حين تضع سبابتك على خارطة الجنوب اليمني وتكتشف ماذا حل بقحطان والشعبي؟
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
حين تضع سبابتك على خارطة الجنوب اليمني لتعقد مقارنة بين نظاميْن جمهورييْن أعلنا استقلالهما عن نظاميْن بائديْن أحدهما إمامي عنصري والثاني استعمار غربي، كان الجنوب يضج كل خمس سنوات بحفلات إعدام ومكائد تصفيات مرعبة بين رفاق الاستقلال والنضال، في الشمال نجا المشير عبدالله السلال، وخليفته عبدالرحمن الإرياني من القتل، أعلنا أنهما سيغادران اليمن بهدوء.
في الجنوب قدّم قحطان الشعبي استقالته من رئاسة الجمهورية في 22 يونيو 1969 إلى الجبهة القومية، احتجزه أصدقاؤه في منزله، ونُقل بعد أشهر مع رئيس وزرائه فيصل عبداللطيف الشعبي إلى سجن الفتح الشهير. في زنزانة باردة، اخترق الضوء كوة صغيرة في الأعلى، وقف ضفدع صغير في منتصف الدائرة المضاءة على أرضية الزنزانة، بدا الضفدع كنجم غنائي سُلِط عليه ضوء مُوجّه من مصباح ضخم.
تذكر فيصل عبداللطيف الشعبي مسرح عابدين في القاهرة قبل عشر سنوات، تذكر ضحكته الصافية من حوارات ونكات إسماعيل ياسين في مسرحية "يالدفع يالحبس"، وليالي خان الخليلي، شارع التحرير، فندق قصر الجزيرة في الزمالك، ربطة عنقه التي ابتاعها من فتاة مسيحية ظلت مشدودة إلى شاربه المنمق الرفيع، وابتسامة الجبل التي تحرك عضلات خدّيه، بائع السجائر في كشك ميدان طلعت حرب. تذكر فيلمًا وثائقيًا عن كوبا في سينما القاهرة، أبصر بعينيْن رماديتيْن مشاهد اعدام وحشية لثوار ومدنيين عُزل في هافانا. تذكر ليلة هروبه من مصر متخفيًا عن أعين رجال مخابرات صلاح نصر الذين احتجزوه تسعة أشهر، وصل بيروت ومنها إلى تعز، ثم إلى الجنوب اليمني.
أصدر باب زنزانته الحديدي صريرًا مزعجًا، فرَّ الضفدع من دائرة الضوء، دخل جنديان، أغلق الجندي الثاني باب الزنزانة، أمره الجندي الأول بالوقوف، كان يجلس القرفصاء، يداه تطوقان ركبتيْه المضمومتيْن إلى صدره، الشتاء يلفظ أنفاسه الأخيرة. نهض رئيس وزراء اليمن الجنوبي المُعتقل في زنزانة انفرادية بسجن الفتح، وفي تمام الساعة العاشرة إلا ربع صباحًا سُمع صوت أربع طلقاتٍ نارية، في داخل الزنزانة نزف جسد فيصل عبداللطيف الشعبى من أربعة ثقوب، ثقب في ترقوته، ثقب في الجانب الأيسر من الجمجمة، ثقب في ذراعه الأيمن، وثقب أسفل ذقنه، لم يتحرك شيء في العشرين ثانية الأولى، الضفدع في أقصى الزاوية اليسرى يراقب جريان سائل أحمر باتجاهه. استدار الجنديان سريعًا. أوصدا باب الزنزانة وراءهما بإحكام. لم يكن ثمة شهود سوى الضفدع.
قدر الرئيس الأول لليمن الجنوبي هو الآخر وصله مبتورًا، اقتيد قحطان الشعبي مُكبَّلًا إلى كوخ شعبيٍّ على طريق ساحل عدن - أبين. لم يرَ وجه ابنه نجيب مرة أخرى، من زاوية منفرجة بين أعواد الكوخ فتح قحطان عينه اليمنى عن آخرها، رأى البحر العربي لآخر مرة في حياته، شاهد غرابًا يمشي قلقًا على الساحل، تذكر قصة قابيل وهابيل، نُتف ممزقة لجريدة ملقية على أرضية الكوخ، نصف وجهه في خبر عن مفاوضات الانسحاب الإنجليزي من عدن، عنوان آخر غير مكتمل عن عبدالرحمن الإرياني في مفاوضات حرض. تذكر احتجازه في مصر، واعتذار جمال عبدالناصر بعد ذلك بسنوات، تذكر كلمات لورد شاكلتون خلال توقيعه اتفاقية الاستقلال "أنتم أعداء أنفسكم يا صديقي!".
صباح يوم 7 يوليو 1981، شاهد أبناء عدن صورة قحطان الشعبي على غلاف صحيفة 14 اكتوبر في الزاوية اليُمنى من صفحتها الأولى. جاء العنوان كالتالي: وفاة قحطان الشعبي بعد صراع طويل مع المرض!.
* نقلًا عن رواية #الخوثي
#اكتوبر_فجر_الحريه
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
السوداني:حصر السلاح بيد الدولة ليس المقصود منه حل الحشد الشعبي بل عدم امتلاك المواطن أي قطعة سلاح!
آخر تحديث: 15 ماي 2025 - 10:10 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- قال رئيس الوزراء الإطاري محمد السوداني في مقابلة متلفزة، إن “العراق أرض بكر لكل الاستثمارات ولا يخلو يوم من استقبال الشركات للاستثمار في العراق”، مبينًا أننا “قطعناً كبيراً بخفض نسب الفقر بالعراق”.وأضاف إن “العراق مستمر في دوره الريادي في المنطقة ويساهم في صياغة موقف عربي موحد في مختلف القضايا”، موضًحا أن “لا نريد أن تكون مواقفنا عبارة عن ردود أفعال فقط بل نريد أن ننتقل إلى الأفعال”.وتابع السوداني أن “العراق وسيط ((نزيه)) بين إيران والدول العربية، بحكم ما يمتلكه من علاقات طيبة واحترام لسيادة الدول”، مشيرًا الى أن “أمن سوريا جزء لا يتجزأ من أمننا القومي وما يحدث فيها شبيه لما حدث في العراق عام 2003 وهو مع اي مسار يؤمن بالحوار في المنطقة “.ولفت الى أن “عدم توصل إيران وامريكا إلى اتفاق سينعكس اثره على كل دول المنطقة”، مؤكدًا أن “مبدأ ثنائية السلاح لا يتطابق مع مفهوم الدولة ولدى الحكومة خارطة طريق لحصره بيدها”.وأكد ان ” حصر السلاح بيد الدولة ليس المقصود منه حل الحشد الشعبي أو دمجه بل المقصود منه عدم امتلاك المواطن أي قطعة سلاح “!!.