لجريدة عمان:
2025-10-19@20:44:12 GMT

الانهيار الذي قد «يحرق» 35 تريليون دولار

تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT

ترجمة قاسم مكي -

مؤخرا، تقلَّبت سوقُ الأسهم الأمريكية صعودا وهبوطا وسط احتدام التوترات التجارية. لكنها ظلت قريبة من أعلى مستوى لها في أي وقت من الأوقات. الارتفاع الحاد في أسهمها والذي يغذِّيه الحماس للذكاء الاصطناعي يستدعي المقارنة مع ازدهار السوق في أواخر التسعينيات والذي بلغ ذروته في انهيار دوت كوم «شركات الإنترنت» عام 2000.

وعلى الرغم من أن الابتكار التقني يعيد تشكيل الصناعات ويزيد الإنتاجية إلا أن هنالك أسباب وجيهة للشعور بالقلق من أن الانتعاش الحالي ربما يُعِدُّ المسرح لتصحيح آخر مؤلم في السوق. عواقب مثل هذا الانهيار يمكن أن تكون أشد خطورة وأكثر اتساعا على الصعيد العالمي وبما لا يُقاس من التي شعر بها الناس قبل ربع قرن.

أساس هذا القلق ضخامةُ الأموال المحلية والعالمية المستثمرة في الأسهم الأمريكية. فخلال الـ15 سنةً الماضية زادت العائلات الأمريكية بقدر كبير من استثماراتها (موجوداتها) في سوق الأسهم وشجعتها على ذلك العائدات القوية وهيمنة شركات التقنية الأمريكية.

لنفس هذه الأسباب ضخ المستثمرون الأجانب وخصوصا من أوروبا أموالا رأسمالية في الأسهم الأمريكية. واستفادوا من قوة الدولار في ذات الوقت (مقابل عملاتهم لأن أسعار الأسهم وأرباحها مقومة بالدولار- المترجم). يعني هذا الترابط المتزايد أن أي هبوط حاد في الأسواق الأمريكية ستتردد أصداؤه حول العالم.

لكي أضع الأثر المحتمل لذلك في منظور وَجَدْتُ أن تصحيحا في سوق الأسهم بنفس حجم التصحيح في انهيار شركات «دوت كوم» سيقضى على ثروة عائلات أمريكية تزيد قيمتها عن 20 تريليون دولار أو ما يساوي تقريبا 70% من الناتج المحلي الأمريكي في عام 2024.

هذه خسائر أكبر بعدة مرات من تلك التي حدثت أثناء انهيار أوائل العشرية الأولى. وستكون نتائج ذلك على الاستهلاك وخيمة. فنمو الاستهلاك أصلا أضعف من مستواه في الفترة السابقة لانهيار دوت كوم. ويمكن لصدمة بهذا الحجم خفضه بحوالي 3.5 نقطة مئوية. وهو ما يعني تراجعا في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنقطتين مئويتين حتى قبل أن نضع في الحسبان انخفاض الاستثمارات.

وستكون التداعيات العالمية قاسية على نحو مماثل. إذ يمكن أن يخسر المستثمرون الأجانب ثروة تفوق قيمتها 15 تريليون دولار أو حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي لباقي العالم. وللمقارنة، نتجت عن انهيار دوت كوم خسائر أجنبية بحوالي تريليوني دولار أو ما يقارب 4 تريليونات دولار بالقيمة الحالية للنقود وأقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم في ذلك الوقت.

تؤكد هذه الزيادة الصارخة في التداعيات مدى هشاشة الطلب العالمي أمام الصدمات التي تنشأ في الولايات المتحدة.

تاريخيا، وجد باقي العالم بعض العزاء في ميل الدولار إلى الارتفاع خلال الأزمات. وساعد هذا «الفرار إلى الملاذ الآمن» في التخفيف من أثر خسارة الثروة المقوَّمة بالدولار على الاستهلاك الأجنبي.

لقد ظلت قوة الدولار تقدم منذ فترة طويلة تأمينا عالميا. فهو كثيرا ما تزداد قيمته حتى عندما يكون منبع الأزمة أمريكا نفسها مع بحث المستثمرين عن ملاذ في الأصول الدولارية (كسندات الخزانة مثلا- المترجم.)

لكن هنالك أسباب للاعتقاد بأن هذه الدينامية قد لا تصمد في الأزمات التالية.

فعلى الرغم من التوقعات المبررة بأن الرسوم الجمركية والسياسة المالية التوسعية الأمريكية ستعزز قيمة الدولار إلا إنه بدلا عن ذلك هبط مقابل معظم العملات الرئيسية. وعلى الرغم من أن هذا لن يعني نهاية هيمنة الدولار الا إنه يعكس حقا انزعاجا متزايدا وسط المستثمرين الأجانب من مسار العملة الأمريكية. إنهم يتحوطون باطراد من مخاطر الدولار. وهذا مؤشر على تراجع الثقة.

التوتر ليس غير مبرر؟ يلعب تصوّر قوة واستقلال المؤسسات الأمريكية، خصوصا بنك الاحتياطي الفيدرالي، دورًا حاسمًا في الحفاظ على ثقة المستثمر.

لكن التحديات القانونية والسياسية الأخيرة ألقت بظلال من الشك على قدرة الاحتياطي الفيدرالي على العمل بمنأى عن الضغوط الخارجية. وإذا تعززت هذه المخاوف يمكن أن تزيد من تآكل الثقة في الدولار والأصول المالية الأمريكية على نحو أوسع نطاقا.

إلى ذلك، خلافا لأزمة 2000 هنالك عوائق كبيرة أمام النمو تعززها رسومُ أمريكا وضوابط صادرات المعادن النادرة الصينية والبلبلة المتزايدة حول اتجاه النظام الاقتصادي العالمي. ومع الارتفاعات القياسية لمستويات الدين الحكومي ستكون القدرة محدودة على استخدام التحفيز المالي لدعم الاقتصاد كما حدث في عام 2000.

ما يفاقم الوضع ويضيف إلى الصورة العامة للمخاطر تصعيدُ الحروب الجمركية. ففرض المزيد من الرسوم والرسوم المضادة بين أمريكا والصين يمكن أن يضر ليس فقط بالتجارة الثنائية ولكن بالتجارة الدولية أيضا. فكل البلدان تقريبا تتأثر بأكبر اقتصادين في العالم عبر سلاسل توريد معقدة. وبشكل أعم، من الأهمية البالغة تجنب القرارات غير المتوقعة والفوضوية بما في ذلك تلك التي تهدد استقلال البنك المركزي لمنع انهيار السوق.

في الأثناء، من المهم لباقي العالم تحقيق النمو. فالمشكلة ليست التجارة غير المتوازنة بقدر ماهي النمو غير المتوازن. لقد تركز نمو الإنتاجية والعائدات القوية خلال السنوات الخمس عشرة الماضية في مناطق قليلة وفي أمريكا أساسًا.

نتيجة لذلك أصبحت الأسس التي تستند عليها أسعار الأصول والتدفقات الرأسمالية محدودة وهشة باطراد.

إذا كان بمستطاع البلدان الأخرى تعزيز النمو سيساعد ذلك على استعادة التوازن ووضع الأسواق العالمية على أساس أكثر رسوخا. في أوروبا على سبيل المثال يمكن باستكمال السوق الموحَّدة وتعميق التكامل إيجاد فرص جديدة وجذب الاستثمار.

يقدِّم الفائزون بجائزة نوبل للاقتصاد هذا العام وصفة قَيِّمة للنمو الذي يقوده الابتكار. وهنالك إشارات مشجعة على أن رأس المال بدأ في العودة الى بلدان الاقتصادات الصاعدة ومناطق أخرى. لكن هذا الاتجاه قد يتوقف ما لم تُثبِت هذه الاقتصادات أنها قادرة على تحقيق نمو مستمر.

باختصار، من المستبعد أن ينتج عن انهيارٍ في السوق اليوم ذلك التراجع الاقتصادي القصير والحميد نسبيا الذي أعقب انهيار «دوت كوم». فهنالك الآن ثروة كبيرة جدا في خطر ومجال محدود جدا لإتباع سياسات تخفف من الضربة التصحيحية. كما أن الهشاشات الهيكلية وسياق الاقتصاد الكلي أكثر خطورة. لذلك علينا الاستعداد لعواقب عالمية أشد وخامة.

جيتا جوبيناث أستاذة الاقتصاد بجامعة هارفارد والنائبة الأولي للمدير العام لصندوق النقد الدولي 2022- 2025 وكبيرة الاقتصاديين بالصندوق 2019- 2022

الترجمة عن الإيكونومست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الناتج المحلی دوت کوم یمکن أن

إقرأ أيضاً:

ارتفاع أسعار البن يربك السوق الأمريكية وسط رسوم ترامب الجمركية والجفاف بالبرازيل

تسببت الزيادة الحادة في تكاليف استيراد البن في حالة من القلق بين شركات التحميص والمستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن قفزت أسعار القهوة بالتجزئة بنحو 21% خلال أغسطس مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين تتحمل الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب جزءا كبيرا من المسؤولية.

 

ففي يوليو الماضي، فرضت واشنطن رسوما بنسبة 50% على واردات البن من البرازيل، وهي الأعلى ضمن قائمة الرسوم، تلتها فيتنام بنسبة 20% وكولومبيا بنسبة 10%، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

 

وبحسب "الرابطة الوطنية للقهوة"، تستورد الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 99% من احتياجاتها من البن، يأتي معظمها من البرازيل التي تمثل 30.7% من إجمالي واردات البن الأمريكي من حيث الوزن الصافي، تليها كولومبيا بنسبة 18.3%، ثم فيتنام بنسبة 6.6%، وفقا لبيانات قاعدة الأمم المتحدة التجارية.

 

وأظهرت بيانات شركة "توست" المتخصصة في إدارة المطاعم أن متوسط سعر كوب القهوة العادية في المطاعم بلغ 3.52 دولار في أغسطس، بزيادة 10 سنتات عن العام السابق، وفي العاصمة واشنطن، ارتفع متوسط سعر القهوة الساخنة إلى 4.21 دولار، بزيادة 4% عن العام الماضي، فيما بلغ سعر القهوة الباردة 5.35 دولار، مرتفعا بنسبة 3.7%.

 

ومن المتوقع أن تشهد السوق الأمريكية انفراجة محتملة في الأشهر المقبلة، بعدما قدم النائبان الجمهوري دون بيكون من نبراسكا والديمقراطي رو خانا من كاليفورنيا مشروع قانون مشترك في الكونجرس تحت اسم "قانون عدم فرض ضرائب على القهوة" بهدف استثناء منتجات البن من الرسوم الجمركية.

 

ورغم ذلك، يتوقع خبراء الاقتصاد أن تؤدي زيادة الأسعار إلى تغييرات محدودة في أنماط الاستهلاك، إذ قد يتجه بعض المستهلكين إلى تحضير القهوة في المنازل أو خفض مستوى الجودة أو البحث عن العروض، لكنهم سيستمرون في شراء القهوة من المقاهي كنوع من "الرفاهية الميسورة"، وقالت الخبيرة الاقتصادية إيرين ماكلاكلين، إن "المستهلكين قد يبدلون العلامات التجارية أو يشترون من منافذ أرخص، لكن القهوة تبقى من السلع التي يصعب التخلي عنها".

 

في المقابل، تواجه شركات التحميص الأمريكية ضغوطا مالية متزايدة، ونوه مارك وارموث، مالك سلسلة "سوينجز كوفي روسترز" التي تأسست عام 1916 ولها ثلاثة فروع في فيرجينيا وواشنطن العاصمة، إن رسوم ترامب تسببت في "وضع صعب للغاية" خاصة مع العوامل البيئية والعمالية التي زادت من تكلفة البن، مضيفا أن "المستهلك هو من يدفع الثمن في النهاية، والخاسر الوحيد هنا هو الزبون"، متوقعا أن ترتفع تكلفة الكوب الواحد بنحو 10 إلى 15 سنتا، موضحا أنه حتى مع ارتفاع تكلفة الاستيراد بنسبة 50%، من غير المرجح أن ترتفع الأسعار النهائية بالنسبة نفسها.

 

وأكد وارموث أن القهوة لا تزال تُعد "رفاهية يمكن تحملها"، مشيرا إلى أن "الانتقال من 3 دولارات إلى 3.50 دولار للكوب ليس كافيا لتغيير عادات المستهلكين في واشنطن".

 

وفي السياق نفسه، قال كريس فيجيلانتي، مالك شركة "فيجيلانتي كوفي" التي تمتلك فرعين في كاليفورنيا وميريلاند، إن متوسط سعر رطل البن ارتفع من 4 دولارات إلى نحو 6 دولارات، وإن الكيس الذي يحتوي على 12 أونصة من البن قد يرتفع سعره بين 50 سنتا ودولار واحد للمستهلكين، موضحا أن شركته تستورد معظم البن من البرازيل، إلى جانب كميات من إندونيسيا وإثيوبيا وكولومبيا، مضيفا أن الشركة تدرس تنويع مصادرها لتأمين الأسعار لعملائها، معربا عن تفاؤله بقدرة السوق على التكيف رغم التحديات الراهنة.

 

كتائب القسام تعلن العثور على رفات رهينة إسرائيلي

 

أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس الفلسطينية، اليوم الأحد، العثور على رفات أحد الرهائن الإسرائيليين، وقالت إنها ستسلمه إلى إسرائيل في وقت لاحق اليوم في حال كانت الظروف الميدانية مهيأة لذلك.

 

وأضافت الحركة أن أي تصعيد إسرائيلي سيعوق عمليات البحث، وذلك بعد وقت قصير من إعلان إسرائيل شنّ غارات جوية وقصف مدفعي على أهداف في جنوب غزة وسط خلافات بخصوص انتهاك وقف إطلاق النار.

 

أكدت كتائب القسام، في وقت سابق اليوم، أنها ملتزمة بوقف إطلاق النار في جميع مناطق قطاع غزة.

 

وأوضحت، في بيان: نؤكد التزامنا الكامل بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه وفي مقدمته وقف إطلاق النار في جميع مناطق قطاع غزة.

 

وأضافت: ولا علم لنا بأي أحداث أو اشتباكات تجري في منطقة رفح، حيث إن هذه مناطق حمراء تقع تحت سيطرة الاحتلال، والاتصال مقطوع بما تبقى من مجموعات لنا هناك منذ عودة الحرب في مارس (آذار) من العام الحالي، ولا معلومات لدينا إن كانوا قد استشهدوا أم ما زالوا على قيد الحياة منذ ذلك التاريخ.

وشددت: وعليه فلا علاقة لنا بأي أحداث تقع في تلك المناطق، ولا يمكننا التواصل مع أي من مجاهدينا هناك إن كان لا يزال أحد منهم على قيد الحياة.

 

يأتي ذلك بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي تعرض قواته في رفح لهجوم مما دفعه إلى شن غارات جوية وقصف مدفعي على المنطقة رداً على ما وصفه بأنه خرق فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار.

 

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه شن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، الأحد، بعد أن تعرضت قواته لإطلاق نار من جانب مقاتلين فلسطينيين.

مقالات مشابهة

  • زلزال مالي عالمي يهزّ وول ستريت.. 28 تريليون دولار على المحك
  • ارتفاع أسعار البن يربك السوق الأمريكية وسط رسوم ترامب الجمركية والجفاف بالبرازيل
  • خبير: المستثمرون بالسوق السعودية يركزون حالياً على المدى الطويل رغم تراجع أسعار النفط
  • ارتفاع الإيرادات المالية الصينية 0.5% إلى 2.3 تريليون دولار في 9 أشهر
  • باحث: الاعتماد على التوصيات من أبرز أخطاء المبتدئين بسوق الأسهم
  • ختام جيتكس 2025 بمشاركة 180 دولة واستثمارات محتملة تتجاوز 1.1 تريليون دولار
  • الهاتف الذي يغير قواعد اللعبة.. نوبيا تكشف عن RedMagic 11 Pro+
  • العجز الأميركي يتراجع إلى 1.78 تريليون دولار بفضل ارتفاع إيرادات الرسوم الجمركية
  • انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية