كشف تقرير لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن الذراع العسكري لحركة حماس، كان يستعد لهجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل "منذ سنتين وفي سرية تامة"، مشيرة إلى أن "ثلاثة أو أربعة أشخاص فقط" كانوا على علم بتفاصيل المخطط.

وأجرت الصحيفة مقابلات مع عدد من قيادات الحركة في كل من لبنان وقطر والأردن، إضافة إلى مصادر مقربة من القيادات في غزة، موردة أن أقرب حلفاء الحركة، مثل حزب الله وداعمهم الرئيسي إيران، "لم يبلغوا بالهجوم إلا قبيل انطلاقه".

في هذا الجانب، ذكرت الصحيفة، أن زعيم "حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، "أُبلغ بخطط حماس لشن هجوم متعدد الجوانب على جنوب إسرائيل، قبل نصف ساعة من بدء الهجوم في 7 أكتوبر".

وبحسب التقرير، تلقى القيادي البارز في حماس صالح العاروري، المقيم في لبنان، مكالمة هاتفية صباح يوم 7 أكتوبر، لإبلاغه بالعملية الوشيكة، وطُلب منه إبلاغ زعيم حزب الله.

وأفادت "لوفيغارو"، بأن فكرة الغزو البري لإسرائيل كانت تلوح في الأفق منذ عامين، كما يؤكد مصدر مقرب من قيادة حماس في الأردن: "المرة الأولى التي سمعت عنها كانت في عام 2021".

غير الصحيفة، تشير إلى التضارب الحاصل بشأن حصول القادة العسكريين للحركة على موافقة نظرائهم السياسيين الذين يتمركز أغلبهم بالخارج، مشيرة إلى أن البعض يتحدث عن أنه جرى التوافق على الهجوم قبل 3 أشهر من شنه، في حين تشير تقديرات أخرى إلى أن يحيى السنوار قرر مع محمد ضيف، رئيس الذراع العسكري للحركة، تنظيم الهجوم.

تعليقا على هذه النقطة، يقول خالد مشعل، القيادي بالجناح السياسي لحركة حماس، لصحيفة لوفيغارو: "لا يمكننا الإجابة بنعم ولا لا". 

وبحسب قوله، فإن "استراتيجية حماس التي تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتوفير الحرية للفلسطينيين، تندرج ضمن سياسات الحركة، وكل تفاصيلها العملياتية منوطة بالسلطات العسكرية" للمنظمة، المصنفة على لوائح الإرهاب بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

"استراتيجيات تمويه وأداء عمرة"

وذكرت الصحيفة، أن يحيى السنوار ومحمد ضيف، قاما بـ"تمويهات كبيرة" لتجنب كشف خططهما للهجوم، مشيرة مثلا إلى أن السنوار، أجرى تغييرات صورية في عدد من المناصب القيادية بكتائب القسام، دون أن يتم فعليا تغيير المسؤولين، وذلك بهدف تشتيت انتباه الإسرائيليين وتمويههم بشأن القيادات الحقيقية للتنظيم العسكري.

ونقلت الصحيفة عن "مروان" الذي لم تكشف هويته، وقالت إنه شخصية كبيرة من قطاع غزة، كانت على صلة بيحيى السنوار وعلى اطلاع على تفاصيل داخلية تنظيم، أن استراتيجية التمويه هاته طالت حتى رأس السلطة"، لافتة إلى أن الزعيم الحقيقي لكتائب عز الدين القسام، ليس محمد الضيف، ولا مروان عيسى، الرجل الثاني في القيادة، بل هو محمد السنوار، شقيق يحيى".

ويتابع "مروان" متحدثا عن الضيف، أنه "يمشي على عكاز، لكن رأسه لا يزال يعمل بشكل جيد، حيث يحل المشاكل الداخلية في الفرع المسلح"، مشيرا "هو شخصية محترمة داخل التنظيم، ولكن الذي يحرك الألوية هو محمد الأخ الذي يحميه يحيى".

وقبل حوالي شهر ونصف من العملية، فرضت حماس السرية على قادتها العسكريين الرئيسيين، وأمرتهم بالحد من اتصالاتهم مع بعضهم البعض. 

وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، يقول "مروان" غير المنتمي إلى حماس، إنه فوجئ بملاحظة أن العديد من الشباب، المعروفين بتعاطفهم مع حماس والجهاد الإسلامي، قد ذهبوا لأداء العمرة بالسعودية.

يضيف مروان: "لم أرهم بعد ذلك يعودون.. لقد ذهبوا للتدريب في سهل البقاع في لبنان، أو حتى في سوريا".

وفي الأشهر التي سبقت العملية، "عزل السنوار نفسه عن الفرع السياسي في الخارج، وكان بالكاد يرد على المكالمات الهاتفية من أعضاء الحركة"، حسبما تضيف الصحيفة.

وفي نهاية شهر سبتمبر، اضطر موسى أبو مرزوق، أحد قيادات هذا الجناح السياسي المقيم في قطر، إلى الانتظار عدة أيام قبل أن يتمكن من لقاء السنوار في غزة، وكان اللقاء بين الرجلين عاصفاً، حسبما أكد مصدر في حماس للصحيفة.

وأورد التقرير، أن علاقات السنوار "كانت متوترة في بعض الأحيان مع حلفائه في قطر"، مستندا على حديث "مروان" الذي يقول إن "السنوار لا يثق كثيرا بالقطريين". 

ويورد التقرير نقلا عن مصدر مقرب من حماس في الأردن، قبل الحرب "كانت إسرائيل قد منعت وصول الأموال من قطر إلى حماس"، وعندما وصل سفير قطري إلى غزة ومعه "13 مليون دولار فقط شهريا بدلا من 30 مليوناً المتوقعة، قال له السنوار: "خذ الـ 13 وارجع مع الـ 17 الآخرين كما هو مخطط".

وأورد المصدر ذاته، أن "السنوار يفقد أعصابه" أيضا مع حلفائه في "محور المقاومة"، موضحا أنه "في نهاية شهر أكتوبر، خلال الأسبوع الأول من العملية البرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، نقل الزعيم بالحركة الإسلامية السنية رسالة إلى حزب الله الشيعي يتساءل فيها عن سبب عدم انخراطه بشكل أكبر مع حماس".

وبعد وقت قصير من 7 أكتوبر، يقول مصدر لبناني مقرب من الجماعة الشيعية، "ساد الارتباك داخل حزب الله، خاصة وأن العالم كله كان يحاول معرفة ما إذا كانت إيران تقف وراء الهجوم على إسرائيل".

فمن ناحية، اتُهم حزب الله وطهران بالمشاركة في التخطيط لها. ومن ناحية أخرى، "لم يكونوا راضين عن حماس، لأن الأوراق التي كان من المقرر أن يستخدموها في العمليات المستقبلية ضد إسرائيل قد فجرها الفلسطينيون: الاختراق داخل إسرائيل، والأصول الجوية، وعنصر المفاجأة".

"حماس لن تدمر"

وخلال الأيام الأخيرة، كثف الجيش الإسرائيلي الخميس غاراته وعملياته البرية في وسط وجنوب غزة، وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هاليفي، الثلاثاء، إن "الحرب ستدوم لأشهر طويلة"، لافتا إلى أن إسرائيل "ستتبع الأساليب المختلفة بغية ضمان صمود الإنجاز طويلاً".

وتابع: "جيش الدفاع يوشك على استكمال تفكيك الكتائب الحمساوية شمالي القطاع.. وسنصل أيضًا إلى القيادة الحمساوية، سواء استغرق ذلك أسبوعًا أو أشهر".

وفي مقال رأي نُشر، الاثنين، على صحيفة وول ستريت جورنال، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد نشر مقالا في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الإثنين، وضع فيه "3 شروط مسبقة" لا بدّ منها، "لتحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها الفلسطينيين في غزة". 

وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقاله: "يجب تدمير حماس، وينبغي نزع سلاح غزة، ولا مناص من استئصال التطرف من المجتمع الفلسطيني".

وأضاف: "لا بد من إقامة منطقة أمنية مؤقتة على محيط غزة، وآلية تفتيش على الحدود بين غزة ومصر، تلبي احتياجات إسرائيل الأمنية وتمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع".

وأكد نتانياهو رفضه إسناد إدارة القطاع مستقبلاً إلى السلطة الفلسطينية، التي اتهمها بـ"تمويل الإرهاب وتمجيده" في الضفّة الغربية.

بالمقابل، قال خالد مشعل، إنه "بعد ثلاثة أشهر من القصف، ما زالت صواريخنا تصل إلى تل أبيب"، مضيفا أن  "المقاومة الفلسطينية لا تشعر بالقلق"، حيث أنه "منذ البداية حددت إسرائيل لنفسها هدفين: تدمير حماس وتحرير الرهائن. لكن اليوم يتساءل الرأي الإسرائيلي: هل هذه الأهداف واقعية؟ بالتأكيد لدينا خسائر، لكن لم يكن لها أي تأثير على القدرة العسكرية لحماس، ولا على قدرة قيادتها على تنفيذ العمليات. حماس لن يتم تدميرها..".

ويتابع خالد مشعل: "تحت ضغط عائلات الأسرى، تريد إسرائيل والولايات المتحدة هدنة جديدة، لكن قيادة حماس ترفض. وشروطنا واضحة: إنهاء العدوان، ووقف دائم للأعمال العدائية للسماح بالإفراج المتبادل عن الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين، وإجراء عملية شاملة من المفاوضات حول القضايا الأساسية الأخرى".

وبعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر، يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية حادة بعد التدمير الواسع الذي طاله جراء القصف الإسرائيلي، واضطرار زهاء 85 في المئة من سكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة للنزوح، وفق الأمم المتحدة.

وشددت إسرائيل حصارها على القطاع بعد الحرب، وقطعت إمدادات الكهرباء والمياه والوقود والغذاء والدواء. وعلى مدى الأسابيع الماضية، دخلت قوافل من المساعدات إلى القطاع، لكن المنظمات الدولية تؤكد أنها لا تلبي حاجات السكان في القطاع الفلسطيني.

وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس بعد الهجوم غير المسبوق والعنيف الذي شنته الحركة في السابع من أكتوبر الماضي وأسفر عن 1140 قتيلا، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، كما تفيد آخر الأرقام الرسمية الإسرائيلية.

وفي ذلك اليوم، خطف مسلحو حماس نحو 250 شخصا، لا يزال 129 منهم محتجزين في غزة، حسب إسرائيل.

وأدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل 21110 شخصا في قطاع غزة، معظمهم من النساء  والأطفال، حسب آخر تقرير صدر عن وزارة الصحة التابعة لحماس. كما أجبر 1,9 مليون شخص على الفرار من منازلهم، حسب الأمم المتحدة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: حزب الله قطاع غزة إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

معركة الصورة الأخيرة.. كيف تحاول إسرائيل محو بطولة السنوار عبر أنفاق رفح؟

شدد محللون وخبراء على أن إسرائيل تسعى إلى استبدال صورة المقاتل الصامد -كصورة يحيى السنوار وهو يقاتل بآخر ما لديه من رمق- بصورة مقاتل آخر يخرج بثيابه الداخلية رافعا الراية البيضاء، في محاولة لتحقيق نصر إعلامي بعد الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة من الحرب.

وأكد المحللون -في مقابلات للجزيرة نت- أن ملف المقاتلين في الأنفاق معقد من النواحي العسكرية والأمنية، خاصة أن خريطة غزة أصبحت مختلفة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ، وبات المقاتلون جغرافيا خارج الخط الأصفر، أي في المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ومن الناحية القانونية، حذروا من أن ما يجري ضد مقاتلي المقاومة الفلسطينية المحاصرين في أنفاق رفح (جنوبي قطاع غزة) يشكل انتهاكا جسيما لاتفاق وقف إطلاق النار، ويرقى إلى جريمة اغتيال بموجب القانون الدولي، وأن إسرائيل تضعهم أمام خيارين كلاهما مر: إما الاستسلام المهين أو القتل داخل الأنفاق.

واعتبر الخبراء أنه بعد أي وقف لإطلاق النار بين قوتين متقاتلتين، ينسحب المقاتلون إلى خطوط محددة، ولا يجوز التعرض لهم بأي شكل من الأشكال. وأضافوا أن ما تقوم به إسرائيل ليس قتلا في سياق معركة، بل هو اغتيال صريح لمقاتلين يجب أن يكونوا محصنين بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

قوات من الكتيبة 92 التابعة للواء كفير الإسرائيلي اختطفت رجلين فلسطينيين مسنين من بيت لاهيا (الصحافة الفلسطينية)صورة للنصر المزيف

وفي ظل محاولات إسرائيل المستميتة لتحقيق نصر إعلامي بعد عامين من عدوان أسفر عن استشهاد 70 ألف فلسطيني وإصابة نحو 170 ألفًا، وتدمير نحو 90% من البنية التحتية لقطاع غزة وفقًا لإحصاءات وزارة الصحة في غزة، يرى مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن إسرائيل وضعت المقاومة الفلسطينية أمام خيارين كلاهما مر.

الخيار الأول -حسب الرنتاوي- هو "الخروج المهين والمذل لمقاتلي المقاومة من الأنفاق، في صورة المستسلم الذي تريد إسرائيل أن تقدمه كعبرة للآخرين، حتى تلتقط لنفسها صورة نصر ولو كان جزئيًا، وتخلق مشهدًا بديلا لصورة البطولة والبسالة التي قدمها المقاتل الفلسطيني خلال السنتين الأخيرتين".

إعلان

وأضاف مدير مركز القدس -في تصريحات للجزيرة نت- أن إسرائيل تسعى إلى استبدال صورة يحيى السنوار وهو يقاتل بآخر رصاصاته، ويقذف الطائرة الإسرائيلية المسيرة بعصاه وهو جريح في مواجهة مباشرة وعلى مسافة صفر، بصورة مقاتل آخر يخرج بثيابه الداخلية رافعًا الراية البيضاء.

أما الخيار الثاني الذي تطرحه إسرائيل على المقاومة، فهو قتل المقاتلين داخل مواقعهم، وتصفيتهم داخل الأنفاق أو بعد خروجهم منها، حسب ما ذهب إليه الرنتاوي.

ويؤكد أن إسرائيل "ما تزال تتربص بهؤلاء المقاتلين، وتحاول القضاء عليهم داخل الأنفاق، سواء بالقصف الوحشي أو بإغلاق الأنفاق وقطع الماء والهواء والغذاء، لتحويل تلك الأنفاق إلى مقابر جماعية".

وفي السياق ذاته، يتفق الخبير الأمني والعسكري أسامة خالد مع هذا التقييم، مؤكدا أن التعنت الإسرائيلي ومحاولة الاستثمار في هذا الملف يعد استثمارا "لضعف موقف المقاومة التي لا زالت تسعى لملمة صفوفها وإدامة الاتفاق بما يضمن عدم عودة الإبادة للحاضنة الشعبية".

ويشدد خالد على أن جيش الاحتلال "يصر على استسلام من تبقى من المقاتلين لكي يحصل على صورة نصر ومشهدية كبيرة يعوض بها حالة الضعف والجبن أمام مقاتل صمد في باطن الأرض أكثر من عامين".

وحسب تصريحات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد أعلن أنه قتل أكثر من 40 مسلحا خلال غارات وتفجيرات استهدفت أنفاقا في منطقة رفح جنوبي قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة. في المقابل، تقدر حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) بأن عدد مقاتليها العالقين داخل الأنفاق يتراوح بين 80 و100 مقاتل، وهم في وضع إنساني بالغ الصعوبة مع انعدام سبل الحياة من ماء وغذاء وهواء.

هويات 3 جثث لأسرى الاحتلال تم العثور عليها في مسار أحد الأنفاق جنوب قطاع غزة (مواقع التواصل)القانون الدولي وحماية المحاصرين

وفي سياق التحليل القانوني لما يجري في أنفاق رفح، يؤكد الخبير في القانون الدولي أنيس القاسم أن الوضع القانوني واضح تمامًا، معتبرًا أن "ما يجري مع مقاتلي المقاومة الفلسطينية داخل الأنفاق هو عملية اغتيال".

وفي تصريحات للجزيرة نت، يشرح القاسم ذلك بأنه "عادة بعد أي وقف لإطلاق النار بين قوتين متقاتلتين ينسحب المقاتلون إلى خطوط محددة، ولا يجوز التعرض لهم بأي شكل من الأشكال، لأن الهدنة تفترض عودتهم إلى مواقع متفق عليها من الطرفين، ويُفترض أيضا أن يجري خلالها تبادل للأسرى".

ويضيف "لذلك، ما تقوم به إسرائيل ليس قتلا في سياق معركة، بل هو اغتيال صريح، لأن هؤلاء المقاتلين يجب أن يكونوا محصنين بموجب اتفاق وقف إطلاق النار".

وفي معرض شرحه للغطاء القانوني المزعوم الذي تحاول إسرائيل استخدامه لتبرير أفعالها، يوضح الخبير القانوني أن تل أبيب "تعتمد قانونًا يسمح لها بتوصيف المقاتلين في الأنفاق ضمن ما تسميه المقاتلين غير الشرعيين، وهو تصنيف لا أساس له في القانون الدولي".

ويشدد على أنه "وفق اتفاقيات جنيف، لا توجد سوى فئتين من الناس، هم: مدنيون ومقاتلون، ولا وجود لفئة ثالثة بينهما". ويستنتج من ذلك أن "مصطلح المقاتلين غير الشرعيين الذي تستخدمه إسرائيل هو مجرد غطاء قانوني للاغتيال، لكنه غطاء يتعارض تمامًا مع قواعد القانون الدولي، ويمكن محاكمة إسرائيل عليه".

إعلان

غير أن القاسم لا يخفي الصعوبات العملية التي تواجه محاكمة إسرائيل على هذه الجريمة، موضحًا أنه يدرك أن "ملاحقة إسرائيل أمام القضاء الدولي بشأن هذه النقطة تحديدا ستواجه صعوبات فنية كبيرة".

ويشرح هذه الصعوبات الفنية بأنه "لكي يتحرك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في هذه الجريمة لا بد من وجود دولة عضو في المحكمة تتقدم بطلب رسمي. أي أن الأمر يعتمد على دولة تكون قادرة ومستعدة لتبني القضية رسميًا أمام المحكمة".

لكنه يبدي تفاؤلا حذرا بالقول "بالطبع، هناك بعض الدول التي أعتقد أنها لا تزال راغبة في دعم هذا النوع من القضايا، لكن ذلك يتطلب من قيادات المقاومة المبادرة بالاتصال بهذه الدولة لتقديم طلب رسمي، ومطالبة المحكمة بالتحقيق في الجريمة الإسرائيلية الجديدة باعتبارها اغتيالا وقتلا من دون وجه حق".

وضع الأنفاق في ميزان القوى العسكري حاليا

وفي قراءته للوضع العسكري الراهن وموقع ملف الأنفاق ضمن معادلة القوى الأوسع، يؤكد خالد أن "ملف المقاتلين في الأنفاق معقد من النواحي العسكرية والأمنية، خاصة أن الميدان أصبحت خريطته مختلفة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ".

ويوضح أن المقاتلين "أصبحوا جغرافيا خارج الخط الأصفر، أي في المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي فيزيائيا وناريا، وهذا يعني أن التفاوض والوصول لصيغة محددة مقبولة تضمن خروج ما تبقى من المقاتلين بشكل آمن" يواجه تحديات جمة.

ويحذر من أن "مصير المقاتلين مجهول وقد وُضعوا أمام خيارين: إما الاستسلام أو القتال حتى الرمق الأخير، ومع انعدام سبل الحياة داخل الأنفاق هناك ".

ومع ذلك، يضع الخبير العسكري ملف الأنفاق في سياق إستراتيجي أوسع، مؤكدًا أنه "في الميزان العسكري أصبحت أنفاق رفح جزئية أمام كليات كبيرة مع دخول المرحلة الثانية من الاتفاق، التي أبرزها محاولة نزع سلاح المقاومة وضمان عدم مشاركة فصائل المقاومة الفلسطينية في الحكم وإدارة قطاع غزة ".

ويضيف أن "الأنفاق في نهاية المطاف هي أداة من أدوات المقاومة التي تستطيع ترميمها أو إعادة بنائها، والتي تشكل ميزانًا كبيرًا وحقيقيًا في سياقها الموضوعي".

لكنه يستدرك بالقول "لا نعتقد أن ملف أنفاق رفح ذو ثقل كبير حاليًا، مع التأكيد على أن المقاومة الفلسطينية عودتنا على مفاجآت كبيرة في مراحل عديدة، وهذا يُبنى عليه في وقته".

مسؤولية دولية وعربية

في ظل هذا الوضع الكارثي، يحمّل الرنتاوي المسؤولية لأطراف متعددة، مؤكدًا أن "هذه المسؤولية لا تقع فقط على عاتق وسطاء الهدنة"، لكن "المطلوب هو حل سياسي مشرف يكفل حياة هؤلاء المقاتلين، ويضمن عودتهم إلى المناطق التي ما تزال تحت سيطرة المقاومة، ويتيح لهم خروجًا لائقًا".

ويشدد على أن "الأمر مسؤولية عربية ومسؤولية المجتمع الدولي، فالتفرج على عمليات قتل مستهدف لمقاتلين داخل الأنفاق يخالف أخلاقيات الحرب وقوانينها الأساسية".

وفي ختام تصريحاته، يوجه مدير مركز القدس للدراسات السياسية رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي، قائلا "يتعيّن على المجتمع الدولي -وعلى الإدارة الأميركية صاحبة المبادرة التي تحولت إلى قرار لمجلس الأمن– أن تتحرك بالقدر الكافي من الضغط على الحكومة الإسرائيلية لضمان خروج مشرف للمقاتلين الذين صمدوا في الأنفاق كل هذه الفترة".

مقالات مشابهة

  • رغم دعوة البابا للسلام... إسرائيل تُهدّد بالحرب وحزب الله يتمسّك بالسلاح
  • روبيو: فنزويلا أصبحت منصة لنفوذ إيران وحزب الله
  • قناة عبرية: وساطة مصرية "مفاجِئة" لاحتواء الانفجار بين إسرائيل وحزب الله
  • بعد هجوم بيت جن.. نتنياهو يكشف شرط إسرائيل للتوصل لاتفاق سلام مع سوريا
  • معركة الصورة الأخيرة.. كيف تحاول إسرائيل محو بطولة السنوار عبر أنفاق رفح؟
  • معاريف: سيناريو الحرب بين إسرائيل وحزب الله وإيران ينتظر الانفجار
  • مسؤول أوروبيّ يتحدّث عن موعد هجوم إسرائيل على إيران... وهذا ما قاله عن لبنان
  • إذاعة كان العبرية : هل تندلع مواجهة جديدة بين إيران وإسرائيل؟
  • جيش بلا ضباط؟ تقرير يكشف المستور داخل مؤسسة إسرائيل العسكرية
  • هل تندلع مواجهة جديدة بين إيران و”إسرائيل”؟