عبد المجيد موميروس لقد إعتمد المشرع المغربي مقاربة مُختلطة، عند تأطيره لمبدأ : حياد القاضي. ذلك؛ من خلال مجموعة من الضوابط المسطرية و الموضوعية. إذ؛ كثير منها يفرض على القاضي، أن يتخذ الموقف السلبي من المتقاضين على حد السواء، في كل ما يتعلق بإثبات الدعوى. حيث؛ لا يجوز للقاضي أن يبني قناعَته، عدا على عناصر الإثبات التي يدلي بها المتقاضون.

كما غير مسموح له؛ بالمبادرة تلقائيا إلى البحث عن إدانة أحد الأطراف، منْ خارج ما قُدِّمَ لهُ من قبَل المتخاصمين. ذلك؛ قصد النظر في الدعوى، وفق ما تستلزمه وظيفة القضاء منه. ولذا؛ يكون البت في الدعوى، التي تعود ملكيتها للمتخاصمين. عبر الاعتماد على الإثباتات التي يستند الطرفان إليها، في طلباتهم و دفوعهم و مذكراتهم الجوابية، و مناقشاتهم. غير أنّ لهذه القاعدة استثناءات مؤطرة بالنص، يجوز فيها للقاضي التدخل من تلقاء نفسه في صياغة الدليل. أو؛ إثارة بعض المسائل القانونية، و توجيه الإنذار لتصحيح المسطرة. و من بين هذه الإستثناءات، أخص بالذكر: القضايا المتعلقة بالنظام العام. كما؛ لا حياد للقاضي، عدا إن كان مُسْتقِلا على المستوى المهني، و مُتَحرِّرا على المستوى النفسي. تماما؛ مُتحَرّرا من كل ما من شأنه، أن يغوي القاضي عند تطبيق القانون. و كذا؛ عند الفصل في الدعاوى المرفوعة، التي تتطلب محاكمات عادلة شفافة. وَ لَجَدِيرٌ بالذكر؛ أن تَحَرُّر القاضي من الشرنقة الحزبية، يجسد المأمن الآمن من تسييس الملفات القضائية، و الدرع الحامي من تحيز القاضي لِهوَاهُ المُؤَدْلَج. ذلك؛ لأن الوظيفة القضائية، تفرض التزام القضاة بالحياد، عن جميع أشكال الحمية الحزبية و السياسية. مثلما؛ أن العقل القضائي، إذ يعمل مُنْضبطًا ضمن ترسانة القوانين، التي شَرَّعَتْها الإرادة العامة. لَبِغَرَضِ الفصلِ القويم بين المتقاضين، و بغية تكريس الإنصاف السليم داخل المجتمع المغربي. عبر حماية الحقوق و الحريات، و من خلال رفع الجور الذي قد يلحق بأحد خصوم الدعوى، حتى من بعض القضاة أنفسهم. جميع ذلك؛ بهدف صيانة ميزان القضاء الشامخ، و حفاظا على ثقة المتقاضين في المؤسسة القضائية، و تنزيها لمنطوق الأحكام عن مؤثرات الغواية الحزبية. هاته الغواية السياسية الممنوعة، التي تتعارض مع مبدأ الحياد، المحمول على رقبة كل قاض أمين. من حيث أن تحرُّر القضاة، يختزل جميع العناصر الأخلاقية، المفروضة في حماة الحقوق و الحريات. فالقاضي الحقيقي؛ لا يَتَّبِعُ هوى الإنحياز لأيّ من أطراف الخصومة، بل يعتمد مقاربة الإنصاف السليم. و لَدُون الإنزياح نحو مُمْلَيَات التبعية الايديولوجية، أو الولاء الحزبي، أو ما شابهَهُما. لأن غاية المشرع من تقنين مبدأ الحياد، لن تكون عدا ضمان المساواة بين أطراف الخصومة. و قد كان المشرع المغربي حاسما، في منع القضاة من حق الإنضمام إلى الأحزاب السياسية، طالما أن ذلك سيؤثر على سلامة الأحكام القضائية. فلهكذا أوْ إذَنْ؛ إن استقلالية القضاء، تعني ملامسة الوصول إلى العدالة القانونية. و أن تحرّر القضاة يعد العلامة الفارقة، عند كل منظومة قضائية منصفة. حيث؛ يصعب علينا الحديث عن حياد القاضي، دون تأمين استقلاليته الحقيقية عن هواه السياسوي، و عن منطق الأيديولوجيا الحزبية الفئوية. ولأن الأحكام القانونية السليمة؛ شرط لا محيد عنه لصلابة الدولة القانونية. فيَجب على القاضي أن يجتنب الإنغماس، وراء المؤثرات الحزبية. كيفما تمظهرت جهتها المصدرة، و مهما تعددت طبيعتها المؤثرة.‏ فلا يجوز اختزال دلالات استقلالية القضاء، فقط في عدم التبعية الإدارية و المالية. بل كذلك؛ يتجسد في تحرر القاضي عند اتخاذه القرار، بريئا من زيغان ميولاته الحزبية المُؤَدلَجَة. وعليه؛ إن القاضي لا يجوز له أن يعلل حكمه، بناء فقط على علمه الشخصي. لأن مراد الحياد يتجلى بوضوح، في كون إثبات الدليل يقع على عاتق المتخاصمين. بالتالي؛ لا يمكن للقاضي أن يمنع المتقاضين، من حق مناقشة الأدلة المقدمة في موضوع الدعوى. مثلما حصل من وقائع لا قانونية، تَهُمُّ الملف رقم 913/2102/2021 بالمحكمة الابتدائية سطات. و التي كاد عندها رئيس هيئة الحكم الموقرة، أن يتحول إلى خصم و حكم في آن واحد. بينما القاضي؛ لَمُلْزم بتلقي طلبات و دفوع أطراف الخصومة، و ضبط مناقشة أدلة الإثبات. وفقا؛ للإجراءات التي يقررها القانون المغربي. ختاما؛ إن إحقاق الأمن القضائي، يتطلب وجود القاضي المتحرر، الذي لا يتبع هواه السياسي الزائغ. لِكيْ؛ لا يُحْكَمَ عليه بفقدان الموضوعية، و انعدام شرط العدالة. من حيث أن الخصومة، لَمَرفُوعة أمام أنظار هيأة الحكم الموقرة، ثقةً في حياد قاضيها، و عدم تَحَيُّزهِ و لا انْحِيازِه، عدا لِسُمو القاعدة القانونية العامة المجردة. سَجّاع، شاعر و كاتب الرأي رئيس الإتحاد الجمعوي للشاوية Abdulmajid Moumĕrõs

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

بعد رفع دعوى قضائية ضده.. من هو تايلر بيري المتهم بالتحرش بزميله؟

رفع ممثل في المسلسل التلفزيوني «ذا أوفال» من تأليف تايلر بيري دعوى قضائية زعم فيها أن بيري استغل نفوذه في المجال الفني للاعتداء عليه جنسيًا والتحرش به مرارًا وتكرارًا مع إسكاته.

ويطالب الممثل ديريك ديكسون، الذي ظهر في 85 حلقة من المسلسل على قناة BET، في المحكمة العليا في لوس أنجلوس بتعويض لا يقل عن 260 مليون دولار.

بيري يستغل نجاحه لخلق علاقة استغلالية جنسية قسرية

وتقول الدعوى: «استغل السيد بيري نجاحه ونفوذه واستغل نفوذه الكبير في مجال الترفيه لخلق علاقة استغلالية جنسية قسرية مع السيد ديكسون، حيث وعده في البداية بالتقدم الوظيفي وفرص إبداعية، مثل إنتاج حلقته التجريبية واختياره في برنامجه، لكنه عرّضه لتحرش جنسي متصاعد واعتداء وضرب وانتقام مهني».

وتقول الدعوى القضائية إن بيري لاحظ ديكسون لأول مرة عام ٢٠١٩ عندما كان ديكسون جزءًا من طاقم عمل إحدى حفلات بيري، وعرض عليه لاحقًا إجراء تجربة أداء.

ووفقًا للدعوى، التي تتضمن لقطات شاشة للعديد منها، سرعان ما بدأ بيري بإرسال رسائل نصية جنسية غير مرغوب فيها إلى ديكسون.

وتقول الدعوى القضائية إن بيري عرض على ديكسون دورًا بارزًا بشكل متزايد في المسلسل مع ازدياد تحرشاته الجنسية.

وتضيف الدعوى القضائية: «بذل ديكسون قصارى جهده للالتفاف على عدوانية السيد بيري الجنسية مع الحفاظ على الجانب الجيد منه". أوضح السيد بيري لديكسون أنه إذا تجاهل ديكسون بيري أو فشل في التفاعل مع التلميحات الجنسية، فإن شخصية ديكسون "ستموت».

من جهته قال محامي بيري، ماثيو بويد، في بيان يوم الثلاثاء: «هذا الشخص تقرّب من تايلر بيري فيما يبدو الآن أنه ليس سوى تدبير عملية احتيال، لكن تايلر لن يستسلم، ونحن واثقون من أن هذه الادعاءات الملفقة بالتحرش ستفشل».

من هو تايلر بيري؟

وظهر ديكسون لأول مرة بدور صغير في مسلسل بيري "Ruthless" قبل أن يحصل على الدور الأكبر في الدراما السياسية «The Oval».

ووفقًا لمجلة «فوربس» فقد تربع الممثل الأمريكي البالغ من العمر 55 عامًا، على قائمة أغنى الممثلين في عام 2024، لكنه واجه العديد من الصعوبات حتى أصبح واحدا من أباطرة الإعلام الرائدين، بثروة صافية هائلة تبلغ 1.4 مليار دولار.

اقرأ أيضاًمساعدة سابقة لـ «شون ديدي» تدعي تعرضها لغسل دماغ عندما أرسلت رسائل غرامية له

وسط اهتمام إعلامي.. تواصل محاكمة مغني الراب شون ديدي في «الإتجار بالجنس»

مغني الراب الأمريكي ديدي لن يدلي بشهادته في محاكمته بالاتجار بالجنس

مقالات مشابهة

  • سلامه رئيسًا للاتحاد السكندرى بعد استقالة عبد المجيد والقاضى
  • بعد رفع دعوى قضائية ضده.. من هو تايلر بيري المتهم بالتحرش بزميله؟
  • ماسك يطعن بقانون الإشراف على محتوى المنصات
  • بدور مذيعة تلفزيونية.. مي القاضي تبدأ تصوير مسلسل 2 قهوة
  • يستقل سيارة ثمنها 15 مليون جنيه.. محمد رمضان ونجله أمام القاضي للإعتذار والتصالح عن ضرب طالب
  • احكام بالإعدام والسجن والغرامة على متعاونين مع قوات التمرد بولاية سنار
  • الإدارية العليا: القاضي التأديبي حر في قبول الأدلة ورفض ما يثير الشك
  • شوبير يعلق علي تمسك حسام عبد المجيد بالرحيل عن الزمالك.. ويكشف تطورات احترافه
  • نادي القضاة يوقع بروتوكول تعاون لدعم التقاضي الالكتروني
  • مجلس الدولة: تقديم طلب التصالح على مخالفات البناء يمنع الإزالة