مقدمة الترجمة:

بَنَت دولة الاحتلال جزءا من أسطورة الجيش الذي لا يُقهَر على سُمعتها بوصفها دولة رائدة في شتى المجالات التكنولوجية. ولكن في هذا المقال المنشور بموقع "أتلانتيك" الأميركي، يُعرب "ماتي فريدمان"، الصحافي الإسرائيلي والجندي السابق بجيش الاحتلال، عن قلقه من اعتماد دولته المُفرط على التكنولوجيا، ويرى في ذلك سببا من أسباب الإخفاق العسكري والاستخباراتي يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقد وُلِد "ماتي" لأسرة كندية يهودية قبل أن يهاجر إلى دولة الاحتلال عام 1995، وخدم في جيش الاحتلال بجنوب لبنان في نهاية التسعينيات قبل الانسحاب الإسرائيلي عام 2000.

 

نص الترجمة:

لم يمضِ وقت طويل على انطلاق أول صفارة إنذار صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حتى خرج "بِن"، أخو زوجتي، من منزله في وسط إسرائيل. في ذلك الوقت، كان الآلاف من مقاتلي حركة حماس يتدفقون عبر السياج مع غزة، على بُعد ساعة تقريبا بالسيارة من "بِن"، حيث تجاوزوا بنجاح دفاعاتنا العسكرية، وقتلوا المئات. لم يكن أحد على عِلم بتفاصيل ما جرى بَعْد، وكل ما عرفناه هو أن شيئا شديد السوء يجري هناك، وأن الجيش الإسرائيلي أُخِذ على حين غِرَّة. لم ينسَ جاري ولم أنسَ أنا ردة فعلنا حين علمنا بالحكاية. "إننا نمتلك كاميرات بدلا من العيون"، هكذا قال الرجل.

على الأرجح أن شهورا وسنوات ستمُر قبل أن يُدرك المجتمع الإسرائيلي بالكامل أسباب هزيمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول. لقد فشلنا في فهم نِيَّات حماس وحدود قوتها، وقُلنا لأنفسنا كل مرة إن كل جولة من القتال معها كانت الأخيرة، ومن ثمَّ بإمكاننا أن نرعى أُسَرَنا ونرقص في الاحتفالات على مرمى البصر من الحدود مع ذلك العدو الذي نراه متطرفا. وبجانب ما أخفقنا في تخيُّلِه، فإن أي كشف حساب أمين يحتاج إلى النظر في نقطة لطالما اعتبرناها مصدر فخر إسرائيلي: قصة حُبِّنا مع التكنولوجيا.

ستمُر سنوات قبل أن يُدرك المجتمع الإسرائيلي بالكامل أسباب هزيمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول. (أسوشيتد برس) التكنولوجيا: من الحبِّ ما قتل

في عام 1998، حين كنت أبلغ من العمر 20 عاما، خدمت في نقطة تمركز مع وحدة مُشاة بجنوب لبنان، في رُكن من أركان الحرب الصغيرة بين إسرائيل وحزب الله. لم تختلف الحياة في تلك النقطة عن حياة جندي خَدَم في الحرب العالمية الأولى، مع استثناءات بسيطة. لقد كانت أسلحتنا في الأغلب بنادق ورشاشات آلية، لا سيَّما خراطيش "براونينغ نصف بوصة" (0.5 BMG)، التي استُخدِمَت لأول مرة عام 1918. عند طلوع الفجر كل يوم، استيقظنا ونظرنا من خندقنا، ونصبنا الكمائن. لم نكن نعلم حينها أي شيء عن الخوارزميات أو الطائرات المُسيَّرة، وعلى الأرجح أن أكثر التقنيات تطوُّرا في نقطتنا كان جهاز الفيديو الذي عرض لنا فيلم "ستارشيب تروبرز" (Starship Troopers) حتى توقَّف الشريط. لقد استطلعنا في الحقيقة بأعيننا عبر فتحة ضيقة في الحاجز الخراساني للنقطة العسكرية، ولا أتذكَّر أنني رأيت جهاز حاسوب آنذاك.

بعد عشر سنوات، عام 2008، أرسل الجيش بعضا منا في مهمة على الحدود مع قطاع غزة. زُرت حينها غرفة التحكُّم حيث جلست شابات في زي عسكري وقد أخذن يُحرِّكن مقابض تحكُّم ويشاهدن شاشات تعرِض لهُن صور الشريط الحدودي بالكامل. كانت هناك رشاشات آلية بطول السياج الحدودي يُمكن التحكُّم فيها عن بُعد، وحلّقت فوق رؤوسنا طائرات مُسيَّرة. بدا لي حينها وكأن جيشنا جيش آخر.

في ذلك الوقت، لم يكُن مشهد الشركات الناشئة الإسرائيلية في طور الازدهار فحسب، بل وصار محوريا لصورة إسرائيل عالميا، مثلما جاء في كتاب "أمة الشركات الناشئة" (Start-Up Nation) الشهير المنشور عام 2009، وأحد أكثر الكُتب مبيعا، من تأليف "ساؤول سينغر" و"دان سِنور"، اللذيْن صكَّا هذا اللقب لإسرائيل. وفقا لما جاء في الكتاب، استطاع رُوَّاد الأعمال الإسرائيليون أن يستفيدوا من عداوات دولتهم في الشرق الأوسط، ودشَّنوا البيئة المثالية للإبداع. لقد انتقل المحاربون القدامى من الوحدات التقنية بالجيش وشكَّلوا نواة الشركات الناشئة المدنية على مر السنوات، وصنعوا في غضون ذلك ثقافة غير رسمية لا تعترف بالفشل.

تبنِّي الجيش الإسرائيلي للتكنولوجيا قد بدأ يدُق جرس الإنذار عند بعض الخبراء العسكريين (رويترز)

استهل الكتاب سرد حكاية "أمة الشركات الناشئة" بحكاية رائد شركة السيارات الكهربائية "بِتر بليس" (Better Place)، وهو المدير التنفيذي صاحب الكاريزما "شاي أغاسي": "تحدَّث أغاسي وقد عَلَت وجهه ابتسامة شريرة قائلا إن أعداء إسرائيل بعزلهم إيَّاها خلقوا في الحقيقة المعمل المثالي لاختبار الأفكار". لقد استخدمت شركة "بِتِر بلَيس" الخُطافات نفسها المستخدمة في تثبيت قنابل الـ 225 كيلوغراما على طائرات قاذفات القنابل لدى القوات الجوية، وذلك من أجل استبدال البطاريات في السيارات الكهربائية، على حد وصف الكتاب. تجدر الإشارة إلى أن الشركة أفلست عام 2013.

ولكن حتى قبل أن يدخل لقب "أمة الشركات الناشئة" إلى قاموسنا، كان تبنِّي الجيش الإسرائيلي للتكنولوجيا قد بدأ يدُق جرس الإنذار عند بعض الخبراء العسكريين. لقد قال هؤلاء إن أداء إسرائيل المرتبك عام 2006 في حرب يوليو/تموز مع حزب الله اللبناني يُعزَى إلى الطريقة التي بدأ بها القادة يقاتلون في أرض المعركة بالتحكُّم عن بُعد، مُهمِلين التقليد الإسرائيلي الحازم في قيادة زمام العمليات من المقدمة. إذا كانت العقيدة القديمة تُلخِّصها المقولة العبرية "أهاراي" (اتبعني)، فإن العقيدة الجديدة سُمِّيت سُخرية بـ"بلازموت"، في إشارة إلى شاشات البلازما الجديدة داخل غُرف التحكُّم، حيث جلس القادة يُباشرون الحرب من غرف مريحة ومُكيَّفة. بيد أن العقيدة الجديدة كانت في طور التطبيق بالفعل، وهو ما رأيته بنفسي على الحدود مع غزة.

 

الآلة تقتل عقيدة القتال الإسرائيلية وثقت إسرائيل بسياج غزة ونطاق الإشارات الاستخباراتية، التي بدا وأنها قادرة على فعل أي شيء اللهم إلا قراءة العقول (شترستوك)

إن إسرائيل دولة صغيرة ومنسوجة بإحكام، وهي تخشى الحروب الطويلة والأرقام المرتفعة للضحايا. لقد قال لي "عاموس هرئيل"، المحلل العسكري المتقاعد لصحيفة "هآرِتس"، إن "التكنولوجيا بدت وكأنها تمنحنا الحل. إننا نملك تلك الفكرة الدائمة عن العقل اليهودي وكيف يمكن أن يصل إلى اختراع عبقري لحل مشكلاتنا العسكرية". أود أن أقول إنني شعرت بعدم الارتياح حيال ذلك الاتجاه الجديد، وإن كان يُسعدني أي شيء يجعل جنودنا على الأرض بمأمن أكبر.

على مدار السنوات القليلة التالية، شملت ترسانة التكنولوجيا القبة الحديدية، تلك المنظومة المميزة التي اعترضت آلاف الصواريخ من غزة ولبنان، ثم حاجزا تحت الأرض للحيلولة دون قيام حماس بحفر الأنفاق من أسفل السياج الحدودي، وهو سياج مُدجَّج الآن بالمزيد من أجهزة الاستشعار والكاميرات. إن أحد المبادئ التي أتذكر أنني تعلَّمتها في الجيش كوني جنديا بسيطا في أسفل هرم القيادة هي "أن خط التماس دائما ما سيُختَرَق"، أي إن خطوط الدفاع لا تدوم للأبد، ومن ثمَّ عليك أن تبني خططك وفقا لتلك الحقيقة. ولكننا قررنا أن التكنولوجيا تجُبُّ ما عرفناه من حقائق على الأرض.

لقد وثقت إسرائيل بسياج غزة ونطاق الإشارات الاستخباراتية، التي بدا وأنها قادرة على فعل أي شيء اللهم إلا قراءة العقول، وقد بلغت الثقة حدَّ قيام الشرطة الإسرائيلية بمنح تصاريح لحفل رقص يحضره الآلاف على بُعد خمسة كيلومترات من السياج يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وقد قيل لفرق الأمن عند إحدى المستوطنات الحدودية ألا يحتفظوا بالبنادق في منازلهم، بل أن يبقوها داخل مخزن للأسلحة، لأن الجيش كان متوجسا من سرقة الأسلحة، أكثر من خوفه أن يُشَن هجوم من غزة. تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 350 شخصا قُتلوا في الحفل المذكور، وأن عددا من رجال الأمن بالمستوطنة لم يملكوا الوقت الكافي للوصول إلى أسلحتهم.

الجنود الذين يخدمون بوصفهم مُبرمجين وفنيي حاسوب، الذين نُظِر إليهم بازدراء في يوم من الأيام على أنهم مجرد "فرسان مكاتب"؛ صاروا اليوم "لوهامي سايبر"، أي مقاتلين سيبرانيين. (شترستوك)

في تل أبيب، وبين جولات القتال مع حماس على مدار السنوات العشر الماضية، مضى اقتصاد التكنولوجيا الإسرائيلي في طريقه. وقد نظرنا إلى أعلى بينما طارت الصواريخ فوق رؤوسنا، وشكرنا الله على القبة الحديدية، ثم عُدنا إلى المزيد من البرمجة وكتابة الأكواد. باتت الأمهات يردن الآن من أبنائهن الذين انتهوا حديثا من دراستهم الثانوية أن يجدوا مكانا في الوحدة 8200، وحدة النخبة المُخصَّصة للتكنولوجيا والاستخبارات، وهي وحدة تضمن لمَن ارتادها وظيفة في قطاع التكنولوجيا.

لطالما تمتَّع الجنود المقاتلون بصفة "لوهِم" (Lohem) وتعني المقاتِل، وهي كلمة لها وزنها تمنحهم بعض التعويض المادي على ما لاقوه في خدمتهم العسكرية. ولكن بينما انتقل التقدير من وحدات القتال إلى عالم التكنولوجيا، فإن الجنود الذين يخدمون بوصفهم مُبرمجين وفنيي حاسوب، الذين نُظِر إليهم بازدراء في يوم من الأيام على أنهم مجرد "فرسان مكاتب"؛ صاروا اليوم "لوهامي سايبر"، أي مقاتلين سيبرانيين.

 

أوهام كوخافي وغرور التكنولوجيا

ترى إسرائيل في نفسها دولة صغيرة وذكية، وقد أحببنا فكرة "الجيش الصغير والذكي" تلك، حتى يصير لدى جيشنا تكنولوجيا أكثر ومتاعب أقل. ارتبط "أفيف كوخافي"، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بين عامي 2019-2023، ارتباطا وثيقا بذلك المفهوم، ففي شهره الأخير في منصبه، ألقى الرجل خطابا غير موفَّق امتدح فيه نجاحات الجيش أثناء فترة خدمته، بما في ذلك قطاع غزة. لقد تمرَّس الجيش الإسرائيلي بشدة في مواجهة أعدائه، حتى إن حماس أمرت قوات النخبة الخاصة بها بأن تلزم بيوتها، على حد وصفه. (وكانت قوات النخبة لدى حماس هي مَن قاد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول بعد نحو عشرة أشهر).

لقد كانت الحدود مع غزة في أهدأ أحوالها منذ سنوات، إلى درجة أن أسعار العقارات في مستوطنات غلاف غزة أخذت ترتفع، وتحدَّث كوخافي عن تلك الظاهرة قائلا: "لا تحاولوا أن تجدوا شقة في غلاف غزة خلال السنوات الثلاث القادمة، لأنكم ببساطة لن تحصلوا على واحدة" (في إشارة إلى اشتداد الطلب عليها)*. سرعان ما ثبتت صحة توقُّع كوخافي، لكن لأسباب لم يتوقعها: لقد ترك المستوطنون عقاراتهم بعد أن لقوا حتفهم على يد مقاتلي حماس واختُطف (أُسر)* منهم المئات.

مقاتلو كتائب القسام يحتفلون على أنقاض دبابة إسرائيلية (الأناضول)

إن دعاية "أمة الشركات الناشئة" التي قام بها الجيش لم تمر على الإعلاميين الساخرين في إسرائيل مرور الكرام، بمَن فيهم كُتَّاب البرنامج التلفزيوني "البلد البديع" (Eretz Nehederet). ففي عام 2018، حين أشعلت فرق غزاوية النار في الأراضي الزراعية الإسرائيلية باستخدام طائرات ورقية مُحترقة، عرض البرنامج مشهدا ساخرا يحُل فيه رجال التكنولوجيا ذوو الزي العسكري المشكلة باستخدام تكنولوجيا الناتو لتغليف كل حبة من محصول القمح بزي مضاد للحرائق. "نعم، صحيح أن جوال الدقيق يُكلِّف الآن أربعة آلاف دولار ويُسبب بعض السرطانات، لكنني فخور بالقول إننا هزمنا تهديد الطائرات الورقية"، هكذا قال الممثل الذي لعب دور الضابط في البرنامج الساخر. أتت انتقادات أقل كوميدية من داخل الجيش، حيث نُشرت ورقة عام 2017 في دورية "التقييم الإستراتيجي"، وقالت إن "فن المناورة انحدر، وحلَّت محله إمكانيات الاستخبارات وإطلاق النيران المعتمدة على التكنولوجيا".

حدَّثني "غابي سيبوني"، عقيد احتياط شغل منصب مستشار الميزانية لوزارة الدفاع وأحد مؤلفي الورقة، عن رؤيته القادة العسكريين وهم يتبنُّون فكرة حلول التكنولوجيا محل العمل المأساوي والمُضني للمشاة والدبابات، وقال لي: "إذا ألقيت نظرة على طاقم القيادة في الجيش الإسرائيلي، فسترى كيف استعضنا عن مستوى صنع الإستراتيجية والتخطيط بمستوى التكنولوجيا والانصياع لنظام يعتقد أن كل مشكلة عملياتية لها حل تكنولوجي". وقد سألت "سيبوني" إن كان يعتقد بأن تصحيح المسار سيبدأ الآن، فردَّ قائلا: "إن كان ثمَّة تصحيح سيجري، على الأرجح سيكون لفترة قصيرة. إننا غربيون أكثر من اللازم، ونريد للأشياء أن تتم دون جَلَبة. نحن لم نفكر بطريقة تلائم المنطقة التي نعيش فيها".

بينما صعدت إسرائيل سُلَّم التكنولوجيا المتطورة، نزلت حماس إلى أدنى السُّلَّم. لقد خطَّط قادة حماس لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول بملاحظات كتبوها على الأوراق بأيديهم، وحين حصلت الاستخبارات الإسرائيلية على خطط الهجوم بالفعل، وحاول أحد المحللين تحذير رؤسائه الصيف الماضي، قال القادة إن التهديد "وهمي". في صبيحة يوم الهجوم، دمَّر مقاتلو حماس كاميرات المراقبة الحدودية باستخدام البنادق، وفجَّروا الأبراج ذات الرشاشات الآلية ذاتية التحكُّم بطائرات مُسيَّرة رخيصة. وفي مواجهة تلك التقنية المتواضعة، وقف الجيش الإسرائيلي عاجزا، فلم تكن لديه خطة لهجوم مفاجئ بهذا الحجم. إن الحاجز المُعقَّد الموجود تحت الأرض لم يساعدنا في شيء، لأن مقاتلي حماس حلَّقوا ببساطة فوقه، وتجاوزوا السياج في العشرات من النقاط بالجرَّافات وقاطعات الأسلاك، ثم شنوا هجومهم بالرصاص والسكاكين والمعاول.

 

7 أكتوبر.. درس للمفتونين بالتكنولوجيا الجيش الأكثر تطوُّرا تكنولوجيًّا في تاريخ إسرائيل قد تكبَّد للتو الهزيمة الأسوأ في تاريخ الدولة (مواقع التواصل)

إن إخفاق إسرائيل التكنولوجي المُميت جدير بأن يلقى الانتباه بينما تسير أميركا ومعظم دول العالم نحو ضباب عالم الاعتماد على الحاسوب والواقع الافتراضي والميتافِرس والذكاء الاصطناعي والعجز المتنامي عن تمييز الواقع عمَّا سواه.

في عام 2008، العام نفسه الذي أمضت فيه وحدتي بعض الوقت على حدود غزة، نشرت مجلة "أتلانتيك" على غلافها موضوعا من كتابة "نيكولاس كار" بعنوان "هل يجعلنا غوغل أغبياء؟"، وجاء فيه: "في يوم من الأيام، كنت غوَّاصا في بحر الكلمات، والآن أنا أتحرَّك على السطح وكأنني شاب على متن دراجة مائية". لقد بدأ يتضح لي منذ ذلك الوقت أن التكنولوجيا لن تخدم العقل البشري، بل ستُعيد نسجه من جديد، وكان هذا أمرا يجعل بعضنا غير مرتاح وبعضنا الآخر متحمسا. وكي يمنح المتحمسين صوتا في مقاله، نقل "كار" كلمات الرئيس السابق لشركة غوغل "سيرجي برين"، حين قال: "إذا ما باتت كل المعلومات الموجودة في العالم مُلصقة مباشرة بعقلك، أو امتلكت مخا صناعيا أذكى كثيرا من مخك؛ فإنك أفضل حالا لا شك".

إن الرؤية التكنولوجية بمنزلة تقدُّم لا ينتهي يصبح معه كل تحديث لبرنامج أفضل من سابقه، تاركا إيَّانا في وضع أفضل من ذي قبل. ولكن عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول تشي لنا بالمستقبل الذي يُرجَّح أن نعيشه بالفعل جرَّاء ذلك. بينما تصبح الثقافات الغربية الثرية أكثر انفصالا عن الحقائق البسيطة لبقاء البشر، فإنها ستخضع لتهديد واضح من أولئك الأشد بأسا والأكثر نهما.

في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أجرى "يوسِّي بشار"، نائب قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، حوارا عن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول مع الإذاعة العامة الإسرائيلية. ينحدر بشار، البالغ من العمر 59 عاما، من مستوطنة "بيري"، التي قُتل فيها أكثر من مئة شخص، منهم والدته. أمضى بشار معظم يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول يقاتل رجال حماس من الشرفة الأرضية المفتوحة لمنزل سيدة عجوز، ومنذ تلك اللحظة، وهو يدير الحرب داخل غزة، وهي حرب تشمل القوة الجوية والتكنولوجيا المتقدمة، لكنها تشمل أيضا المشاة والدبابات، والحاجة إلى الشجاعة التي أثبتت مجددا أنه لا غنى عنها.

إن الجيش الأكثر تطوُّرا تكنولوجيًّا في تاريخ إسرائيل قد تكبَّد للتو الهزيمة الأسوأ في تاريخ دولتنا. لقد أمكن لكتيبة إنذار مثل تلك التي استخدمتها قوات المشاة في الحرب العالمية الأولى، إن نقلناها من عام 1917 إلى حدود غزة عام 2023، أن تُجنِّبنا هجوم حماس. من الأفضل أن تقبع مرعوبا في خندق وأن تعلم يقينا أن هناك أحدا بانتظارك في الخارج، عن أن تنام لأنك تعتقد أن شخصا ما، أو شيئا ما، يعرف ما يدور بالنيابة عنك.

————————————————————————-

هذا المقال مترجم عن The Atlantic ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

ترجمة: ماجدة معروف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: السابع من أکتوبر تشرین الأول الجیش الإسرائیلی الحدود مع قبل أن ی فی ذلک

إقرأ أيضاً:

هجوم لقوة الرضوان.. معهد إسرائيلي يتحدّث عن حزب الله

نشر معهد "ألما" الإسرائيلي للدراسات الأمنية تقريراً جديداً قالت فيه إن عمليات استهداف الجيش الإسرائيلي لعناصر من قوة "الرضوان" التابعة لـ"حزب الله"، تكشف عن إنتشار تمارسه القوة في منطقة جنوب الليطاني وبالتالي إعادة البناء العملياتيّ.   ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه "بناء للتقييم، فإن وحدة الرضوان تلقت ضربة قاصمة خلال الصراع بين إسرائيل وحزب الله"، وأضاف: "لقد ركّز الجيش الإسرائيليّ على تدمير قدرات وبنية وحدة الرضوان التحتية على طول خط التماس تحديداً، وفي كل أنحاء لبنان عموماً. بالإضافة إلى ذلك، بُذلت جهودٌ مكثفةٌ للقضاء على كبار قادتها (31 قائداً رفيع المستوى)، والقضاء على كبار عناصرها من مختلف تشكيلاتها، ومئات عناصرها".   وأكمل: "نعتقد أن وحدة رضوان أصبحت، مؤقتاً على الأقل، عاجزة عن تنفيذ مهمتها الأساسية، وهي غزو واسع النطاق للجليل بصيغته الأصلية. حتى احتمال غزو أصغر نطاقاً، بمشاركة بضع عشرات أو مئات من العناصر فقط، يبدو الآن مستبعداً للغاية.   وأردف: "من أصل 108 عمليات تصفية لعناصر حزب الله، تم توثيقها والتحقق منها من مصادر مفتوحة منذ بدء وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، تم استهداف 13 عنصراً ينتمون إلى وحدة الرضوان وتحديداً في منطقة جنوب الليطاني. هذه نسبة عالية مقارنةً بحجم الوحدة مقارنةً بإجمالي القوة العسكرية لحزب الله".   التقرير يقول إن "عناصر وحدة رضوان بدأوا بأنشطة إعادة التأهيل وبناء القوة، والتي يُعدّ تجديد وجودهم في جنوب لبنان عموماً وفي منطقة جنوب الليطاني خصوصاً . ويبدو أن أجهزة استشعار جمع المعلومات الاستخبارية التابعة للجيش الإسرائيلي بدأت ترصد هذا الوجود والنشاط المتجدد. وكما هو معلوم، فإن أجهزة استشعار جمع المعلومات الاستخبارية ليست مُحكمة، وبالتالي، فإن عمليات المنع ليست مُحكمة".   وتابع: "البيانات والأرقام المرئية تشير إلى محاولات متكررة من جانب وحدة رضوان لاستئناف العمليات في جنوب لبنان، بطريقة مخفية إلى حد كبير. هناك تقدير يفيدُ بأن وحدة الرضوان، كجزء من صياغة خططها العملياتية المُحدثة، تُركز على تعزيز جاهزيتها لتنفيذ عمليات نوعية مُستهدفة ضد وجود الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان أو التسلل إلى إسرائيل. كذلك، تشير المعلومات المُستقاة من تقارير مُختلفة حول تصفية عناصر وحدة الرضوان في جنوب لبنان إلى أن الوحدة تُعيد حساب مسارها وتُعيد بناء خططها العملياتية بنشاط استعداداً للتنفيذ المُستقبلي. قد تُعبر هذه العمليات، على سبيل المثال، عن محاولة تسلل إلى الأراضي الإسرائيلية في منطقة مُحددة عبر فرق صغيرة، أو خطة هجوم إرهابي ضد قوات الجيش الإسرائيلي المُتمركزة في الأراضي اللبنانية (عبوة ناسفة، إطلاق نار من مسافة بعيدة، اقتحام موقع عسكري)، وما شابه".
  المصدر: ترجمة "لبنان 24" مواضيع ذات صلة الجيش الإسرائيلي: سلاح البحرية هاجم مبنى لقوة الرضوان التابعة لـ"حزب الله" في الناقورة جنوب لبنان الليلة الماضية Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: سلاح البحرية هاجم مبنى لقوة الرضوان التابعة لـ"حزب الله" في الناقورة جنوب لبنان الليلة الماضية 09/07/2025 22:14:39 09/07/2025 22:14:39 Lebanon 24 Lebanon 24 آخر خبر عن "حزب الله" بعد هجوم إيران.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث Lebanon 24 آخر خبر عن "حزب الله" بعد هجوم إيران.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث 09/07/2025 22:14:39 09/07/2025 22:14:39 Lebanon 24 Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: قضينا على عنصر من وحدة الرضوان في حزب الله بغارة على حولا Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: قضينا على عنصر من وحدة الرضوان في حزب الله بغارة على حولا 09/07/2025 22:14:39 09/07/2025 22:14:39 Lebanon 24 Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: استهدفنا في منطقة محرونة بجنوب لبنان ضابط استخبارات في قوة الرضوان التابعة لـ"حزب الله" Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: استهدفنا في منطقة محرونة بجنوب لبنان ضابط استخبارات في قوة الرضوان التابعة لـ"حزب الله" 09/07/2025 22:14:39 09/07/2025 22:14:39 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص صحافة أجنبية قد يعجبك أيضاً "حارقة".. قنابل إسرائيلية تطال بلدة لبنانية! Lebanon 24 "حارقة".. قنابل إسرائيلية تطال بلدة لبنانية! 15:02 | 2025-07-09 09/07/2025 03:02:17 Lebanon 24 Lebanon 24 تطورات ملف "كازينو لبنان".. قرار جديد من "القضاء" Lebanon 24 تطورات ملف "كازينو لبنان".. قرار جديد من "القضاء" 14:35 | 2025-07-09 09/07/2025 02:35:12 Lebanon 24 Lebanon 24 حريق كبير في الفرزل - زحلة.. النيران شديدة والدفاع المدني يتحرّك Lebanon 24 حريق كبير في الفرزل - زحلة.. النيران شديدة والدفاع المدني يتحرّك 14:34 | 2025-07-09 09/07/2025 02:34:43 Lebanon 24 Lebanon 24 جولة لوزير الزراعة وممثلو الفاو والدنمارك في جرد مشمش – عكار.. ما السبب؟ Lebanon 24 جولة لوزير الزراعة وممثلو الفاو والدنمارك في جرد مشمش – عكار.. ما السبب؟ 14:29 | 2025-07-09 09/07/2025 02:29:40 Lebanon 24 Lebanon 24 آخر خبر عن "الباسبور" في لبنان.. ما الجديد؟ Lebanon 24 آخر خبر عن "الباسبور" في لبنان.. ما الجديد؟ 14:17 | 2025-07-09 09/07/2025 02:17:03 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة تحقيقات الكازينو تتوسّع: وزراء ونواب ومُوظفون على قائمة الملاحقات Lebanon 24 تحقيقات الكازينو تتوسّع: وزراء ونواب ومُوظفون على قائمة الملاحقات 22:48 | 2025-07-08 08/07/2025 10:48:49 Lebanon 24 Lebanon 24 هما شقيقان... وفاة حسين وفواز خلف في حادث سير مروّع Lebanon 24 هما شقيقان... وفاة حسين وفواز خلف في حادث سير مروّع 08:55 | 2025-07-09 09/07/2025 08:55:16 Lebanon 24 Lebanon 24 عاجل من الجنوب.. عملية برية إسرائيليّة تطال مواقع لـ"حزب الله"! Lebanon 24 عاجل من الجنوب.. عملية برية إسرائيليّة تطال مواقع لـ"حزب الله"! 06:11 | 2025-07-09 09/07/2025 06:11:57 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد غياب 6 أشهر.. توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" والتطبيع مع إسرائيل (فيديو) Lebanon 24 بعد غياب 6 أشهر.. توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" والتطبيع مع إسرائيل (فيديو) 23:34 | 2025-07-08 08/07/2025 11:34:51 Lebanon 24 Lebanon 24 آخر خبر عن "الباسبور" في لبنان.. ما الجديد؟ Lebanon 24 آخر خبر عن "الباسبور" في لبنان.. ما الجديد؟ 14:17 | 2025-07-09 09/07/2025 02:17:03 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب ترجمة "لبنان 24" أيضاً في لبنان 15:02 | 2025-07-09 "حارقة".. قنابل إسرائيلية تطال بلدة لبنانية! 14:35 | 2025-07-09 تطورات ملف "كازينو لبنان".. قرار جديد من "القضاء" 14:34 | 2025-07-09 حريق كبير في الفرزل - زحلة.. النيران شديدة والدفاع المدني يتحرّك 14:29 | 2025-07-09 جولة لوزير الزراعة وممثلو الفاو والدنمارك في جرد مشمش – عكار.. ما السبب؟ 14:17 | 2025-07-09 آخر خبر عن "الباسبور" في لبنان.. ما الجديد؟ 14:04 | 2025-07-09 بعد الظهور المسلح في بيروت.. كم بلغ عدد الموقوفين حتى الآن؟ فيديو خلعته وعادت إلى الغناء ثم ارتدته.. فنانة شهيرة تكشف لأول مرة قصتها مع الحجاب (فيديو) Lebanon 24 خلعته وعادت إلى الغناء ثم ارتدته.. فنانة شهيرة تكشف لأول مرة قصتها مع الحجاب (فيديو) 01:22 | 2025-07-09 09/07/2025 22:14:39 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد غياب 6 أشهر.. توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" والتطبيع مع إسرائيل (فيديو) Lebanon 24 بعد غياب 6 أشهر.. توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" والتطبيع مع إسرائيل (فيديو) 23:34 | 2025-07-08 09/07/2025 22:14:39 Lebanon 24 Lebanon 24 "تك تك قلبي".. وائل كفوري يطرح أغنية تروي قصة حب Lebanon 24 "تك تك قلبي".. وائل كفوري يطرح أغنية تروي قصة حب 02:11 | 2025-07-08 09/07/2025 22:14:39 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • أكسيوس: واشنطن تطلب من حماس تأجيل مفاوضات انسحاب الجيش الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة وسط مدينة غزة
  • غزة: مقتل جندي إسرائيلي بخان يونس وإعلام عبري يتحدّث عن "حدث أمني صعب"
  • شحنة أسلحة أمريكية ضخمة تصل إلى إسرائيل.. الجيش يعترف: خسائرنا موجعة في حرب غزة
  • الجيش الإسرائيلي يعلن عن مقتل جندي في محاولة أسر نفذتها حماس جنوب غزة
  • الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل مقتل جندي أثناء "محاولة أسره"
  • الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على جندي منتحرا في قاعدة عسكرية بالجنوب
  • تحول تكتيكي خطير.. مقتـ.ل جندي إسرائيلي خلال محاولة اختطاف في خان يونس
  • الجيش الإسرائيلي يعترف بمقتل جندي في غزة خلال محاولة أسره
  • هجوم لقوة الرضوان.. معهد إسرائيلي يتحدّث عن حزب الله