العربدة الإسرائيلية متواصلة، وإسرائيل تهدد على لسان هرتسى هاليفي، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، أنه بعد انتهاء العمليات القتالية فى قطاع غزة سنعرف كيف نفعل ذلك أيضا فى لبنان، ما يعنى بوضوح أن الخطط الموضوعة من قبل الاحتلال سوف تتركز فى نقل بؤر الصراع من منطقة لأخرى بطريقة تضمن توسيع دائرة النفوذ ورقعة التدمير والإبادة.
تصريحات رئيس هيئة الأركان يجب ألا تمر مرور الكرام، فبين كلماته المسمومة وتصريحاته التى لا تخلو من التهديد والوعيد يتضح سوء النوايا وتنكشف خطط الأمد الطويلة وكيف أصبح تفكير اليهود دمويًا بعيدًا عن القوانين الدولية والمجتمع الدولى وتلك المسميات المستهلكة لأنه فى النهاية – ما يحدث فى غزة نموذج- الأمر يحكمه الدعم الأمريكى المطلق والفيتو القاتل لفرض قانون الغاب على أرض الواقع.
جاءت التصريحات العنترية للقائد اليهودى خلال إجرائه تقييمًا للوضع وسط قطاع غزة مع قائد المنطقة الجنوبية وقائد الفرقة 36، وقادة آخرين فى الجيش الإسرائيلى الأربعاء، قائلا للجنود «بعد ما فعلتموه فى غزة لا توجد قرية أو منطقة وعرة فى لبنان لن تتمكنوا من الدخول إليها وتفكيكها، سنضعكم فى الأماكن التى ستستدعى ذلك وستفعلون هناك كل ما يتطلبه الأمر، فهذه حرب طويلة سنخرج منها بنتائج جيدة»، مؤكدًا أنه بعد انتهاء القتال ستعرف إسرائيل كيف تفعل ذلك أيضا فى لبنان.
رغم نشوته بين جنوده إلا أنه اعترف بضراوة الحرب فى غزة، وأن القتال يدور فى منطقة بالغة التعقيد جزء منه فوق الأرض والآخر تحت الأرض، وأن المقاومة تدافع بطريقة منظمة داخل مناطق مأهولة بالسكان والحرب فيها معقدة للغاية.
جيش الاحتلال كان يعتقد بما يملك من معدات عسكرية متطورة وترسانة أسلحة محرمة دوليا أنه ذاهب فى نزهة إلى غزة حدد مدتها بـ15 يوما على أقصى تقدير ينتهى خلالها من تدمير القطاع وتهجير سكانه إلى دول الجوار، وخابت ظنون اليهود وفشلت تقديراتهم، وها هى المعركة تقترب من 100 يوم فى أكبر حرب إبادة بشرية شهدها التاريخ، وربما امتدت لفترات، ومازالت المقاومة فى عنفوانها تتحدى وتقاوم وتلحق بالاحتلال خسائر لا أول لها ولا آخر.
جيش الاحتلال الذى يبحث عن انتصارات فى غزة ولبنان ولا ندرى ما هى المحطة التالية، إلا أننا نؤكد أنهم يعملون وفقا للحكمة اليهودية التى تقول «إذا لم تستطع أن تنفجر فيهم كقنبلة موقوتة فتخلل أجسادهم كالسرطان»، وهذا ما يطبقه الاحتلال بكل دقة، فقد بات على مدار أكثر من 7 عقود سرطانا ينتشر فى الجسد العربى وينخر فى عظامه من حين لآخر فى محاولة يائسة لفصل أجزائه ومن ثم الانقضاض عليه.
باختصار.. استطاع اليهود خلال السنوات الماضية التوغل فى بعض البلدان العربية والإسلامية، إما تطبيعا أو سرطانا عبر بث الفرقة وإثارة القلاقل وإشعال الصراعات، وفى الحالتين فإن الذئب واحد لا دين له، وإنما يستخدم مكره وخداعه للانقضاض على الفريسة متى وجد الوقت مناسبا لذلك فالمسألة فى البداية والنهاية يحسمها الوقت.
تبقى كلمة.. الإحصائيات التى أعلنتها وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة مساء الأربعاء تكشف خطورة الأوضاع والثمن الذى تدفعه المقاومة نيابة عن الأمة كلها.
الوزارة أكدت ارتفاع حصيلة الشهداء منذ اندلاع الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى إلى 23357 شهيدا و59410 مصابين وأضافت أن الاحتلال ارتكب 14 مجزرة ضد العائلات فى القطاع راح ضحيتها 147 شهيدا و243 مصابا خلال 24 ساعة فقط، وأنه لا يزال عدد الضحايا تحت الأنقاض وفى الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدنى الوصول إليها.. وَكَفَى بِالله وَكِيلًا.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار العربدة الإسرائيلية الجيش الإسرائيلي قطاع غزة الخطط الموضوعة فى غزة
إقرأ أيضاً:
د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: لماذا توقفت الحرب مع إيران واستمرت على غزة؟
المشهد الإقليمي الراهن، يبدو واضحًا أن إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي يدركان أن الذهاب نحو حرب شاملة يعني كارثة كبرى قد تجر المنطقة كلها إلى الانفجار ولهذا شهدنا توازنًا في الردع وحدودًا محسوبة في التصعيد بين الطرفين .
فحين ردت إيران على استهداف قنصليتها في دمشق بهجوم أبريل 2024، كان الرد محسوبًا ومدروسًا، كما أن رد دولة الاحتلال جاء دون الذهاب نحو مواجهة مفتوحة. كلا الطرفين حرص على إبقاء قواعد الاشتباك دون كسر الخطوط الحمراء، في رسالة متبادلة بأن كل منهما مستعد ومتمكن عسكريًا ، وهكذا تحقق نوع من "توازن الهيبة" أدى إلى احتواء التصعيد خلال أيام معدودة.
الاحتلال لا يسعى لفتح جبهة مباشرة مع إيران، إدراكًا منه لتكلفتها اللوجستية والجيوسياسية العالية، بينما طهران تدرك أن الصدام المباشر قد يفتح الباب أمام ضربات استراتيجية قد تنهي منشآتها الحيوية أو برنامجها النووي.
أما الصورة في غزة تختلف تمامًا فالمواجهة هناك ليست محكومة بتوازن ردع بل بصراع وجود ترى فيه دولة الاحتلال فرصة لتصفية فصيل مقاوم هو حركة حماس التي تمثل عقبة دائمة أمام مشروعها الاستيطاني والسيطرة على الجغرافيا الفلسطينية.
وأرى الحرب على غزة مستمرة لأن أهداف الاحتلال لم تتحقق بعد من وجهة نظر الاحتلال لأن الهدف المعلن هو تحجيم حماس وتدمير بنية المقاومة الفلسطينية كليًا، تحت غطاءً سياسيًا وعسكريًا من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.
وترى دولة الاحتلال أن أي تهدئة دون هذه الأهداف تمثل فشلًا استراتيجيًا .
كما أن المقاومة في غزة رغم صلابتها لا تملك ما تملكه إيران من أدوات الردع الاستراتيجي أو النفوذ الإقليمي وهو ما يجعل حصيلة العدوان منخفضة من منظور الاحتلال .
ومع ذلك، فإن المقاومة الفلسطينية تقاتل في معركة وجودية للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في الحياة والكرامة وسط حصار مطبق وصمت دولي يكتفي بالتنديد ، إلا الموقف المصري الذي يسعى إلى وقف الحرب والي سلام عادل واستقرار دائم للشعب الفلسطيني .
ومن أسباب استمرار الحرب الانقسام الفلسطيني الداخلي، الذي أضعف الموقف الوطني الموحد وأثر سلبًا على قدرة الفلسطينيين على فرض شروط سياسية أو عسكرية.
ومن ضمن أسباب وقف الحرب علي إيران واستمرارها على غزة هو مدي تأثيرها علي الاقتصاد العالمي وعلى السياسة الخارجية والعلاقات الدولية .
لذلك ما يمنع الحرب الشاملة بين إيران ودولة الاحتلال هو توازن الردع، بينما ما يسمح باستمرار العدوان على غزة هو غياب هذا التوازن.
ولن يتوقف هذا النزيف إلا إذا نجحت المقاومة في إعادة بناء معادلات ردع جديدة، أو إذا تحرك المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بجدية بعيدًا عن الانتقائية والانحياز .
وإلى أن يتحقق ذلك، ستظل غزة ساحة مفتوحة للألم، بينما توقف عواصم ودول القرار الحروب فقط عندما تهدد مصالحها، وتتغاضى عنها حين يكون الضحايا خارج دوائر نفوذها.