فى السادس والعشرين من شهر يناير الجارى كان اليوم الثانى عشر بعد المائة، الذى واصلت فيه إسرائيل قصفها لقطاع غزة، وعلى بعد ثلاثة آلاف كم من أصوات القصف والدمار خيم الصمت على قاعة محكمة العدل الدولية فى قصر السلام بمدينة لاهاى الهولندية حيث دخل قضاة المحكمة لتلاوة نص الحكم بشأن الدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل المتهمة بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى فى غزة.


وأصدرت المحكمة أوامرها إلى إسرائيل ببذل كل ما فى وسعها لمنع الموت والدمار وأى أعمال إبادة جماعية فى غزة، لكن اللجنة لم تصل إلى حد إصدار أمر بإنهاء الهجوم العسكرى الذى دمر القطاع الفلسطيني.
ولكن الحكم الصادر سيكون معطلا حتى يتوقف الاحتلال الإسرائيلى عن عدوانه ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، وأشارت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، إلى أنه سيكون من الصعب تنفيذ ستة أوامر من المحكمة دون التوصل إلى نوع من وقف إطلاق النار أو وقف القتال.
وقال رئيس محكمة العدل الدولية جوان إى دونوجو، إن المحكمة تدرك تمام الإدراك مدى المأساة الإنسانية التى تتكشف فى المنطقة، وتشعر بقلق عميق إزاء استمرار الخسائر فى الأرواح والمعاناة الإنسانية.
توبيخ ساحق لإسرائيل
ونوهت الوكالة الأمريكية إلى أن هذا الحكم يعد توبيخا ساحقًا لسلوك إسرائيل فى زمن الحرب، ويزيد من الضغوط الدولية المتصاعدة لوقف العدوان والذى أسفر عن استشهاد أكثر من ٢٦ ألف فلسطيني، وأهلك مساحات شاسعة من قطاع غزة، وأجبر ما يقرب من ٨٥٪ من سكان القطاع البالغ عددهم ٢.٣ مليون نسمة على النزوح من منازلهم.
«جوتيرش»: أحكام الجنائية الدولية مُلزمة
ووسط الجدل الكبير بشأن ماهية الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية، فقد قطع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الشك باليقين فى أن أحكام المحكمة العليا مُلزمة قانونًا، وتثق فى أن إسرائيل ستلتزم بأوامرها، بما فى ذلك اتخاذ جميع التدابير فى حدود سلطتها لمنع الأعمال التى من شأنها أن تؤدى إلى تدمير الشعب الفلسطيني.
وفى الشق الآخر من الحكم، فقد دعت المحكمة حركة حماس إلى إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين. 
وقضت المحكمة بأن على إسرائيل أن تفعل كل ما فى وسعها لمنع الإبادة الجماعية، بما فى ذلك الامتناع عن إيذاء الفلسطينيين أو قتلهم، كما قضت بأنه يجب على إسرائيل أن تحصل بشكل عاجل على المساعدات الأساسية لغزة، وأنه يجب على الدولة معاقبة أى تحريض على الإبادة الجماعية، من بين إجراءات أخرى.
وطلبت اللجنة من إسرائيل أن تقدم تقريرًا عن الخطوات المتخذة خلال شهر.
ردود الأفعال على قرار الجنائية الدولية
جاءت ردود الأفعال من مصر والدول العربية مرحبة بقرار محكمة العدل الدولية، مطالبين بضرورة تنفيذ بنوده لإنقاذ الشعب الفلسطينى فى غزة من ويلات الحرب التى طالت كل شبر فى القطاع الذى يتعرض لعدوان غاشم منذ السابع من شهر أكتوبر من العام الماضي.
وأكدت مصر فى بيان لوزارة الخارجية على أنها كانت تتطلع لأن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة مثلما قضت المحكمة فى حالات مماثلة، باعتباره الضمانة الرئيسية لتنفيذ التدابير الضرورية والطارئة التى أقرتها لحماية المدنيين الفلسطينيين فى القطاع. وشددت الخارجية فى بيانها الصادر عقب إعلان الحكم، على ضرورة احترام وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائى الرئيسى للأمم المتحدة.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطينى محمد اشتية، انتهاء زمن إفلات إسرائيل من العقاب بعد القرار الصادر من محكمة العدل الدولية، ويفرض على الدول المساعدة لإسرائيل بالتوقف عن دعمها ومساعدتها، وقرار ينطوى على درجة عالية من الأهمية لأنه يضع إسرائيل فى قفص الاتهام كمجرم حرب وهى المرة الأولى التى تقف فيها بهذه الصفة أمام محكمة العدل الدولية.
وأكد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا، أن قرارات محكمة العدل الدولية، أثبتت أننا كنا على حق فى تقديم الشكوى ضد إسرائيل، مؤكدًا أن قرارات المحكمة اليوم انتصار للعدالة، مُضيفًا أنه على إسرائيل الانصياع لقرارات محكمة العدل الدولية، وعلى كل الدول الأطراف احترامه، والعمل باتفاقية المنع والمعاقبة على جرائم الإبادة الجماعية.
وأشار رئيس جنوب أفريقيا، إلى أن إسرائيل تدعى أنها ديمقراطية، ويجب أن تنصاع لأوامر محكمة العدل الدولية، وعليها اتخاذ التدابير اللازمة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ورغم الدعم الألمانى لإسرائيل بعد الجلسة الأولى للمحاكمة التى عقدت فى ١١ يناير ٢٠٢٤ إلا أن موقف برلين بعد صدور الحكم جاء مفاجئا بعض الشيء، حيث قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إن إسرائيل يجب أن تلتزم بحكم محكمة العدل الدولية، ولكنها تقول أيضًا إن حماس بحاجة إلى إطلاق سراح الرهائن المتبقين لديها.
وكانت ألمانيا أعلنت رفض الاتهامات التى وجهتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية، وزعم المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت، فى اليوم التالى للجلسة الأولى من المحاكمة، أن إسرائيل "تدافع عن نفسها" بعد هجوم حماس فى السابع من أكتوبر الماضي، موضحًا أن ألمانيا ستتدخل كطرف ثالث أمام محكمة العدل الدولية، بموجب مادة تسمح للدول بطلب توضيح بشأن استخدام اتفاقية متعددة الأطراف.
بينما رأت وزارة الخارجية الإيرانية أن قرار الجنائية الدولية جاء متأخرًا، وأوضح المتحدث باسمها ناصر كنعاني، أنه على الرغم من أن قرار محكمة العدل الدولية بشأن الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، جاء متأخرًا إلا أنه دليل على الواقع المرير الذى يحدث فى القطاع، وبمثابة مثال على الجرائم الدولية، بما فى ذلك الإبادة الجماعية.
دعم أمريكى لإسرائيل على طول الخط
وإمعانًا فى الدعم الكبير لإسرائيل، عارضت الولايات المتحدة الحكم الصادر من الجنائية الدولية، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية فى بيان لها عقب صدور الحكم: «ما زلنا نعتقد أن مزاعم الإبادة الجماعية لا أساس لها من الصحة».
وكررت الولايات المتحدة موقفها بأنه يجب على إسرائيل اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الضرر الذى يلحق بالمدنيين، وزيادة المساعدات الإنسانية وكبح الخطاب اللاإنساني.
وقالت حكومة جنوب أفريقيا، إن الحكم ينص على أن تصرفات إسرائيل فى غزة تعتبر إبادة جماعية، مُضيفةً أنه لا يوجد أساس موثوق لاستمرار إسرائيل فى الادعاء بأن عملياتها العسكرية تتوافق تمامًا مع القانون الدولي. ورغم الدعم الواضح من واشنطن إلى تل أبيب على كل المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية، فإن صحيفة «الجارديان» البريطانية، ترى أن الحكم الذى صدر الجمعة الماضية، يُضيف المزيد من الضغوط على الولايات المتحدة والدول الغربية لكبح جماح إسرائيل، للتأثير على حكومة الاحتلال الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن قرار محكمة العدل الدولية محرج بشكل خاص لإدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، نظرا لأن وزير خارجيته أنتونى بلينكن، كان قد رفض فى السابق قضية جنوب أفريقيا ووصفها بأنها لا أساس لها من الصحة.
وقالت «الجارديان» إن الحكم وضع الإدارة الأمريكية فى مأزق، وسط اتهامات لها بالنفاق، ويُثير تساؤلات حول التزام واشنطن بحقوق الإنسان، خاصة بالنظر إلى حثها السابق للدول الأخرى على الالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إسرائيل في القفص جوتيرش جنوب أفريقيا ضد إسرائيل الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى قطاع غزة الشعب الفلسطینى فى غزة محکمة العدل الدولیة الجنائیة الدولیة الإبادة الجماعیة جنوب أفریقیا على إسرائیل إسرائیل فى أن قرار إلى أن

إقرأ أيضاً:

وصول سفاح المعمورة محكمة جنايات الإسكندرية لسماع الحكم بإعدامه

وصل قبل قليل، محكمة جنايات الإسكندرية، اليوم الأحد، المتهم "ن.ا.ال" والمعروف إعلاميا بسفاح المعمورة في جلسة محاكمته بمأمورية خاصة من محبسه إلي المحكمة لسماع النطق بالحكم بعد أخذ رأي فضيلة مفتي الجمهورية في إعدامه.

وتنظر محكمة جنايات الإسكندرية، برئاسة المستشار محمود عيسي سراج الدين رئيس المحكمة وبعضوية كل من المستشار تامر ثروت شاهين والمستشار محمد لبيب دميس، والمستشار عبد العاطي إبراهيم صالح، وحسن محمد حسن سكرتير المحكمة، جلسة  محاكمة سفاح المعمورة ،عقب عرض أوراق القضية علي فضيلة مفتى الديار المصرية لأداء الرائ الشرعى في اعدامه.

تعود أحداث القضية المقيدة برقم المقيدة برقم 9046 لسنة 2025 جنايات قسم شرطة المنتزة ثان عندما تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الإسكندرية إخطارا من ضباط قسم شرطة المنتزة ثان، يفيد ببلاغات بقيام المتهم بارتكاب قتل المجني عليهم.

تبين من التحقيقات، قيام المتهم "ن.ا ال " محام، بقتل كل من "م.ا.م" مهندس، و"م.ف.ث" ربة منزل زوجته، و"ت.ع.ر" ربة منزل، وقام بإخفاء الجثامين بالوحدتين السكنيتين المستأجرتين بمعرفة المتهم، بأن دفن المجني عليه الأول بأرضية الوحدة السكنية الأولى ودفن المجني عليهم الثانية والثالثة بأرضية الوحدة السكنية الثانية، واستولى على متعلقاتهم وأموالهم، حيث تبين أن علاقة عمل نشأت بين المتهم والمجني عليه الأول منذ عام 2021، ونظرا للظروف المالية التي كان يمر بها المتهم وعلمه بوجود مبالغ مالية مع المجنى عليه الأول وامتلاكه بعض العقارات التي يمتلكها وفي بداية عام 2022 استغل المتهم كون المجني عليه يعتقد أنه يستطيع حل نزاع قضائي فيما بينه وبين آخرين، واستدرجه لمكان الواقعة، وأعد لذلك سلاح أبيض سكين، ليجبر المجنى عليه على التنازل عن ملكيته عقار وكذلك سيارة، وحال ذلك قام المتهم بالاستيلاء على هاتفه المحمول وكارت السحب البنكي، إلا أنه فوجئ باتصال من أهليه المجني عليه بأمر تغيبه وانهالت عليه الاتصالات الهاتفية، فحاول آنذاك إيهامهم بأن المجني عليه سيتزوج من سيدة أجنبية، وأنه قد قام ببيع العقار خاصته، وأنه سوف ينتقل إلي مدينة شرم الشيخ لعطله الزواج، وكان ذلك عن طريق رسائل نصية قام بارسالها من هاتف المجني عليه، وكذلك أجبر المجني عليه بمهاتفه أهليته نحت تهديد السلاح ليبعد الشبهة عنه، ونفاذا لمخططه الإجرامي الذي لم يلق قبولا من المجني عليه، الذي لم يتنازل عن العقار والسيارة خاصته فتعدي عليه بالضرب بالأيدي والأرجل بعدة ضربات في جميع أنحاء جسده تم سدد له ضربة بسلاح أبيض استقرت في الفخد الأيسر بجسده التي أودت بحياته، واستولى على بطاقته البنكية وسحب منها مبالغ ماليه تخطى عشرات الآلاف، وأتلف هاتف المجني عليه وعقب ذلك اعد صندوق خشبي صنعه بنفسه وأحضر أكياسا بلاستيكية كبيرة ووضع جثمان المجني عليه بداخلها، واشترى مواد بناء وأدوات حفر وقام بحفر حفرة كبيرة بتلك العين تسع الجثمان وغطاها بالتراب ومواد البناء وأغلق العين بجنزير وقفل معدني وتركه لها على مدار 3 سنوات.

وقام المتهم بقتل المجني عليها الثانية "م.ف.ث" زوجته عمدا مع سبق الإصرار بسبب خلاف بينهما، وشك المجني عليها فى سلوكه وضيقت عليه الخناق وطردته من الشقة أكثر من مرة، فعقد المتهم النية والعزم على قتلها واستخدم فكرة صناعة صندوق خشبي من خلال أحد النجارين بالمنطقة محل سكنه واشتري قماش أبيض لتكفين جثتها وأكياس بلاستيكية سوداء واستغل وجود المجني عليها بمفردها، فتعدى عليها بالضرب بالأيدي ثم قبض بيده على عنقها حتى تأكد أنها فارقت الحياة ولف جثمانها بالقماش ووضعه في الأكياس البلاستيكية السوداء ونقل الجثة إلي محل سكنه بمنطقة المعمورة البلد ووضعها في الصندوق الخشبي وحفر حفرة بإحدي الغرف ودفن المجني عليها بها وأغلق الباب بقفل معدني.

كما توصلت التحريات إلي قيام المتهم بقتل المجنى عليها الثالثة " ت.ع.ر" ربة منزل فى غضون شهر أغسطس عام 2024 لقيامه ببعض مهام إنهاء قضايا تنازع المجنى عليها مع آخرين إلا أنه لم يحصل على أتعابه نظير عمله لكن المجنى عليها لم تتلق أى نتائج من عمله فقررت حرمانه من باقي الأتعاب، وإصراره على الحصول على مستحقاته وقرر استدراجها إلى محل سكنه وخطفها والتخلص منها والاستيلاء على المبالغ المالية بحوزته، والكارت البنكي الخاص بصرف المعاش وهاتفها المحمول، وفي شهر أكتوبر عام 2024 استدرجها بسكنه وكتم أنفاسها حتى فارقت الحياة، واستولى على متعلقاتها، وقام بحفر حفرة أخرى بجوار المجنى عليها الثانية زوجته ودفنها وأغلق الباب بقفل، وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق التى قررت إحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته.



مقالات مشابهة

  • تعلن محكمة الاستئناف بالأمانة عن تعديل منطوق الحكم للمنفذ ضدهم/ ورثة طه أحمد غانم
  • تعلن محكمة بني الحارث الابتدائية بمنطوق الحكم على المدعى عليه/ أمير علي سالم
  • تعلن المحكمة التجارية الابتدائية بالأمانة بأن على المنفذ ضده/ علي العنتري التنفيذ الاختياري لمنطوق الحكم
  • وزير العدل يؤكد تعاون حكومة السودان مع الآليات الدولية ووكالات الامم المتحدة الخاصة بحقوق الانسان
  • تعلن المحكمة التجارية بالأمانة عن الحكم الصادر على المنفذ ضدها شمس النصيري
  • لماذا تؤجل محكمة العدل الدولية إصدار حكمها بشأن الإبادة الجماعية بغزة؟
  • تعلن محكمة سنحان الابتدائية بإلزام الأخ عبدالعزيز سيف بتخلية العين الموصوفة في محصل الحكم وتسليمها
  • وصول سفاح المعمورة إلى محكمة جنايات الإسكندرية لسماع الحكم بإعدامه
  • وصول سفاح المعمورة محكمة جنايات الإسكندرية لسماع الحكم بإعدامه
  • التغير المناخي أمام العدل الدولية.. هل تقاضي البلدان الفقيرة الدول الصناعية؟