الموت والجوع والمرض، ثلاث مهلكات تنتظر أطفال غزة وذويهم داخل عنبر الطوارئ، لا تطعيمات تقى من الإصابة بالأمراض، عجز فى عدد الأسرَّة، حيث يرقد كل ثلاثة منهم على سرير واحد، مياه غير نظيفة، طعام ملوث، محيط المستشفى يعج بالجراثيم والبكتيريا. هكذا هو الوضع الذى يعيشه ملايين الغزيين بمستشفيات القطاع جرَّاء الحرب والدمار الذى يشنه العدوان الإسرائيلى عليهم.

الوضع المأساوى الذى يعيشه المدنيون فى غزة وضعهم فى مواجهة مع الأمراض المعدية، التى يمكن التعامل معها فى أى مجتمع يمتلك أدوات الرعاية الصحية؛ لكن بحسب آخر بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن هناك انتشاراً واسعاً للأوبئة والأمراض، تحديداً بملاجئ «أونروا» المكتظة بالسكان، وتشمل تلك الأمراض: الإسهال، والتهابات الجهاز التنفسى الحادة، والتهابات الجلد، والالتهاب الكبدى الفيروسى A، فضلاً عن تفاقم أوضاع الأشخاص ذوى الإعاقة والجرحى والنساء الحوامل الذين يعانون ظروف إيواء صعبة.

وكشف د. صالح الحمص، مدير تمريض مستشفى غزة الأوروبى، لـ«الوطن»، عن أن المنظومة الصحية بقطاع غزة قبل الحرب كانت عبارة عن 13 مستشفى ونحو 56 رعاية أولية تابعة للحكومة و56 مركز رعاية أولية تابعة لوكالة «أونروا»، ما يعنى أنه بمعدل كل ٣ كيلومترات يتوافر مركز رعاية أولية يقدم رعاية للفلسطينيين، وهذا يؤدى إلى متابعة بصورة ممتازة للأطفال والتطعيمات والرعاية الصحية المميزة، أما الآن فى فترة الحرب فقد انقلبت الأمور رأساً على عقب.

مدير تمريض: أكثر من 25 مؤسسة صحية خارج العمل

ومع اندلاع الحرب، أصبح أكثر من 25 مؤسسة صحية، والمصنفة أفضل مؤسسات قطاع غزة الصحية، خارج العمل، منها مستشفيات الأطفال مثل مستشفيى النصر والشفاء، فبالتالى ضربت كل المراكز الصحية فى المنطقة الشمالية بسبب الحرب الغاشمة، ما سبب هجرة إلى الجنوب، وتصبح مدينة رفح التى كان عدد سكانها ربع المليون تضم أكثر من مليون شخص، وفقاً لمدير تمريض مستشفى غزة الأوروبى، الذى يؤكد أن ما حدث سبب انهيار المنظومة الصحية الفلسطينية.

وبحسب «الحمص» فإن مستشفيات مدينة رفح أصبحت تستقبل أربعة أضعاف طاقتها، موضحاً: «قسم الطوارئ الذى كان يستقبل 100 أصبح يواجه نحو 800 مريض يومياً، ما سبب تعقيدات على المستشفيات، خاصة مع استقبال أعداد كبيرة من جرحى الحرب».

3 أطفال على كل سرير.. والتعقيم «مهمة مستحيلة»

وفى ظل تلك الظروف، تكثر أمراض الشتاء التى تصيب الجهاز التنفسى، بخلاف أن الازدحام يسبب مضاعفة التعامل مع المرضى الذين أغلبهم أطفال ولم يتلقوا التطعيمات لعدم توريدها، وفقاً لـ«الحمص»، الذى أشار إلى أنه أصبح من الصعب توفير سرير لطفل بحاجة إلى الرعاية لعدم توافر الأسرَّة.

وروى مدير تمريض «غزة الأوروبى» بعض المشاهد المأساوية من داخل المستشفيات: «فى بعض الحالات نضع كل 3 أطفال على سرير واحد، فى محاولة لإيجاد حلول حتى لو كان الأمر غير صحى»، وأشار إلى أن هناك زيادات كبيرة فى حالات الإصابة بالتهاب السحايا، وأمراض الجهاز التنفسى، والنزلات المعوية نتيجة لسوء التغذية، بجانب إصابات الجدرى، نظراً للتزاحم فى مراكز الإيواء والمدارس التى تضم فوق 100 نازح.

وعادة ما يتم استقبال المرضى فى قسم الطوارئ وعلاجهم دون العرض على الأقسام المختصة أو الحجز داخل المستشفى لعدم توافر أماكن، الأمر الذى وصفه «الحمص» بأنه غير آدمى وصحى.

مشهد مأساوى آخر تطرق إليه «الحمص»، وهو عدم تصريف مياه المجارى بمخيمات اللاجئين، ما يسبب تلوثاً للمياه وشرب مياه غير صالحة نظراً لعدم توافرها بصورة كافية نتيجة قطع الكهرباء، مع عدم وجود تعقيم، الأسباب التى يصفها بأنها تزيد من نزيف المنظومة الصحية.

متحدث «يونيسيف»: الأوبئة تهدد حياة المدنيين

وتأكيداً لما تحدث عنه مدير تمريض مستشفى غزة الأوروبى، أكد جيمس إلدر، الناطق باسم المنظمة الأممية «يونيسيف»، فى مؤتمر صحفى، أن هناك نقصاً حاداً فى المياه، إضافة إلى نقص غير مقبول فى المراحيض، ما يؤدى إلى صعوبة المحافظة على النظافة الشخصية، أو التعقيم، أو حتى غسل اليدين، الأمر الذى يجعل الكثير من الغزيين، خاصة الأطفال، يواجهون خطراً حاداً جرَّاء انتشار الأوبئة بشكل جماعى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سكان غزة الإبادة الجماعية الصحة العالمية غزة الأوروبى مدیر تمریض فى غزة

إقرأ أيضاً:

محامو الطوارئ: أوضاع كارثية في سجن بورتسودان مع غياب العدالة والتهديدات الأمنية

الأوضاع القانونية داخل السجن تشهد انتهاكات صارخة لحقوق المحتجزين، أبرزها استمرار احتجاز متهمين لسنوات دون محاكمة، بالرغم من اكتمال التحريات معهم.

بورتسودان: التغيير

وصفت عضوة المكتب التنفيذي لمجموعة “محامو الطوارئ” في السودان، رحاب مبارك، الأوضاع داخل سجن بورتسودان بأنها “كارثية” وغير إنسانية، مشيرة إلى معاناة نحو 1600 سجين في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية، لاسيما بعد تصاعد الهجمات بالطائرات المسيّرة التي طالت المدينة ومواقع قريبة من السجن.

وأكدت مبارك أن المخاطر تحيط بالسجناء من الداخل والخارج، حيث ساد التوتر في أوساط النزلاء عقب استهداف مواقع عسكرية مجاورة، مما زاد القلق بشأن سلامة المدينة وجدوى بقائهم فيها.

وأشارت إلى أن الأوضاع القانونية داخل السجن تشهد انتهاكات صارخة لحقوق المحتجزين، أبرزها استمرار احتجاز متهمين لسنوات دون محاكمة، بالرغم من اكتمال التحريات معهم. كما نددت بتأجيل الجلسات لفترات طويلة دون مثول المتهمين أمام القضاء، وهو ما يحرمهم من الضمانات القانونية الأساسية، مثل مراقبة أوضاعهم الصحية أو التأكد من تعرضهم للتعذيب.

وأضافت أن بعض السجناء ينتظرون أكثر من عام ونصف دون تقديمهم للمحاكمة، في مخالفة صريحة لقانون الإجراءات الجنائية، الذي يضع حداً أقصى بستة أشهر للاحتجاز دون محاكمة. ولفتت إلى أن فترات الانتظار بين الجلسات قد تتجاوز 40 يوماً، وهو ما يتنافى مع معايير المحاكمة العادلة.

كما أوضحت أن تأجيل الجلسات يتم أحياناً دون تقديم المتهمين أمام القاضي، بحجة انشغال “أعضاء الخلية الأمنية” بالعمل الميداني، ما يعكس تسييس الإجراءات القضائية، ويخل بأسس العدالة.

وقالت مبارك إن المحكومين بالإعدام أو بالسجن المؤبد من المتهمين بموجب المواد (50) و(51) من القانون الجنائي – والمتعلقة بتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة – يبلغ عددهم أكثر من 250 سجيناً، مشيرة إلى أنهم ينتمون إلى فئات مستنيرة من أبناء الشعب السوداني، مثل الأطباء والمعلمين والمحامين والصحفيين والطلاب.

وشددت على أن أغلبهم ذوو سيرة حسنة، ولم تُسجل ضدهم أي مخالفات داخل السجن، كما أن معظم الاتهامات تستند إلى رسائل خاصة تعبر عن رفضهم للحرب، أو إلى خلفيات قبلية وجهوية، مما يفضح الطابع التعسفي والسياسي لاعتقالهم.

وفي ما يتعلق بالأوضاع المعيشية، أشارت مبارك إلى تأخر وجبات الطعام بشكل منتظم، وتدهور جودة مياه الشرب بعد تعطل محطة التحلية، حيث تُخلط المياه المالحة بالمحلاة ويتم تبريدها لإخفاء ملوحتها.

واختتمت مبارك تصريحها بالتحذير من أن سجن بورتسودان يفتقر لأبسط معايير السلامة والعدالة، في وقت تزداد فيه الهجمات الجوية على المدينة، منتقدة ما وصفته بـ”التناقض المؤلم” بين الإجراءات الأمنية المشددة حول مساكن المسؤولين، وترك المواطنين الأبرياء فريسة للموت المجاني بسبب رفضهم لحرب عبثية لا طائل منها.

الوسومآثار الحرب في السودان سجن بورتسودان مجموعة محامو الطوارئ

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: حالات حرجة بين أطفال
  • جمعتهما الصداقة ولم يفرقهما الموت.. مصرع صديقين غرقًا بترعة الدهسة في قنا
  • صحف عالمية: غضب بجيش الاحتلال والجوع يحول أطفال غزة لهياكل عظمية
  • حقائق و بديهيات «للأسف يجب ان تقال»
  • هل نجا من الموت؟ زكريا السنوار يُنعش بعد لحظات من دخوله الثلاجة
  • تواجه شبح الاندثار.. «الأسبوع» داخل أقدم ورشة لصناعة الحُصر في الإسكندرية
  • مرضى غزة على شفا الموت بسبب الجوع
  • محامو الطوارئ: أوضاع كارثية في سجن بورتسودان مع غياب العدالة والتهديدات الأمنية
  • تهريب ذهب بطريقة غير مسبوقة: ثلاث نساء حاولن إدخاله داخل أجسادهن عبر مطار إسطنبول
  • فشل دولي وعربي… ولم يبق لغزة الا اليمن