عربي21:
2024-06-16@13:18:41 GMT

التهجير تاريخا وأفقا للعنصرية الغربية

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

التقتيل أو الترحيل هو نموذج التأصيل التاريخي لكل من الكيانين الأمريكي والإسرائيلي، أي أنه نموذج التفسير أو التبرير الثاوي في أعمق أعماق تصورات الأمتين عن شرعيتهما الوطنية أو جدارة كل منهما بالأرض المغتصبة أو «المتنازع عليها». تقتيل أهالي البلاد الأصليين أو ترحيلهم باسم مبدأ أعلى: التفوق الحضاري أو الديني في الحالة الأمريكية (مع الزعم بأن شعب أمريكا الشمالية الأصلي شعب بدائي بلا حضارة) والعودة لأرض الأجداد أو أرض الميعاد في الحالة الإسرائيلية (مع الزعم بأن اليهود شعب بلا أرض وأن فسلطين أرض بلا شعب).



وإذا كانت جرائم التقتيل، بلوغا إلى غاية الإبادة المضمرة أو المعلنة، إنما هي اختصاص إسرائيلي حصري في الظرف التاريخي الحالي، فإن خطط الترحيل والتهجير والطرد والترانسفير قد صارت قاسما مشتركا بين التيارات اليمينية العنصرية المتطرفة في إسرائيل وبين مثيلاتها في بعض البلاد الأوروبية، مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا. إذ لا يكاد يمر يوم إلا وتأتي الأخبار بالمزيد عن الدعوات الإسرائيلية المتصاعدة لترحيل الفلسطينيين من البلاد «طواعية». وقد كان من أحدث حلقات هذا المسلسل المخزي ذلك المهرجان العنصري الذي شارك فيه حوالي ثلاثين وزيرا إسرائيليا، حيث أطلقت الدعوات إلى التطهير العرقي وإحياء مستوطنات غوش قطيف وبناء «غزة يهودية».

أما في أوروبا، فإن الحكومة البريطانية مصرّة على تنفيذ سياسة طرد طالبي اللجوء والهجرة إلى رواندا، رغم أن الأمم المتحدة أعلنت أن في هذه السياسة انتهاكا للقانون الدولي. على أن اليمين الألماني المتطرف قد مضى في الرغبة في تطهير أوروبا من الدخيل الإفريقي والعربي والإسلامي أبعد بكثير من الحكومة البريطانية. فقد كشفت وسيلة الإعلام الاستقصائية «كوركتيف» في تحقيق بعنوان «خطة سرية ضد ألمانيا» أن «حركة الهوية» المتحالفة مع حزب البديل الألماني اليميني المتطرف قد وضعت خطة تدعو إلى «إنهاء الاستعمار الأجنبي للبلاد» وذلك بطرد طالبي اللجوء وحتى الأجانب الحاصلين على إذن قانوني بالإقامة.

أما أخطر بنود الخطة فيتمثل في الدعوة إلى طرد كل مهاجر «غير مندمج» علما أن هذا الوصف الفضفاض يشمل كثيرا من المواطنين ذوي الأصول الأجنبية ممن يحملون الجنسية الألمانية. ذلك أن زعيم حركة الهوية مارتن سلنر قد أعلن أن هؤلاء المجنسين الألمان يمثلون بالنسبة لليمين المتطرف كبرى المشكلات التي ينبغي التعجيل بحلها، ودعا إلى ممارسة ضغوط قوية لحملهم على التأقلم مع الثقافة المحلية من خلال قوانين مصممة للغرض.

ويعترف زعيم حركة الهوية أن التنفيذ يتطلب عشرات السنين. أما درة التاج في الخطة فهو المضيّ إلى حد المطالبة بإنشاء دولة في شمال إفريقيا (!) للتخلص من هؤلاء المهاجرين غير المرغوب فيهم، والذين يقارب تعدادهم مليوني نسمة. والمعنى أن دول المغرب العربي منزوعة السيادة بحيث يجوز للأوروبيين أن يقتطعوا منها مساحة يجعلونها منفى، بل مستعمرة عقاب كافكائية! ومصير هؤلاء الألمان المنفيين عندنا أن ينخرطوا في أنشطة التدريب المهني، بل إن سلنر يقترح عليهم بمنتهى الجد ودون رغبة في الإضحاك أن يستثمروا الوقت في ممارسة الرياضة. أما المدافعون عن حقوق المهاجرين، فالرأي عنده أن حل مشكلتهم بالغ السهولة: إذ حسْبُهم أن يتبعوا المنفيين إلى منفاهم!

وقد استثارت هذه الخطة، المتمثلة في التخلص من المواطنين غير المرغوب فيهم (مع إعادة استعمار إفريقيا التي يتبناها اليمين الألماني المتطرف رسميا ويسميها «الهجرة العكسية» أي عودة المهاجرين إلى بلدانهم طوعا أو كرها) لدى عموم الألمان ذكرى مداولات المسؤولين النازيين عام 1940 بشأن «مشروع مدغشقر» الذي كان يرمي في الأصل إلى التخلص من ملايين اليهود والغجر والمختلين عقليا والمناهضين للنازية بنفيهم إلى الجزيرة الإفريقية. ولكن الخطة لم تنفذ واستعيض عنها بخطة الحل النهائي التي وضع النازيون تفاصيلها في ندوة فانسي عام 1942.

أما في فرنسا فقد سبق للمرشح الرئاسي أريك زمور أن نادى بإنشاء وزارة للهجرة العكسية للتخلص من حوالي مليون لاجئ ومهاجر، كما أن اليمينية المتطرفة ماريون مارشال دأبت على تسمية المهاجرين الحاصلين على الجنسية الفرنسية بـ«فرنسيّي الأوراق». وهي تقصد المسلمين حصرا، وتخلط في هذه التسمية التحقيرية بين مهاجري الجيل الأول وبين أبنائهم وأحفادهم ممن ولدوا ونشأوا في فرنسا.

وهكذا فالعنصرية الإسرائيلية ليست حالة شاذة، بل إنها رافد في تيار غربي متنام قد يمسك قريبا بالحكم في كبريات الدول الأوروبية.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين فلسطين الاحتلال الغرب تهجير مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مدرب اسكتلندا بعد الخسارة القاسية: لم يمنحنا الألمان أي فرصة

وصف مدرب اسكتلندا ستيف كلارك أداء المنتخب الألماني في المباراة الافتتاحية بـ"الرائع"، وذلك بعد الخسارة 5-1 في بطولة "يورو 2024".

وقال كلارك بعد مباراة ألمانيا واسكتلندا: "كان أداء ألمانيا رائعا ولسوء الحظ لم نتمكن من مجاراة المنافس".

وأضاف: "لقد تفوقوا علينا ولم يمنحونا أي فرصة في المباراة. كانت النتيجة النهائية مخيبة للآمال".

وتابع: "الفرصة لا تزال قائمة ونحتاج لأربع نقاط وهو ما يجب التركيز عليه".

وبدوره قال قائد اسكتلندا آندي روبرتسون لمحطة آي.تي.في "في الشوط الأول، أخطأنا في كل شيء. ولم نظهر، ولم نلعب بالشراسة المطلوبة وسمحنا للمنافس القوي بالاستحواذ على الكرة".

وأشار إلى أنه "في الشوط الثاني، لعبنا بعشرة لاعبين ومع ذلك استبسلنا. رغم المؤازرة الجماهيرية كان يوما مخيبا وعلينا التعافي سريعا".

وتأتي النسخة الحالية من البطولة القارية بعد ثلاث سنوات من إقامة النسخة السابقة من دون الحضور الجماهيري بسبب جائحة كوفيد-19 التي أجبرت الاتحاد الأوروبي على تأجيل المسابقة من 2020 إلى 2021.

ويشارك 24 منتخبا في المسابقة القارية المرموقة بنسختها السابعة عشرة والتي ستقام خلالها 51 مباراة، علما أن النهائي سيقام في 14 يوليو في برلين.

وتُوّج المنتخب الإيطالي بالنسخة الأخيرة على ملعب ويمبلي، وذلك بفوزه على إنجلترا في المواجهة النهائية بركلات الترجيح.

وتعد ألمانيا وإسبانيا أكثر بلدين تتويجا باللقب في تاريخ المسابقة بثلاثة ألقاب مقابل 2 لكل من فرنسا وإيطاليا، في حين أن "دي مانشافت" هو المنتخب الأكثر مشاركة (14 مرة).

مقالات مشابهة

  • هنية: رد حماس على مقترح الهدنة يتوافق مع مبادئ الخطة التي أعلنها بايدن
  • عقيل: القوى الأجنبية تدخل ليبيا في نفق مظلم والبعثة الأممية تخضع لسيطرة واشنطن
  • مظاهرات حاشدة ضد اليمين المتطرف في فرنسا
  • الشرخ المجتمعي الذي أحدثه الخليفة من قبل وزاده حميدتي اليوم
  • رئيس حزب الريادة: الدولة المصرية رفضت التهجير وتصفية القضية الفلسطينية
  • مدرب اسكتلندا بعد الخسارة القاسية: لم يمنحنا الألمان أي فرصة
  • دبي تعتزم تعيين مسؤولي الذكاء الاصطناعي في الجهات الحكومية
  • ”ليلة الرعب تنتظر الألمان: افتتاح يورو 2024 بمواجهة حاسمة مع اسكتلندا!”
  • كيفية عمل خطة تسويقية وأهم عوامل نجاحها
  • "إكسترا نيوز" تسلط الضوء على الموقف المصري برفض التهجير القسري للفلسطينيين