يبدو أن الطريق لفرض ضرائب على الشركات الكويتية متعددة الجنسيات بات باتجاه واحد، فكل الإشارات سواء كانت حكومياً أو من الكيانات المعنية تفيد بتجاوز مرحلة الإقناع باعتبار أن الدفع محلياً أولى من الاقتطاع خارجياً.
وتأكيداً لذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ«الراي» أن بنوكاً وشركات لديها أفرع خارجية انتقلت أخيراً إلى مرحلة الاستعداد والحسابات الدقيقة لدخول زمن الضرائب، خصوصاً بعد أن تقدمت الكويت رسمياً بطلب الانضمام إلى إطار مشروع قانون منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD»، ما يعني بدء العداد العكسي للتطبيق.


ويصح القول إن العنوان الأمثل للنقاشات المحاسبية المفتوحة حالياً هو «تحديد الأثر المادي للتطبيق الضريبي» أو باختصار كم تبلغ تكلفة تنفيذ الإجراء في ميزانيات السنوات المقبلة؟
سيناريوهات الأثر
وفي هذا الخصوص، أفادت المصادر بأن بنوكاً وشركات كبرى شكّلت فرق عمل من موظفيها الماليين بحثت مع مدققي حساباتها سيناريوهات الأثر المالي المتوقع في ميزانياتها جرّاء اقتطاع 15 في المئة من أرباحها محلياً كضرائب، وذلك تفادياً لدخولها نطاق مشروع قانون «OECD» الذي يفرض على الشركات متعددة الجنسيات ضرائب لا تقل عن 15 في المئة إذا بلغت إيرادات المجموعة الأم المعفية من دفع ضرائب في بلدانها 750 مليون يورو سنوياً.
وقالت المصادر إن شركات كويتية معنية بالضريبة الجديدة استعرضت مع مدققي حساباتها أخيراً توقعاتها لتكلفة الالتزام المحاسبي الجديد في ميزانياتها وذلك ضمن تحضيراتها لإعداد بياناتها المالية عن الربع الرابع من السنة المالية الحالية.
وبينت أن التوقعات المحاسبية التي تم تداولها أخيراً بين الشركات ومدققيها تشير إلى أن الحجز الضريبي المتوقع مبدئياً سيكون عبارة عن خانة تتكون من 6 أرقام، مشيرة إلى أن مشروع قانون المنظمة ينص على «ألا تقل الضريبة المدفوعة عن 15 في المئة»، والتوجه الحكومي لا يتضمن تطبيق نسبة أعلى عن الحد الأدنى.
وهذا يعني محاسبياً أن متوسط التكلفة المرجحة على الشركات الكويتية التي ستُدرج ضمن القاعدة الضريبية الجديدة ستكون مليونية، ومتفاوتة من شركة إلى أخرى، وغالباً ستتراوح سنوياً بين مليون إلى 70 مليون دينار، فيما يقدّر العدد المحتمل للشركات المشمولة بالضريبة بنحو 20 شركة وتشمل شركات حكومية متعددة الأسواق.
بيانات فصلية
وأكدت المصادر أنه من غير المقرر احتساب الضريبة الجديدة ضمن البيانات الفصلية عن ميزانية 2023، إذ تشير الترجيحات إلى إمكانية بدء التطبيق عن السنة 2024 وهو الأرجح أو عن 2025، منوهة إلى أنه لن تكون هناك ضريبة محتسبة عن بيانات 2023 إلا أنه يتعين التحضير محاسبياً للإجراء وتحديد أثره على معدل كفاية رأس المال وحجم الالتزام وتجنيب مخصصاته في الميزانية، مع تقدير حجم تكلفة التطبيق على صافي الأرباح.
تسليم وتحضير
ونتيجة حتمية لهذا الواقع، تحوّل النقاش لدى الشركات الكويتية التي تعمل بأسواق عدة، وهو المعنى التقني للشركات متعددة الجنسيات، إلى التسليم والتحضير محاسبياً لتطبيق القواعد الضريبية الجديدة، وهنا يمكن القول إن هناك مسائل عدة ينبغي العمل عليها، وإحدى أكثر المسائل الشائكة تحديد معدل الضرائب تفادياً للمفاجآت المحاسبية.
ولعل السؤال الأبرز الذي لا يزال يبحث عن أجوبة دقيقة يتعلق بكيفية احتساب هذه الضريبة، لاسيما في ميزانية الشركات التي تدفع بالفعل ضرائب في أسواقها الخارجية.
من حيث المبدأ، هناك شبه توافق محاسبي على فرضية خصم الضرائب المدفوعة خارجياً من إجمالي المدفوعات المستحقة من الأرباح المجمعة.
وللتبسيط، وبافتراض أن الأرباح المجمعة لشركة ما بلغت 600 مليون دينار، نصفها متأتٍّ من أسواق خارجية وهي محمّلة بضرائب هذه الأسواق، يكون المبلغ المستوجب دفعه محلياً 300 مليون دينار، وبتطبيق ضريبة الـ15 في المئة محلياً على هذا المبلغ يكون المستحق دفعه للخزينة العامة 45 مليون دينار.
وبخصم الضرائب التاريخية التي تُدفع محلياً بإجمالي 6 في المئة وهي عبارة عن 1.5 في المئة زكاة (متوقع احتساب قيمة الزكاة كاملة 2.5 في المئة) ومثلها لدعم العمالة وواحد في المئة لمؤسسة التقدم العلمي، ومن ثم يكون مبلغ الضريبة الإضافية الذي ستتحمله الشركة ذات الأرباح المفترضة بقيمة 300 مليون دينار هي 9 في المئة.
وهذا يعني محاسبياً أن حجم الحجز الضريبي المستحق من أرباح الشركة محل المثال 27 مليون دينار.
أسئلة حائرة
بالطبع، هناك أسئلة محاسبية لا تزال الإجابة عنها حائرة وتقبع في دائرة الغموض، وأبرزها ما إجراءات إعادة توزيع ضرائب الشركات متعددة الجنسيات، للدول التي تضم مقارّها وتنتشر فيها أرباحها إذا لم تطبّق الضريبة المحلية التي تعفي من دخول نطاق ضرائب «منظمة التعاون».
وبمعنى أدق، إذا كانت الشركة الكويتية المشمولة بضريبة المنظمة تعمل في الخليج وأوروبا ومصر وتركيا وغيرها من الأسواق كيف سيوزع إجمالي ضرائبها؟ وهل سيكون التطبيق بمفهوم الغرماء أم حسب النسبة من الدخل؟
هيكل جديد
وضمن الأسئلة المثارة حول الهيكل الضريبي الجديد المرتقب تطبيقه على الشركات الكويتية ما إذا كان سيؤخذ في الاعتبار تقديم حوافز تشجيع الشركات التي تقدمها بعض الدول؟ وما إذا كانت الشركات الكويتية متعددة الجنسيات ستستفيد من الإعفاءات المنصوص عليها في المعاهدات الضريبية الموقعة مع الكويت؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير لا تزال بحاجة إلى تفصيل، ولذا هي محل بحث عميق بين الشركات الكويتية متعددة الجنسيات ومكاتب تدقيقها الخارجية والداخلية، لفهم عناصر مفهومها المحاسبي التقني للغاية، والذي بناءً على مخرجاته سيتم وضع تصوّر محاسبي أكثر دقة لصافي الأرباح المستقبلية.
وحتى تُحسم تفاصيل تطبيق الإجراء ضريبياً وآلية احتسابه يكون مفيداً حسب المصادر الاستعداد لزمن الضرائب بتحديد الأثر المالي لتفادي أي تكلفة إضافية غير متوقعة تؤثر على توقعات الربحية ومعدل كفاية رأس المال مستقبلاً.
هل تُحتسب مبالغ المسؤولية المجتمعية من الضريبة؟
ضمن الأسئلة المتصدرة بنقاشات الشركات الكويتية المعنية بالضريبة الجديدة إمكانية خصم المبالغ التي تدفعها سنوياً ضمن برامج مسؤوليتها المجتمعية من إجمالي الضريبة المستحقة؟
ولعل ما يزيد وجاهة هذا السؤال قيمة المبالغ التي تدفعها الشركات الكويتية سنوياً. فيكفي الإشارة إلى أن حجم مساهمات بنوك الكويت المجتمعية منفردة يقدر بنحو 680 مليون دينار خلال السنوات الـ30 الماضية.
إلى ذلك، أوضحت مصادر محاسبية أن الأقرب للتطبيق احتساب أي مبالغ تدخل ضمن نطاق مدفوعات الزكاة من الضريبة، أما الإنفاق المجتمعي للدولة أو لمكوّناتها مباشرة فقد يصعب احتسابها ضمن مفردات هذه المدفوعات، قياساً على المطبّق بالدول صاحبة التجارب الضريبية العريقة.
التخفي وراء «الإقامة الضريبية»
لفتت المصادر إلى أن مشروع قانون «OECD» يستهدف منع الشركات من التخفي وراء «الإقامة الضريبية» في هذا البلد أو ذاك الذي يعتمد نسب ضرائب جذابة، وغير المرتبطة فعلياً أو تعمل في الملاذات الضريبية التي لا تفرض ضرائب كافية على شركاتها الكبرى مثل الكويت.
ويرتكز الإصلاح المطروح على ركنين، الأول يهدف إلى توزيع عادل بين الدول لحقوق فرض ضريبة على أرباح الشركات متعددة الجنسيات، والثاني يقوم على فرض ضريبة عالمية دنيا للتحقق من أن الشركة لا تدفع أقل مما ينبغي أينما كانت موجودة.
وتقدر «منظمة التعاون» العائدات الضريبية المتوخاة سنوياً على أساس 15 في المئة بحوالي 150 مليار دولار.

المصدر: جريدة الحقيقة

كلمات دلالية: متعددة الجنسیات مشروع قانون ملیون دینار على الشرکات فی المئة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الصين تفرض ضريبة جديدة على الواقي الذكري: قلق صحي لدى السكان

أعرب خبراء عن قلقهم من احتمال زيادة حالات الحمل غير المخطط له والأمراض المنقولة جنسيا بسبب ارتفاع تكاليف وسائل منع الحمل.

ستبدأ الصين قريبا بفرض ضريبة القيمة المضافة على وسائل منع الحمل من أدوية ومنتجات لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود، في خطوة تنسجم مع جهود بكين لدفع الأسر إلى إنجاب مزيد من الأطفال بعد عقود من قصر معظمها على طفل واحد.

وبحسب أحدث قانون لضريبة القيمة المضافة في البلاد، لن تكون "الأدوية والمنتجات الخاصة بوسائل منع الحمل" معفاة من الضرائب اعتبارا من الأول من كانون الثاني/يناير. وستخضع منتجات مثل الواقيات الذكرية لضريبة القيمة المضافة المعتادة بنسبة 13 في المئة المفروضة على معظم السلع.

ورغم أن وسائل الإعلام الرسمية لم تُبرز التغيير على نطاق واسع، فقد تصدّر النقاش منصات التواصل الاجتماعي الصينية وأثار سخرية بين مستخدمين مازحين قالوا إنهم سيكونون حمقى لو لم يدركوا أن تربية طفل أغلى كلفة من استخدام الواقيات، حتى إن فُرضت عليها ضرائب.

وعلى نحو أكثر جدية، يبدي خبراء مخاوف من ارتفاع محتمل في حالات الحمل غير المخطط له ومن زيادة مخاطر الأمراض المنقولة جنسيا بسبب ارتفاع تكلفة وسائل منع الحمل.

كانت سياسة "الطفل الواحد" التي انتهجها الحزب الشيوعي الحاكم تُطبَّق من نحو 1980 حتى 2015 عبر غرامات ضخمة وعقوبات أخرى وأحيانا عبر عمليات إجهاض قسرية؛ وفي بعض الحالات حُرم الأطفال المولودون فوق الحد من رقم هوية، ما جعلهم فعليا بلا مواطنة.

ورفعَت الحكومة الحد إلى طفلين في 2015، ثم إلى ثلاثة أطفال في 2021، فيما كان تنظيم النسل يُشجَّع ويُتاح بسهولة، حتى مجانا.

"تلك خطوة قاسية فعلا"، قالت هو لينغلينغ، وهي أم لطفل يبلغ من العمر 5 أعوام تؤكد أنها مصممة على عدم إنجاب طفل آخر. وأضافت أنها ست "تقود الطريق نحو العزوف" كمتمرّدة.

وقالت أيضا: "إنها مضحكة، خصوصا إذا ما قورنت بعمليات الإجهاض القسري خلال حقبة تنظيم الأسرة".

في 2024، وُلد 9.5 مليون طفل في الصين، أي أقل بنحو الثلث من 14.7 مليون وُلدوا في 2019، بحسب المكتب الوطني للإحصاء. وذلك رغم ارتفاع أعلى من المعتاد مدفوعا بتفضيل تقليدي للإنجاب في "عام التنين" وفق علم الفلك الصيني.

ومع تجاوز الوفيات للولادات في الصين، أصبحت الهند في 2023 الدولة الأكثر سكانا في العالم.

قال تشيان كاي، مدير مجموعة أبحاث الديموغرافيا في جامعة فرجينيا في الولايات المتحدة: "إن أثر الضريبة على تشجيع خصوبة أعلى سيكون محدودا جدا. فبالنسبة للأزواج الذين لا يريدون أطفالا أو لا يريدون المزيد، فإن ضريبة بنسبة 13 في المئة على وسائل منع الحمل غير مرجَّح أن تؤثر في قراراتهم الإنجابية، وخاصة إذا قورنت بالتكاليف الأعلى بكثير لتربية طفل".

ومع ذلك، اعتبر يي فو شيان، وهو عالم كبير في جامعة "ويسكونسن-ماديسون" الأميركية، أن فرض الضريبة "منطقي فحسب". وقال: "لقد كانوا يتحكمون في عدد السكان، لكنهم الآن يشجعون الناس على إنجاب المزيد؛ إنها عودة إلى أساليب طبيعية تجعل هذه المنتجات سلعا عادية".

وسائل منع الحمل ومخاطر الأمراض المنقولة جنسيا

كما هو الحال في معظم الأماكن، تقع معظم مسؤولية تنظيم النسل في الصين على النساء.

لا يستخدم الواقي الذكري إلا تسعة في المئة من الأزواج، فيما تعتمد 44.2 في المئة على اللولب (IUD)، و30.5 في المئة على التعقيم لدى النساء، و4.7 في المئة على التعقيم لدى الرجال، بحسب بحث صادر في 2022 عن "مؤسسة بيل ومليندا غيتس". والبقية يستخدمون الحبوب أو وسائل أخرى.

وبالنظر إلى النهج التدخلي المزمن للسلطات في حياة الناس وأجسادهم، تشعر بعض النساء بالإساءة من محاولة التأثير مجددا في خياراتهن الشخصية بشأن الإنجاب.

وقالت زو شوان، وهي معلمة تبلغ من العمر 32 عاما في بينغشيانغ بمقاطعة جيانغشي جنوبي الصين: "إنها وسيلة للانضباط، وإدارة أجساد النساء ورغباتي الجنسية".

لا توجد بيانات رسمية عن حجم الاستهلاك السنوي للواقيات الذكرية في الصين، وتتباين التقديرات. وأشار تقرير صادر عن منصة "IndexBox" الدولية للمعلومات السوقية إلى أن الصين استهلكت 5.4 مليار وحدة من الواقيات في 2020، وذلك للعام 11 على التوالي من الزيادة.

وأعرب خبراء عن مخاوف من أن يقلص تراجع استخدام الواقيات الوصول إلى وسائل الحماية ويزيد المخاطر الصحية العامة.

وقال كاي: "قد تقلل الأسعار الأعلى من قدرة الفئات الاقتصادية الضعيفة على الوصول إلى وسائل منع الحمل، ما قد يؤدي إلى زيادة حالات الحمل غير المقصودة والإصابات بالأمراض المنقولة جنسيا".

"وقد تفضي هذه النتائج، بدورها، إلى المزيد من عمليات الإجهاض وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية".

تمتلك الصين واحدا من أعلى أعداد عمليات الإجهاض في العالم، بين تسعة ملايين وعشرة ملايين سنويا خلال 2014-2021، بحسب لجنة الصحة الوطنية. ويقول خبراء إن العدد الفعلي قد يكون أعلى، إذ يلجأ بعضهم إلى عيادات غير قانونية.

وأوقفت الصين نشر بيانات الإجهاض في 2022.

كما ترتفع إصابات الأمراض المنقولة جنسيا، رغم انخفاضها خلال سنوات جائحة كوفيد-19، مع تسجيل أكثر من 100.000 مصاب بالسيلان و670.000 مصاب بالزهري في 2024، بحسب بيانات الإدارة الوطنية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

ويرتفع أيضا عدد المرضى المتعايشين مع الإيدز وإصابات فيروس نقص المناعة البشرية، لا سيما بين كبار السن من الصينيين، ليبلغ نحو 1.4 مليون في 2024.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • انقضاء عام 2025 والحرب تقتل حاضر ومستقبل السودانيين
  • بعائد 17.75%.. شهادات الادخار بعائد شهري ثابت في 3 بنوك
  • هيئة الاستثمار تبحث التعاون مع IT Park أوزبكستان لدعم الشركات التكنولوجية
  • دخول الحمّام ماشي بحال خروجو… تعويض قضائي بـ14 مليون لزبون انزلق داخل حمّام بالدار البيضاء
  • ريان إير تهدد بإلغاء 20 مسارا من مطارات بلجيكا بسبب زيادات ضرائب الطيران
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • الصين تفرض ضريبة جديدة على الواقي الذكري: قلق صحي لدى السكان
  • أمريكا تشدد العقوبات على فنزويلا وتستهدف مادورو وأقربائه وشركات النفط
  • وزيرة التخطيط تبحث مع بنك الاستثمار الأوروبي جهود زيادة التمويل المختلط والاستثمارات في الشركات الناشئة
  • ساكسونيا تسعى لشراء حصة في فولكسفاغن بقيمة 500 مليون يورو لإنقاذ الوظائف وكسب النفوذ