قلّبها ضدي.. فلذة كبدي تضيع من يدي
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
سيدتي، من خلال ركن قلوب حائرة عبر موقع النهار أونلاين أتقدم لك بخالص شكري وإمتناني لما تقدمينه من نصح وإرشاد لمن إكفهرت الدنيا في وجهه وأدبرت عنه الأيام. فأنا والله ممن يعانون في صمت كيف لا ومربط الفرس في قصتي فلذة كبدي الوحيدة وهي ثمرة طلاقي من زوج لا يقدر العشرة ولا يعي حجم مسؤولية تربية إبنته التي باتت عدوا لي.
سيدتي، عمل زوجي منذ تطليقي على إستمالة إبنتنا الوحيدة له حيث أنه يغدق عليها بالهدايا والأمور المادية، في حين لا تجد إبنتي مني إلا كل حب وحنان،فأنا إمرأة عقلانية أرجح كفة العواطف على اي أمر مادي،كما أنني أغطي مصاريف إبنتي الدراسية على أكمل وجه وهي تحيا غير منتقصة من شيء سوى حنان والدها.
تظنين سيدتي أنني أبالغ قليلا، لكن صدقيني فنظرات عدم الإرتواء وسهام الإتهامات بعدم قدرتي على إسعادها هو أكثر ما أناله من فلذة كبدي التي وقفت يوما وجها لوجه تتهمني أنني لو كنت زوجة صالحة لكنت بقيت على ذمة والدها الطيب السخي الذي لم يبخل عليها بشيء ماضيا أم حاضرا.
هوة كبيرة بيني وبينها،وفراغ جسيم أحسه كلما زارت إبنتي والدها في بيته، حيث أنه يخبرها من أنه لم يتزوج ولن يفعل ذلك فقط حتى لا يجرحها. في حين لي ضغط من أهلي حتى أتزوج وأعيد بناء حياتي وأجد لي سندا يشدّ عضدي وأنا أتهرب من الأمر على الأقل في الوقت الحالي.
لا أريد لطليقي أن يتمادى في تأليب إبنتي ضدي وحثها على عصياني أو حتى التمرد عليّ، فذلك سيدتي يقتلني في اليوم ألف مرة، كما أنني لست أرضى أن تبقى تبعات الطلاق تلاحقني من زوج لم يكن يوما مسؤولا تجاهي أو تجاه إبنة نسي وجودها وهي تحت كنفه وباتت مهجة عينيه بمجرد أن طلقني.
أريد الخلاص من هذا الخيط الرفيع في شكله العميق في أبعاده وأن أجد لي متنفسا يكفل لي أن أحيا السكينة مع إبنتي بعيدا عن غطرسات والدها سامحه الله. هلا أنرت دربي سيدتي؟هلا من سراط اتّبعه لأخرج من هالة الأحزان هاته؟
أختكم ن.شيراز من الغرب الجزائري.
الرد:
أختاه، هنيئا لك على كل هذا النضج والكياسة التي لمستها في رسالتك، وأشكرك على شهادتك الطيبة في حق الموقع والركن الذي أعتبره منبرا لكل من ظلت به السبل. فوالله لأسعد عندما يقصدني من يتوسمون في خيرا و كبير سعادتي أن يصلوا إلى بر الأمان بالتوجيهات البسيطة التي نضخها في قلوبهم المتعبة المستكينة.
حقيقة ما تمرين به عزيزتي لهو التيهان بحد ذاته، وما أنت تكابدينه مع إبنتك ليس بالأمر السهل. لم تذكري أخيتي سنّ إبنتك التي تبدو أنّها تعلقت بوالدها مباشرة بعد تطليقه لك،وهذا أمر طبيعي فالفقد يولّد التعلق ويبعث على الألفة. كما انه من العادي أن يكون لطليقك سياسة يبدي بها ضعفه أمام إبنته التي لن يكون بمقدورها التمييز بين الصالح والطالح في علاقة زواج لم تعمّر طويلا.
ليس من الضروري أن تنتهجي نفس سياسة طليقك حتى تكسبي ودّ إبنتك أختاه، ولتدركي أن الأقنعة ستسقط إن لم يكن عاجلا فآجلا، و من أنّ إصطياد طليقك في المياه العكرة سيجد نهاية له لا محالة. فالماديات أختاه لا يمكنها أن تأخذ مكان الحنان والرقة والإحتواء. وما عليك في هذا الباب سوى أن تغدقي على إبنتك بما لديك من فيض للمشاعر من دون أن تنتظري منها الشكر أو الإمتنان. ولتدركي أنّ هذه السياسة هي التي ستمكنك من إستعادة إبنتك إلى أحضانك إن لم يكن اليوم فغدا.
كذلك، ليس في سياسة اللوم أو العتاب و حتى في سياسة الشدّ والجذب أي فائدة، فبنتك أختاه ممغنطة من والد سرعان ما سيتعب جيبه ويقلّ نفوذه وتنفذ عزيمته في الإطاحة بينك وبين إبنتكما التي كان من الأحرى أن تحيا الإستقرار بعد صدمة طلاقكما.
نية طليقك غاية في السوء سيدتي، حيث أنه لم يبدي اي رغبة منه لرجوعكما معا، كما أنه لم يعطك فرصة المواجهة لتناقشا معا مسألة العناية بإبنكما التي باتت بين مطرقة الحنان الذي تحتاجه وسندان المادة الذي سيجردها من إنسانيتها تجاه من وهباها الحياة. فكوني حذقة سلسة التعاطي مع إنسانة لا تفقه في أمور الدنيا شيء، لكن ذاكرتها ستفيدها يوم تستعيد بها الأحداث وستشهد لك كأمّ أنك كنت ملتزمة الحياد ولم تنزلي بمستواك إلى منحدر المسامة أو التأليب وستبقين ومهما كان والدتها ومن منحها الحياة.
ردت: ‘ب.س’
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
أوقفوا صناعة الوهم: من الذي انتصر حقاً؟
أوقفوا صناعة الوهم: من الذي انتصر حقاً؟
حسن عبد الرضي الشيخ
في مشهد مكرور من مسرحيات الدجل السياسي، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي ليعلن ـ عبر خطاب متلفز ـ “التهنئة بالانتصار على الكيان الصهيوني الزائف”، مدّعيًا أن ما جرى خلال اثني عشر يومًا من المواجهة مع إسرائيل كان نصراً مبينًا يُهدى للشعب الإيراني. وهو حديث لا يصمد أمام أبسط حقائق الجغرافيا العسكرية ولا وقائع الأرض.
إنّ من يتابع ما جرى ـ بقدر من الإنصاف والتحليل المجرد ـ لا يرى سوى مشهد آخر من مشاهد الهزيمة المضمخة بالغرور، إذ لم تفلح صواريخ إيران في شل قدرة الرد الإسرائيلي، ولا استطاعت أن تحدث تحوّلاً استراتيجياً في موازين الصراع، اللهم إلا ما حققته من “دوي إعلامي” قصير العمر. الرد الإسرائيلي كان مدروسًا، موجّهًا، مؤلمًا لمراكز حيوية داخل إيران، ونجح في توجيه رسالة قاسية دون أن ينجر لحرب شاملة، فماذا بقي من النصر الذي يدّعيه خامنئي؟
إنّ التضليل الإعلامي الذي يُمارَس على الشعب الإيراني بلغ مستويات عبثية، حين تُقدَّم الهزيمة باعتبارها انتصاراً، وتُغطى الجراح بالمزامير. فقد قصف الإسرائيليون قلب إيران، دون أن تتمكن طهران من فرض معادلة ردع حقيقية، ورغم ذلك يخرج المرشد مهددًا بأن “أي اعتداء علينا سنواجهه بتكرار استهداف القواعد الأمريكية”، وكأن الواقع ينقصه تهريج إضافي في خضم هذا الفشل المركب.
لقد كتب مفكرون ومصلحون عقلاء، منذ سنوات طويلة، عن آفة النظم الطائفية المتستّرة خلف عباءة الدين، خاصة النظام القائم في إيران، حيث تتداخل العمامة مع البندقية، ويُستثمر الإيمان لخلق قطيع، ويُغسل وعي الشعوب بزخرف الشعارات. هذا النموذج ـ كما وصفوه ـ ليس سوى نسخة مستحدثة من الاستبداد السياسي، محاط بهالة روحية زائفة. فالخطاب الديني في إيران تم تطويعه بالكامل لخدمة آلة الحكم، فأصبحت “الفتوى” صكًا سياسيًا، و”المرشد” إلهًا صغيرًا لا يُسائل.
في ضوء ذلك، فإن تصريحات خامنئي ليست مجرد تحريف للواقع، بل هي استكمال لمنهجية متجذّرة في الكذب الممنهج، والتلاعب بالوعي الجمعي، عبر تغليف الانكسار بغلاف “الانتصار”، تمامًا كما كانت تفعل أنظمة شمولية كثيرة من قبل، حتى سقطت في مستنقع السخرية التاريخية.
لقد فشلت إيران في إقناع العالم بنجاحاتها، لكنها نجحت ـ للأسف ـ في تسويق الوهم داخليًا، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الدعاية، ولا عقل يجرؤ على السؤال. هذا الانغلاق هو السبب الجوهري في تكرار الهزائم، وهو ما يجعل طهران دوماً أسيرة انفعالاتها، تتوهم أنها تصنع المجد، بينما لا تفعل سوى تخريب نفسها.
فليتوقف خامنئي عن بيع السراب، فالحقيقة أن إسرائيل لم تُهزم، وأمريكا لم تُردع، وإيران لم تنتصر، أما الشعب الإيراني، فلا تهنئة له إلا إن استعاد وعيه، وأسقط وهم المظلومية المقدسة، وأعاد للدين معناه، وللسياسة ميزانها، وللحقيقة حقها في أن تُقال.
الوسومأمريكا إسرائيل إيران الدجل السياسي الكيان الصهيوني حسن عبد الرضي الشيخ علي خامنئي