تقدير أمريكي: ما لم تظهر الدولة الفلسطينية.. غزة تتجه لحرب دائمة
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
ما لم تستخدم الولايات المتحدة نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي لضبط سلوك إسرائيل خلال الحرب الراهنة، وتحديد مستقبل غزة والدفع نحو إقامة دولة فلسطينية، فإن القطاع في طريقه إلى حرب دائمة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ذلك ما خلص إليه بول بيلار، في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء حرب متواصلة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
بيلار أضاف أنه "لم يتم التفكير كثيرا في كيفية إدارة غزة بعد التدمير العسكري الإسرائيلي للقطاع، وما تم اقتراحه لا يبشر بالخير للتوصل إلى حل طويل الأمد".
وتابع أن "هذا الغياب ملفت للنظر في ضوء حجم الهجوم العسكري الإسرائيلي والمذبحة التي أحدثها".
ولليوم الـ39، يواصل جيش الاحتلال الثلاثاء شن حرب مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفا و240 قتيلا فلسطينيا، بينهم 4 آلاف و630 طفلا و3 آلاف و130 امرأة، فضلا عن 29 ألف مصاب، 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية مساء الإاثنين.
بيلار قال إنه "يبدو أن إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن أنفقت كل وقتها واهتمامها الكبير تقريبا على هذه الأزمة في محاولة إظهار الدعم لإسرائيل أولا، ثم في معالجة الهجوم الإسرائيلي المميت على غزة، قائلة إنها تحاول كبح التجاوزات الإسرائيلية".
اقرأ أيضاً
حرب عزة.. 30 منظمة تحث البنتاغون عن وقف تزويد إسرائيل بإمدادات مدفعية
السلطة الفلسطينية
ردا على أسئلة بشأن مستقبل قطاع غزة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مؤخرا إنه يجب توحيد غزة مع الضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية.
وهذه "السلطة تؤدي، في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وظائف محدودة في أجزاء من الضفة الغربية"، كما أضاف بيلار.
واعتبر أن "هذه الرؤية غير قابلة للتنفيذ لأسباب، أهمها أن السلطة الفلسطينية، باعتبارها البقايا البالية لما كان من المفترض أن يكون ترتيبا انتقاليا مدته خمس سنوات بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993، لا تحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين".
واستطرد: "خسرت (حركة) فتح، التي تسيطر على السلطة الفلسطينية، أمام حماس في الانتخابات الأخيرة في عام 2006، ومنذ ذلك الحين فقدت مصداقيتها باعتبارها مجرد أداة أمنية مساعدة للاحتلال الإسرائيلي".
ورأى أنه "من المشكوك فيه ما إذا كانت السلطة ورئيسها محمود عباس قد يرغبان في تحمل مثل هذه المسؤوليات".
وزاد بأن "الفوضى والدمار الذي أعقب الهجوم الإسرائيلي على غزة من شأنه أن يشكل تحديا هائلا لأي هيئة حاكمة، وإن رؤيتهم يدخلون غزة، مجازيا، على ظهر دبابة إسرائيلية من شأنه أن يزيد من تشويه سمعة السلطة في عيون الفلسطينيين".
اقرأ أيضاً
عباس: مستعدون لتسلم السلطة في غزة ضمن حل سياسي شامل
احتلال أجنبي
ولم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه حتى الآن أكثر تحديدا بشأن ترتيبات ما بعد الحرب من بلينكن، إذ قال فقط إن إسرائيل ربما تحتفظ بـ"المسؤولية الأمنية" عن غزة لفترة غير محددة، بحسب بيلار.
وشدد بيلار على أن "حماس تمثل الإدارة المدنية بحكم الأمر الواقع لإقليم يسكنه نحو مليوني نسمة.. وإذا كان من الممكن حقا تدمير حماس، وهو أمر مستحيل كحركة وطموح قومي، فذلك من شأنه أن يترك تساؤلات ضخمة حول الإدارة اليومية في غزة لمسائل تتراوح بين الرعاية الصحية وتوليد الطاقة الكهربائية".
وقال إن "المناقشات بدأت داخل الحكومة الأمريكية وأماكن أخرى حول إمكانية الاستعانة بقوات حفظ سلام دولي أو وجود آخر في غزة، ولكن أي ترتيبات من هذا القبيل ستكون على المدى القصير وستتضمن خدمات محدودة، وحتى التواجد الدولي للأغراض الخاصة قد يكون من الصعب ترتيبه".
وأضاف أن "الدول العربية ستتردد في تحمل المسؤوليات في غزة للأسباب ذاتها الخاصة بالسلطة الفلسطينية، كما أن أي وجود أمريكي أو غربي، خاصة في ظل السياسات الغربية الداعمة للحرب الإسرائيلية، سيُنظر إليه على أنه احتلال أجنبي".
اقرأ أيضاً
تقارير: أمريكا تناقش دخول قوات حفظ سلام وتمويل سعودي لإدارة غزة ما بعد حماس
تقرير المصير
شدد بيلار على أنه "مهما حاولت إسرائيل جاهدة تدمير حماس، فإن الإسرائيليين لن يكونوا في مأمن من غزة إلى أن تسمح إسرائيل بتقرير المصير للشعب الفلسطيني".
وتابع: "إذا تم تدمير حماس في شكلها الحالي بطريقة أو بأخرى، فإن المظاهر العنيفة لهذا الغضب في المستقبل ستأتي من شكل آخر من أشكال حماس أو من مجموعات أو أفراد آخرين".
وأضاف أن "البديل سيكون بمثابة القياس الحقيقي لما يحدث منذ سنوات (من مجازر) في فلسطين، بما في ذلك غزة، والذي سيستمر في الظهور في غياب أي خطط".
"وتساعد الولايات المتحدة في الحفاظ على خيار الحرب الدائمة في غزة ما لم تستخدم نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي لإضافة المزيد من القوة ليس فقط إلى دعواتها إسرائيل لضبط النفس في الجولة الحالية من الحرب، ولكن في الحل السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، كما ختم بيلار.
اقرأ أيضاً
بوتين: ما يحدث في غزة مأساوي.. وإقامة الدولة الفلسطينية الحل الوحيد لسلام شامل
المصدر | بول بيلار/ ريسبونسبل ستيتكرافت -ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: دولة فلسطينية غزة حرب أمريكا إسرائيل حماس السلطة الفلسطینیة اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
تهويد وقرابين توراتية وغياب للمرجعيات الفلسطينية
الثورة
حذّر الخبير في شؤون المسجد الأقصى علي إبراهيم، من أن المسجد يمرّ بإحدى أخطر مراحله منذ احتلال القدس عام 1967م، مشيرًا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة لم تعد تقتصر على الاقتحامات اليومية، بل باتت تسعى إلى فرض وقائع دينية ومكانية جديدة داخل المسجد، ترمي إلى ترسيخ وجود يهودي دائم فيه.
وقال إبراهيم إن الاحتلال يعمل على تثبيت الحضور اليهودي داخل “الأقصى” عبر منح المستوطنين موطئ قدم دائم، وتحويل ساحاته إلى مسرح للطقوس التوراتية، معتبرًا ذلك تحولًا نوعيًا في استهداف هوية المسجد ومكانته الإسلامية.
وأوضح أن الأمر لم يعد يقتصر على تنظيم الاقتحامات، بل يشمل محاولات إدخال قرابين حيوانية إلى المسجد، في إطار ما تُعرف بـ”استراتيجية التأسيس المعنوي للمعبد”، وهي خطة أطلقتها جماعات “منظمات المعبد” بهدف نقل طقوس “المعبد” المزعوم إلى داخل “الأقصى”.
وأشار إلى أن خطورة إدخال القرابين تكمن في رمزيتها الدينية، لافتًا إلى أنها تمثل “ذروة العبادة” في الفكر التوراتي، وأن نجاح المستوطنين في فرض هذا الطقس سيعني – عمليًا – تحويل المسجد الأقصى إلى مساحة يُمارَس فيها الدين اليهودي بشكل علني ورسمي.
ونوّه إبراهيم إلى أن المحاولة الأخيرة، التي جرت في 2 يونيو 2025م لإدخال قطع لحم إلى الأقصى خارج سياق عيد “الفصح العبري”، تعبّر عن تصعيد جديد، يهدف إلى فكّ ارتباط هذه الطقوس بالمناسبات الدينية الموسمية، وتحويلها إلى شعائر دائمة ومستمرة.
وأضاف أن هذه السياسات تأتي امتدادًا لتوجهات تيار “الصهيونية الدينية”، الذي يرى في بناء “المعبد” واستعادة شعائره طريقًا لتحقيق “الخلاص الإلهي”، ويربط الأساطير التوراتية بمشاريع سياسية واقعية تسعى إلى إنهاء الوجود الإسلامي في المسجد الأقصى.
ولفت إلى أن المستويين الأمني والسياسي في دولة الاحتلال منخرطان في دعم هذا التوجّه، من خلال تمديد أوقات اقتحام المستوطنين للمسجد، وتمويل الجولات الإرشادية داخله، وتعيين قيادات أمنية معروفة بتسهيل الاعتداءات على “الأقصى”.
وشدد إبراهيم على أن هذه الإجراءات تعكس “رغبة صريحة لدى سلطات الاحتلال بفرض السيادة الفعلية على المسجد الأقصى”، محذرًا من أن استمرار الصمت العربي والإسلامي سيؤدي إلى تحوّلات لا يمكن التراجع عنها.
وفي ما يتعلّق بالموقف الفلسطيني، أشار الخبير إلى أن المرجعيات الدينية داخل القدس تعاني من غياب التنسيق الفعّال، مبينًا أن المرجعيات غير الرسمية، مثل الشيخ عكرمة صبري، تؤدي دورًا بارزًا في التحذير ورفع الصوت، في حين يقتصر دور دائرة الأوقاف الإسلامية – كما قال – على إصدار بيانات بالأعداد اليومية للمقتحمين، دون ردود فعل ميدانية حقيقية.
ودعا إبراهيم إلى ضرورة استعادة روح الهبّات الشعبية التي شهدها المسجد في السنوات الماضية، وعلى رأسها هبّتا باب الأسباط وباب الرحمة، مشيرًا إلى أن التحام المرجعيات الدينية مع الجماهير هو السبيل الوحيد لوقف هذه السياسات و”منع الاحتلال من الاستفراد بالأقصى”.
وختم حديثه بالتأكيد على أن ما يجري في المسجد الأقصى “ليس حادثًا عابرًا، بل مشروع ممنهج يستهدف هوية المكان وروحه”، مشددًا على أن الوقت لم يعد يسمح بالمجاملات أو الاكتفاء بالبيانات، بل يتطلب تحرّكًا جادًا على كل المستويات، دفاعًا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
قدس برس