صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-15@13:06:48 GMT

الحرب.. وقد يحول على عبثيتها الحول!!

تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT

الحرب.. وقد يحول على عبثيتها الحول!!

عبدالله رزق

بدلا من السؤال البديهي، الذي يطرحه اكتمال ستة اشهر على بدء الحرب، اليوم،وفي غياب اية ارهاصات لسلام وشيك، من الممكن فعل العكس،بالتساؤل عما اذا كانت الحرب ستستمر ستة اشهر اخرى،ليحول عليها الحول؟ الامر الذي قد يساعد ،كفرضية ،في معاينة واعادة فحص العوامل المرجحة لاحتمال استمرار الحرب، وتطاولها في الزمان،والتي يمكن اجمال اهمها في الاتي:-

*غياب ارادة السلام لدى طرفي الحرب ،وتباعد احتمالات الحسم العسكري للنزاع من قبل اي من الطرفين.

*فشل الوساطات الاقليمية والدولية ،حتى الان ،في تصميم مشروع مقبول لوقف الحرب وانهاء العدائيات.
*ضعف الضغوط الداخلية والخارجية ،ما اكسب طرفي الحرب مناعة ضدها،واوجد، بالمقابل، حالة من التعايش مع الحرب كامر واقع . فمع تراجع النشاط السلمي المدني المعارض، بتمدد الاقتتال في كل الساحات، التي ظلت تشغلها قوى الجبهة المناهضة للحرب، وفي مقدمتها لجان المقاومة والقوى الديموقراطية الاخرى،فان خروج غالب قيادات القوى السياسية والمدنية من البلاد ،وانتقال مركز النشاط المناهض للحرب وللانقلاب ،للخارج ،قد ادى الى ترجيح احتمال الرهان على التسويات والحلول الخارجية.

*انحسار احتمال تهديد الوضع السوداني،للامن والسلم الدوليين،وللامن القومي الامريكي ،خاصة، وتلاشي احتمالات اضراره بمصالح دول الاقليم،ومن ثم ايلولته الى حرب منسية شان الحروب والنزاعات المنخغضة الدرجة،في الكنغو الديموقراطية وافريقيا الوسطى والصومال واليمن،من جهة. ومن الجهة الاخرى، بدا المجتمع الدولى اقل حساسية تجاه المأساة الانسانية، التي خلفتها، وتخلفها الحرب يوميا،فيما بدا المجتمع السوداني ينزع للتعايش والتكيف مع واقع الحرب كقدر مسطور.

* وفي ظل توقف المفاوضات، بين طرفي الحرب في منبر جدة ،مباشرة وغير مباشرة ،منذ نهاية يوليو الماضي،تظل الحرب،وما يرتبط بها من معاناة انسانية، هي الواقع الذي يفرض نفسه،وهي الحقيقة الوحيدة في هذا الواقع. لا يغير من ذلك، اهم حدثين في مجرى الحرب،وقعا في الشهر الماضي :
اولهما ،خروج الجنرال عبدالفتاح البرهان من القيادة المحاصرة،ومع اهمية الحدث في حد ذاته، فانه لم يظهر له اي اثر في صيرورة الحرب وتطوراتها. خصوصا لجهة الدفع باتجاه انهاء الحرب. اذ ان خروج البرهان،بحسب الاتحاد الافريقي،قد تم بتوافق اقليمي ودولي، لذات الغرض.

وثانيهما ،هو فرض عقوبات امريكية على امين عام الحركة الاسلامية ( كيان غير المؤتمر الوطني المحلول، فهي سوبر تنظيم يضم قيادات الاسلاميين، ،ومع انه كتنظيم غير شرعي،غير مسجل بموجب اي من القوانين التي تنظم التوالي السياسي وغير السياسي،الا انه ظل يعتاش على موارد الدولة.) ففي مقابل شركتين تتبعان لقوات الدعم السريع ،طالتهما العقوبة ، اختارت الخزانة الامريكية على كرتي ،من معسكر البرهان ،هدفا لها، ما يسلط الضوء على دور الحركة الاسلامية في التطورات التي ظلت تشهدها البلاد،وفي علاقتها بقيادة الجيش ،ممثلة في الجنرال البرهان.

ومع ذلك ثمة ضوء في نهاية نفق الازمة السودانية يتمثل في مبادرات المجتمع المدني والقيادات الاهلية بالجنينة ،بلد ابو ،والتي لم تنقطع، رغم عنف الاقتتال وتعدد جولاته واطرافه ،وما خلفه من خسائر بشرية ومآس.فالمجتمع المدني ،في الجنينة،لازال يقدم نموذجا للمثابرة والتصميم الدءوب على مغالبة الحرب وظروفها وتداعياتها،وفض النزاعات وفك الاشتباك بين الاطراف المتحاربة ،وانهاء العدائيات وترسيخ السلام والتعايش بين مكونات الجنينة وولاية غرب دارفور، وهو ما يحفز القوى المدنية في بقية مدن وولايات البلاد لاستعادة زمام المبادرة لاعلاء صوت السلام ونبذ الحرب.

الوسومعبدالله رزق

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

السودان… خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي

السودان… خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي

جمال محمد إبراهيم

(1)

تتزايد تعقيدات المشهد السوداني يوماً بعد يوم، فيما توغل الحربُ الكارثيّة في عامها الثالث، ويتواصل النزيف الذي سبّبته تلك الحرب، ويتواصل قتل الأبرياء من أبناء الشعب السوداني بلا أفقٍ يوقف تلك الحرب، وإنّ كلّ يومٍ يمرّ على تلك الكارثة التي تجري فصولها داخل السودان، لا يُخفي على المتابعين رصد امتداداتها خارج السودان، بما يُخرج تصنيف هذه الحرب الكارثية من كونها حرباً أهلية إلى صيرورتها حرباً إقليمية بامتياز، بسبب تدخّلات وتقاطع أجندات ومصالح لأطرافٍ تقع وراء حدود السودان الجغرافية المعلومة.

إنّ التحوّلات التي طرأت على طبيعة الحروب في سنوات الألفية الثالثة، تجاوزت ما شاع في سنوات القرن العشرين، ممّا وقع من حروبٍ بالوكالة، أو حتى عبر تجنيد مرتزقة أو جواسيس. تلك أمور لم تعد لها صلاحية في السنوات الماثلة، سنوات الثورة الرقمية واتساع رقعة الشفافية المعلوماتية، وانكشاف بقاع العالم بعضها على بعض بحيثيّات افتراضية كاسحة. تلك تطوّرات أدخلت العالم مرحلةً تجاوزت عبرها المعطيات التقليدية التي ظلّتْ سائدةً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، بقصد كبح جماح الصراعات التي قد تنشب بين أطراف المجتمع الدولي، وفق التعريف الذي بدأ يتهاوى في سنوات الألفية الثالثة.

(2)

إنّ نظرةً واحدةً إلى مجمل الصراعات التي تحوّلتْ حروباً طاحنةً، مثل ما وقع بين روسيا وأوكرانيا، أو حرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني، أو الحرب الدائرة في السودان بين أطرافه الداخلية بامتداداتها الخارجية، تُقنع أيَّ متابعٍ أن ما توافق عليه المجتمع الدولي من مبادئ لحفظ السلم والأمن الدوليَّين، بات هرطقةً لغويةً لا علاقة لها بالواقع الماثل. إنّ جميع هيئات ومنظّمات المجتمع الدولي، باتت محض ظواهر صوتية، تجعجع من دون طحين، وتولول لموت قتيل ولا تملك أن تعاقب قاتِلَه.

لم يلتفت رئيس إسرائيلي إلى أيّ طرف (دولي أو غير دولي) ليدير ما يشبه حرب إبادةٍ جماعيةٍ لشعبٍ فلسطينيٍّ أعزل، يُذبح وتدمّر مدنه وقراه ويُجبر على الخروج إلى الدياسبورا (الشتات). كأنّ زعماء الدولة الصهيونية ينتقمون من عرب فلسطين ويذيقونهم ما ناله اليهود عبر تاريخهم في الشتات الطويل، إنهم يصنعون دياسبورا عربية، مستغلّين عجز المجتمع الدولي عن ردعهم، ومتّكئين على سيطرتهم (بطريق غير مباشرة) على أطراف دولية نافذة ارتهنت إراداتُها لهم.

(3)

ثمّ نرى تصاعد الاشتباكات بين روسيا وأوكرانيا، حرباً يقف العالم أمامها على أطراف أصابعه، إن تواصلت تعقيدات تلك الحرب لتكون حرباً نووية تأخذ العالم إلى إفناءٍ متبادل. تراجعت تلك الحرب بفراسخ بعيدةً من المجتمع الدولي، لتعزِّز عجز منظّماته عن التذكير بقيم ومبادئ حفظ السلم والأمن الدوليَّين. هكذا بقيتْ الأمم المتحدة (غير مأسوفٍ عليها) ظاهرةً لسانيةً مبحوحةَ الصوت.

أمّا الحرب الدائرة في السودان فظلّت (مع تنافس أطرافها، وبعضهم قبِلَ أن يكون وكيلاً لأطرافٍ خارجيةٍ في تدمير ثاني أكبر دولة مساحةً ومواردَ وسكّاناً) شأناً منسياً، وتعجز حتى المنظّمة الأممية عن لجم الاشتباكات فيها، وهي دولة من دول العالم الثالث الهشّة.

إن التصعيد الماثل في حرب السودان، وفي مشهد من مشاهد الحروب التي تُدار اشتباكاتها بأسلحة الجيل الجديد الافتراضية، من طائرات بطيّارٍ أو من دون طيار، أو بمسيّرات انتحارية أو ذكية تدمِّر وتهرب، يتجاوز تصنيفها محض حربٍ أهلية داخلية، لتكون حرباً إقليمية افتراضية، تتقاطع في فضائها مصالحُ بلدانٍ في الإقليم، وربّما خارج الإقليم. إن الاشتباكات والضربات الموجعة في الحرب السودانية، من أطراف يصعب رصدها، قد تفتح باباً لشكوك حول استهداف من بعد يأتي من جهات وراء حدود السودان.

(4)

لعلّ الأخطر في مشهد السودان الماثل إصرار الأطراف المتقاتلة على المضي في الاشتباكات بدعمٍ من أطرافٍ خارجيةٍ خفيّة، بما قد يفضي إلى تصعيد تظهر معه هذه الأطراف الخارجية بصورة جليّة.

إن إقدام السلطات العسكرية في السودان، خاصّة بعد تعمّد استهدافها في مقرها في العاصمة المؤقّتة، لإعلان موافقتها على استضافة قاعدة عسكرية روسية في السواحل السودانية للبحر الأحمر، سيفتح باباً لتدويل عسكري لكامل الدول المشاطئة لذلك البحر، وإن التصعيد الذي يجري في معاقبة الحوثيين في اليمن، بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة، يجعل من احتمالات جعل ذلك الإقليم ساحةً لمواجهات إقليمية ودولية أيضاً.

ويبقى على السلطات العسكرية في السودان أن تتحسّب لتلك التطوّرات، وإلّا ستكون طرفاً في مواجهاتٍ عسكريةٍ ذات أبعاد إقليمية، وربّما دولية، لن يُكتب بعدها للسودان إلّا الفناء.

الوسومأوكرانيا إسرائيل البحر الأحمر السودان جمال محمد إبراهيم روسيا فلسطين قاعدة روسية

مقالات مشابهة

  • «أصيب فيها 3 أشخاص».. استمرار حبس طرفي مشاجرة بالأسلحة في المرج
  • هذه الحرب مختلفة عن كل الحروبات التي عرفها السودان والسودانيون
  • كيف نعيد توجيه أدوات الإعلام الجديد بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية للمساهمة في وقفها واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟ «2»
  • "تشريعية الشورى" تُنجز التقرير النهائي لمشروع قانون مؤسسات المجتمع المدني
  • الحرب التي أجهزت على السلام كله
  • شاهد.. الفنانة إنصاف مدني تثير ضحكات الجمهور بعد مطالبتها البرهان بــ(ختان) النساء المتخصصات في الإساءة على السوشيال ميديا وتهاجم المليشيا: (انعل أبو الدعم السريع وأبو حميدتي وأبو الحرب)
  • هُويَّتنا التي نحنو عليها
  • نائب محافظ الجيزة تشارك في جلسة مشاركة المجتمع المحلي في مشروعات التنمية التي تنفذها الحكومات
  • السودان… خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي
  • رئيس شركة مياه الشرب بالإسكندرية: مؤسسات المجتمع المدني شريكًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة