الأسبوع:
2025-06-20@18:45:19 GMT

أكذوبة العدل

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

أكذوبة العدل

فرح البعض، وتسابقوا في الإشادة بالقرارات المؤقتة لمحكمة العدل الدولية حول جرائم الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، واعتبر هؤلاء أن مجرد خضوع إسرائيل للمحاكمة والإشارة إلى إمكانية أن تؤدي أفعالها إلى ارتكاب جرائم إبادة جماعية هو مكسب كبير لصالح القضية الفلسطينية، ولصالح العرب بشكل عام، خاصة أن إسرائيل ظلت، منذ اغتصابها لفلسطين في العام 1948، فوق القانون الدولي، ومنظمات الأمم المتحدة، ولم ينفذ في مواجهتها أي قرار دولي رغم صدور العشرات، بل ومئات قرارات الإدانة ضد هذا الكيان الإجرامي الذي اغتصب الأرض، ويقوم بإبادة شعبنا منذ نكبة 48 وحتى الآن.

ولكن، بقراءة هادئة لتلك القرارات نكتشف أن محكمة العدل الدولية استبعدت القرار الأهم، وهو الوقف الفوري للحرب باعتبار أن ذلك هو ما يعكس مصداقيتها- إن وجدت- في إنقاذ أبناء الشعب الفلسطيني من هذا الطغيان الإجرامي الذي لم يسبق له مثيل، فلا يعقل أن تتحدث المحكمة عن شبهة قيام إسرائيل بجرائم إبادة ثم لا تطلب وقف الحرب، ولا يعقل أيضًا أن تمنح إسرائيل الحق في مراقبة نفسها، والحق في أن تضع لنفسها إجراءات لمنع الإبادة، والحق في أن تقوم هي بتقديم تقرير خلال شهر عن الإجراءات التي قامت بها لحماية المدنيين، ووقف عمليات الإبادة.

إنها إذًا، أكبر أكذوبة خدعت بها محكمة العدل الدولية العالم، وليس صدفة أن تتلوا قراراتها قاضية أمريكية مما يعكس توافقها مع صناع القرار في واشنطن، المقتنعون بأن قرارات المحكمة بهذا الشكل الهزيل لا تساوي شيئًا رغم مصارعتهم للتأكيد أن لا شبهة لارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة، أمريكا رفضت قرارات المحكمة، وقالت لا توجد شبهة جرائم إبادة تقوم بها إسرائيل، ورئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو وجميع وزرائه وقادة العصابة تحدوا القرارات الهزيلة للمحكمة، وقالوا إنهم مستمرون في الحرب، وكالوا للمحكمة والأمم المتحدة ومنظماتها الشتائم والسباب، بل واتهموا موظفيها بأنهم هم من يشاركون في ارتكاب جرائم إبادة ضد اليهود في إسرائيل.

لم يعد أي متابع يغفل هذا التنسيق المتبادل، ولعب الأدوار الخادعة على خشبة المسرح السياسي، أو العدلي العالمي، عندما تقول أمريكا الشيء وتفعل نقيضه، وترفع أوروبا الصوت عاليًا بالإدانة لكسب أخلاقي مزعوم، بينما تمد الكيان بكل أسلحة الدمار الشامل التي تباد بها غزة الآن.

لا يوجد معنى أن يخرج علينا الاتحاد الأوروبي بتأييده لقرارات المحكمة، وقادته يعلمون أن هذه القرارات مفرغة من فاعليتها، لأنها سلمت الجاني والقاتل حق وضع الإجراءات ومراقبتها، وكتابة تقرير عنها، وتركت له فرصة شهر كامل كي يقضي على ما تبقى من أبناء شعبنا في قطاع غزة، كما أنهم جميعا يعلمون أن محكمة العدل الدولية ليست لها أداة لتنفيذ قراراتها، وأن إسرائيل رفضت تلك القرارات بعد أقل من خمس دقائق من صدورها، وحتى إذا طلبت المحكمة من مجلس الأمن تنفيذ قراراتها عندها سيخرج الفيتو الأمريكي ليجعل تلك القرارات وكأنها لم تكن.

مسرحية إذًا، شديدة السخرية من أوضاعنا العربية التي باتت مسرحًا لتجريب كل أشكال الجريمة في العالم، وتجريب كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا، وممارسة ألعاب خداعية تمعن في إذلالنا والسخرية من أوضاع أمتنا المهترئة، والتي باتت وكأنها جثة هامدة تتداعى عليها الكلاب الجائعة.

ويبقى أن الحكم النهائي حول ارتكاب الكيان الإجرامي لعمليات الإبادة الجماعية، ووفقًا لتقديرات جميع خبراء القانون الدولي، يمكن أن يصدر بعد عدة سنوات قادمة، كما أن أحكام محكمة العدل الدولية جميعها تنتظر الموافقة الإجماعية للدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهذا لن يحدث مع الفيتو الأمريكي، وهو ما يقتضي أن يكون رهان العرب الوحيد على دعم المقاومة، وهزيمة إسرائيل، وليس انتظارًا لدعم المجتمع الدولي الذي يخضع بكامله للتحالف الصهيوأمريكي.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة جرائم إبادة

إقرأ أيضاً:

حرب المعلومات المضللة بين إسرائيل وإيران.. ما أبرز الأخبار الكاذبة التي انتشرت؟

وقد زادت تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تتمتع بقدرة كبيرة على محاكاة الواقع، من تعقيدات المشهد، مما جعل الجماهير عرضة للتلاعب. اعلان

في العالم الافتراضي كما في الميدان، غالبًا ما تكون وسائل التواصل الاجتماعي أرضًا خصبة "لمحاربة الأعداء". وفي سياق المواجهة الجارية بين إسرائيل وإيران، تنتشر الأخبار المزيفة أو المضللة كالنار في الهشيم. وقد زادت تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تتمتع بقدرة كبيرة على محاكاة الواقع، من تعقيدات المشهد، مما جعل الجماهير عرضة للتلاعب.

تداول رواد مواقع التواصل اليوم صورة تظهر مبنى جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) مدمرًا ومحترقًا بالكامل، باعتبارها نتيجة الهجوم الصاروخي الإيراني.

غير أن الصورة كانت مولدة بالذكاء الاصطناعي، وقد بدا ذلك واضحًا من خلال خطأ في طريقة تهجئة الاسم، حيث كان ينقصه حرف "s".

صورة مزعومة لمقر الموساد وهو مدمرالمعلومات المضللة في الحروب

غالبًا ما تكون الحروب بيئة مثالية لانتشار المعلومات المضللة أو المفبركة، إذ تقع ضمن استراتيجية الحملة الدعائية أو "البروباغندا" التي تسعى الأطراف المتنازعة من خلالها إلى التأثير على إدراك جمهور الطرف المقابل، مما يسهل اختراقه.

وتجند بعض الدول لتحقيق هذه الغاية العديد من الجيوش الإلكترونية، غير أن توفر أدوات صناعة المحتوى في يد الجميع، مثل أدوات توليد الذكاء الاصطناعي، جعل مهمة ضبطها أصعب، خاصة أن بعض المعلومات المضللة قد تعود بالأذى على جمهور مولدها وليس العكس.

Relatedالحوثيون مستعدون لدخول المعركة مع إيران.. ردّ للجميل أم دفاع عن "مشروع إقليمي؟إيران والاختراق الأمني: كيف حوّل "الموساد" طهران إلى ملعب استخبارتي؟ساسة إسرائيل والحرب مع إيران.. صفّ واحد بوجه عدوّ تاريخي ولا مكان للخلاف مع نتنياهووفيما يلي أبرز المعلومات المضللة التي انتشرت في المواجهة بين إسرائيل وإيران:

1- فيديو يزعم أن الإيرانيين يحتفلون بالضربات الإسرائيلية على النظام، لكن تبين من خلال البحث العسكري للصورة أن المقطع قديم ولا يعود للأزمة الحالية.

مقطع مزعوم يظهر الإيرانيين يحتفلون بالصواريخ الإسرائيلية على النظام.

2- فيديو لانفجار مركبة "ستارشيب" التابعة لـ"سبيس إكس" يُشارك على أنه هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل

مقطع مزعوم للصواريخ الإيرانية

3- مقطع فيديو يزعم أنه يُظهر هجومًا إيرانيًا على مصفاة بزان النفطية في حيفا، لكنه في الحقيقة مفبرك.

مقطع مزيف لهجوم إيراني على مصفاة النفط في حيفا

4- مقطع متداول على أنه مظاهرات ضد النظام الإيراني ، لكنه في الحقيقة قديم

مقطع مزعوم للمظاهرات ضد النظام الإيراني

5- مقطع يزعم فيه أنه يوثق لحظة إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية لطائرتين لكنه محاكاة للعبة فيديو

مقطع يزعم أنه للدفاعات الجوية الإيرانية وهي تسقط طائرتين إسرائيليتين كيف يمكن تمييز المقاطع المولدة بالذكاء الاصطناعي؟

يمكن التمييز من خلال التحقق من مصدر المعلومات والانتباه إلى وجود تشوهات بصرية غير طبيعية أو تباين في جودة الفيديو، بالإضافة إلى تناقض التفاصيل أو وجود عناصر غير متناسقة. كما يُنصح باستخدام البحث العكسي للتحقق من أصل الصور أو الفيديو في حال غياب المصادر الإخبارية الموثوقة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • أكذوبة الاحتلال.. لماذا فشلت القبة الحديدية في التصدي لصواريخ إيران؟
  • ما هي صواريخ إيران الفرط صوتية التي ترعب إسرائيل؟
  • النائب عمرو هندي: رفض مصر للفيتو يدعم العدالة ويواجه تسييس القرارات الدولية
  • بي-2 سبيريت.. الطائرة التي تريدها إسرائيل لتدمير منشأة فوردو النووية
  • المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه: نتنياهو يستخدم الحرب لتأجيل ملاحقته أمام المحكمة الجنائية الدولية
  • حملة توقيعات تطالب الاتحاد الأوروبي بوقف تمويل تسليح إسرائيل
  • تعلن محكمة بني الحارث ان على المدعى عليه هاني صالح صالح عبدالإله الحضور إلى المحكمة
  • أردوغان: نتنياهو تجاوز هتلر بجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها
  • حرب المعلومات المضللة بين إسرائيل وإيران.. ما أبرز الأخبار الكاذبة التي انتشرت؟
  • السعودية تدعو إلى وقف "جرائم" إسرائيل في المنطقة