أجمع خبراء سياسيون أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب مرحلة بالغة الخطورة، حيث تتصاعد التوترات حول الملف النووي الإيراني إلى مستويات غير مسبوقة، بينما تستعد إسرائيل لمرحلة قد تكون حاسمة لمستقبل التوازنات الإستراتيجية في المنطقة.

وأكد الخبراء أن الأزمة الحالية تتجاوز كونها مجرد خلاف حول البرنامج النووي الإيراني، لتتحول إلى صراع وجودي يهدد بإعادة تشكيل خريطة القوى في منطقة تحتوي على أهم مصادر الطاقة العالمية.

وبحسب فاطمة الصمادي، الباحثة الأولى في مركز الجزيرة للدراسات، فإن إيران مصرة على مواصلة تخصيب اليورانيوم، موضحة أن القيادة العليا الإيرانية رفضت تماما مسألة إنهاء التخصيب بالكامل.

وأشارت الصمادي لبرنامج "مسار الأحداث" إلى أن إيران قد تقبل بالتراجع عن التخصيب من نسبة 60% و20% إلى النسبة التي تقل عن 4%، التي وافقت عليها في اتفاق 2015، لكنها أوضحت أن ما تريده واشنطن هو إنهاء مسألة التخصيب بالكامل.

وفي ذات السياق، حذرت الخبيرة في الشأن الإيراني من أن تنازل طهران عن موضوع التخصيب يعني إنهاء البرنامج النووي، مما يفتح الباب أمام سلسلة أخرى من التنازلات الإيرانية، لافتة إلى أن إيران تدرك أن قبولها بهذا التنازل قد يدفعها سريعا إلى عملية تفاوضية جديدة في ملفات أخرى على رأسها البرنامج الصاروخي.

إعلان

من جانبه، أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، أن إسرائيل تلوح بالهجوم العسكري على إيران من أجل إخضاعها أو إجبارها على تقديم تنازلات في المباحثات.

ووفق مصطفى، فإن إسرائيل استعدت للهجوم على المشروع النووي الإيراني منذ أكثر من 15 عاما، وكان مركز اهتمام وتحضيرات في إسرائيل.

أهداف إسرائيلية

وأوضح مصطفى أن 3 أهداف وراء تهديد وتلويح إسرائيل وتتمثل في تعزيز "شرعيتها" بالهجوم عليها في حالة فشل المباحثات النووية، وترسيخها كقوة ضاربة في المنطقة، بالإضافة إلى الضغط على الولايات المتحدة لكي يكون الاتفاق في حده الأدنى يستجيب للمصالح الإسرائيلية.

وتدرك إسرائيل أنها لا تستطيع أن تشن هجوما على إيران بدون موافقة أميركية، حسب مصطفى، لكنها ظلت تطالب منذ سنوات بأن تجري المباحثات مع إيران في وجود تهديد عسكري.

وأكد أن تل أبيب مدركة للأثمان التي سوف تدفعها "إذا كان نجاح هذه الضربة يؤدي إلى منع إيران من الوصول إلى السلاح النووي"، مشيرا إلى أن إسرائيل ترى في امتلاك إيران سلاحا نوويا بمثابة تهديد وجودي لها.

وبالتوازي مع هذا التصور، أكدت الصمادي أن إيران تدرك هذه المعادلة، إذ كانت تلجأ خلال العقد الماضي إلى "جعل الأثمان عالية للأطراف المستهدفة، بمعنى مضاعفة الردع أو رفع مستوى الرد لدى إيران".

وأوضحت أن إيران أرسلت رسائل واضحة بأن الأثمان على كل المنطقة لن تكون هينة، "فإذا استُهدفت إيران فالرد سيكون باتجاهات متعددة".

مخاطر إقليمية وعسكرية

بدوره، حذر الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية أحمد الشريفي، من أن المنطقة تواجه "مخاطر حقيقية" قد تؤدي إلى معادلة الصراع الصفري.

وأكد الشريفي أن ترسانة السلاح في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى تدمير شامل، محذرا من أن المعادلة الخطيرة تكمن في أن النظام الإيراني لديه الرغبة والاستعداد للقتال في "حرب وجود بكل ما يمتلكه من موارد القوة جغرافيا وعسكريا وأمنيا".

إعلان

وأشار إلى أن مستوى القدرات التسليحية الإسرائيلية عال، لا سيما بعد إطلاق المعدات عالية الدقة والأسلحة الثقيلة التي كانت مقيدة في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن وباتت متاحة في فترة خليفته دونالد ترامب "لتمكين إسرائيل من القيام بضربة بشكل منفرد".

لكنه حذر في الوقت نفسه من أن إيران طورت قدراتها أيضا، لافتا إلى المخاوف الإسرائيلية من الطائرات المسيرة الصاروخية أو المُشغلة عبر الطيران المنخفض والتي ستؤثر بشكل كبير على ثغرات الدفاع الجوي الإسرائيلي.

صراع على المنطقة

وفي السياق، أكدت الصمادي أن المسألة ليست فقط صراعا على البرنامج النووي، بل هناك صراع على شكل المنطقة، إذ لدى إيران رؤية مغايرة تماما للشكل الذي يجب أن تكون عليه المنطقة وطبيعة الوجود الإسرائيلي فيها.

وبناءً على هذا التحليل، أضافت أن الشعور بالتهديد الوجودي في إسرائيل تعاظم كثيرا بعد طوفان الأقصى، مشيرة إلى أن الحسابات الإستراتيجية لإسرائيل تغيرت بالكامل، كما أن العدوان على غزة وطريقة مهاجمة حزب الله وحلفاء إيران في المنطقة أثر أيضا على الإستراتيجية الدفاعية الإيرانية.

من جانبه، أكد مصطفى أن إسرائيل تعتقد أنها أمام "اللحظة التاريخية المناسبة" لتوجيه هذه الضربة، مشيرا إلى أن إسرائيل "أضعفت المحور الإيراني وبالذات في لبنان".

وفي هذا الإطار، لفت إلى أن إسرائيل تخشى أن هذا السيناريو "لن يتكرر، إذا أجلت الضربة العسكرية الآن"، مما يضع المنطقة أمام سباق مع الزمن قد يحدد مصير الاستقرار الإقليمي لعقود قادمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج أن إسرائیل أن إیران إلى أن

إقرأ أيضاً:

خبراء أمميون: أفعال "إسرائيل" بغزة همجية وترقى إلى جرائم

نيويورك - صفا ندد خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتعمد "إسرائيل" تعطيش وتجويع الشعب الفلسطيني، واصفين الأفعال التي ترتكبها حاليًا في قطاع غزة بالهمجية. وقال هؤلاء الخبراء الأمميون في بيان، إن أكثر من 90% من الأسر في غزة تعاني انعدام الأمن المائي. وأضافوا أن منع المياه والغذاء قنبلة صامتة، لكنها قاتلة وتفتك غالبًا بالأطفال والرضع، وهو ما يشكل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية. واعتبر خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن قرارات مسؤولي الحكومة الإسرائيلية في هذا الشأن تصل إلى مستوى جرائم بموجب نظام روما الأساسي. وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها "إسرائيل" بدعم أميركي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وحسب وزارة الصحة في غزة فإن حصيلة الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ ما يقرب من عامين بلغت 60 ألفًا و34 شهيدًا، بينهم 18 ألفًا و592 طفلًا، و9782 سيدة. من جانبه، قال برنامج الغذاء العالمي إن مناطق بغزة تجاوزت مرحلتين من المجاعة من أصل 3 مراحل، مشيرًا إلى أن التصنيف العالمي للأمن الغذائي يؤكد أن مدينة غزة بلغت عتبة المجاعة الشاملة. 

مقالات مشابهة

  • خبراء للجزيرة نت عن زلزال روسيا التاريخي: أدركنا همسات الأرض بأثر رجعي
  • ويتكوف يسافر إلى إسرائيل.. وزيارة محتملة إلى قطاع غزة
  • ويتكوف يسافر إلى إسرائيل.. وزيارة "محتملة" إلى قطاع غزة
  • خبراء أمميون: أفعال إسرائيل بغزة همجية وترقى إلى جرائم إبادة جماعية
  • خبراء أمميون: أفعال "إسرائيل" بغزة همجية وترقى إلى جرائم
  • طهران تؤكد الرد على أي هجوم جديد.. خامنئي: «الملف النووي» ذريعة لضرب إيران
  • «خامنئي»: الغرب يستغل الملف النووي كذريعة للاصطدام مع إيران
  • رئيس الأركان الإيراني: لا نثق بتعهدات إسرائيل وأمريكا ومستعدون لمواجهة أي تهديد
  • «لسنا إسرائيل أو إيران».. روسيا لـ ترامب: نهجك يؤدي لحرب تشمل أمريكا
  • عاجل. محذرًا إيران من عودة نشاطها النووي.. ترامب: سنعمل على إنشاء مراكز غذاء في قطاع غزة