وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم دانيال فينغولد- أن أحداث السابع من أكتوبر كانت لها آثار بعيدة المدى في الصحة العقلية في إسرائيل، مشيرة إلى دراسة أجراها بشكل مشترك البروفيسور دانا تسور بيتان من جامعة حيفا، ومركز شلفاتا للصحة العقلية، والبروفيسور يوفال نيريا من جامعة كولومبيا، بحثت في التداعيات النفسية لهذه الأحداث التي أثرت في 420 إسرائيليا في سن 18 وما فوق.

وكشفت الدراسة عن ارتفاع ملحوظ في استهلاك المواد المسببة للإدمان بعد بداية الحرب، حيث أشار 16% من المشاركين إلى زيادة طفيفة في تعاطي النيكوتين، بينما أشار 10% إلى زيادة في استهلاك الكحول، وأبلغ 5.5% عن زيادة في تعاطي القنب،

كما شهد استخدام العقاقير الطبية التي قد تؤدي إلى الإدمان ارتفاعا كبيرا، مع زيادة استخدام المهدئات بين 11% من المشاركين، والحبوب المنومة بين 10%، ومسكنات الألم بين 8%. ومع أن هذه النتائج لا تشير بالضرورة إلى ظهور اضطراب مزمن أو طويل الأمد حسب الدراسة؛ لكن قد تكون هناك آثار محتملة لهذا الاعتماد المتزايد على المواد التي قد تسبب الإدمان.

وأشارت الدراسة إلى أن بعض الأفراد لديهم استعداد وراثي وسمات شخصية محددة تزيد من احتمال إصابتهم بالإدمان، لكن أحداث الحياة الصعبة والصادمة يمكن أن تؤدي إلى الاضطراب العاطفي والرغبة في تخفيف الانزعاج.

وفي مثل هذه الأوقات، تقول الصحيفة، يلجأ بعض الناس إلى المواد المسببة للإدمان كالنيكوتين والكافيين والكحول وتجربة الحشيش والمخدرات الأخرى، للحصول على الراحة الفورية، وربما إلى الأدوية، مثل المهدئات والمسكنات والحبوب المنومة.

وبمرور الوقت، يتمكن معظم الناس من تقليل استخدام هذه المواد وإبقائها ضمن النطاق المعياري -كما تقول الدراسة- لكن الأفراد الذين يعانون الصدمات الشديدة والضيق، والذين تكون آليات التكيف لديهم غير كافية، قد يصابون بالتبعية بالإدمان.

ويتطور الاعتماد إلى إدمان يتجلّى في إخفاء صاحبه المواد المخدرة عن الآخرين، وفي بذله موارد كبيرة وجهدا بالغا في التفكير في المخدر وتنظيم الحصول عليه واستهلاكه. ونصحت الصحيفة الإسرائيليين في حال الإدمان بالبحث عن منافذ بديلة للاحتياجات العاطفية، مثل التحدث مع صديق أو الذهاب في نزهة أو الاستماع إلى الموسيقى أو الصلاة، أو طلب العلاج النفسي.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

حالة اللاسلم واللاحرب في غزة توقظ كابوس التهجير

انشغلنا جميعا وعن حق بإحصاء كوارث خطة ترامب والقرار الأممي على القضية الفلسطينية في المستقبل. ناقشنا خطر الوصاية الأجنبية والاستعمار القديم/ الجديد في مجلس السلام واحتمالات الفوضى والإرهاب في حال نزع سلاح المقاومة ومخاطر تحويل غزة لمحمية أجنبية معزولة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية. ربما علينا أن نهتم، أيضا، بإحصاء الكوارث الفورية التي حدثت خلال الأسابيع الستة الأخيرة منذ توقيع اتفاق شرم الشيخ المشؤوم أكتوبر الماضي. السبب الرئيسي في هذه الكوارث هو الاستراتيجية الإسرائيلية الشريرة والمعتادة والتي لم يتعلم منها أحد في تحويل كل اتفاق سلام أو كل اتفاق هدنة مع العرب أو طرف منهم إلى حالة «اللاسلم واللاحرب» فتقوم بخرق الاتفاق أو الهدنة إما بمواصلة القتال بشكل متقطع أو بفرض وقائع جديدة على الأرض تحقق بها أهدافها بينما يبدو للجميع أن الحرب قد انتهت ومعاناتها قد توقفت فانشغلوا عنها وتتراجع كل الضغوط القاسية التي كانت تحاصر إسرائيل. في أول مواجهة نظامية في حرب الـ٤٨ عقدت اتفاقات الهدنة عام لوضع حد للصراع العسكري.. وضع العرب السلاح كالعادة لكن إسرائيل فرضت حالة اللاسلم واللاحرب بتغيير جيوسياسي جعل إسرائيل تطل على البحرين المتوسط والأحمر. هذا التغيير الذي مازلنا نعاني منه حتى الآن هو احتلال مدينة أم الرشراش المصرية على البحر الأحمر «إيلات الحالية» وقبله كان البحر الأحمر بحيرة عربية خالصة. استمرت إسرائيل في ظل الهدنة المذكورة في الاعتداء المتقطع على غزة (فيما عرف وقتها بكتيبة شارون الذي بات لاحقا رئيسا للوزراء) وعلى جنوب لبنان. اتفاق أوسلو ٩٣ الذي كان يفترض أن يقيم دولة فلسطينية سلاما فلسطينيا - إسرائيليا حولته النزعة التوسعية إلى حرب شبه يومية على الفلسطينيين في الضفة واستولى الاستيطان غير الشرعي على معظم أراضي الدولة الفلسطينية المفترضة بالاستيلاء على ٦٠٪ من أراضيها، وارتفع عدد المستوطنين من مائة ألف إلى نحو مليون نسمة. في اتفاق شرم الشيخ الأخير لإنهاء الحرب في غزة الذي قدمه ترامب للعالم على أنه أنهى الحرب وجلب سلاما للمنطقة لم تعرفه منذ ثلاثة آلاف عام!! واصلت إسرائيل قصف الفلسطينيين وخرقت الهدنة ٥٠٠ مرة في شهر ونصف وقتلت ما يقرب من ٣٥٠ فلسطينيا ووسعت الأرض التي تحتلها من القطاع التي تزيد أصلا عن ٥٣٪ من مساحته. لم تكتف واشنطن راعية الخطة التي تحقق لإسرائيل الأهداف التي عجزت عن تحقيقها بالحرب على مدى عامين كاملين ولكن تواطأت على خرقها المستمر للاتفاق كما هي العادة منذ حرب الـ٤٨ رغم أنها تتلقى تقريرا يوميا عن حالة اللاسلم واللاحرب من الانتهاكات الإسرائيلية والموثقة بالصورة والصوت والأرقام من الفلسطينيين عن طريق الثلاثي القطري المصري التركي الذي يهبط به صمم وانحياز واشنطن إلى التدحرج من مركز الضامن ومركز الوسيط إلى مركز ساعي البريد ونقل الرسائل.

في مقابل كل هذه المكاسب الإسرائيلية والأمريكية كانت هناك هذه الخسائر الفورية للفلسطينيين والعرب:

تراجع نسبي في عزلة إسرائيل التي كانت قد أصبحت - قبل أن ينقذها هذا الاتفاق - دولة منبوذة رئيس وزرائها محكوم عليه كمجرم حرب، تخشى طيارته أن تحلق في بلاد معينة حتى لا يقبض عليه. كانت قرارات مقاطعتها وحظر السلاح إليها وقطع العلاقات الدبلوماسية معها في مقابل موجة اعتراف بالدولة الفلسطينية تتوالى وبدأت في خسارة الرأي العام الأمريكي خاصة وسط الشباب والديمقراطيين وحتى داخل معسكر «ماجا» اليميني التابع لترامب. بدأت إسرائيل بتكوين تحالفات عالمية لفك عزلتها وبدأت بالتعاون مع شركات التكنولوجيا الكبرى المهيمنة على وسائل التواصل الاجتماعي في التلاعب بخوارزميات هذه التطبيقات واستخدام الذكاء الاصطناعي لإحياء السردية الإسرائيلية التي هزمت شر هزيمة في حرب غزة وارتفع وعي الشعوب بحقيقة إسرائيل ككيان احتلالي عنصري نزعته الوحيدة هي التوسع والتوحش الدموي تجاه محيطه في حرب أبدية لا تهدأ حتى يشعلها من جديد.

تراجع الاهتمام العالمي الشعبي والرسمي والإعلامي بغزة وفلسطين؛ فقد أصبحت غزة حتى في وسائل الإعلام العربية الخبر الثالث أو الرابع وفي الأخبار العالمية تنزوي بعيدا.. تراجعت أعداد المظاهرات التي كانت تتم يوميا في العالم وتراجع أعداد المشاركين فيها وهي كانت أهم قوة ضغط على حكوماتها وعلى المجتمع الدولي. صحيح أن الناشطين الغربيين مازالوا ضاغطين في وسائل التواصل الاجتماعي لكن التراجع يجب الاعتراف به.

تراجع التبرعات المالية الإنسانية لمنظمات الأمم المتحدة لإغاثة غزة بالطعام والدواء، ويقدر البعض التراجع بأكثر من ٦٠٪.. وهذا العامل مهم لأنه يتضافر مع عوامل أخرى ليصنع الخسارة الكبرى الراهنة للعرب خاصة لمصر وفلسطين من اللاسلم واللاحرب الإسرائيلي/ الأمريكي. ونقضت إسرائيل الاتفاق في بنده الذي يشترط دخول ٦٠٠ شاحنة مساعدات غذائية ودوائية ورفضت فتح معبر رفح مع مصر حتى الآن؛ وكانت النتيجة هي عدم حدوث تحسن حقيقي في الأحوال المعيشية لنحو مليوني فلسطيني دفعت الأغلبية الساحقة منهم للجزء الأصغر من القطاع الصغير أصلا في المنطقة الغربية. منع الغذاء والدواء ومنع القصف اليومي للوصول للمستشفيات القليلة الباقية ومنع دخول المساكن المؤقتة والخيم المجهزة والموجودة على الجانب الآخر من المعبر هو مخطط إسرائيلي للاستفادة غير الإنسانية من دخول الشتاء القارص وهطول الأمطار المستمر على الفلسطينيين ولا مأوى يحميهم بحيث توقظ كابوس التهجير الفلسطيني إلى غزة.. يعترف قيادي كبير في حماس بعودة التهجير إلى الواجهة مع استمرار القصف والقتل والمجاعة والعراء في حديث قبل يومين فيقول: لا يزال مخطط التهجير قائما موجودا على أجندة الاحتلال ويعمل بكل الطرق لتنفيذ هذا المخطط سواء بالقتل والإبادة أو بدفع الناس إلى خيار الهجرة من خلال تعظيم المأساة الإنسانية أو من خلال تسهيل الخروج «التهجير» ومنع الدخول إلى القطاع.

التهجير ليس تصفية للقضية الفلسطينية فحسب بل هو كارثة جيوسياسية على الأمن القومي المصري وعلى الاستقرار السياسي للدولة الأكبر ذات المائة وعشرة ملايين نسمة، وما لم يتحرك العرب نحو موقف موحد لوقف حالة اللاسلم واللاحرب وما لم يرتفع الضامنون إلى مستوى المعنى السياسي لحالة وتوقيع الضامن والشريك واكتفوا بدور ساعي البريد فإن اتفاق شرم الشيخ سيحول هذه المنطقة إلى فوضى شاملة وبيئة نشطة للإرهاب من كل صوب وحدب.

حسين عبد الغني كاتب وصحفي مصري

مقالات مشابهة

  • كيف تفقد الأرض 324 مليار متر مكعب من المياه العذبة سنويا؟
  • حالة اللاسلم واللاحرب في غزة توقظ كابوس التهجير
  • عشاء في السماء ينقلب كابوسًا لعائلة
  • هل تستطيع إسرائيل مجاراة حزب الله بعد زيادة قدراته التسليحية؟.. فيديو
  • ما دلالة تصدي المقاومة الشعبية في بلدة بيت جن للهجوم الإسرائيلي؟
  • الشيخ نعيم قاسم: اتفاق وقف إطلاق النار مع العدو الإسرائيلي يوم انتصار للمقاومة وللبنان
  • الشيخ نعيم قاسم: من حقنا الرد على اغتيال الطبطبائي.. وأولي البأس كسرت المشروع الإسرائيلي
  • مختص لـ"صفا": التصعيد الإسرائيلي بسوريا تسريع بقمع مفهوم المقاومة وسيفضي لنتائج عكسية
  • تحليل: التصعيد الإسرائيلي بسوريا تسريع بقمع مفهوم المقاومة بالمنطقة وسيفضي لنتائج عكسية
  • الأنبار.. المناطيد تنقل المخدّرات من خارج الحدود والتثقيف حاجة ملحّة لمواجهتها