ماذا لو انتهت حرب اليمن اليوم؟.. 3 تحديات أمام دولة حوثية في شماله
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
إذا قُدر للحرب أن تنتهي اليوم، فكيف سيبدو اليمن بعد الحرب؟.. هذا السؤال طرحه جريجوري دي جونسون، وهو باحث غير مقيم بـ"معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW) وعضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن.
واعتبر دي جونسون، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن "النتيجة المرجحة ستكون تقسيم اليمن إلى يمن شمالي يحكمه الحوثيون، ويمن جنوبي تحت سيطرة مجلس القيادة الرئاسي (مدعوم من السعودية)".
ومنذ أشهر يشهد اليمن تهدئة من حرب اندلعت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.
"لكن على الرغم من كل النجاح الذي حققه الحوثيون خلال الحرب، فليس من الواضح ما إذا كان بإمكانهم التحول إلى حكومة فعالة"، كما تابع دي جونسون.
وأردف: "عندما تنتهي الحرب أخيرا، سيواجه الحوثيون ثلاثة تحديات مترابطة، سياسية وحكومية واقتصادية، من شأنها أن تحدد بقاء الدولة الزيدية في الشمال من عدمه".
اقرأ أيضاً
رئيس حكومة اليمن: نناقش خريطة طريق للحل قد تستمر عامين
بلا حلفاء محليين
دي جونسون قال إن "المشكلة السياسية هي المشكلة الأوضح التي سيواجهها الحوثيون، وتتمثل في افتقار الجماعة إلى حلفاء محليين".
وأضاف: "احتاج الحوثيون لمساعدة (الرئيس الراحل علي عبد الله) صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام التابع له من أجل الاستيلاء على صنعاء في 2014، واحتاجوا إلى المؤتمر الشعبي العام مرة أخرى في 2016 لتشكيل المجلس السياسي الأعلى".
واستدرك: "لكن منذ وفاة صالح في 2017، ظل المؤتمر الشعبي العام بعيدا عن الأضواء، وكان يتماشى في معظم الأحيان مع كل ما يأمر به الحوثيون، لكن بدأت الانقسامات تظهر على السطح مؤخرا".
و"اشتد الصراع بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين في الأسابيع الأخيرة. ولم يسافر أي من أعضاء المؤتمر مع الحوثيين إلى السعودية في سبتمبر/أيلول (الماضي) لإجراء محادثات مباشرة حول إنهاء الحرب"، وفقا لدي جونسون.
وزاد بأنه "في 27 سبتمبر/أيلول، قام الحوثيون متذرعين "بالتغيير الجذري" بإقالة الحكومة التي يترأسها عبد العزيز بن حبتور أحد أعضاء المؤتمر الشعبي".
وتابع: "واتبع الحوثيون نهجا مماثلا في التعامل مع تحالف قبائل حاشد، أكبر تحالف قبلي في اليمن (...) ومن الواضح أنهم يحاولون تحييد المنافسين المحليين المحتملين مع تعزيز سيطرة الجماعة أحادية الجانب على الشمال، لكن إذا استبعد الحوثيون حزب المؤتمر وتحالف حاشد، فقد ينتهي بهم الأمر دون شعبية ولا دعم".
اقرأ أيضاً
اليمن لا يرتاح.. شمال يقترب من السلام وجنوب يتجه نحو الانفصال
خبرة الحكم
و"التحدي الثاني الذي يواجهه الحوثيون هو كيفية الانتقال من كونهم ميليشيا حرب عصابات تحارب بارتياح في تمرد طويل الأمد إلى حكومة فعالة"، كما أردف دي جونسون.
وتابع: "وضع الحوثيون أنفسهم كرأس الحربة في التصدي لحملة القصف السعودية-الإماراتية المشتركة، وحصلوا على تصريحٍ (شعبي) للحكم".
دي جونسون أضاف أن "الجماهير المحلية كانت على استعداد للتغاضي عن أخطاء الحوثيين وتجاوزاتهم السياسية ما دامت الطائرات السعودية والإماراتية تقصف أهدافا في شمال اليمن، ولكن مع تراجع القصف، تضاءل أيضا صبر الجماهير على تكتيكات الحوثيين".
ورجح أن "تغيير عقليتها من جماعة تحت الحصار وعلى وشك الانقراض سياسيا (...) إلى عقلية تهتم بالتفاصيل اليومية للحكم سيكون أمرا صعبا عليهم".
اقرأ أيضاً
ليس الحوثيون ولا الحكومة.. سلام اليمن يحتاج لإرياني جديد من القوة الثالثة
بلا موارد مالية
والتحدي الثالث، بحسب دي جونسون، و"ربما الأهم الذي يواجهه الحوثيون في إنشاء دولة مستقلة في الشمال، هو التحدي الاقتصادي".
وأردف: "الحوثيون لا يملكون الموارد المالية اللازمة لدعم الحكومة ودفع الرواتب، والاستثمار في البنية التحتية، وإعادة الإعمار التي ستكون ضرورية في سيناريو ما بعد الحرب".
واستطرد: "كما أن الجماعة لا تسيطر على حقول النفط والغاز التي تسمح لها بجني الأموال في الأسواق العالمية".
و"إدراك الحوثيين لهذا الأمر هو ما دفعهم إلى حد كبير لشن هجمات متتالية على (محافظة) مأرب (الغنية بموارد الطاقة) منذ 2020، لكنهم كانوا يخفقون في كل مرة في مواجهة القوة الجوية السعودية"، كما أضاف دي جونسون.
وتابع: "أما الآن وقد اقتربت الحرب من نهايتها كما يبدو، فإن الحوثيين أصبحوا في وضع صعب؛ فالجماعة تسيطر على الأرض، ولكنها لا تملك الموارد المالية اللازمة للحفاظ عليها".
ومضى قائلا: "وبطبيعة الحال، يمكن للحوثيين القيام بمحاولة أخرى (للسيطرة) على مأرب بعد الانسحاب السعودي، ولكن من شبه المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى تجدد الضربات الجوية السعودية".
و"حتى لو تمكن الحوثيون من التغلب على مشاكلهم السياسية، المتمثلة في افتقارهم للحلفاء المحليين وتعلموا كيفية الحكم، فلن يتمكنوا من إقامة دولة ناجحة دون أُسس اقتصادية متينة"، كما ختم دي جونسون.
اقرأ أيضاً
هل تنجح دبلوماسية الصين بين السعودية وإيران في إنهاء حرب اليمن؟
المصدر | جريجوري دي جونسون/ معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: اليمن الحرب الحوثيون دولة الشمال تحديات المؤتمر الشعبی العام اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
في ذكرى الوحدة.. أبرز الصراعات في اليمن خلال 35 عاما
يحتفي اليمنيون، اليوم الخميس، بالذكرى 35 لتحقيق الوحدة في بلادهم، وسط آمال بإنهاء الانقسام والصراعات التي مرت بها البلاد خلال ثلاثة عقود ونصف.
وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها اليمن جراء الحرب بين القوات الحكومية والحوثيين منذ عام 2014، إلا أن البلد شهد فعاليات احتفالية في عديد من المحافظات إحياء لذكرى تحقيق الوحدة الوطنية.
وفي 22 مايو/أيار 1990، تم الإعلان عن تحقيق الوحدة بين دولتي: الجمهورية العربية اليمنية (شمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية (جنوب) ودمجهما في دولة واحدة، وتم الاتفاق على تسميتها الجمهورية اليمنية.
ورغم الآمال الكبيرة التي رسمها اليمنيون وقت الوحدة، إلا أنها اصطدمت بسلسلة صراعات مستمرة حتى اليوم، أدت إلى خلق تعقيدات كبيرة اعترضت طريق الجمهورية الجديدة.
ومنذ تحقيق الوحدة اليمنية، لم يمر أي عقد دون وقوع حروب في هذا البلد العربي الفقير، الذي تبلغ مساحته 555 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانه حاليا نحو 34 مليون نسمة.
وتزامنا مع الذكرى الـ35 لتحقيق الوحدة نرصد أبرز الصراعات التي مر بها اليمن خلال ثلاثة عقود ونصف.
*حرب صيف 1994
بعد تحقيق الوحدة شهد اليمن خلافات سياسية كبيرة بين الرئيس علي عبدالله صالح، الذي يقود حزب "المؤتمر الشعبي العام" (رئيس الشطر الشمالي سابقا) ونائبه علي سالم البيض، الذي كان رئيسا للشطر الجنوبي قبل الوحدة، وأحد القادة البارزين في الحزب الاشتراكي اليمني.
واستمرت هذه الخلافات بين شريكي الوحدة، إلى أن اندلعت في أبريل/نيسان 1994 حرب أهلية كبيرة بين الشمال والجنوب، استمرت حتى يوليو/تموز من العام نفسه، وخلفت آلاف القتلى، فضلا عن خسائر مادية واقتصادية كبيرة، وفقد اليمن فيها مليارات الدولارات ما أدى إلى تضرر واسع لاقتصاد الدولة الجديدة.
وجاءت هذه الحرب بعد أن اعتكف علي سالم البيض في مدينة عدن (جنوب) مع بعض المسؤولين في الحزب الاشتراكي، إلى أن أعلن قيام جمهورية اليمن الديمقراطية، بينما وصفه صالح بـ"الانفصالي" ولوح بالتمسك بالوحدة ولو بالقوة.
وجاء اعكتاف البيض، في عدن، بعد أن وجه اتهامات لصالح وحزبه بتهميش الجنوبيين والاستئثار بالقوة والثروة وتنفيذ اغتيالات استهدفت عددا من قادة الحزب الاشتراكي، وسط نفي من الأخير.
وانتهت هذه الحرب بسيطرة قوات الشمال على الجنوب، بينما غادر علي سالم البيض، وعدد من مساعديه، إلى خارج البلاد.
** 6 حروب في صعدة
اندلعت هذه الحروب الست بين الجيش اليمني ومسلحي جماعة الحوثي في محافظة صعدة (شمال) بين 2004 و2010.
وانتهت الحرب الأولى بمقتل مؤسس جماعة الحوثي حسين بدر الدين الحوثي، على يد قوات الجيش اليمني في سبتمبر/أيلول 2004.
وبعدها شهدت صعدة (معقل الحوثيين) 5 حروب بين الجانبين، وامتدت إلى محافظة عمران (شمال) حتى انتهت الحرب السادسة في فبراير/شباط 2010 بإعلان من الرئيس علي عبدالله صالح، عن اتفاق بين الطرفين ينهي الصراع.
وحول أسباب الحرب، كان نظام صالح يتهم الحوثيين بإنشاء تنظيم مسلح ومحاولة الانقلاب على الجمهورية، بينما تتهم الجماعة النظام بقمعها وممارسة التمييز ضدها.
وحسب إعلام يمني، أدت هذه الحروب الست إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى من الطرفين، فضلا عن خسائر مادية كبيرة.
** حرب مستمرة منذ 2014
في يوليو 2014 اشتعلت الحرب اليمنية بين القوات الحكومية والحوثيين الذين سيطروا حينها بقوة السلاح على محافظة عمران التي تبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي 50 كيلومترا.
وبعد سيطرتهم على عمران اجتاح الحوثيون صنعاء في سبتمبر 2014 وسيطروا عليها بقوة السلاح بدعم من قوات الرئيس السابق حينها علي عبدالله صالح، الذي تم إزاحته من السلطة بعد ثورة شعبية عام 2011 وتم بعدها انتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا توافقيا للبلاد في فبراير 2012.
وفي فبراير 2015، نجح هادي، في مغادرة صنعاء إلى عدن، بعد أن فرض عليه الحوثيون إقامة جبرية، وانتقل بعدها إلى سلطنة عمان وصولا إلى السعودية.
وفي مارس/آذار 2015، تم الإعلان عن تحالف عسكري ضد الحوثيين بقيادة السعودية، لدعم الحكومة الشرعية في استعادة اليمن من الجماعة.
وبعدها اشتعل الصراع بشكل غير مسبوق، ونفذ التحالف العربي آلاف الغارات الجوية، مع استمرار المواجهات العنيفة بين القوات الحكومية والحوثيين حتى أبريل 2022 حينما تم الإعلان عن هدنة بين الجانبين برعاية الأمم المتحدة.
ورغم المواجهات النسبية بين الجانبين بين فترة وأخرى، إلا أن الهدنة ما زالت صامدة حتى اليوم، وسط آمال بتحقيق السلام في البلد الذي يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الحرب في اليمن منذ اشتعالها تسببت في مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر.