مؤلف الاغتراب في الثقافة العربية.. رحيل عالم الاجتماع السوري حليم بركات
تاريخ النشر: 30th, June 2023 GMT
توفي اليوم الخميس في الولايات المتحدة الروائي وعالم الاجتماع السوري حليم بركات عن عمر ناهز 90 عاما، وعمل بركات أستاذا جامعيا في جامعات أميركية ونشر العديد من الكتب والمقالات عن المجتمع والثقافة العربية الحديثة، ومن أعماله "الاغتراب في الثقافة العربية.. متاهات الإنسان بين الحلم والواقع" (2006)، و"المجتمع المدني في القرن العشرين" (2000)، و"الهوية وأزمة الحداثة والوعي التقليدي" (2004)، إضافة إلى روايات وكتابات قصصية.
ولد حليم بركات في الكفرون في سوريا، ونشأ ودرس في بيروت وتخرج في الجامعة الأميركية في لبنان، وهو روائي وعالم اجتماع وأستاذ جامعي قام بالتدريس في الجامعة الأميركية في بيروت وبجامعة جورج تاون في الولايات المتحدة التي قضى فيها أكثر من ربع قرن، وله ما لا يقل عن 17 كتابا بين رواية ودراسات اجتماعية وسياسية.
الغربة والاغترابتناولت أعمال بركات ظاهرة الاغتراب بشكل مكثف، ولا سيما في المجتمع العربي حيث "يعيش الشعب كابوسا لا حلما.. إنه محاصر، ودائرة الحصار تضيق باستمرار، فيضطر بفعل اليأس إلى الانشغال بتدبير شؤونه الخاصة وتحسين أوضاعه المعيشية المادية على حساب كرامته وإنسانيته وطاقاته الإبداعية".
وفي كتابه "غربة الكاتب العربي" ناقش بركات "غربات عديدة داخل الوطن وخارجه" عاشها إنسانا ومثقفا محللا العلاقة بين المعرفة والسلطة وبين المثقف والحاكم، ومميزا بين علاقات اللامبالاة والاضطهاد والوصاية والمشاركة.
وجمعت بركات -كما تروي فصول الكتاب- صداقة حميمة بمثقفين وكتّاب في المنفى، وتناول تأثيرات الغربة في شعر أدونيس وفي فكر هشام شرابي وإدوارد سعيد، وفي روايات جبرا إبراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف والطيب صالح، وفي مسرح سعد ونوس وفي لوحات مروان قصاب باشي.
وكتب بركات ما يشبه سيرة ذاتية قصصية مكونة من أحداث وأفكار شكلت تاريخ مرحلة لا في لبنان فحسب بل في المنطقة العربية، لكن مثقفين سوريين انتقدوا غياب بركات -كحال كتاب سوريين آخرين مثل جورج طرابيشي- عن تحولات بلاده في السنوات الأخيرة، فصاحب "غربة الكاتب العربي" ومنظّر التغيير والعدالة لم يقدم رؤيته وبدا نائيا عن الحراك الشعبي في بلاده.
وفي نصوصه يسرد حليم ويتذكر الشخصي والعام ويحلل ويحاكم النفس والآخرين ويتنقل بين الماضي والحاضر والمستقبل بنص هو نسيج من الروائي رغم واقعية معظمه.
في مجموعته "رياح وظلال" قدم الروائي وعالم الاجتماع الراحل 3 أو 4 قصص تنتمي في الزمن إلى ما بين 1960 و2009، وهي أعمال تظهر تمسك الكاتب الدائم بالتزام القضايا الإنسانية والقومية على حساب المتعة والسعادة الفرديتين.
بيروتومن منظور عالم الاجتماع يبدو أدب بركات شبيها بالدراسات الاجتماعية والتحليل الفكري والسياسي، لكنه دائما يروي بشعرية واضحة عما بدا في مجمله فردوسا مفقودا رغم كثير من الآلام الماضية كما في روايته "المدينة الملونة" عن مدينته الأثيرة بيروت.
في بعض كلمات حليم اختصار لكثير من معاناة بيروت ومعاناته من أجلها، ويقول مختصرا مراحل مختلفة من أحداث المدينة أثناء دمارها وبعد إعمارها "عرفت جيدا أن بيروت ليست المدينة التي تنام باكرا مع العصافير، وأن ليلها أجمل ما تعد به سكانها وعشاقها في مختلف الفصول".
ويضيف "غير أني نسيت وأنا أتجول في وسط دمار ساحة البرج ما حفظت من تبجيل لبيروت حين استرجعنا تفاصيل حياتنا فيها، وحين واجهت الدمار العبثي إثر الحرب الأهلية الثانية انهارت داخل نفسي الأساطير التي حيكت حول لبنان فاقتنعت بأنه كلام كان يقوم على أسس واهية لم تصمد عندما عصفت به وببيروت رياح الأزمات العاتية.. وها قد مضى ربع قرن وما زالت آثار الحرب المجنونة تلك تتفاعل فتعيش مع ناس وأزمة وذاكرة هذا الوطن وهذه المدينة المنذورة لتعيد بعثها بعد كل حرب وبعد كل موت".
وفي حديثه سابقا عن روايته قال "إن المخيلة شاءت أن تكون الرواية تاريخ حياتنا اليومية وأسطورة تربطنا بما غاب وبما سيحضر، تبدأ تلقائيا من الداخل إلى الخارج ومن الخارج إلى الداخل، وكان أن أردتها رحلة سندبادية لاستكشاف بيروت والذات وأسرار العلاقة بينهما، أنا لست هي ومن الأكيد أنها ليست أنا".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وزيرة الثقافة تتابع تنفيذ مشاريع التحول الرقمي وتصدر تعليمات صارمة لتسريع وتيرة العمل
ترأست وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، مساء اليوم، اجتماع عمل مع إطارات مديرية الدراسات الاستشرافية، التوثيق والإعلام الآلي، خصص لتقييم مدى تقدم المشاريع الرقمية التي يشرف عليها القطاع.
ويأتي هذا في إطار متابعة مسار التحول الرقمي بقطاع الثقافة والفنون.
وحسب بيان للوزارة، فقد استمعت الوزيرة إلى عرضٍ شامل قدّمه الإطارات حول مختلف البرامج والمشاريع ذات الصلة بالرقمنة. حيث دعت إلى مزيد من الدقة في المعطيات. وطالبت بتقارير مفصّلة حول بعض الملفات التي تستوجب توضيحات إضافية. مشدّدة على ضرورة تحسين آليات المتابعة والتنسيق لضمان نجاعة التنفيذ والالتزام بالآجال المحددة.
وفي سياق متصل، تطرّق الاجتماع إلى وضعية المنصات الرقمية التابعة للقطاع، لا سيما منصة بطاقة الفنان. حيث أسدت الوزيرة تعليمات صارمة بخصوص المعالجة الفورية للخلل التقني المسجّل. وضمان تسليم البطاقات في آجالها القانونية دون أي تأخير. مؤكدة أن الوزارة لن تتسامح مع أي تراخٍ يمس بحقوق الفنانين أو جودة الخدمات المقدمة لهم.
كما أسدت تعليمات إضافية بخصوص تحسين جودة الخدمات الرقمية المرتبطة بتطبيقات الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. بما يضمن انسيابية استعمالها من قبل المستخدمين وتعزيز الحماية الرقمية للحقوق الفكرية والفنية.
وتناول الاجتماع أيضًا المراحل الأخيرة من مشروع تشبيك المكتبات الرئيسية عبر الوطن. حيث شددت الوزيرة على ضرورة استكمال العملية في أقرب الآجال الممكنة، وبمعايير تقنية تضمن انسيابية تبادل المعطيات وإتاحة الموارد الوثائقية رقميًا لفائدة الباحثين والقراء. باعتبارها خطوة أساسية نحو ترسيخ ثقافة الوصول المفتوح إلى المعرفة.
واختتم الاجتماع بتأكيد الوزيرة على مواصلة عصرنة المنظومة المعلوماتية للوزارة. وتعزيز التحول الرقمي في تسيير المرفق الثقافي. انسجامًا مع توجهات الدولة الرامية إلى تحديث الإدارة العمومية وترقية الأداء المؤسساتي بما يخدم الفاعلية والشفافية وجودة الخدمة العمومية الثقافية