لسنتين جديدتين، جرى انتخاب مصر، أمس الأول الخميس، عضوًا فى «مجلس السلم والأمن الإفريقى»، بأغلبية ٤٤ صوتًا، من أصل ٤٦ دولة يحق لها التصويت. ولا تشغل بالك بالدولتين الناقصتين، لأن التصويت يكون سريًا، ولأن الحصول على أكثر من ٩٥٪ يعد نجاحًا كبيرًا، جديدًا، يضاف إلى سجل نجاحات مصر على الساحة الإفريقية، ويعكس بمنتهى الوضوح ثقة الدول الشقيقة وتقديرها الجهود المصرية، خلال فترات عضويتها السابقة فى النسخة الإفريقية من مجلس الأمن الدولى.
تنقسم الدول الأعضاء فى الاتحاد الإفريقى إلى خمسة أقاليم جغرافية: شمال، غرب، وسط، شرق، وجنوب. وجرى انتخاب مصر ممثلة لدول الإقليم الشمالى، خلال أعمال الدورة الرابعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد، المجلس التنفيذى، التى انعقدت، الأربعاء والخميس، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تمهيدًا للقمة الإفريقية السابعة والثلاثين، التى تنطلق اليوم السبت، والتى سيكون على جدول أولوياتها مناقشة استخدامات «صندوق السلام» المعنى بحفظ السلم والأمن فى القارة السمراء.
لعلك تعرف أن مصر تترأس، منذ فبراير الماضى حتى فبراير المقبل، اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقى، الـ«نيباد»، الذراع التنموية للاتحاد. وكنا قد أنهينا مقال أمس الأول، بأننا لسنا فى حاجة إلى تأكيد، أو إعادة تأكيد، أن الجهود، التى قامت بها دولة ٣٠ يونيو، ولا تزال، خلال رئاستها الأجهزة والكيانات التابعة للاتحاد الإفريقى، أو الاتحاد نفسه، كان هدفها الأساسى هو تحقيق تطلعات دول القارة السمراء وطموحات شعوبها، فى الاستقرار والتنمية والحياة الكريمة.
من القاهرة، طالبت الدول الأعضاء فى «منظمة الوحدة الإفريقية»، فى ٣٠ يونيو ١٩٩٣، بضرورة إنشاء آلية إفريقية لإدارة وتسوية النزاعات فى القارة السمراء. وبعد تغيير اسم المنظمة إلى «الاتحاد الإفريقى»، شهدت مدينة دربان الجنوب إفريقية، سنة ٢٠٠٢، التوقيع على بروتوكول ملحق بالميثاق التأسيسى للاتحاد، نص على إنشاء «هيئة فوق قومية»، اختير لها اسم «مجلس السلم والأمن الإفريقى»، وبدخول هذا البروتوكول حيز التنفيذ فى ٢٦ ديسمبر ٢٠٠٣، بدأ المجلس، فى ٢٥ مايو التالى، ممارسة مهامه، عبر أربعة هياكل رئيسية: القوة الإفريقية الجاهزة، صندوق السلم، نظام الإنذار المبكر، وهيئة الحكماء.
فكرة تأسيس المجلس مستلهمة، أو مقتبسة، من مجلس الأمن الدولى، التابع للأمم المتحدة، مع اختلافات غير بسيطة، أبرزها، أو أهمها، أن الأول، الذى يضم أيضًا خمسة عشر عضوًا، لا يوجد به أعضاء دائمون مسيطرون، لهم حق الاعتراض، أو «الفيتو»، بل يقوم المجلس التنفيذى للاتحاد الإفريقى بانتخاب كل أعضائه، على أساس الحقوق المتساوية: خمسة كل ثلاث سنوات، وعشرة كل سنتين، بناء على عدة معايير، تراعى التوازن الإقليمى وامتلاك الإرادة السياسية والقدرة على المساهمة العسكرية.
جرى انتخاب مصر لمدة سنتين فى ٢٠٠٧ و٢٠١٢، ثم لمدة ثلاث سنوات فى ٢٠١٦، وخلال عضويتها السابقة، التى بدأت سنة ٢٠٢٠ وانتهت فى ٢٠٢٢، تولت رئاسة المجلس مرتين: الأولى فى أكتوبر ٢٠٢٠، والثانية فى نوفمبر ٢٠٢١. وكعادة «دولة ٣٠ يونيو»، عملت خلال هاتين المرتين، على تفعيل دور المجلس وتعزيز دوره فى العمل الإفريقى المشترك، لمواكبة ما يشهده العالم من تحولات، ومواجهة التهديدات، الوجودية والمصيرية، التى فرضتها دول وكيانات انتهازية، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء.
.. وتبقى الإشارة إلى عضوية مصر فى «مجلس السلم والأمن الإفريقى»، ستتيح لها مواصلة دورها المؤثر فى التعامل مع الملفات، القضايا أو الأزمات، الراهنة، التى تهدد أمن واستقرار القارة، وعلى رأسها، مثلًا، أزمة «مذكرة التفاهم»، التى وقعتها إثيوبيا مع ولاية «أرض الصومال»، فى بداية السنة الجارية، والتى انتهكت سيادة دولة الصومال، وخالفت القانون الدولى، ومثلت انقلابًا صارخًا على الثوابت الإفريقية والدولية. كما ستتيح عضوية مصر فى المجلس، أيضًا، حشد، أو بلورة، موقف إفريقى موحد، ضد العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وعلى الأراضى الفلسطينية إجمالًا، إضافة إلى مواصلة دورها الفعال فى التعامل مع ملفات الإرهاب والصراعات الداخلية وتهريب البشر والسلاح والمخدرات، وغيرها من التحديات، أو التهديدات، التى تؤثر، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، على دول القارة السمراء.
ماجد حبته – جريدة الدستور
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القارة السمراء السلم والأمن
إقرأ أيضاً:
التعاون الخليجي يدين الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
أعرب وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي عن إدانتهم الشديدة للهجمات الصاروخية التي نفذتها إيران والتي استهدفت قاعدة العديد الجوية في دولة قطر.
وعقب اجتماع استثنائي عقده في العاصمة القطرية الدوحة، أكد المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في بيان -تلاه الأمين العام للمجلس جاسم محمد البديوي– أن هذه الهجمات تُعد انتهاكا خطيرا لسيادتها ومبادئ حسن الجوار والقوانين والأعراف الدولية.
وأشاد بيان المجلس بقدرات القوات المسلحة القطرية في تصديها للهجوم مؤكدا أن أمن واستقرار قطر جزء لا يتجزأ من أمن دول المجلس، وأن أي تهديد تتعرض له أي دولة عضو هو تهديد مباشر لكافة دول المجلس، مجدداً رفضه القاطع لأي مساس بسيادة دولة قطر أو تهديد لأمنها واستقرارها.
وأعرب المجلس أيضا عن التضامن التام مع دولة قطر ودعمه لها فيما تتخذه من إجراءات تحفظ أمنها واستقرارها، كما طالب المجتمع الدولي بالدفع نحو عودة جادة للمفاوضات الإيرانية الأميركية.
الأمين العام لـ #مجلس_التعاون: المجلس الوزاري لمجلس التعاون يرحب بإعلان الرئيس الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار مشيداً بجهود دولة #قطر في الوساطة للمحافظة على أمن واستقرار المنطقة #قنا pic.twitter.com/Ho0dNJg7xe
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) June 24, 2025
وكان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بحث هجمات إيران على قاعدة العديد الجوية مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذين جددوا التأكيد على أن أمن دول مجلس التعاون كلٌ لا يتجزأ، وأن المجلس يقف صفًا واحدًا مع دولة قطر.
سمو الأمير المفدى يستقبل أصحاب السمو والسعادة وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بمناسبة زيارتهم للبلاد للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي الـ49 للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في مكتبه بقصر لوسيل. https://t.co/lMGnS3RRdm pic.twitter.com/NcHyUmozKu
— الديوان الأميري (@AmiriDiwan) June 24, 2025
إعلان
ومساء أمس الاثنين، قصفت إيران قاعدة العديد في قطر في عملية سمتها "بشائر الفتح" ردا على الهجوم الأميركي الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية، في حين أعلنت الدوحة أن الدفاعات الجوية اعترضت الصواريخ الإيرانية بنجاح.
وفي أعقاب الهجوم، استدعت وزارة الخارجية القطرية السفير الإيراني في الدوحة، وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية سلطان بن سعد المريخي للسفير الإيراني علي صالح آبادي أن هذا الانتهاك يتنافى تماماً مع مبدأ حسن الجوار والعلاقات الوثيقة التي تجمع دولة قطر وإيران.
كما أكد وزير الدولة القطري ضرورة العودة فورا للحوار والمسارات الدبلوماسية لحل الخلافات والقضايا العالقة وتجنّب التصعيد.
وكانت دولة قطر قد وجهت في وقت سابق من اليوم رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن بشأن الهجوم الإيراني على قاعدة العديد أمس الاثنين.
وذكرت وزارة الخارجية القطرية في بيان اليوم الثلاثاء أن قطر عبرت في رسالتها عن إدانتها الشديدة للهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة العديد، واعتبرته "انتهاكا صارخا لسيادتها ومجالها الجوي وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وأكدت الرسالة أن قطر "تحتفظ بحق الرد المباشر بما يتناسب مع شكل وحجم هذا الاعتداء السافر، وبما يتوافق مع الميثاق والقانون الدولي".