عملية طوفان الأقصى .. الأهداف والمضامين
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
هذه العملية الرمزية «طوفان الأقصى» التي قامت بها وحدات رمزية من حركات المقاومة الفلسطينية أتت في هذا الوقت لتقول لهذا الكيان الإسرائيلي الغاضب بكبره وتجبره إنك ولا بد وبعيد عن كل التصنيفات والوعود الزائفة زائل ومنتهٍ، أيضاً لكل أولئك المطبعين من الأعراب الجهلة: إن عليكم مراجعة حساباتكم فهذا الكيان الهش فيما هو عليه من الذل والصغار « وقد شاهد الجميع كل ذلك وعبر هذه العملية عن كثب « لا يمكن أن يكون ملجأ أو مرجعاً وان حكمه ومن بعد اليوم وإلى أن يحين وعد الآخرة هو الزوال والفناء فلا تلطخوا أيديكم من مقام العروبة والعقيدة الإسلامية بالود والتطبيع له لأنه في الأخير إن هي عميت أبصاركم عن كل ذلك رغم كل هذه الدلائل والبراهين الحيثية مع وعود الله في كتابه لا مناص من أن تتوجوا بمرارة الخزي والعار وتلك مصاديق قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) عليه ما عليهم وحكموا حكمهم بكل الصفات والمعايير .
أن هذه العملية البطولية والتي جعلت الهيبة الصهيونية الزائفة تحت الأقدام لها ومن طهر الهامات الحرة للقضية الفلسطينية أهداف وأبعاد جمة أهمها الرد بالفعل القاسي والمؤلم على كل تلك الجرائم والانتهاكات المتكررة من قبل قوات الصهيونية ووضع حد أخير لها، كذلك العودة لمسيرة العودة الفلسطينية واستعادة الثورة وتصحيح مسارها الثوري في مواجهة هذا الكيان الغاصب المستبد.
أضف إلى كونها مضموناً أيضاً نداء ثوريا وإسلاميا، نداء نهضويا تحرريا لتطهير مقدسات الإسلام ورموزه الحية، نداء لكل مسلمي العالم إلى الوحدة الإيمانية إلى اللحمة الإسلامية إلى تضافر الجهود التحررية المحقة وتوحيد الكلمة والمنطلق والفاعلية في مواجهة واجتثاث هذه الثلة اليهودية من الملعونين في كتابه وعلى ألسنة أنبيائه جيلا بعد جيل من عاثوا في الأرض خراباً وفسادا .
وفي الخلاصة وبحسب الوقائع والمعطيات وكذا السنن الإلهية والأحداث التاريخية والحيثية الواقعة والموعودة – سواء من حيث النهضة اليهودية في جوانبها الإفسادية وتجمع العنصر اليهودي أو من حيث الأقلية للصفوة المؤمنة وكلمتها المسموعة في هذا الزمان قد وفي علم الله أنه آن الأوان وأتت الساعة الموعودة «وإنما هذه النكسة اليهودية ووحدة كلمة الفصل لدول محور المقاومة تجليات التي فيها وبعون الله وتحقق وعده الصريح في سورة الإسراء بزوال العنصر اليهودي و دخول المسجد المقدس بعد أن يسوء بعزة الله وعلى الملأ وجوه اليهود و تنكسر شوكتهم .
قال تعالى… “فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا”. صدق الله العظيم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
جدعون بين الأسطورة اليهودية وأسطورة غزة
مطلَع مايو 2025م أعلن الجيش الصهيوني بدء تنفيذ عملية عسكرية جديدة في قطاع غزة تحت اسم “عربات جدعون”. ليست المرة الأولى التي يسمي الصهاينة مشاريعهم وعملياتهم بأسماء ذات دلالة ورمزية دينية، فالمشروع الصهيوني أساسًا حمل اسمًا دينيًا هو “إسرائيل”.
إن استدعاء الرموز الدينية المجللة بالخرافة ليس مجرّد اختيار عابر، بل يحمل في ثناياه رسائل إيحائية بالنصر المحتوم، والتفوق المقدّس، ومشروعية إلهية تُضفَى على الفعل العسكري. وفي هذا السياق، تندرج علمية “عربات جدعون”.
هذه التسمية فرصة سانحة لتوضيح حالة الهستيريا الصهيونية التي تسببت بها عملية السابع من أكتوبر، وبدايةً يلزمنا أن نعود إلى نص أسطورة جدعون المذكورة في سفر القضاة:
مُجمل القصة:
مجمل القصة هو أن بني إسرائيل تعرضوا للنهب والإفقار والإذلال من قبل المديانيين لمدة سبع سنوات، وأجبروا على الاختباء في الكهوف. ثم كلف الرب شخصًا يدعى “جدعون” بتخليص بني إسرائيل وأكد له الرب أنه سيُرافقه ويهبَه النصـر وكأنه يضرب رجلاً واحدًا.
تذكر الرواية أن جدعون قلّص عدد جيشه مرتين؛ الأولى عندما سمح للمرتجفين من القتال بالانسحاب، والثانية من خلال اختبار لطريقة شرب الماء، حيث تم استبعاد كل من جثا على ركبتيه أو ولغ بلسانه في الماء، فلم يبقَ معه سوى ثلاثمائة رجل، قادهم جدعون نحو نصر غير متوقع على جيش المديانيين، الذين وُصف عددهم في النص بأنه كـ”الجراد”، وجِمالهم “كالرمل على شاطئ البحر”.
قد تعتقد أن هذه القصة هي السردية اليهودية لقصة طالوت الواردة في القرآن الكريم، لكن بعد بحث سريع يتضح أن قصة جدعون رواية نُسجت عن زمن يسبق زمن قصة طالوت بأجيال، وتختلف عنها في كثير من الأحداث والشخصيات والواقعية..
لماذا أسطورة جدعون في هذا التوقيت؟
مع طول أمد العدوان الصهيوني على غزة، تآكلت مساحة المؤيدين للمذبحة، وظهر التململ والتذمر حتى من داعمي الإبادة، وارتفعت أصواتهم داخل الكيان وخارجه متسائلة عن أسباب غياب الحسم، وعن الجدوى السياسية والعسكرية من حرب بلا أفق.
وفي مواجهة هذا الواقع المأزوم، يستدعي قادة العدو اسم “جدعون” كمحاولة لإيهام الجهات الداعمة بأنهم قد بدأوا تبني سياسة الحسم السريع والضربات الفاصلة، بينما الميدان لا ينطق بأي تقدم على الأرض.
كما تأتي التسمية في ظل المحاولات الصهيونية المستميتة الرامية لإقناع العالم بأن أشلاء الأطفال وصرخات الأمهات ومحو الحياة بالقصف والحصار والمجاعة الممنهجة، له شرعية دينية وإنسانية، فهو “ردة فعل مشروعة”، كما كانت ردة فعل جدعون “مشروعة”.
وبناًء على هذه المسرحية الركيكة، تحاول الدعاية الصهيونية تحويل الجلاد إلى ضحية وليكتب التاريخ أن مستضعفي هذا العصر هم نتنياهو وبن غفير وسموترتش!
مفارقات هستيرية:
رغم محاولة التلفيق والتوفيق بين الواقع الصهيوني اليوم وبين أسطورة جدعون، إلا أن هناك مفارقات صارخة بين الأسطورة القديمة والهستيريا العصرية، مفارقات تعبر عن فجوة عميقة وضحالة فكرية لدى القيادة الصهيونية المتبنية للتسمية، نورد بعَضًا منها:
المفارقة الأولى:
تعتبر التسمية سكان قطاع غزة الذين يتعرضون لأكبر مأساة إنسانية منقولة بالصوت والصورة، هم جيشَ المديانيين الذين “لا يحصى لجنودهم عدد”!
بينما الصهاينة المستندين على جسر جوي مفتوح من الدعم العسكري اللامحدود والذي يمكنهم من التفوق الجوي والبري والبحري في الشرق الأوسط، وتقف خلفهم إمبراطوريات سياسية وإعلامية واقتصادية.. هذا الطرف حسب الرواية هو “جدعون” المستضعف والمشرد، والأقل عددًا وعدة.. هل سمعتم برواية أكثر استحمارًا من هذه؟
المفارقة الثانية:
تذكر الأسطورة أن “جدعون” طلب من المرتجفين والمرتعشين أن يغادروا معسكره طوعًا، بينما “جدعون اليوم” يفرضُ تجنيدًا إجباريًا واسع النطاق، ويزجّ بالمرتجفين والمرتعشين وحتى بالمرضى النفسيين في أتون المحرقة..
نتساءل هنا ماذا لو عاد جدعون ورأى يدي نتنياهو ترتجفان في خطابٍ على الشاشة، ماذا لو شاهده يهرب مسرعًا نحو الملجأ، هل سيقبل اصطحابه للحرب، أم سيأمره بالعودة لبولندا؟
المفارقة الثالثة:
تفيد الأسطورة أن الرب وعد جدعون بأنه سيهزم أعداءه “وكأنه يضرب رجلًا واحدًا”، كتعبيرٍ عن هشاشة العدو وإمكانية إسقاطه بضربة واحدة..
لكن ما يواجهه اليهود اليوم ليس كيانًا بتلك الهشاشة المتوقعة.. لقد اغتيل قادة المقاومة واحدًا تلو الآخر، وسُوِّيت البيوت بالأرض، لكن المقاومة لم تتلاشَ، بل ازدادت شراسة وتجذّرًا، وأفرزت قيادات جديدة أكثر جرأة وازداد المجتمع وعيًا وصلابة، فالفِكر لا تسقطه الضربات والحق لا تبيده الغارات.
المفارقة الرابعة:
انتصار جدعون حسب ما ورد في سفر القضاة، لم يكن بالقوة، وإنما بتغطية ضعفه بالضجيج والضوضاء: هجوم ليلي بصرخة موحدة، مشاعل فجائية، و300 بوق من قرون الكباش، بثّت الرعب في قلوب المديانيين .. أوهمتهم بجيش ضخم ففروا مذعورين.
أما اليوم فـ”عربات جدعون” تواجه خصمًا مختلفًا لم يتزحزح بعد قصفه بأكثر من مائة ألف طن من المتفجرات، ولم ينخدع بالحيل السياسية ولا بالأبواق الإعلامية.
مع هذه المفارقات توجد نقطة التقاء بين الاسم والمسمى وهي: الاعتماد على الخداع كوسيلة لتحقيق النصر..
وهنا يمكن للإنسان أن يتفهم لجوء جدعون إلى الحيلة كوسيلة فهو يقاتل بجيش قليل العدد ضعيف العُدة.
إلا أن ما يصعُب فَهمُه هو لجوء الجيش الصهيوني لنفس الأساليب رغم تفوقه العددي والتكنولوجي الهائل.. هذه النقطة المشتركة لا تدع مجالًا للشك بأن الجيش الصهيوني هو أجبن جيش في العالم.
ختامًا..
وردَ في الأسطورة أن جدعون توعّد القبائل التي اختارت الحياد قائلًا: “إن عدتُ ظافرًا، سأدوس أجسادكم وأهدم أبراجكم” – وهو ما قام به فعلاً.
وفي هذه الجزئية من القصة إشارة تتجاوز حدود غزة، وتمثل جرس إنذار لشعوب المنطقة العربية مفادها:
أن من اختاروا الحياد اليوم، ليس بينهم وبين أن تدوسهم عربات الصهاينة إلا هزيمةُ غزة.
وأمام تلك الأسطورة اليهودية وهذه الهستيريا الصهيونية يرتطم الإسم بالمسمى، وتلتطم آلة القتل بكفٍ مُقاومٍ “يحمي البرايا أجمعين… حتى مماليك البلاد القاعدين”.