حظيت المرأة المصرية باهتمام غير مسبوق في كافة المجالات في هذه الأيام، بداية من تمثيلها تحت قبة البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ، مرورًا بتمثيلها في المراكز القيادية كمستشار الرئيس للأمن القومي وتعيينها كقاضيات، انتهاء بتوليها المناصب التنفيذية القيادية كوزراء ومحافظين ونواب محافظين.
في الواقع، إن وضع المرأة هذا لم يحدث هباء بل هو نابع من رؤية سياسية واعية لدور المرأة الفعال في الأسرة التي تعتبر البنية الاساسية للمجتمع المصري، فهي التي تربي وتنشئ وتساهم في عجلة الرقي الواضح للتنمية، حيث أنها تمثل نسبة 48 % من السكان في مصر وفقًا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عام 2023، لذا لا نستطيع ان نتخيل رقي مجتمع به هذه النسبة دون مشاركة واقعية حقيقية للنساء به.
تحقيقا لهذه الرؤية وضمانا لتنفيذها على أرض الواقع، لزم الأمر أن يكون هناك مواد دستورية تنص صراحة علي وضع المرأة في المجتمع وتحدد مجالات المشاركة وحرية التعبير وحمايتها ضد العنف التي يمكن ان تتعرض له، بمواد دستورية يستقي منها جميع القوانين والتشريعات وأيضًا تعتبر مسار للاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها الدولة في هذا الاتجاه.
وهنا وجب القول إن المرأة المصرية ظلت محرومة من حقوقها السياسية في مصر حتى صدور دستور 1956، فمن بعدها صار من حقها أن تنتخب من يمثلها في البرلمان، وأن ترشح نفسها لعضوية المجالس النيابية، ففي المادة الأولى من دستور 1956 جاء أنه «على كل مصري وكل مصرية بلغا ثماني عشرة سنة ميلادية، أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية وهى إبداء رأيه في الاستفتاء الذى يجرى لرئاسة الجمهورية وكل استفتاء آخر ينص عليه الدستور، وكذلك انتخاب أعضاء كل من مجلس الشعب، ومجلس الشورى، والمجالس الشعبية المحلية».
وفى دستور سنة 1971 نصت المادة «40»: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أوالأصل أواللغة أوالدين أوالعقيدة».
وفي عام 2014 ولأول مرة في تاريخ مصر تضمن الدستور المصري أكثر من 20 مادة تخاطب المرأة بشكل مباشر بما يكفل للمرأة الفرص المتكافئة ومشاركتها في المجتمع والمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق بدون تمييز وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل في جميع الحقوق المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور.
فمن الناحية التعليمة تحدد المادة ١٩ سن التعليم الإلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية وهوتحرك غير مسبوق في مواجهة الزواج المبكر والتسرب من التعليم التي كانت تعاني منه البنت الريفية بصفه عامة وخاصة في الصعيد المصري. كما تنص المادة ٩٣ على الالتزام بالمعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر والتي تعتبر لها قوة القانون بشأن حقوق المواطنين في التعليم.
ومن الناحية الوظيفية تكفل الدولة للمرأة حقها في تولى الوظائف العامة ووظائف الادارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها، كما تكفل الدولة توفير الخدمات الاجتماعية وفقا للمادة 7 من الدستور
ومن الناحية مشاركة المرأة في صنع القرار فتعتبر مادة 108من الدستور المصري من المواد التي تساهم في ذلك لأنها تعطي الحق للمرأة في التمثيل النيابي بالمجالس النيابية بكافة مستوياتها، التي تبلورت بشكل واقعي في إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة في أبريل 2019 حيث تم تخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للمرأة مثلما ورد بالمادة 102 المعدلة، وذلك لضمان حقها في تمثيل عادل حقيقي لصنع القرار، وايضا في المادة ٢١٤ تمنح المجلس القومي للمرأة استقلالية وحصانة وتعطيه الحق في مراجعة جميع التشريعات المتعلقة بالمرأة قبل صدورها.
مما لا شك فيه ان هذه المواد الدستورية تعد خطوة اساسية لتمكين المرأة في الحياة النيابية والاجتماعية، حيث جعل للمرأة صوت تعبر به عن رأيها وعن حقها. الذي بدورة يعد أحد متطلبات التنمية وخطط النموالاقتصادي ومكافحة الفقر، حيث يقترن مفهوم تمكين المرأة بأهداف تتعدى المرأة كفئة اجتماعية لتعم المجتمع ككل، انه لا يقتصر التمكين على تحسين أحوالهن كفئة اجتماعية فقط بل ينعكس على المجتمع بكل فئاته، فتمكين المرأة” حق أساسي من حقوق الإنسان، وضروري لتحقيق السلام في المجتمعات، لذا يجب ان تستمر الدولة بسن القوانين والتشريعات التي تزيد من وضع المرأة في المجتمع ضمانا للاستفادة من إمكانيات المجتمع الكاملة في الرقي والتقدم.
*نائبة بمجلس النواب عن محافظة قنا
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المرأة المصرية المراكز القيادية الدستور المصري فی المجتمع المرأة فی
إقرأ أيضاً:
جبالي يفتتح الجلسة العامة للبرلمان لاستكمال مناقشة مشروع موازنة الدولة
افتتح المستشار الدكتور حنفي جبالي، الجلسة العامه لمجلس النواب لاستكمال مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام المالي 2025-2026 وكذلك خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومشروعات موازنات الهيئات العامة الاقتصادية، موازنة الهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية 2025-2026، والتصويت عليها.
كما تناقش تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية، عن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الموارد المائية والري الصادر بالقانون رقم ١٤٧ لسنة ٢٠٢١.
ويهدف مشروع القانون إلى تشديد عقوبة حفر الآبار للمياه الجوفية بدون ترخيص من وزارة الري، للحفاظ على موارد الدولة الطبيعية والحد من حفر الآبار العشوائية.
جاء مشروع القانون المعروض نتيجةً لما أظهره الواقع العملي للقانون القائم من عدم كفاية العقوبات الواردة، مما أوجب تغليظ العقوبات التي تقع على المخالفين لأحكامه، من أجل الحفاظ على موارد الدولة الطبيعية ومنها المياه، والحد من حفر الآبار العشوائية التي زادت في تلك الفترة دون اتباع الاشتراطات اللازمة الواردة بالمادة (70) من القانون المشار إليه. وقد أثر ذلك سلبًا على الأراضي الزراعية، وأدى إلى تدهور التربة بسبب ارتفاع منسوب الماء الأرضي وتملح التربة. ومن هنا، كان لزامًا على الدولة أن تسارع لتشديد العقوبات المقررة بموجب هذا القانون، من أجل تحقيق فكرة الردع بصورتيه العام والخاص، لكي تتناسب العقوبة مع حجم الجرم المرتكب.
ثانيًا: الملامح الأساسية لمشروع القانون
انتظم مشروع القانون المعروض في مادة واحدة بخلاف مادة النشر، على النحو التالي:
(المادة الأولى)
تضمنت استبدال نص المادة (107) بنص جديد، تضمن تشديد الغرامة المقررة على كل من يخالف أي من أحكام الفقرتين الأولى والثانية من المادة (70)، وإضافة عقوبة الحبس التي لا تقل عن شهر، وجعلها عقوبة تخييرية.
كما نصت على المصادرة الوجوبية للآلات والمهمات المستخدمة في ارتكاب الجريمة، في حالة الحكم بالإدانة.
وقد حظرت المادة (70) من قانون الموارد المائية والري الصادر بالقانون رقم (١٤٧) لسنة ٢٠٢١، حفر أي آبار للمياه الجوفية داخل الجمهورية إلا بترخيص من الوزارة، وطبقًا للشروط التي تحددها.
(المادة الثانية)
وهي المادة الخاصة بنشر القانون في الجريدة الرسمية، والعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.
وأكدت اللجنة أن مشروع القانون متسق مع أحكام الدستور، خاصة المادتين (29) و(32) منه، واللتين نصتا على أن الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني، مع التزام الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وكذا التزام الدولة بالحفاظ على مواردها الطبيعية وحسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة منها، كونها ملكًا للشعب.
كما أن المشروع جاء استجابةً لما أفرزه الواقع العملي من عدم كفاية العقوبات الواردة في القانون القائم في تحقيق الردع بصورتيه العام والخاص، وهو ما ظهر جليًا من الحفر العشوائي لتلك الآبار دون الحصول على التراخيص اللازمة.