التغيرات المناخية وحوكمة الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
العمانية: تابعت وكالة الأنباء العمانية بعضا من الآراء حول قضايا مختلفة أوردتها الصحف العالمية عبر مقالات نشرت في صفحاتها وتتعلق بالتوجه نحو الاستدامة وجهود العمل المناخي وأهداف حوكمة الذكاء الاصطناعي عالميا.
فنشرت صحيفة «ديلي الصباح» التركية مقالا بعنوان «التوجه المهم نحو الاستدامة والجهود العاجلة للعمل المناخي» بقلم الكاتب «محمد أمين بيربينار».
وشدّد الكاتب في مستهل مقاله على أهمية الاستجابة للتحديات المتشابكة لتغير المناخ وعملية التنمية، والدعوة العاجلة لاتخاذ إجراءات شاملة وفورية لتمهيد الطريق لمستقبل مستدام للعالم.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن تغير المناخ قد أصبح عاملا مهما يؤثر على عمليات التنمية في جميع البلدان وفي الآونة الأخيرة، شهدنا المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف والفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات وتواتر موجات الجفاف.
وأضاف الكاتب إن هذه التطورات، التي كانت نادرة في الماضي، أصبحت عنوانا يوميا على جدول الأعمال. وفي هذا السياق، من الدقة أن نقول إن تأثيرات تغير المناخ أصبحت محسوسة على نطاق عالمي، حيث أصبحت المجتمعات الأكثر ضعفا في البلدان النامية هي الأكثر تضررا من هذه الأحداث.
وبين أن القطاعات الحيوية الأساسية للتنمية، مثل الزراعة والمياه والصحة والبنية الأساسية، تعاني بشدة من الآثار السلبية لتغير المناخ، كما أن الآثار المدمّرة على الأمن الغذائي والموارد المائية وصحة الإنسان وسلامة البنية الأساسية تركز بشكل متزايد على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات شاملة لمكافحة تغير المناخ والتكيف معه، ومن هنا بات ضروريا تحديد الأطر التي توفر دعما ماليا قويا لتخطيط الاستثمار في هذا السياق.
في حين أن المخاطر الناجمة عن تغير المناخ قد لا تؤثر على كل قطاع بنفس القدر أو بنفس الطريقة، فإن الطبيعة المترابطة للأنشطة الاقتصادية تسبب تأثيرها في كل مكان تقريبا وعلى جميع القطاعات.
ولفت الكاتب إلى أن أحد القطاعات التي تتبادر إلى الذهن على الفور عند مناقشة تغير المناخ هي الزراعة، التي تحمل أهمية حيوية بالنسبة للاقتصادات النامية وهي حساسة للغاية لتأثيرات تغير المناخ، حيث تؤثر التغيرات في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار، إلى جانب الظواهر الجوية المتطرفة سلبا على غلات المحاصيل، ما يشكل تهديدات خطيرة للأمن الغذائي.
وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وسوء التغذية والمجاعات المحتملة في المستقبل ووفقا لبيانات البنك الدولي، فمن المتوقع أن يدفع تغير المناخ 132 مليون شخص إضافي إلى الفقر المدقع بحلول عام 2030، مع تحديد السبب الرئيس على أنه آثار لتغير المناخ على قطاع الزراعة.
وذكر الكاتب أن الشرائح الأشد فقرا والأكثر ضعفا في البلدان النامية تتأثر بشكل غير متناسب بانعدام الأمن الغذائي، وتفتقر إلى إمكانية الوصول إلى الموارد اللازمة لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتمتد هذه القضية إلى ما هو أبعد من إطار النظم الغذائية، ولها أهمية في سياق أنماط الهجرة والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف إنه مع اشتداد تأثيرات تغير المناخ، تصبح معالجة سياسات المياه عبر الحدود أمرا ضروريا في السياسات الخارجية للبلدان، وأصبحت إدارة الموارد المائية تشكل تحديا متزايدا، وسوف يصبح التقاسم العادل لمصادر المياه الحالية بين البلدان المجاورة قضية دولية أكثر حساسية.
وقال الكاتب في ختام مقاله: «إن تغير المناخ أزمة عالمية تتطلب التدخل الفوري، وإعادة تشكيل عملية التنمية في جميع أنحاء العالم، وتركز قمة الميثاق المالي العالمي الجديد التي عقدت أخيرا على الوعي العالمي بالحاجة إلى الدعم المالي ولا ينبغي للتوترات الجيوسياسية أن تلقي بظلالها على الجهود الرامية إلى إعادة هيكلة تمويل المناخ، إذا لم نتصدّ لتغير المناخ اليوم، فإن آثاره ستكون عميقة مثل الحروب على الأجيال القادمة؛ لذلك يأتي العمل العاجل والتعاوني والحازم ليؤكد المسؤولية المشتركة لجميع البلدان لضمان مستقبل مستدام وعالم مرن».
من جانب آخر، نشرت مؤسسة «بروجيكت سينديكيت» مقالا كان عبارة عن تساؤل عن الهدف الذي يجب أن تحققه حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية بقلم أربعة من الكُتاب المختصين في مجال التقنية، وهم (كارمي أرتيجاس، وجيمس مانيكا، وإيان بريمر، وماريتا شاك) وهم مقررو الهيئة الاستشارية رفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة المعنية بالذكاء الاصطناعي.
وقال الكُتّاب في مستهل مقالهم: «إذا كان للذكاء الاصطناعي أن يحقق إمكاناته العالمية، فهناك حاجة إلى هياكل وحواجز حماية جديدة لمساعدة البشرية جمعاء على الازدهار في الوقت الذي تشهده هذه التقنية من تطور وتحولها على نحو متزايد إلى جزء من الحياة اليومية».
وأشاروا إلى أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي كان يساعدنا بهدوء لعقود من الزمن، إلا أنه مع تسارع التقدم في السنوات الأخيرة، فسوف نتذكر العام (2023) باعتباره لحظة «الانفجار الأعظم».
وحذر الكُتّاب من ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي وهي تقنية تخترق الوعي الشعبي وأصبحت تشكل الخطاب العام، وتؤثر على الاستثمار والنشاط الاقتصادي، وتشعل شرارة المنافسة الجيوسياسية، كما غيرت جميع أنواع الأنشطة البشرية بشكل متسارع، بدءا من التعليم والرعاية الصحية وانتهاء بالفنون.
وأضافوا إنه على الرغم من أن المخاطر والتحديات تختلف باختلاف المناطق والسياقات، فإن خمسة مبادئ أساسية ينبغي أن توجه عملية صنع السياسات:
أولا، بما أن المخاطر تختلف باختلاف السياقات العالمية المتنوعة، فإن كُلًّا منها سوف يتطلب حلولا مصمّمة وفقا لذلك كما أن الفشل في تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل بنّاء من الممكن أن يؤدي بلا داع إلى تفاقم المشاكل وأوجه التفاوت القائمة.
ثانيا، بما أن الذكاء الاصطناعي أداة للتنمية الاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وبما أنه يساعد الناس بالفعل في الحياة اليومية، فلا بد أن تتم إدارته بما يخدم المصلحة العامة وهذا يعني أن نضع في الاعتبار الأهداف المرتبطة بالمساواة، والاستدامة، والرفاهية المجتمعية والفردية، فضلا عن قضايا بنيوية أوسع مثل الأسواق التنافسية والأنظمة البيئية السليمة للإبداع.
ثالثا، سوف تحتاج الأطر التنظيمية الناشئة في مختلف المناطق إلى المواءمة من أجل معالجة تحديات الحوكمة العالمية التي يواجهها الذكاء الاصطناعي بشكل فعال.
رابعا، يجب أن تسير حوكمة الذكاء الاصطناعي جنبا إلى جنب مع التدابير اللازمة لدعم المؤسسات وحماية الخصوصية وأمن البيانات الشخصية.
وخامسا، ينبغي للحوكمة أن ترتكز على ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وغير ذلك من الالتزامات الدولية حيث يوجد إجماع عالمي واسع، مثل أهداف التنمية المستدامة.
واختتم الكُتّاب بالقول إن التحديات الفريدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي تتطلب نهجا عالميا منسقا في التعامل مع الحوكمة، وإن هناك مؤسسة واحدة فقط تتمتع بالشرعية الشاملة اللازمة لتنظيم مثل هذه الاستجابة: ألا وهي الأمم المتحدة، وعليه يتعين علينا أن نعمل على تحسين حوكمة الذكاء الاصطناعي إذا أردنا تسخير إمكاناته والتخفيف من مخاطره في إطار هذه المؤسسة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حوکمة الذکاء الاصطناعی لتغیر المناخ تغیر المناخ
إقرأ أيضاً:
مش خطر على شغلك| الذكاء الاصطناعي يزيد راتبك بنسبة 56%
- نقص حاد في المهارات وسط تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي- الرواتب ترتفع والطلب مستمر على وظائف الذكاء الاصطناعي- مهارات مطلوبة بشدة من البرمجة إلى التفكير النقدي
رغم موجات تسريح الموظفين التي اجتاحت قطاع التكنولوجيا خلال العامين الماضيين، لا تزال هناك فجوة حادة في المواهب، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي genAI، بحسب تقارير جديدة من كبرى شركات الاستشارات العالمية.
تشير شركة "ماكينزي" إلى أن الطلب على العاملين المهرة في الذكاء الاصطناعي سيتجاوز العرض المتاح بمعدل يتراوح بين ضعفين إلى أربعة أضعاف، وهو نقص متوقع أن يستمر حتى عام 2027 على الأقل.
أوضحت شركة "ديلويت" في تقرير حديث، أن قادة الشركات يرون في نقص المواهب التقنية أحد أكبر التحديات التي تهدد استراتيجياتهم، في وقت يشعر فيه الباحثون عن عمل بالإحباط من فرص التوظيف، "ومع ذلك، لا يبدو أن أيا من الطرفين مستعد لمعالجة الأزمة".
وفي استطلاع عالمي أجرته "مان باور" شمل أكثر من 40 ألف شركة في 42 دولة، أشار 74% من أصحاب العمل إلى صعوبة إيجاد الكفاءات المناسبة، بينما أعرب 60% من التنفيذيين عن أن نقص المهارات يعد من أكبر العوائق أمام تنفيذ استراتيجيات التحول الرقمي.
ووجدت "باين آند كومباني" أن 44% من قادة الشركات أشاروا إلى أن نقص الخبرات الداخلية أبطأ من تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع ارتفاع الطلب على المهارات ذات الصلة بنسبة 21% سنويا منذ عام 2019.
الرواتب ترتفع والطلب مستمرالخبر الإيجابي هو أن الرواتب في قطاع الذكاء الاصطناعي تواصل الارتفاع، فقد أشارت "باين" إلى نمو بنسبة 11% سنويا منذ 2019.
بينما أكدت "برايس ووترهاوس كوبرز" PwC، أن أصحاب المهارات مثل "هندسة التوجيه" Prompt Engineering، يحصلون على علاوات تصل إلى 56% مقارنة بزملائهم، ارتفاعا من 25% العام الماضي.
وأكد جو أتكينسون، رئيس الذكاء الاصطناعي العالمي في PwC، أن الذكاء الاصطناعي لا يقصي الوظائف بل يعزز القدرات، مشيرا إلى أن التقنية تدفع العاملين لأداء مهام أعلى قيمة.
الذكاء الاصطناعي في قلب التحول المؤسسيقالت سارة إلك، رئيسة أبحاث الذكاء الاصطناعي في مجموعة أمريكا الشمالية بشركة باين: "الذكاء الاصطناعي في صدارة التحول المؤسسي، لكن من دون المواهب المناسبة، لن تتمكن الشركات من الانتقال من مرحلة الطموح إلى التنفيذ الفعلي".
ويعزى اتساع الفجوة إلى عدة عوامل، من بينها استحواذ الذكاء الاصطناعي على العديد من المهام، وتراجع فرص التدريب المباشر بسبب العمل عن بعد، وازدياد تعقيد الوظائف التقنية.
ويرتفع الطلب على المهارات 2000% في عام واحد
بحسب كيلي ستراتمان، من شركة إرنست ويونج، فإن نصف الشركات التي تضم أكثر من 5000 موظف تعتمد بالفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي، بينما ارتفع عدد الوظائف التي تطلب مهارات AI بنسبة 2000% في عام 2024 وحده.
وتتوقع الدراسات أن تنفق الشركات نحو 42 مليار دولار سنويا بحلول 2030 على مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل الشات بوت، ووكلاء المهام، وتحليل البيانات، والكتابة والتلخيص.
مهارات مطلوبة بشدة من البرمجة إلى التفكير النقدي
تشمل المهارات الأكثر طلبا هندسة التوجيه، البرمجة، ومعالجة الانحياز في النماذج، ولكن هناك تركيزا متزايدا أيضا على المهارات "الناعمة" مثل التكيف، والتفكير النقدي، والذكاء العاطفي، لضمان استخدام مسؤول وأخلاقي للذكاء الاصطناعي.
تشير توقعات "باين" إلى أن الطلب على الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي قد يتجاوز 1.3 مليون وظيفة خلال العامين المقبلين في الولايات المتحدة وحدها، بينما لن يتجاوز عدد المتخصصين المؤهلين 645 ألفا، ما يخلق حاجة ملحة لإعادة تأهيل نحو 700 ألف موظف.
وحثت الشركة على اتخاذ خطوات عاجلة لسد الفجوة من خلال تدريب الموظفين الحاليين، وتوسيع استراتيجيات التوظيف، وإعادة التفكير في كيفية جذب والاحتفاظ بالمواهب.
بحسب تقرير لشركة "Thoughtworks"، فإن النجاح في استغلال الذكاء الاصطناعي لا يعتمد فقط على جاهزية التقنية، بل على تكامل استراتيجيات البيانات، والتحول الرقمي، وتدريب الفرق.
وأكد جاستن فيانيليو، المدير التنفيذي لشركة SkillStorm لتدريب المواهب التقنية، أن الافتقار إلى المهارات المؤهلة هو التحدي الأكبر للتوظيف، وليس الأتمتة نفسها، وأضاف أن النجاح يبدأ من خلال التدريب المستمر، والشهادات المهنية، والتجربة الواقعية.
ويؤكد فيانيليو: "ندرب الفرق على أدوات مثل Copilot وClaude وChatGPT لتعزيز الإنتاجية، لكننا نركز على أن يكون الإنسان في صلب دائرة اتخاذ القرار، والذكاء الاصطناعي داعما له، لا بديلا عنه".