لجريدة عمان:
2025-10-09@13:09:37 GMT

هل انتهى زمن التعايش؟

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

حتى وقت قريب، كان يُنظر إلى أوروبا باعتبارها الملجأ الأخير للهاربين من الحروب أو من التضييقات السياسية والاقتصادية وتلك المتعلقة بالحريات الشخصية بالنسبة لشباب الشرق الأوسط (أو غيرها من بلدان العالم)، أما اليوم فيبدو أن المهاجرين يفتقدون الشعور بالأمان، بل يشعرون أن وظائفهم، سكنهم، ووجودهم بأسره مُهدد، وبالإمكان خسارتها بكل سهولة، أو تغيير حياتهم كما يعرفونها بمجرد الإدلاء برأيهم حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو إظهار أي رمز من رموز التعاطف مع الفلسطينيين مثل ارتداء الكوفية أو حمل/ تعليق/ ارتداء العلم الفلسطيني.

ثمة إرهاب فكري شرس، إذ وصلت درجات الصوابية السياسية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة لمستويات غير مسبوقة وللحد الذي أصبحت فيه معاداة إسرائيل (وليس السامية حتى) ذنبا لا يغتفر. بل إن «السياقية» أصبحت هي الأخرى مرفوضة، أعني أن تقول أن ما فعلته حماس يأتي كرد فعل على سنوات من الإرهاب والظلم والحصار المفروض على غزة.

لم يعد يُسمح بالمظاهرات، أعني أن أي احتجاج عادة يتطلب استخراج رخصة، وهي ما أصبحت لا تُعطى إذا ما كانت المظاهرة داعمة للشعب الفلسطيني. كل هذا من شأنه أن يخلق حنقا شعبيا، إذا ما حُرم هؤلاء من التنفيس عن غضبهم بالطرق المشروعة، عبر التظاهر، أو النشاط على الشبكات الاجتماعية.

تقلقني هذه الأيام فكرة أن التعايش بين الشرق والغرب قد انتهى (بل وأشك في وجوده أصلا على النحو الذي نتخيل)، وأن التمييز الذي كان مختبئا خلف أقنعة البيروقراطية أو الاختيارات الفردية ومعادلات العرض والطلب، يصبح ظاهرا دون خجل. لطالما كانت معاداة المهاجرين غير الأوروبيين حاضرة إلا أن المستشار الألماني أولاف شولتس هذا الأسبوع دعا إلى إعادة النظر في سياسات الهجرة، وهدد بالترحيل العاجل. بالطبع المتضررون من شيء كهذا هم أولئك الأقل حظا، ممن لا يملكون جوازا ألمانيا يحميهم، ويفتقرون لأنواع الحماية القانونية والاجتماعية الأخرى.

في الصحافة الألمانية، وعندما يتم التحدث عن المجازر التي تحصل في غزة، يُشار دائما لأن الأخبار قادمة من حماس لنزع المصداقية عنها. فأنت لا تقرأ أن الغارات الإسرائيلية تسببت في مقتل أكثر من خمسة آلاف فلسطيني إلى الآن، وإنما تقول إن حماس «تدعي» ذلك، أو تقول إنه تم قصف المستشفى الذي «تُديره حماس». واستخدام لغة إدانة مباشرة لأفعال إسرائيل يُنظر إليها كما قلنا على أنها ذنوب لا تغتفر.

ما لا يفهمه الغرب في مسألة عداء السامية هذا، أن لغة الاعتراض العربية لا تتطابق بأي شكل مع تلك الغربية لأن سياقها مختلف تماما. فعندما يقول العربي (أو الشرقي ما دمنا نتحدث عن محور الشرق والغرب) «اليهود» فهو يقصد من استوطن أرضه، لا يخطر بباله عداء اليهود كما تعرفه أوروبا لأنه لم يكن يوما جزءا منه، ولأن عداءه مع اليهودي لا علاقة له بهويته كيهودي بل بكونه مستوطنا للأرض.. وهكذا فما يقوله رجل ألماني يُمكن أن يُعد عداءً للسامية، فيما لا يُعد القول نفسه كذلك عندما يخرج عن فلسطيني يعيش في ألمانيا.

الحديث عن الشرق والغرب صار اليوم حاضرا، يتم أيضا الحديث عن محور الشر ومحور الحضارة (الذي يقوده العالم الحر والمتحضر). فبينما انشغل أكاديميونا (في الغرب والشرق على حد سواء) لفترة طويلة في الحديث عن ما بعد الكولونيالية والديكولنيالية، والوقوف على الآثار الاستعمارية طويلة الأمد، وأشكال الاستعمار الخفي (الاقتصادي والثقافي) أو دراسة العنصرية الضمنية (ظانين أن العنصرية بشكلها الصريح لا يكاد يكون لها أي وجود) نعود الآن لسردية الإنسان المتحضر والإنسان البربري، ويضع الأبيض نفسه مجددا في مكان تفوق، ناظرا بدونية إلى الآخر الذي لا يشبهه، ويجيز لنفسه أن يُعامله كإنسان من الدرجة الثانية.

لا أعرف ما الذي يحدث في هذه المرحلة، لكنني أشعر أن العالم بأسره يتغير، يذهب في اتجاه لا رجعة فيه. ربما يكون هذا الصدام بين الشرق والغرب، بين الغاصب والمغتصب ليس ضروريا وحسب بل وحقيقي أيضا. تسقط أقنعة اللطافة المصطنعة وتظهر خيراتنا وشرورنا وتشتبك. لا أريد الاعتراف بأن الصراع حتمي وباقٍ إلا أن هذا ما يبدو أنه حقيقة العالم التي تتعرى الآن. حتى هوياتنا وكيف نُعرّف ونقدم أنفسنا يتغير. الحديث عن المواطن العالمي، عن الإنساني المنتمي للإنسانية بأسرها فكرة لا مكان لها في العالم الواقعي.

تعريفنا لليمين واليسار صار مختلطا وإشكاليا وصعبا. الكوفية التي ارتبطت باليسار في ألمانيا خلال الستينيات، أصبحت اليوم رمزا لليمين المتطرف، وحتى نحن الذين نعرف عن أنفسنا باعتبارنا منتمين لليسار نفشل في أن نجد قرينا يساريا غربيا يتفق معنا في هذا الموضوع تحديدا رغم الاتفاق بالعموم على القضايا الأساسية من العدالة الاجتماعية، حقوق المهمشين، والإيمان بأحقية الناس في صياغة مستقبلهم، مناهضة الخصخصة، ومعارضة الحرية التامة للسوق في تحديد شكل المجتمع.

فكرة التعايش مهددة اليوم بالانهيار. ثمة قهقرة تُعيد الناس إلى هوايتهم الأولى، وتدفعهم لرفض فكرة تعقيد الهوية وتسطيحها. فالمهاجر الذي يرى نفسه مشتملا على هذا وذاك، يرى اليوم نفسه مجبرا على الوقوف بحدية والاصطفاف في جانب ضد الجانب الآخر، في ظل الاستقطاب وتقلص المناطق الرمادية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشرق والغرب الحدیث عن

إقرأ أيضاً:

يصل عصر اليوم.. هذه آخر أخبار المنخفض الجوي الأول الذي سيضرب لبنان

أشارت صفحة Lebanese Daily Weather  المُتخصصة بالأحوال الجوية إلى ان تأثير المنخفض الجوي الأول الذي سيضرب لبنان يبدأ عصر اليوم الأربعاء، ويبلغ ذروته نهار الخميس، مع اشتداد في غزارة الأمطار ونشاط ملحوظ في سرعة الرياح.

ستتوزع الأمطار بشكل متفاوت على مختلف المناطق، مع احتمال أن تكون الفعالية ضعيفة إلى معدومة في بعض المناطق.

وتسجل درجات الحرارة انخفاضًا إضافيًا، وتلامس الثلوج المرتفعات العالية، حيث يُتوقع تساقطها على قمم مثل القرنة السوداء.

وتبدأ الفعالية الجوية بالانحسار مساء الخميس، ثم تستقر الأجواء يترافق ذلك مع ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة.


مواضيع ذات صلة المنخفض الجوي سيصل الى لبنان... ونصيحة للمواطنين Lebanon 24 المنخفض الجوي سيصل الى لبنان... ونصيحة للمواطنين 08/10/2025 09:36:27 08/10/2025 09:36:27 Lebanon 24 Lebanon 24 منخفض جوي سيضرب لبنان.. إليكم التفاصيل Lebanon 24 منخفض جوي سيضرب لبنان.. إليكم التفاصيل 08/10/2025 09:36:27 08/10/2025 09:36:27 Lebanon 24 Lebanon 24 منخفض جوي سيضرب لبنان.. استعدوا للطقس الماطر والرعد في هذا اليوم Lebanon 24 منخفض جوي سيضرب لبنان.. استعدوا للطقس الماطر والرعد في هذا اليوم 08/10/2025 09:36:27 08/10/2025 09:36:27 Lebanon 24 Lebanon 24 سنشهد أولى ثلوج الموسم.. منخفض جوي قد يضرب لبنان في هذا الموعد Lebanon 24 سنشهد أولى ثلوج الموسم.. منخفض جوي قد يضرب لبنان في هذا الموعد 08/10/2025 09:36:27 08/10/2025 09:36:27 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً جعجع يعقد لقاء مع وفد بلدية عين زحلتا في معراب Lebanon 24 جعجع يعقد لقاء مع وفد بلدية عين زحلتا في معراب 09:31 | 2025-10-08 08/10/2025 09:31:56 Lebanon 24 Lebanon 24 هل ستفرض الدولة ضريبة على الطاقة الشمسية في لبنان؟ Lebanon 24 هل ستفرض الدولة ضريبة على الطاقة الشمسية في لبنان؟ 09:30 | 2025-10-08 08/10/2025 09:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 توضيح من المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة.. هذا ما جاء فيه Lebanon 24 توضيح من المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة.. هذا ما جاء فيه 09:21 | 2025-10-08 08/10/2025 09:21:55 Lebanon 24 Lebanon 24 مجلس غرفة التجارة بطرابلس يودع أنطوان مرعب ويُثبّت الثقة بقيادته Lebanon 24 مجلس غرفة التجارة بطرابلس يودع أنطوان مرعب ويُثبّت الثقة بقيادته 09:21 | 2025-10-08 08/10/2025 09:21:09 Lebanon 24 Lebanon 24 طرابلسي يحذر: تسييب بيانات وزارة التربية يفتح الباب للتلاعب Lebanon 24 طرابلسي يحذر: تسييب بيانات وزارة التربية يفتح الباب للتلاعب 09:17 | 2025-10-08 08/10/2025 09:17:20 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة رفع سقف سحوبات المودعين قريباً Lebanon 24 رفع سقف سحوبات المودعين قريباً 09:45 | 2025-10-07 07/10/2025 09:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير لبنانيّ سابق في ذمة الله (صورة) Lebanon 24 وزير لبنانيّ سابق في ذمة الله (صورة) 16:09 | 2025-10-07 07/10/2025 04:09:58 Lebanon 24 Lebanon 24 المنخفض الجوي سيصل الى لبنان... ونصيحة للمواطنين Lebanon 24 المنخفض الجوي سيصل الى لبنان... ونصيحة للمواطنين 20:20 | 2025-10-07 07/10/2025 08:20:00 Lebanon 24 Lebanon 24 إنذار لأصحاب محلات: للإقفال خلال 48 ساعة Lebanon 24 إنذار لأصحاب محلات: للإقفال خلال 48 ساعة 16:06 | 2025-10-07 07/10/2025 04:06:24 Lebanon 24 Lebanon 24 فاجأت جمهورها... إعلامية لبنانية تخلع حجابها (صورة) Lebanon 24 فاجأت جمهورها... إعلامية لبنانية تخلع حجابها (صورة) 23:15 | 2025-10-07 07/10/2025 11:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 09:31 | 2025-10-08 جعجع يعقد لقاء مع وفد بلدية عين زحلتا في معراب 09:30 | 2025-10-08 هل ستفرض الدولة ضريبة على الطاقة الشمسية في لبنان؟ 09:21 | 2025-10-08 توضيح من المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة.. هذا ما جاء فيه 09:21 | 2025-10-08 مجلس غرفة التجارة بطرابلس يودع أنطوان مرعب ويُثبّت الثقة بقيادته 09:17 | 2025-10-08 طرابلسي يحذر: تسييب بيانات وزارة التربية يفتح الباب للتلاعب 09:17 | 2025-10-08 مرفأ بيروت يسجل رقما قياسيا.. هذا ما أعلنه عيتاني فيديو "الشتاء جايي"... فاستعدّوا للغرق بالنفايات لا بالأمطار! Lebanon 24 "الشتاء جايي"... فاستعدّوا للغرق بالنفايات لا بالأمطار! 20:30 | 2025-10-07 08/10/2025 09:36:27 Lebanon 24 Lebanon 24 "نجم جنتلمان".. إعلامية وابنة ممثلة سورية بطلة "فيديو كليب" راغب علامة (فيديو) Lebanon 24 "نجم جنتلمان".. إعلامية وابنة ممثلة سورية بطلة "فيديو كليب" راغب علامة (فيديو) 08:56 | 2025-10-03 08/10/2025 09:36:27 Lebanon 24 Lebanon 24 توقعات ليلى عبد اللطيف.. اغتيالات وانقطاع للانترنت وهذا ما سيحل بالذهب و"واتساب" (فيديو) Lebanon 24 توقعات ليلى عبد اللطيف.. اغتيالات وانقطاع للانترنت وهذا ما سيحل بالذهب و"واتساب" (فيديو) 22:00 | 2025-09-30 08/10/2025 09:36:27 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • وليد صلاح الدين: عهد المبالغة في ترضية اللاعبين انتهى.. الأهلي حدد ضوابط مالية للعقود
  • يصل عصر اليوم.. هذه آخر أخبار المنخفض الجوي الأول الذي سيضرب لبنان
  • باسم يوسف: إسرائيل باعت روايتها بالأفلام.. والغرب استخدم الفن لتقليلنا
  • رئيس الوزراء: حديقة تلال الفسطاط أصبحت اليوم في مرحلة اللمسات النهائية وستكون بحق أكبر حديقة عامة على مستوى الشرق الأوسط
  • هل أصبحت باكستان ضامن الأمن الجديد في الشرق الأوسط ؟
  • 7 أكتوبر.. اليوم الذي أسقط أسطورة القوة وفضح زمن الخضوع
  • الاتحاد الأوروبي: آفاق السلام في غزة أصبحت اليوم أكثر واقعية
  • عامان على هجوم 7 أكتوبر.. اليوم الذي غيّر وجه المنطقة
  • "طوفان الأقصى" الذي عرّى الاحتلال
  • ما القمر العملاق الذي يُنير سماء العالم العربي غدا؟