لا يمكن النظر إلى العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بمعزل عن الموارد الغنية المتمثلة بالغاز الطبيعي الذي تزخر به شواطئها، وقد تعمد الهجوم تدمير المباني والبنى التحتية وقتل الآلاف لدفع الناس إلى الهجرة لتخلو غزة للاحتلال.

بهذا الحديث استهلت الكاتبة تارا علامي مقالها الذي نشره موقع "موندويس" الأميركي، وذكرت أنه بعد 10 أيام فقط من بدء الهجوم على غزة أعلنت منظمة الصحة العالمية نفاد المياه والكهرباء والوقود في القطاع.

وبحلول 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حذرت وزارة الصحة من إمكانية إغلاق المستشفيات خلال يومين بسبب نقص الوقود، وسط قصف وصفته بـ"الوحشي"، وتسربت أخبار عن خطط أميركية لاستغلال حقول الغاز قبالة سواحل غزة كجزء من "خطة التنشيط الاقتصادي".

وتشير علامي إلى أن العدوان الحالي على غزة هو جزء من محاولة مستمرة لتطهيرها عرقيا ضمن مشروع استعماري واستيطاني، واعتبر البعض أن حقول الغاز تعتبر دافعا للعدوان الإسرائيلي.

سفينة حفر خلال عملها في حقل كاريش للغاز الطبيعي قبالة سواحل إسرائيل في شرق البحر الأبيض (رويترز) "مارين 1″ و"مارين 2"

وتقول الكاتبة إن المشروع الإسرائيلي يهدف إلى بناء دولة استعمارية عرقية، وتسعى إسرائيل إلى تحقيق هذا الهدف من خلال تصدير "الغاز المسروق" وإبرام صفقات مع الدول المجاورة بمشاركة الاتحاد الأوروبي، حيث اكتشفت "بريتش غاز" البريطانية حقول الغاز قبالة غزة قبل 25 عاما، وتعرف اليوم بـ"غزة مارين 1″ و"غزة مارين 2″ وتشكل نقطة اهتمام لإسرائيل وأميركا في استغلال الموارد الفلسطينية.

وتضيف علامي أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على موارد الطاقة والمياه في غزة، مما يعيق جهود إنشاء بنية تحتية طاقوية مستقلة في القطاع، ويستفيد الاحتلال من "الغاز المسروق" والمياه، فيما يعاني الفلسطينيون في غزة من أزمة طاقة حادة.

هيمنة إقليمية

وتشير علامي إلى مصلحة إسرائيل في استخراج الغاز قبالة سواحل فلسطين ولبنان ومصر، وتعزو ذلك إلى أهداف الاحتلال التي تقويها اتفاقيات أوسلو وبروتوكول باريس، مثل تشجيع التوسع الاستيطاني وتقييد وصول الفلسطينيين إلى الموارد.

وقد فرضت الاتفاقيات خضوعا اقتصاديا تاما لإسرائيل، وعرقلت وصول الفلسطينيين إلى الموارد الطبيعية، مما أدى إلى تخلف اقتصادي كبير ومتفاقم بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية التي لا تتوقف.

وتقول علامي إنه قبل فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2007 تضمنت مفاوضات "السلام" بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية توقيع اتفاق بقيمة 4 مليارات دولار سنويا لشراء تل أبيب غاز غزة ابتداء من 2009، لكن فوز حماس علق الاتفاقيات، فيما فرضت إسرائيل حصارا مشددا على غزة، وفي تلك الفترة خططت تل أبيب لغزو غزة، وفي الوقت نفسه كانت تفاوض على اتفاق مع مجموعة بريتش غاز.

وعام 2005، بعد صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل واكتشاف حقل تمار عام 2009 تباطأت الحاجة لاستخراج الغاز من غزة، ومع ذلك استمرت الخطط للاستفادة من حقول الغاز مع فرض الحصار على القطاع.

وتقول الكاتبة إن لبنان -الذي تنازعه إسرائيل على الحدود البحرية منذ 2010- وقع اتفاقا تاريخيا في 2022 لترسيم الحدود بوساطة الولايات المتحدة التي ستكون مراقبا ووسيطا في عمليات استخراج الغاز بالإضافة إلى مشاركة بيانات الموارد.

الصفقة تقتصر على "الشركات الدولية ذات السمعة الطيبة" التي توافق عليها قبل الولايات المتحدة لاستخراج الغاز، مما يحد من سيطرة لبنان على جزء كبير من المنطقة المتنازع عليها.

وفي 2016 وقعت "الكهرباء الوطنية الأردنية" اتفاقا لمدة 15 عاما مع إسرائيل وشركات طاقة مثيرة للجدل حسب الكاتبة، وبدأت إسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2019 تصدير "الغاز المسروق" إلى الأردن من حقل ليفياثان.

تحدي النظام العالمي

وتخلص علامي إلى أن الاهتمام الإسرائيلي بحقول الغاز قرب فلسطين يعد مثالا جليا "للإمبريالية"، ورغم محاولات إخفاء الاستيلاء على الموارد فإن هذا السعي لتصدير الغاز من حقل ليفياثان إلى الأسواق الأوروبية جزء من خطط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل منذ فترة.

وتشير علامي إلى أن الهجمات اليمنية على الطرق البحرية لإسرائيل تشكل تهديدا لها ولسلامة الاقتصاد العالمي، وكل محاولة "للسرقة" ترافقها جهود لحفظ حدودها "الاستعمارية".

وتستنتج الكاتبة أن هذه الأحداث ما هي إلا جزء من مشروع إسرائيلي يستند إلى سياسات التطهير العرقي ونزع الملكية والسيطرة الاقتصادية، وأن تحرير فلسطين يعني نهاية هذا المشروع بكافة تفاصيله "الاستعمارية" واستعادة الموارد البحرية الفلسطينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حقول الغاز جزء من

إقرأ أيضاً:

ماذا تريد إيران دوليا وإقليميا من منتدى طهران للحوار؟

طهران- بعد عام من تجميده بسبب سقوط المروحية الرئاسية التي أودت بحياة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان في 19 مايو/أيار العام الماضي، انطلق منتدى طهران للحوار عشية الذكرى الأولى للحادث بمشاركة 200 مسؤول ومفكر من 53 دولة، منهم وزراء خارجية وسفراء وممثلون حكوميون إلى جانب مسؤولين وأكاديميين إيرانيين.

وتحت عنوان "الفاعلية الإقليمية في نظام عالمي متغير: وفاق أم انقسام؟" بدأت فعاليات المنتدى في مقر مكتب الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية برعاية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وحضور لافت للمسؤولين الإيرانيين منهم وزير الخارجية عباس عراقجي وسلفه محمد جواد ظريف ورئيس المجلس الإستراتيجي للسياسات الخارجية كمال خرازي.

كما يحظى المنتدى بدورته الرابعة بحضور ضيوف رفيعي المستوى من الدول الجوار؛ أبرزهم نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، وبدر البوسعيدي وزير خارجية عُمان، وسراج الدين مهر الدين وزير خارجية طاجيكستان، وأميرخان متقي القائم بأعمال وزارة خارجية الإمارة الإسلامية في أفغانستان، وكذلك آرمن غريغوريان مستشار الأمن الوطني الأرميني، وحكمت حاجي أف مساعد الرئيس الأذربيجاني، ووفدا أمميا و40 ضيفا أوروبيا.

إعلان

أهمية المنتدى

وأوضح زاده نائب وزير الخارجية الإيراني، سعيد خطيب زاده، أن المنتدى يُعتبر استمرارا لثلاث فعاليات ومؤتمرات  دولية سابقة كانت تنظمها طهران منذ 4 عقود، حيث أُدمجت عام 2021 تحت مظلة واحدة.

وأكد خطيب زاده، أن منتدى حوار طهران ليس مجرد منصة حيادية بل فرصة لإيران لتصحيح الروايات المُعادية عبر خطاب مباشر مع العالم وتعزيز التفاهم بحوارات غير رسمية بين صنّاع القرار والخبراء إلى جانب مواجهة التحديات بأدوات دبلوماسية مبتكرة.

من جانبه، أشاد وزير الخارجية عباس عراقچي، بفكرة المنتدى، واصفا إياه ـخلال استقباله وفدا من مؤسسة أغواش المتخصصة في دراسات نزع السلاح النووي- بأنه "مبادرة رائدة تجمع مفكرين من دول ومناطق مختلفة في طهران لمناقشة القضايا الإقليمية والعالمية.

ويوفر المنتدى منصة دبلوماسية لطهران لعرض رؤيتها في القضايا الإقليمية والعالمية، مثل نزع السلاح النووي، والتركيز على الاستخدامات السلمية لبرنامجها النووي، ولعب دور فاعل في مواجهة التطورات لا سيما في منطقة غرب آسيا.

تطلق طهران منتداها للحوار كفرصة لعرض قضايا حيوية تهمها ودورها الفاعل دوليا وإقليميا ( الأناضول) محاور وقضايا

ووفقا لجدول أعمال المنتدى، فقد خطط لعقد 40 جلسة نقاش على مدار يومين، بعضها سيكون مغلقا بحضور وزراء الخارجية والمبعوثين الرسميين، في حين ستبث اجتماعات أخرى مباشرة للجمهور، بينما ستنشر حوارات -سيجريها مركز الدراسات السياسية والدولية- لاحقا.

وتركز فعاليات المنتدى على محاور:

 الوضع الفلسطيني الراهن ومقاومة "العدوان الصهيوني".  السيناريوهات المستقبلية للنظام الدولي والهيكليات البديلة.  تشكيل نظام جديد في غرب آسيا.

ويتناول المؤتمرون في حلقات نقاش نزع السلاح في الشرق الأوساط، والعقوبات الدولية المفروضة على إيران وآليات رفعها، والتحديات التي تواجه النظام الدولي، وكذلك تعزيز الحوار كأداة لتحسين الفهم المشترك.

إعلان

وتتمحور النقاشات حول تعزيز الحوار بين إيران والأطراف الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي، مع إبراز دور الدبلوماسية في إدارة الأزمات وفقا للرؤية الإيرانية.

أهداف منظورة

وفي ظل التحديات الجيوسياسية القائمة في الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2023، واحتدام التوتر بين واشنطن وطهران منذ مطلع العام الجاري، حيث عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تركز إيران عبر منتدى الحوار على تقديم رؤيتها تجاه التطورات الإقليمية والإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة المحاصر، والتحذير من خطورة السياسات الإسرائيلية على الأمن والسلم الدوليين.

وانطلاقا من منتدى الحوار، تسعى طهران لتسليط الضوء على تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من جهة ومفاوضاتها المتواصلة مع واشنطن من جهة أخرى، مع التركيز على ما تعتبره "تعنتا أميركيا ومطالب غير قابلة للنقاش"، وهذا ما كانت قد ذهبت إليه التصريحات الرسمية مع وفد مؤسسة أغواش.

كما يمثل المنتدى فرصة لطهران لبناء تحالفات سياسية واقتصادية وتعزيز دورها الإقليمي والدولي في ظل تحولات النظام العالمي، إلى جانب النقاشات التي يُعول عليها للمساهمة في خفض التوتر مع القوى الغربية لا سيما على ضوء مشاركة وفد من الأمم المتحدة.

وقد تعزز مشاركة شخصيات سياسية ودبلوماسية إقليمية ودولية رفيعة المستوى الحوار الإقليمي بين الأطراف المتنازعة لا سيما في سوريا واليمن وجنوب القوقاز، فضلا عن فاعلية حضور ممثلي حلفاء إيران الشرقيين مثل روسيا والصين من أجل الدفع نحو تعزيز تحالف شرقي لمواجهة السياسات الغربية.

وكانت وازارة الخارجية الإيرانية قد أعلنت أن نحو 50 وسيلة إعلامية أجنبية ستغطي فعاليات منتدى الحوار، ما يتيح لطهران الترويج لروايتها مباشرة إلى الرأي العام العالمي، وتصحيح ما تعتبره "تشويها وشيطنة" حيال سياساتها، واتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • 5 مشروبات لحرق دهون البطن على معدة فارغة وخسارة الوزن بسرعة
  • كل ما تريد معرفته عن الأضحية في الإسلام.. الأحكام والشروط
  • أكشن مع وليد : هل جماهير الاتحاد تريد استمرار المدرب بلان
  • ماذا تريد إيران دوليا وإقليميا من منتدى طهران للحوار؟
  • ماذا تريد أميركا من الشرع؟
  • حركة الجهاد : بيانات القمة العربية “فارغة” ما لم توقف جريمة الإبادة في غزة
  • الجهاد الإسلامي: بيانات القمة العربية "فارغة" ما لم توقف الإبادة في غزة
  • وزير خارجية الدنمارك لـ "الفجر": علاقتنا مع واشنطن قوية رغم التوترات ومستقبل جرينلاند يحدده سكانها
  • إسرائيل لا تريد اليونيفل بل منطقة عازلة
  • بـ كمامة وكاب.. فحص فيديو تهشيم 4 شباب معرض سيارات بالمهندسين