تذكير المعنيين بمستقبل هذا الوطن، أن إدارة الأزمات تحتاج إلى أشخاص غير عاديين ومختارين بعناية، يتمتعون بإمكانيات عالية وخبرة فريدة في مجال حلِّ المُعضلات التي أُسندت إليهم؛ فتقديم الحلول الواقعية والمنطقية القائمة على الدراسات العلمية والتجارب المحلية والعالمية، غايةٌ أساسية للقائمين على تلك الملفات الساخنة المتعلقة بجيوب المواطنين وأوضاعهم المعيشية؛ فالهدف الأساسي لوجود قادة مدربين رؤساء تنفيذيين لشركات عملاقة مثل "نماء" لمواجهة التحديات، وتقديم الحلول الجذرية لهذه المشكلات التي تواجه المجتمع وتشكِّل قلقًا وتوترًا للناس، أو على الأقل التقليل من آثار تلك المشاكل وحلحلتها والعمل على تغيير مسارها إلى الاتجاه الصحيح. لا يمكن الانتصار على الأزمات والنجاح في حلها، إلّا بالمراهنة على خبراء سبق لهم أن درسوا برامج متقدمة، ودخلوا دورات متخصصة في هذا العلم الدقيق والفريد من نوعه، والمعروف بعلم "إدارة الأزمات".

لقد تجنّبتُ الكتابة في موضوع ارتفاع أسعار الفواتير منذ البداية، لكون مجموعة كبيرة من كُتّاب الرأي قد سبقوني في تناول الموضوع بمهنية عالية وقدموا الخلاصات المفيدة لمعالجة هذه الأزمة؛ حيث توجهت معظم توصيات هؤلاء الكُتّاب إلى مجلس الوزراء الموقر، لتشكيل لجنة محايدة للتعرف على نقاط الخلاف بين المواطنين والشركة المذكورة، ولكن هناك مستجدات طرأت؛ دفعتني للعودة إلى هذه القضية الساخنة. السبب الأول: هو رد أحد أصحاب المعالي الوزراء، وهو من الذين لهم علاقة بهذا الملف، والذي أثار جدلًا واسعَ النطاق بين أروقة المنصات الإلكترونية، وأعاد هذه الأزمة إلى الواجهة من جديد، وكذلك من المواطنين المرتادين للمجالس العامة من المهتمين بهذا الموضوع الحيوي، فكان يُفترض من المسؤولين في الجهات الرسمية تهدئة الخواطر، ومعالجة مُسبِّبات الأزمة وآثارها على الناس.

أما السبب الأهم والدافع الأول لكتابة هذه السطور فهو رفع هذا الالتماس إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- الذي هو أحرص النَّاس على شعبه وأكرمهم مع المحتاجين من الفقراء، من خلال التوجيه نحو تخفيض أسعار الكهرباء وعودة الدعم الحكومي إلى وضعه السابق قبل خطة التوازن المالي التي كانت ضرورية في وقتها.

لقد استبشرت عُمان- من أقصاها إلى أقصاها- خيرًا هذه الأيام بالأخبار السارة والمفرحة، والمتمثلة في انخفاض الدين العام للبلاد إلى أقل من 37% خلال السنوات القليلة الماضية، وكذلك رفع وكالتي فيتش وستاندر آند بورز التصنيف الائتماني للسلطنة إلى (BB+) بفضل انخفاض الدين العام وتحسن المالية العامة للدولة وتحقيق فوائض مالية، وما كان ذلك ليحدث إلّا بفضل من الله وقائد هذا البلد العظيم وحكمته في إدارة أمور البلاد، والتفاف الجميع حول القيادة الرشيدة التي نجحت باقتدار في الخروج من أزمة الديون.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. حسن حسني "جوكر السينما المصرية" الذي صنع البهجة ورحل في صمت

رجل رسم الضحكة بخفة ظل لا تُنسى، وترك بصمة لا تُمحى على خشبة المسرح وشاشات السينما والتلفزيون. في مثل هذا اليوم، وُلد الفنان القدير حسن حسني، الذي يُعد أحد أعمدة الفن المصري، بل أيقونة فنية نادرة مزجت بين الكوميديا والدراما والواقعية. 

 

 

 

و نستعرض في ذكرى ميلاده محطات حياته، من النشأة والبدايات الفنية، إلى أدواره الخالدة، وحياته الشخصية، وحتى لحظة الوداع الأخيرة.

    النشأة والبدايات 

وُلد الفنان حسن حسني في 19 يونيو عام 1936، في حي القلعة العريق بالقاهرة، عاش طفولة قاسية بعد وفاة والدته وهو في السادسة من عمره، ما أثر في شخصيته وشكّل بداياته الوجدانية. التحق بمدرسة الرضوانية الابتدائية، وهناك بدأت ملامح موهبته الفنية بالظهور من خلال مشاركته في المسرح المدرسي، حيث نال جوائز عديدة من وزارة التربية والتعليم، الأمر الذي شجعه على دخول عالم التمثيل من أوسع أبوابه.

 

 

 

 

 

الانطلاقة المسرحية والتلفزيونية

في أوائل الستينيات، انضم حسن حسني إلى فرقة المسرح العسكري، وقدم من خلالها العديد من العروض أمام الجنود والضباط. وبعد نكسة 1967، انتقل للعمل بمسارح الدولة مثل مسرح الحكيم والقومي والحديث، ولفت الأنظار بأدواره في مسرحيات شهيرة مثل "كلام فارغ" و"جوز ولوز".

 

 

 

 

على الشاشة الصغيرة، كانت نقطة التحول الحقيقية في مسيرته حين شارك بدور الموظف فتحي في مسلسل "أبنائي الأعزاء... شكرًا" مع الفنان عبد المنعم مدبولي، حيث لفت الأنظار إلى أدائه الصادق وتلقائيته.

    نجم في سماء السينما

بدأ ظهوره السينمائي من خلال أدوار بسيطة، منها دوره في فيلم "الكرنك" عام 1975، لكن انطلاقته الحقيقية جاءت مع دور الشرير في فيلم "سواق الأتوبيس" عام 1982، وهو الدور الذي أثبت به قدرته على تقديم الشخصيات المعقدة بعمق شديد.

 

 

 

 

توالت بعد ذلك أدواره في أعمال مثل "البريء"، "الهروب"، و"زوجة رجل مهم"، لكنه في التسعينيات تحوّل إلى أحد أعمدة الكوميديا الشبابية، فشارك في أفلام حققت نجاحات جماهيرية كبيرة مثل "اللمبي"، "زكي شان"، "عوكل"، و"غبي منه فيه"، ليحصد لقب "جوكر الأدوار الثانية" عن جدارة.

    ثراء درامي في التلفزيون والمسرح

لم يقتصر عطاء حسن حسني على السينما فقط، بل قدم عشرات الأعمال الدرامية التي حفرت في الذاكرة، منها "رأفت الهجان"، "المال والبنون"، "بوابة الحلواني"، "سوق العصر"، و"أميرة في عابدين". 

 

 

 


وعلى خشبة المسرح، أبدع في عروض مهمة مثل "ع الرصيف"، "سكر زيادة"، و"حزمني يا"، ليجمع بين المسرح الشعبي والنخبوي في آنٍ واحد.

     تكريمات وجوائز

نال حسن حسني جائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة للسينما الروائية عام 1993 عن فيلم "فارس المدينة". 

 

 

 

 

كما تم تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي، وكان آخر تكريم له خلال مهرجان القاهرة السينمائي عام 2018، حيث نال "جائزة فاتن حمامة التقديرية"، في لفتة تقدير لمسيرة فنية استثنائية.

     الحياة الشخصية والمآسي العائلية

تزوج حسن حسني من السيدة ماجدة الحميدة، والتي كانت زوجة سابقة للمخرج أشرف فهمي، أنجب منها أربعة أبناء. لكن حياته لم تكن خالية من الحزن، حيث فقد ابنته "فاطمة" عام 2013 بعد صراع مع مرض السرطان، وهي الحادثة التي أثّرت عليه نفسيًا بشكل بالغ، حتى ظهر في بعض لقاءاته الأخيرة متأثرًا بغيابها.

 

 

 

الرحيل في صمت

في 30 مايو 2020، أسلم حسن حسني الروح بعد أزمة قلبية مفاجئة داخل مستشفى دار الفؤاد، عن عمر ناهز 83 عامًا، حيث شيّع جثمانه في جنازة بسيطة، حضرها عدد محدود من الفنانين بسبب قيود جائحة كورونا، فيما نعت نقابة المهن التمثيلية والأوساط الفنية أحد أعمدة الفن المصري الذي غيّبه الموت، لكن بقي حضوره في القلوب.

مقالات مشابهة

  • إدارة توزيع الكهرباء درنة تعلن تعرض محطة “ميلاد بدر” لانفجار
  • الكهرباء تقرر تقسيط محاضر سرقات التيار التي تتعدى مليون جنيه
  • شركة بيبلوس للتعهدات الكهربائية: فرض ضريبة مرتفعة على المازوت سيرفع قيمة فواتير المشتركين
  • مصدر يكشف آخر التطورات في أزمة أحمد حمدي مع الزمالك
  • في ذكرى ميلاده.. حسن حسني "جوكر السينما المصرية" الذي صنع البهجة ورحل في صمت
  • حالة الجمود التي يعاني منها خريجي مدرسة الحركات المسلحة في فهم وتفسير الأحداث
  • احتجاجات غاضبة في حضرموت تنديداً بتدهور خدمة الكهرباء
  • إليك أبرز الأحداث المتعلقة بإيران وإسرائيل خلال الساعات الماضية
  • أزمة الكهرباء تفجر غضب الشارع .. والحكومة في مرمى الاتهام
  • تفاقم أزمة الكهرباء في ساحل حضرموت يوسع الاحتجاجات الشعبية