التصنيع الدفاعي ونقل التكنولوجيا العسكرية تقود نائبة وزير الدفاع الأميركي إلى المغرب
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
زنقة 20. الرباط
تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، تباحث الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، اليوم الثلاثاء بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، مع نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي المكلفة بالشؤون الإفريقية، السيدة جنيفر زاكريسكي، مرفوقة بالجنرال كينيث ب. إيكمان، مدير الإستراتيجية والشراكة والبرامج بالقيادة الأمريكية لإفريقيا، وسفير الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب، السيد بونيت تالوار.
وذكر بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية أن المسؤولين أشادا، خلال هذه المباحثات، بالعلاقات الممتازة بين القوات المسلحة الملكية والقوات المسلحة الأمريكية، والتي تتمثل في أنشطة التعاون المكثفة والمنتظمة.
وبهذه المناسبة، وبعدما وصف العلاقات العريقة بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية بـ “الممتازة” و”المتجذرة في التاريخ”، ذكر المفتش العام للقوات المسلحة الملكية بأن ” هذه العلاقات انطلقت خاصة بالتوقيع سنة 1786 على معاهدة السلام والصداقة المغربية-الأمريكية، وهي أقدم معاهدة على الإطلاق توقعها الولايات المتحدة مع بلد ثالث، والتي أرست أسس علاقة “عريقة” و”تاريخية”.
كما شكل هذا اللقاء فرصة لمناقشة مختلف جوانب التعاون العسكري بين الجيشين، لا سيما الصناعة الدفاعية، واقتناء المعدات والتجهيزات مع المواكبة التقنية واللوجستية اللازمة، والتكوين ونقل التكنولوجيا، فضلا عن توطيد التعاون الثنائي في مجال تدبير الكوارث.
من جهة أخرى، تمحورت المباحثات حول دور القوات المسلحة الملكية، طبقا للتوجيهات الملكية السامية، في مجال حفظ السلام؛ وهو دور رائد وشريك ذي مصداقية للنهوض بالسلام والأمن والتعاون الإقليمي.
ويندرج التعاون العسكري الثنائي المغربي-الأمريكي، الذي تؤطره جملة من الاتفاقيات والترتيبات، في إطار خريطة الطريق 2020-2030 الرامية إلى إقامة شراكة إستراتيجية نموذجية قادرة على مواجهة التحديات الأمنية.
ويغطي هذا التعاون، بشكل خاص، الحوار الإستراتيجي والتكوين والتمارين وبرنامج الشراكة مع الحرس الوطني لولاية يوتا والدعم المالي وعلى مستوى المعدات.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: للقوات المسلحة الملکیة
إقرأ أيضاً:
خرائط الطريق الأمريكية.. مسارات تقود إلى الأزمات لا إلى الحلول
على مدى العقود الماضية، اتخذت الولايات المتحدة من «خرائط الطريق» عنوانًا لسياساتها في مناطق الصراع، مقدّمة نفسها كوسيط يسعى إلى بناء الدول وتحقيق السلام وإنهاء النزاعات. غير أنّ تجربة الشعوب مع هذه الخرائط تشير إلى نتيجة مختلفة تمامًا؛ فكل خارطة طريق صاغتها واشنطن تحوّلت إلى بوابة لحرب طويلة أو أزمة ممتدة، وانتهت إلى خدمة المصالح الأمريكية أكثر من خدمة الشعوب التي وُعدت بالأمن والاستقرار.
بدأ هذا النمط بوضوح في أفغانستان عام 2001م، حين روّجت واشنطن لمشروع بناء دولة حديثة بعد إسقاط نظام طالبان. غير أنّ عشرين عامًا من الوجود العسكري لم يثمر مؤسسات قوية ولا تنمية حقيقية، بل ساهمت في صناعة نظام هشّ يتغذّى على الدعم الأجنبي ويغرق في الفساد، لينتهي الأمر بعودة طالبان إلى السلطة كما كانت قبل عقدين، تاركة خلفها دولة مدمّرة وشعبًا أنهكته الحرب.
وتكرر المشهد بطريقة مختلفة في فلسطين مع خريطة طريق حلّ الدولتين عام 2003م، التي قُدّمت كخطوة تاريخية لإنهاء الصراع. لكنّها في الواقع منحت الاحتلال الإسرائيلي الوقت والغطاء لتوسيع الاستيطان وفرض وقائع جديدة على الأرض، بينما حوصرت القيادة الفلسطينية بشروط أمنية وسياسية قاسية جعلت المسار التفاوضي عبثًا بلا نتائج. وكان المفترض أن تكون هذه الخريطة جسرًا للسلام، لكنها تحولت إلى أداة لتمديد السيطرة الإسرائيلية وتجميد الحل حتى اليوم.
أما العراق، فقد واجه واحدة من أكثر الخرائط دمارًا بعد اجتياح 2003م حين أعلنت واشنطن مشروعًا لإعادة الإعمار وبناء الديمقراطية. لكن ما حدث كان العكس تمامًا؛ تفكيك الجيش، وتفجير الصراع الطائفي، وانهيار مؤسسات الدولة، وتحوّل البلاد إلى ساحة صراع إقليمي ودولي. ورغم مليارات الدولارات التي أُنفقت باسم الإعمار، بقي العراق يعاني ضعفًا سياسيًا واقتصاديًا عميقًا، في واحدة من أكثر التجارب دلالة على أن خريطة الطريق الأمريكية كانت في حقيقتها وصفة للفوضى.
وفي سوريا، دخلت الولايات المتحدة عام 2012م بخارطة طريق للحل السياسي بدت في ظاهرها محاولة لتجنيب البلاد الانهيار، لكنها سرعان ما تحولت إلى إطار لإدارة الصراع لا إنهائه، مع تسليح أطراف، والتغاضي عن تدخلات دولية متعددة، وفتح الباب لتقسيم النفوذ بين القوى الكبرى. النتيجة كانت كارثة إنسانية وسياسية لا تزال تتفاقم حتى اليوم، فيما بقيت الخريطة الأمريكية ورقة ضغط، لا مسارًا للحل.
وفي اليمن، ظهرت خريطة طريق جديدة عام 2023م تحت شعار «السلام المستدام». لكنها جاءت مشوبة بحسابات إقليمية ودولية جعلتها أقرب إلى مشروع لتثبيت واقع معقّد بدل تفكيك جذوره. فقد تجاهلت الخريطة الأسباب الحقيقية للحرب، وتجنّبت معالجة قضايا السيادة والقرار الوطني، وتركت البلاد في وضع لا حرب ولا سلام، مع استمرار المعاناة الإنسانية وتفاقم الانقسام.
وعند مراجعة كل هذه التجارب، يبدو واضحًا أن خرائط الطريق الأمريكية لم تكن يومًا حلولًا خالصة بقدر ما كانت أدوات لإعادة ترتيب مناطق النفوذ. فهي تُصاغ في غرف السياسة وفق رؤية ترى في استمرار الصراعات وسيلة للضغط والتحكم، لا في إنهائها فرصة لبناء الاستقرار. ولذلك لم تؤدِّ أيٌّ من هذه الخرائط إلى سلام حقيقي أو بناء دولة قوية، بل إلى إطالة أمد الأزمات وتعميق اعتماد الدول على القوى الخارجية.
إنّ الشعوب التي عُلِّقت آمالها على هذه المسارات اكتشفت أن الطريق الذي ترسمه واشنطن يقود غالبًا إلى مزيد من التعقيد والاضطراب، لأن الغاية ليست وضع حدّ للمعاناة، بل إدارة الأزمات بطريقة تخدم الاستراتيجيات الأمريكية في المنطقة. وهكذا تصبح خريطة الطريق، بدل أن تكون جسرًا نحو المستقبل، دائرة مغلقة تعيد إنتاج المأساة.
ويبقى الدرس الأهم أن الدول لا تُبنى بـ«الخرائط المستوردة»، بل بالإرادة الوطنية الحرة والقرارات السيادية التي يشارك في صنعها أبناء البلد أنفسهم. فخارطة لا تُرسم داخل حدود الوطن لن تقود إلا إلى طريق يطيل من عمر الأزمات.