«مصر ليس بها أزمة سكر».. كان هذا آخر تصريح للسيد وزير التموين عن أزمة السكر التى تعصف بالبيوت المصرية منذ أكثر من شهرين.. حقيقة لا أعرف من يستهدف وزير التموين بهذا التصريح.. بالتأكيد هو يعلم رد فعل المواطن المطحون حين يسمع تصريحه هذا.. كما يرى بعينيه ابتسامة التجار الساخرة حين يسمعونه.. فبالتالى من المنطق أن نسأل عن هدف هذا التصريح.
والحقيقة أن هذا ليس هو التصريح الأول المثير للعجب لوزير التموين فى هذه الأزمة تحديدا.. بل سبق وقدم تبريرين فى الأسبوع الماضى لأزمة السكر؛ عندما كان يعترف بوجودها.. أخطر من بعض.. الأول أن أزمة السكر سببها سلاسل الإمداد.. والثانى أن السكر فى مصر أرخص من باقى الدول وهو ما دفع التجار لتصديره.. وترافق مع التبريرين قوله بأن كل الشركات المنتجة للسكر فى مصر هى شركات حكومية بالكامل.
لكن لم يقل لنا سيادته ما الذى أصاب سلاسل الإمداد؟.. ولا أين ذهبت آليات الإمداد؟.. كما لم يقل لنا متى انتبه سيادته لهذه الأزمة؟ أو دور وزارته فى حلها أو حتى افتعالها؟. ومن هذا المبرر الغريب إلى الأغرب.. حيث قال إن التجار قاموا بتصدير السكر للخارج.. فمن أين حصل التجار على كل هذه الكميات للتصدير، وكل الإنتاج حكومى بالكامل؟.. ولا كيف خرجت هذه الكميات من السكر من الموانئ المصرية متسببة فى هذه الأزمة محليا؟.. من سمح لها بالخروج وكيف خرجت.. وأين ذهبت دولاراتها؟.
وفى نفس التصريحات الصحفية للسيد وزير التموين أكد أيضا أن سعر كيلو السكر هو 24 جنيها فقط.. نافيا كل حديث عن الارتفاع الجنونى للأسعار.. وللمرة الثانية أتعجب لمن يوجه هذه المعلومات المضللة أيضا.. من يستهدف بالضبط؟.. وهل يعلم سيادته أنه فى نفس يوم نشر تصريحاته كانت منافذ السلع التابعة لشركات وزارته تبيع السكر للمواطنين بسعر 50 جنيها للكيلو.. وتحديدا فى منطقة الساحل!!
فلو كان سيادته يعلم ذلك وأصر على بث معلوماته المغلوطة فهى كارثة.. وإن كان لا يعلم فالكارثة أكبر بالتأكيد.
أقول ذلك ولاتعنينى أزمة السكر تحديدا.. فمع سيادته اعتدنا الأزمات وفوضى الأسعار.. فكل يوم زيادة غير مبررة فى الأسعار.. وكل أسبوع أزمة فى سلعة.. ما يعنينى هنا.. هو تلك النوعية من التصريحات ونتائجها.. فإن كانت مثل تلك التصريحات للمسئولين تستهدف المواطن.. فبالطبع هى لا تزيده إلا حنقا وغضبا.. بخلاف المزيد من فقدان أجهزة الدولة للمصداقية لدى المواطن.. أما إن كان هدفها الحفاظ على المنصب ليس أكثر.. فهى كارثة أكبر وإشارة إلى عدم الجدية فى حل المشكلات وبناء القرارات وفق معلومات مغلوطة.. وهو مايؤدى بالطبع لتفاقمها لا حلها.
الغريب أن مثل تلك التصريحات.. تنطلق كل يوم يمينا ويسارا.. دون مبرر أو هدف، كالرصاص فى « فرح العمدة» دون حسيب أو رقيب.!
وبمناسبة فوضى الأسواق.. مازالت مافيا السجائر تواصل استفزازها للمواطن وتتلاعب بالأسواق بكل جرأة وبجاحة.. محققة المليارات من الأرباح القذرة تحت سمع وبصر جميع أجهزة الدولة.. وتنقل الأزمة من سلعة لأخرى.. فمن السجائر المحلية إلى السجائر الأجنبية.. ومن السجائر برمتها إلى أسواق عبوات التبغ وورق لف السجائر التى هرب لها المواطن البسيط.. وكأنها تخرج لسانها للجميع وتصر على الانتقام من المواطن ومضايقته فى أبسط احتياجاته.. معلنة بصوت الفنان أحمد السقا «من النهاردة مافيش حكومة أنا الحكومة».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إسلام الشافعي لوجه الله وزير التموين البيوت المصرية سلاسل الامداد أزمة السکر
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: السنة ليست مصدرا للتشريع بل منظومة أخلاقية ومنهاج للوصول لله
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن السنة ليست مصدرا للتشريع فحسب، بل هي منظومة أخلاقية، ومنهاج للوصول إلى رب العالمين، يرشدنا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أفضل الطرق، وأحبها إلى ربنا في تحقيق سعادة الدارين، معنا في هذه المقالة حديث جامع هو حديث معاذ رضي الله عنه.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه عن معاذ رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت : يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار ؟ قال : لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه. تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، قال ثم قرأ : ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع.... حتى بلغ يعملون﴾، ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر كله، وعموده، وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال : كف عليك هذا، فقلت : يا نبي الله، وإنا المؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» [رواه أحمد في مسند، والترمذي في سننه، والحاكم في المستدرك] وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
فالحديث يبدأ بأن معاذ رضي الله عنه انتظر تهيئة الوقت للسؤال، فانتهز فرصة سيره مع النبي وقربه منه، وعدم انشغال النبي صلى الله عليه وسلم بشيء عن الإجابة، وفي هذا السلوك تأديب لمن أراد أن يسأل العلماء أن يتخير الوقت المناسب لسؤالهم.
سأل معاذ سؤاله الذي اتسم بسمات عظيمة، الأولى : أنه سؤال موجز ومختصر. الثانية : أنه سؤال عن قضايا مهمة وعملية. الثالثة : أنه سؤال جامع، وتلخص ذلك في قوله للنبي ﷺ : « أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار ؟»