٢٦ سبتمبر نت:
2025-05-17@22:58:34 GMT

الورطةُ الأمريكية في البحر الأحمر

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

الورطةُ الأمريكية في البحر الأحمر

 فإلى جانب التفاعل الدولي الضعيف جِـدًّا مع التحالف البحري الذي أعلنت عن تشكيله، والذي لا تزالُ تُصِرُّ على استفزازِ الدول للانضمام إليه من خلال الاندفاع نحوِ عسكرة المياه الدولية وخلق مخاطرَ على حركة الملاحة، يبقى الأفق مسدوداً أمام تحقيق هدفها المتمثل بإيقاف العمليات اليمنية، وذلك نتيجة عدة أمور منها معادلات استباقية استراتيجية نجحت صنعاء في فرضها وبنائها خلال الفترات الماضية، وهي معادلات تجعل مسار التصعيد الذي تتجه فيه الولايات المتحدة محفوفاً بتداعيات أكثر خطورة عليها بشكل مباشر؛ الأمر الذي يعني أن خياراتِها تنحصرُ مع الوقت بين الاعتراف بالفشل أَو المغامرة بتصعيد قد يكبِّدُها خسائرَ غيرَ مسبوقة في تأريخِ تواجُدِها في المنطقة.

قبلَ تشكيل تحالفها لمواجهة الحصار اليمني البحري على الكيان الصهيوني، سعت الولاياتُ المتحدةُ إلى ترهيبِ العالمِ، من خلال دفع كبريات شركات الشحن العالمية إلى الإعلان عن تعليق حركتها بالكامل في البحر الأحمر؛ باعتباره أصبح طريقاً غيرَ آمن، على الرغم من تأكيداتِ القوات المسلحة اليمنية على أن عملياتها تستهدف فقط السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، وقد كانت محاولة الترهيب هذه ترمي إلى حشدِ أكبر قدر من الدعم الدولي للتحَرّك ضد اليمن وإيقاف دوره المتقدم في الصراع مع العدوّ الصهيوني.

لكن النتائج جاءت متواضِعةً للغاية؛ إذ لم تستطع الولاياتُ المتحدةُ أن تجمعَ في تحالفها أكثرَ من 12 دولة، وحوالي ثلاث دول منها أعلنت اعتراضَها على العمل تحت قيادة واشنطن فيما اكتفت البقية بإرسال عدد قليل من الضباط إلى البحرَينِ التي تعتبر الدولةَ العربيةَ الوحيدةَ في التحالف، وهو الأمرُ الذي مَثَّلَ فضيحةً تاريخيةً للنفوذ الأمريكي الدولي؛ إذ لم تتعوَّد الولايات المتحدة أن يتخلى عنها حلفاؤها الدوليون بهذه الطريقة في تحَرّكاتها وخُصُوصاً ضد الدول العربية والإسلامية التي اعتاد الأمريكيون أن يستعرضوا أمامها قوتهم كقادة للعالم الغربي وجيوشه.

جزءٌ من هذا الفشل المبكر يعودُ إلى معادلاتٍ استباقيةٍ استطاعت صنعاءُ والقيادةُ الوطنيةُ أن تفرضَها بنجاحٍ قبل أن تفكِّرَ الولاياتُ المتحدةُ في الإقدامِ على خطوةِ التحالف البحري، ومن تلك المعادلات كسر عنجهية تحالف العدوان وإجباره على اللجوء إلى التهدئة وتجنب التصعيد، حَيثُ أسهمت هذه المعادلةُ بصورة مباشرة في تقويض قوة التحالف البحري الأمريكي وإخراجه بتلك الصورة الهشة، فبحسب “رويترز” و”بلومبرغ” وغيرها من وكالات الأنباء، كان أبرز أسباب إحجام السعوديّة والإمارات عن الانضمامِ بشكل رسمي للتحالف الأمريكي، هو الخشية من رَدِّ الفعل اليمني وعودة الهجمات العابرة للحدود على المنشآت الحيوية السعوديّة والإماراتية، وانهيار خطوات السلام التي قد تم تحقيقها حتى الآن في المفاوضات، وهو ما يعني أن القيادةَ اليمنيةَ قد نجحت وبشكل مسبَقٍ في تجريدِ الولايات المتحدة من الأدوات الإقليمية التي تعودت الاستعانة بها في تحَرّكاتها، علمًا بأن انضمامَ السعوديّة والإمارات لم يكن سيقيدُ العملياتِ اليمنيةَ في البحر الأحمر لكنه كان سيمنح التحَرُّكَ الأمريكي غطاءً قد يشجِّعُ المزيدَ من الدول على الانضمام.

ومن العقبات التي خلقتها صنعاءُ مسبقًا أمام التحَرُّك الأمريكي العدائي في البحر الأحمر، عملياتها الدقيقة ضد السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني والتي لم تؤثر على حركة الملاحة الدولية، الأمر الذي جعل بقية دول العالم تدرك بشكل واضح أن التحَرّك الأمريكي لا يهدف في الحقيقة لحماية خطوط الشحن الدولية، بل لحماية الكيان الصهيوني، وهو ما جعل العديد من حلفاء أمريكا يحجمون عن الانضمام؛ خوفاً من الانخراط في دعم جديد لـ”إسرائيل” التي باتت شعوب العالم كلها ساخطة عليها وعلى من يقف إلى جانبها.

وإضافة إلى خوف السعوديّة والإمارات، ودقة العمليات اليمنية، يمكن القول إن الاندفاعَ الكبيرَ الذي أظهرته القيادةُ اليمنية في استخدام الخيارات العسكرية الاستراتيجية في البحر الأحمر ضد الكيان الصهيوني قد شكَّلَ بدوره عقبةً أُخرى أمام التحَرّك الأمريكي، حَيثُ كشفت وسائلُ الإعلام الأمريكية خلالَ الأسابيع الماضية عن تردُّدٍ كبيرٍ داخلَ الإدارة الأمريكية تجاه مسألة القيام بأي فعل عسكري ضد اليمن، خشية من أن ترد صنعاء بتصعيد كبير يشعل المنطقة ويكبد الولايات المتحدة خسائر كبيرة في مصالحها وقطعها الحربية، وبالتالي نفوذها وتواجدها في المنطقة.

وقد مَثَّلَ الوعيدُ الواضحُ والمتحدي الذي وجَّهه قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابه الأخير للولايات المتحدة فيما يتعلق بالرد على أي اعتداء أمريكي، تفصيلاً مهماً في هذه العقبة التي عرقلت التحَرّك الأمريكي في البحر الأحمر، حَيثُ بدا بوضوح أن الكثيرَ من الدول استوعبت رسائلَ القائد، ورفضت الانجرارَ وراء الأكاذيب الأمريكية.

ومحاطة بكل هذه العقبات المسبقة، وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسَها وحيدةً في البحر الأحمر، في مواجهة خيارَينِ: إما الاعتراف بالفشل، وهو ما سيشكِّلُ ضربةً قاسيةً لصورتها المهزوزة أصلاً، أَو المخاطرة بافتعالِ المزيدِ من المشاكل والإصرار على عسكرة البحر واستفزاز الدول من خلال تهديد الملاحة الدولية، وهو الخيار الذي يبدو أن واشنطن استقرَّت عليه، حَيثُ لجأت في وقت سابق إلى مهاجمة سفينة تجارية مملوكة لدول الجابون بشكل عشوائي بالقرب من باب المندب، ودفعت ببعضِ شركات الشحن لمحاولة العودة لنقل البضائع إلى إسرائيل وتجاهل التحذيرات اليمنية، الأمر الذي أَدَّى إلى تعرُّضِ سفينة جديدة الأسبوع الماضي لهجوم يمني.

وفيما يثبت الهجومُ اليمني الأخير في البحر الأحمر أن التحَرُّكَ الأمريكيَّ لن يحقّقَ الهدفَ المتمثلَ بحماية السفن المرتبطة بكيان الاحتلال الصهيوني، يبدو بوضوح أن الولاياتِ المتحدةَ تندفعُ نحو محاولة تعويض هذا الفشل باستفزاز العالم لخلق غطاء للاعتداء على اليمن؛ مِن أجل فتح جبهة دولية تحت شعار حماية الملاحة؛ مِن أجل فصل اليمن عن الصراع مع العدوّ الصهيوني وتحويل قضيته إلى مشكلة دولية، لكن هذا المسار لا يعبر في الحقيقة إلا عن جنون أمريكي؛ لأَنَّ الولايات المتحدة لن تتمكّن من الاختباء تحت أي غطاء دولي، وقد جاءت تحذيرات القيادة واضحة بخصوص تداعيات أي اعتداء على اليمن والرد الصارم على ذلك، وهو ما يعني أن خيارَ التصعيد الذي تذهبُ إليه الولاياتُ المتحدة لن ينجحَ في عزل الجبهةِ اليمنية عن فلسطين، بل سيزُجُّ بواشنطن إلى قلب الصراع؛ الأمر الذي سيجعلُ الجبهةَ اليمنية أكثرَ فاعلية في التأثير على مجريات الصراع؛ لأَنَّ المواجهة المباشرة مع أمريكا ستسهم في تقويض جزء كبير من الدعم الذي يتوجّـه للكيان الصهيوني، وهذا نفسه ما عبر مسؤولون أمريكيون عن قلقهم منه عندما جادلوا ضد القيام بأي عمل عسكري ضد اليمن.

 

وبالتالي فَــإنَّ استمرار إصرار الولايات المتحدة على عسكرة البحر الأحمر واستفزاز الدول للتحَرّك ضد اليمن، ليس في الحقيقة سوى نهج انتحاري يعبّر عن الورطة التي تعيشُها واشنطن وعن فقدانها للخيارات في مواجهة الدور اليمني المتقدم والفاعل في الصراع مع العدوّ الصهيوني.

المسيرة

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

إقرأ أيضاً:

تقرير: القوات اليمنية كادت أن تُسقط طائرة إف-35 الأمريكية

الثورة نت/..

أكد تقرير نشره موقع “بلغاريان ميليتري” المتخصص بالشأن العسكري، أن القوات المسلحة اليمنية كادت أن تسقط طائرة إف -35 الامريكية فوق اليمن.

وقال: على الرغم من أن حادثة طائرة إف-35 لم تُسفر عن إصابة، إلا أنها لفتت الانتباه مجددًا إلى الديناميكيات التكنولوجية والتكتيكية للصراع، لا سيما قدرة القوات اليمنية على تحدي بعض أكثر المنصات العسكرية تطورًا في الترسانة الأمريكية.

وأوضح: “في تطورٍ مُلفتٍ خلال عملية “راف رايدر” العسكرية الأمريكية، اضطرت طائرة إف-35 لايتنينج 2 من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، وهي إحدى أكثر الطائرات المقاتلة الشبحية تطورًا في العالم، إلى تنفيذ مناوراتٍ مراوغة لتجنب صاروخ أرض-جو أطلقته القوات اليمنية.

واعتبر أن هذا الحادث، الذي وقع خلال التصعيد الأمريكي الثاني على اليمن، “أول حالة موثقة واجهت فيها طائرة إف-35 تهديدًا مباشرًا من الدفاعات الجوية اليمنية”.

وأشار إلى أن مسؤول أمريكي، أكد في حديثه لموقع The War Zone، وقوع الحادثة، قائلاً: “لقد اقتربوا بما يكفي لدرجة أن الطائرة اضطرت للمناورة”.

وقال التقرير: يُبرز هذا الكشف، الذي تدعمه جزئيًا تقارير سابقة من صحيفة نيويورك تايمز، التطور غير المتوقع لقدرات القوات اليمنية المضادة للطائرات، ويثير تساؤلات جوهرية حول نقاط ضعف التكنولوجيا العسكرية الأمريكية المتطورة في الحرب غير المتكافئة. كما ُيسلّط الضوء على التحديات المُتنامية التي تواجهها القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط.

ونقل التقرير عن صحيفة نيويورك تايمز أن القوات اليمنية اسقطت سبع طائرات إم كيو-9 مُسيّرة، تُقدّر قيمة كلٍّ منها بحوالي 30 مليون دولار، خلال الثلاثين يومًا الأولى من التصعيد الامريكي، مما أعاق بشدة قدرة القيادة المركزية الأمريكية على إجراء عمليات مراقبة وضربات دقيقة.

كما أشار، نقلا عن التقرير نفسه، إلى أن الدفاعات الجوية اليمنية كادت أن تُصيب عدة طائرات إف-16 وطائرة إف-35، مما زاد من خطر وقوع خسائر في صفوف الأمريكيين.

وقال التقرير: من المرجح أن الصاروخ اليمني الذي دفع طائرة F-35 (قيمتها تتجاوز 100 مليون دولار) إلى التهرب كان جزءًا من شبكة دفاع جوي أثبتت مرونتها بشكل مدهش.

وأكد التقرير أن الحملة الأمريكية التي كلفت أكثر من مليار دولار واستُخدمت فيها آلاف الذخائر، فشلت في اليمن، حيث حافظت القوات اليمنية على قدرتها على إبراز قوتها خارج حدود اليمن.

وأشار إلى أن فقدان طائرتين من طراز F/A-18 سوبر هورنت من حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان، إحداهما تُعزى إلى انعطاف حاد لتجنب نيران القوات اليمنية، يوضح بشكل أكبر التحديات العملياتية التي تشكلها الدفاعات الجوية لليمن.

مقالات مشابهة

  • الجبير يربط أمن البحر الأحمر باستقرار اليمن.. محاولة لإعادة إنتاج الرواية ’’الصهيونية-الأمريكية’’ أم تهرب سعودي من استحقاقات السلام؟
  • «ترومان» تغادر البحر الأحمر خائبة
  • منطاد UAE7 ينطلق في عدد من الولايات الأمريكية يوليو المقبل
  • وزارة الخارجية: العدوان الصهيوني المتكرر على الموانئ اليمنية سيقابل برد مؤلم
  • الخارجية: العدوان الصهيوني المتكرر على الموانئ اليمنية سيقابل برد مؤلم
  • من اليمن إلى مصر.. كيف تحمي الصين مصالحها في البحر الأحمر؟
  • نائب محافظ البحر الأحمر تشارك فى احتفالية تخرج طلاب الدبلومة الأمريكية
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة قلقة بشأن الوضع الإنساني في غزة
  • تقرير: القوات اليمنية كادت أن تُسقط طائرة إف-35 الأمريكية
  • رابطة العالم الإسلامي تُثمِّن إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رفعَ العقوبات عن سوريا