جريدة الوطن:
2025-12-03@07:14:13 GMT

رحاب: العدوان على غزة: محنة الأطفال

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

يستيقظ أطفال غزَّة كلَّ يوم على رائحة الموت والدمار، يشاهدون منازلهم تتحول إلى تراب، تختلط أعضاء الضحايا بمخلفات الأبنية، وتمتزج الدماء ببقايا لعب الأطفال، وتبقى الأطلال دليلًا على وحشية العدوان المستكبر، وتستمر الغارات الإسرائيلية تصبُّ الموت صبًّا جوًّا وبرًّا وبحرًا، لا يكاد الأحياء يسعفون الجرحى ولا يقدرون على دفن الشهداء.

يتفقد الأحياء منهم أصدقاءهم الذين صعدت أرواحهم إلى السماء، بينما يبحث بعضهم عن والديهم وأعضاء أُسرهم الذين غادروا. إنَّها الحرب التي لا تبقي ولا تذر، الجميع يعيشون حالة من الهول والذهول، وليس لدَيْهم الوقت ولا الفرصة للتفكير في مآلات الحرب القذرة التي تعيشها غزَّة من أكثر من شهر، لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه بقوَّة، هو: كيف سيكون مصير هؤلاء الأطفال؟ وكيف سيتمُّ تضميد جراحهم الجسيمة وعلاج صدماتهم النفسية؟ بل أي مستقبل ينتظرهم؟ تحرص «إسرائيل» على الإبادة الجماعية لجميع أطفال غزَّة ونسائها وتتعقب الكبار والصغار، لا تريد مطلقًا أن ترى إنسانًا في غزَّة، إنَّها حالة الهلع الأمني والنفسي الذي ابتلى به الله بني «إسرائيل» عبر تاريخهم الذي يحول قادتهم وجيوشهم إلى وحوش ترتدي زي البشر.
يتحدثون بلغة إعلام ناعمة، ويستخدمون أشرس آلات القتل والدمار، بينما يتفرج العالم وينسلخ من إنسانيته ويتفرج على ما يجري كما لو كان يتفرج على فيلم من أفلام العنف التي تثير في أعماقهم مشاعر الافتراس والقتل. يتوقف الأطفال عن الحياة وقد قصفت مدارسهم وتحوَّل بعضها إلى ملاجئ. إنَّني أتساءل كتربوي مع استمرار موت طفل فلسطيني كلَّ خمس دقائق ماذا ينتظر هؤلاء الأطفال إذا توقفت الحرب؟ وماذا بقيَ لهم من طفولتهم؟ وما هي مسؤولية العالم تجاه هؤلاء الضحايا؟ هل سيوفِّر لهم الرعاية والدعم النفسي للتعافي من آثار هذه الحرب المُدمِّرة؟ يا ترى كيف سيكون إيمان هؤلاء الصغار بالقِيَم والأخلاق والمُثل العُليا بعد الذي شاهدوه منذ يوم 7 أكتوبر 2023؟ ذكر تقرير لمنظَّمة اليونيسف بأنَّ 625 ألف طالب سيفتقدون فرصة التعليم وأنَّ الحرب قد منعت 22564 معلِّمًا من القيام بواجبهم، وذلك بعد أن أصاب الدمار 206 مدرسة في غزَّة، وهي تُشكِّل 39% من إجمالي المدارس في غزة ويتلقى التعليم فيها 215580 طالبًا ويعمل فيها 8499 معلِّمًا، وإزاء هذا الدمار الذي أصاب الأطفال وأُسَرهم ومدارسهم، فمن شأنه أن يلحقَ أضرارًا نفسية جسيمة بهؤلاء الأطفال. إنَّ العالَم الذي يسكت على ظلم «إسرائيل» ويتفرج على ما يحدث لهؤلاء الأطفال، سيدفع ثمن صَمْته المخزي وسكوته اللاإنساني على ما يحدُث في غزَّة.
يا ترى كيف سيتعامل العالم مع هؤلاء الأطفال؟ وهل سيفعل معهم مثل أطفال البوسنة الذين تم تهجيرهم أيام الحرب على البوسنة وسلخهم من ثقافتهم وهُوِيتهم؟ هل سيقوم أصحاب الضمائر الحيَّة بإنقاذ ما تبقى من أطفال ونساء وتقديم العون النفسي والإسعافي لهم حتى يستطيع هؤلاء الأطفال استئناف حياتهم من جديد؟
د ـ أحمد بن علي المعشني ✱
✱ رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: هؤلاء الأطفال م الذی

إقرأ أيضاً:

بالصور.. تفاصيل يومية ترسم واقع حياة أطفال غزة

يتواصل نزوح العائلات داخل قطاع غزة تحت وطأة الحصار وتدمير الأحياء السكنية، ويبقى الأطفال في قلب هذه المعاناة اليومية، يحاولون التأقلم مع واقع فرضته الحرب، واقع تسوده الحاجة والقلق وانعدام أبسط مقومات الحياة.

صبي يدفع دلوا بينما يحاول الأطفال الحصول على المياه في مخيم النصيرات للفلسطينيين النازحين (الفرنسية)فتاة تحمل طفلا وتسير بين خيام مؤقتة في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (الفرنسية)

ومع ساعات الفجر الأولى، تتجه مجموعات من الأطفال نحو نقاط التزوّد بالمياه في المخيمات، حاملين أوعية بلاستيكية وأدوات بدائية، ويقفون في طوابير طويلة، يدفع بعضهم الدلاء الثقيلة أمامهم، بينما يحاول آخرون العثور على أي كمية قبل نفادها.

امرأة تملأ حاويات المياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (الفرنسية)

وتحوّل جلب الماء إلى مهمة يومية تتقدم على اللعب أو الدراسة، ويفرض عليهم الانتظار لساعات وسط الازدحام وغياب النظام، في ظل تراجع حاد في إمدادات المياه النظيفة بفعل دمار الشبكات وانقطاع الكهرباء.

أطفال يتبادلون الحديث بينما يملؤون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (الفرنسية)

وفي الأحياء الجنوبية من غزة، خصوصا المناطق التي تعرضت لقصف كثيف، يسير الأطفال بين مبان تحوّلت إلى أطلال.

بعضهم يبحث عن مقتنيات بسيطة تعود لبيته القديم، وآخرون يرافقون ذويهم عبر طرق محفوفة بالركام والمخاطر.

نازحون فلسطينيون يسيرون قرب مبان مدمرة في حي تل الهوا جنوبي مدينة غزة (الفرنسية)

وتلازم مشاهد الدمار الواسع الأطفال يوميا، وتنعكس على سلوكهم وحالتهم النفسية، في حين تحذر منظمات دولية من تأثير طويل الأمد على جيل نشأ وسط صدمات متلاحقة.

أطفال فلسطينيون نازحون يسيرون بين ملاجئ مؤقتة في حي تل الهوا جنوبي مدينة غزة (الفرنسية)

وداخل المخيمات العشوائية وسط القطاع، يعيش آلاف الأطفال في خيام متقاربة تفتقر إلى الخصوصية والتهوية والمرافق الأساسية.

أطفال يقفون بين ملاجئ مؤقتة في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (الفرنسية)

ويلجأ الأطفال إلى مساحات ضيقة بين الخيام للعب أو التجمع، بينما تبحث العائلات عن وسائل بدائية لتأمين الغذاء والمياه.

أطفال يلعبون في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (الفرنسية)

وتنشأ داخل هذه المخيمات مظاهر جديدة لحياة مرهقة، أطفال يساعدون أسرهم في جمع الحطب، أو مرافقة الأهل في طوابير المساعدات، في ظل غياب المدارس والمراكز المجتمعية.

أشخاص يبحثون في كومة نفايات في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (الفرنسية)

ومع تدهور الوضع الاقتصادي وانقطاع مصادر الدخل، يتجه بعض الأطفال إلى بيع الخبز أو المعلبات أمام المخيمات، محاولين مساعدة عائلاتهم على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.

طفلة فلسطينية نازحة ترتب بسطتها لبيع الطعام في حي تل الهوا جنوبي مدينة غزة (الفرنسية)

ورغم صغر سنهم، يواجه هؤلاء الأطفال مسؤوليات تفوق أعمارهم، في ظل غياب أي بديل أو حماية اجتماعية.

طفلة فلسطينية نازحة تقف إلى جانب خيمتها في حي تل الهوا جنوبي مدينة غزة (الفرنسية)

ومع كل يوم يمضي، يواصل أطفال قطاع غزة التعايش مع واقع لم يختاروه، واقع حرمهم من طفولتهم لكنه لم يستطع انتزاع تمسكهم بالحياة، رغم كل ما يحيط بهم من خوف ونقص ودمار.

إعلان

مقالات مشابهة

  • علاج مبتكر في غزة.. واقع افتراضي يعيد الطمأنينة لأطفال أنهكتهم الحرب
  • أول تحرك من مدرسة الإسكندرية الدولية حول واقعة تعدي عامل على أطفال
  • ما الذي كان يقلق الشرع وإدارة العمليات العسكرية قبل بدء عملية ردع العدوان؟
  • 7 آلاف جريمة ارتكبها أطفال خلال عام.. والعقوبات توبيخ أو إيداع دور الرعاية
  • "يونيسيف": "إسرائيل" قضت على 7 عقود من التنمية في غزة
  • "يونيسيف": "إسرائيل" قضت عل 7 عقود من التنمية في غزة
  • اعتداءات جنسية تهز مصر: حبس موظفين في مدرسة أطفال خاصة
  • بعد هتك عرض أطفال.. مدرسة سيدز من النيابة العامة لـ العسكرية| إيه الحكاية؟
  • كلب يعقر 3 أطفال فى قرية ميت ربيعة بالشرقية
  • بالصور.. تفاصيل يومية ترسم واقع حياة أطفال غزة