هل تبدل معركة غزة التوازنات في المنطقة؟
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
لم تبدأ المعركة في غزة بعد،وكل ما حصل ويحصل قد يكون مجرد مقدمة لمعركة كبرى داخل فلسطين المحتلة وربما في المنطقة، فحجم الحشد الدولي دعما لاسرائيل يوحي تحضيرات لعمل عسكري من دون سقف لناحية الوقت والعنف المستخدم وهذا ما سيحفز جبهات أخرى قد تدخل المعركة في أي وقت الامر الذي تدركه تل ابيب جيدا. ولعل قصفها لمطاري دمشق وحلب خير دليل على توقعها لتحرك جبهات جديدة.
لكن بغض النظر عن المسار الذي ستأخذه الحرب الحالية، فإن نتائج ما يحصل ستكون كبيرة على المنطقة، وبأي طريقة ستنتهي المعركة، سيكون لها تبعات كبرى على دول المنطقة، وهذا يوثر حاليا بشكل جذري على مواقف الأطراف المعنية بشكل مباشر وغير مباشر، من هنا تصبح مراقبة تطورات غزة الميدانية مرتبطة بشكل عضوي بالتطورات السياسية التي ستحصل لاحقا داخل كل دولة وبين الدول.
وبحسب مصادر مطلعة فإن التطبيع الذي كان يتقدم بين المملكة العربية السعودية من جهة واسرائيل من جهة اخرى بات من الماضي ولن يكون له مكان في المدى المنظور ولعل الموقف السعودي العلني المؤيد للفلسطينيين يؤكد بأن الرياض ترغب بأن تبقى ضمن الدول الداعمة للقضية الفلسطينية وهذا ما ظهر ايضا من خلال التنسيق العالي المستوى مع طهران عبر الاتصال الطويل الذي حصل بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي.
وترى المصادر ان الحديث عن الوجود الاميركي في سوريا والعراق قد يكون على طاولة البحث في حال فشلت اسرائيل في تحقيق اهدافها في غزة، لان الامر سيظهر بشكل لا يقبل الشك بأن القبضة الاميركية على المنطقة تراجعت وأن واشنطن لن تعد تملك نفوذا سياسيا ومعنويا كالسابق، وفي الوقت الذي لم تستطع فيه ردع اعداء اسرائيل، حليفتها الأولى في العالم، فهي لن تستطيع تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة تحت مظلة وجودها العسكري.
وتعتبر المصادر ان التسويات بين دول المنطقة ستتقدم بشكل كبير، وسيزيد الرهان على التفاهمات الثنائية بين دول الخليج وايران وسوريا، من اجل احتواء اي توترات مقبلة، حتى ان توحيد سوريا ودخول الجيش السوري الى مناطق كانت محرمة عليه ستكون محسومة ففي الوقت الذي لم تقاتل واشنطن من أجل اسرائيل فهي لم تقاتل في الشرق السوري من اجل قوات سوريا الديمقراطية والاكراد.
هذه الانقلابات الكبرى في المشهد ستطال لبنان ايضا، ولعل المواقف التي اطلقها النائب السابق وليد جنبلاط وقوى سياسية اخرى والتي لم تظهر اي هجوم على "حزب الله"، تدل على ان التطورات ستكون كبيرة جدا في الايام المقبلة، خصوصا اذا تم فتح جبهات جديدة للمعركة، لان الامر سيعني إنفلاتا كاملا لقواعد العمل السياسي السائدة، كما قد يكون هناك تدمير ممنهج في الكثير من الدول وتبدل في التوازنات العالمية وليس فقط الإقليمية.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ما الذي تغير في فكر الجماعات الجهادية في سوريا؟
ومع نهاية 2024 بدأت الجماعات الجهادية في سوريا تخوض تجربة جديدة، فمن حركة مقاومة مسلحة إلى سلطة حاكمة مسؤولة عن دولة ومؤسسات. فكيف أعادت هذه الجماعات صياغة مفاهيمها تجاه الدولة والسلطة والمجتمع؟ وهل هذه الجماعات أمام تحول فكري عميق أم أمام مراجعات ظرفية أملتها ضرورات الحكم؟
وعن جذور الفكر الجهادي في سوريا، يوضح عضو اللجنة الرئاسية للسلم الأهلي في سوريا، حسن صوفان، أن هذا الفكر مرتبط بالاحتلال، ولكنه كان كامنا في نفوس السوريين منذ انقلاب حزب البعث، وأن مجزرة حماة كانت مفترق طرق أمام عودة الفكر الجهادي إلى الشعب السوري من أجل الدفاع عن النفس.
ويقول إن الدور الجهادي لم يكن متاحا له التجلي في سوريا بسبب القبضة الأمنية لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، ولذلك أخذ منحى الاستفادة من التجارب ومواجهة المحتل في أماكن أخرى من أجل اكتساب الخبرة لتوظيفها في المعركة الأساسية في سوريا، مشيرا إلى أن التوجهات الإسلامية كانت مجمعة على أن النظام المخلوع كان جديرا بالتصدي له.
ويلفت إلى أن جميع الاتجاهات والمناهج داخل المجتمع السوري هي أصيلة الوجود وليست دخيلة، فلا يوجد أي فكر إسلامي دخيل سواء فكر جماعة الإخوان المسلمين أو الفكر السلفي أو الفكر السلفي الجهادي، أي أن هذه الاتجاهات والتيارات لها جذورها على مدار مئات السنين في سوريا.
إعلانوحول مسألة حدوث تحول داخل الفكر الجهادي عندما تولى أصحابه السلطة في سوريا، يرى صوفان -في حديثه لحلقة (2025/5/14) من برنامج "موازين" أن الأمر يتعلق بطبيعة وضرورات الحكم الذي لم يمارسه الإسلاميون والجهاديون خصوصا، مشيرا إلى أن التجربة الحالية هي المعيار في الحكم على الجماعات الجهادية.
مراجعاتبيد أن صوفان يكشف عن وجود مراجعات وتحولات حتى قبل وصول الجهاديين إلى الحكم، ويقول إنه في سجن صيدنايا مثلا عمل الكثير من الجهاديين مراجعات جريئة ومتميزة يغلب عليها الإثراء العلمي والاستدلال بالنصوص أكثر منها ضغط واقع، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بدخول في واقع جديد اقتضى المراجعة.
وفي حديثه عن مرحلة ما بعد تحرير سوريا من نظام الأسد، يقول صوفان- وهو أيضا قائد حركة تحرير الشام سابقا- إن السياسة هي عبارة عن لعبة لها قواعدها، وكل جهة لها مصالحها الخاصة، والرئيس أحمد الشرع يتقن هذه اللعبة السياسية، بحيث يمكنه أن يعطي كل صاحب حاجة حاجته بما لا يتعارض مع الخطوط الحمراء ومع أهداف الثورة السورية".
ويرى أن العالم لم تعد تحكمه جهة واحدة تفرض كل ما تريد على المجتمع الدولي، بل هناك تعارض مصالح بين الدول، مما يجعل الدول تلج منها لتحقيق مصالحها القطرية الخاصة، ويضيف في هذا السياق أن من حق الرئيس الشرع أن يبحث عن فرصة لنهضة سوريا وإعادة المهجرين وإيقاف الآلام عن الناس، ودعا إلى التفاف حول القيادة السورية مادام لديها الخطة والإجراءات الإصلاحية.
وعن مسألة الديمقراطية بالنظر إلى فكر الجماعات الجهادية، يوضح ضيف برنامج "موازين" أن جميع التيارات الإسلامية تجمع على أن فكرة الديمقراطية من حيث التشريع وإعطاء حق التشريع المطلق تكون للشعب وليس بما يخالف شرع الله سبحانه وتعالى، معربا عن اعتقاده أن الشرع أو أي جهة تكون على كرسي الحكم ستكون مرنة في موضوع الوسائل والآليات.
إعلانوبشأن تعامل القيادة السورية الجديدة مع التدخل الإسرائيلي في الأراضي السورية، يقول صوفان إنه "من الإجحاف تحميل الدولة الوليدة الجديدة إرث الصراع الطويل مع العدو الإسرائيلي في هذه اللحظة"، مشيرا إلى أن القيادة السورية سوف تبذل كل جهد متاح لتجنب إدخال الشعب السوري في معركة طويلة جديدة.
14/5/2025