رغم مرور أكثر من أسبوعين على توعد "المقاومة الإسلامية" في العراق، بالرد على مقتل اثنين من قادة "كتائب حزب الله" العراقية، بطائرة مسيرة أمريكية في بغداد، فإن شيئا لم يحصل، بل إن الهجمات التي كانت تشنها على الأمريكيين وإسرائيل، توقفت بالكامل.

إيقاف العمليات يعود إلى اجتماع أجراه قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، مع فصائل عراقية بمطار بغداد، انتهى بإيقاف هذه الهجمات، وذلك عقب مقتل ثلاثة جنود أمريكيين بهجوم في الأردن نهاية الشهر الماضي، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز" في تقريرها، الأحد الماضي.



اجتماع قاآني الذي جرى في 29 كانون الثاني/ يناير الماضي، أي بعد يوم واحد من مقتل الجنود الأمريكيين، أعقبته هجمات أمريكية قتل خلالها 16 عنصرا من الفصائل العراقية، واثنان من قادة "كتائب حزب الله"، هما أبو باقر الساعدي وأركان العلياوي، في بغداد.

"عوامل موضوعية"
وعن أسباب إصرار طهران على وقف عمليات حلفائها في الأراضي العراقية، قال المحلل السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، إن "وضع العراق يختلف عن وضعي اليمن ولبنان، لأن الاقتصاد العراقي مرتبط بشكل كبير بنظيره الإيراني، تحديدا بعد العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران".

وأوضح الكبيسي في حديث لـ"عربي21" أن "إيران تعتمد على العراق بشكل شبه كامل بخصوص التجارة البينية، وأن الأرقام المعلنة تتحدث عن نحو 12 مليار دولار هي حجم التبادل التجاري الرسمي".

وتابع: "لكن بالتأكيد هناك تهريب وغسيل أموال وتجارة أسلحة غير معلنة في الرقم الرسمي المعلن لحجم التبادل التجاري بين البلدين، بالتالي فنحن نتحدث عن أرقام قد تصل أيضا إلى 20 مليار دولار".

وأضاف الكبيسي أن "طبيعة العلاقات الأمريكية العراقية تختلف عن علاقات الولايات المتحدة مع اليمن ولبنان، بمعنى أن الأمريكيين موجودون في العراق ويتحكمون إلى حد كبير بالاقتصاد العراقي عبر تحكمهم بالاحتياطي النقدي للعراق".

ولفت إلى أن "الأموال العراقية من بيع النفط تودع في البنك الفيدرالي الأمريكي، وبالتالي فإن هذا يعطي القدرة للولايات المتحدة على التحكّم بقضية إمدادات العراق من الدولار".

وأردف: "لذلك، فإنها عندما فرضت الولايات المتحدة نظام (سويفت) على البنك المركزي العراقي، فإنه أثّر هذا بشكل كبير على ارتفاع أسعار الدولار في السوق الموازي داخل العراق، وخلق نوعا من الإرباك بالتجارة الخارجية العراقية".

ورأى الكبيسي أن "هناك نوعا من الاتفاق الضمني بين الولايات المتحدة وإيران داخل العراق، بمعنى أنه يوجد نوع من الشراكة الضمنية بين طهران وواشنطن منذ العام 2003، ولا أحد يريد أن يفك هذه الشراكة، خاصة في الظرف الحالي".

وأكد أن "هناك خشية من أن أي انسحاب أمريكي قسري من العراق، سيؤدي بالضرورة إلى عقوبات ضد العراق كدولة، وبالتالي فإن هذه العقوبات ستؤثر على الفاعل السياسي الشيعي الذي يحتكر القرار السياسي في العراق".

وأوضح أن "هذا بالتالي قد يشكل نوعا من الدعم غير المباشر للقوى الكردية في صراعها مع حكومة
بغداد، خاصة في السنتين الأخيرتين، لأن هناك محاولة منهجية من بغداد لتقويض سلطة الإقليم".

وتابع: "هناك خشية أيضا من أن أي مواجهة أمريكية-عراقية قد تؤدي إلى فتح ملفات الأقاليم في المناطق السنية، وربما نكون أمام وضع هش داخل هذه المدن خاصة في ظل الحساسية من وجود المليشيات وهيمنتها على القرار السياسي والأمني في هذه المحافظات".

وخلص الكبيسي إلى أن "هناك ظروفا وعوامل موضوعية كثيرة أجبرت الإيرانيين على القبول بغلق ملف المقاومة داخل العراق، وإبقائه مشتعلا في اليمن ولبنان".

"خط الصدّ"
من جهته، قال الخبير الأمني العراقي، أحمد الشريفي، لـ"عربي21"، إنه "لا يمكن إخفاء حقيقة أن إيران هي التي أوقفت عمليات الفصائل ضد الأمريكيين، وهذا يدل على مسألة خطيرة للغاية، هي عجز عنصر الضبط الوطني عن أداء وظيفته، سواء كان القانون أو المؤسسة الأمنية".

وتابع: "الدليل أن رئيس الوزراء وهو القائد العام للقوات المسلحة، خرج من رحم ائتلاف فيه الفصائل فاعلة ومؤثرة ولم يستطع أن يوقف عملياتها، بعدما هددت البنية التحتية للدعم الدولي للعملية السياسية في العراق، وليس فقط لحكومة السوداني".

ولفت إلى أن "إيران كانت هي المحرك والفاعل المباشر في إيقاف العمليات لسببين، ربما يكون أحدهما - وهي عامل ثانوي - قضية الاقتصاد، لكن السبب الرئيس أن طهران تعتبر العراق خط الصدّ بالنسبة للمنطقة عموما، وهو المنفذ والعقدة الاستراتيجية الأهم حتى تعبر منه إلى سوريا ولبنان".

وأوضح الشريفي أن "إيران ترى أن حلفاءها في العراق بحالة انحسار غير مسبوقة، وأنه إذا أجريت انتخابات برلمانية فإنها لن تستطيع إعادة إنتاج حلفائها في العملية السياسية".

وأردف: "إضافة إلى أن حكومة السوداني هي حكومة الفرصة الأخيرة، وحتى لا تضيع أو تخرج معادلة الحلفاء عن السيطرة في الظاهرة السياسية بالعراق فقد لجأت إيران إلى تبني خيار التهدئة".

وأكد الشريفي أن "هذا الأمر غير موجود في اليمن، وأن إيران تدرك أن أوراق الضغط لا تزال قائمة في الجانب اليمني وأن الحوثيين يؤدون دورهم الوظيفي عبر التصعيد، كونهم لا يمثلون الدولة بشكل رسمي".

وأردف: "لكن بالنسبة للعراق، فإن الولايات المتحدة لوّحت بإسقاط حكومة السوداني، ولو بالفعل سقطت بسبب عجزها عن أداء دورها الوظيفي في حماية الحليف أو حماية الوطن من انتهاك السيادة، لهذا فإن إيران حينها لن تستطيع أن تعيد إنتاج حلفائها السياسيين".

وأشار الشريفي إلى أن "الولايات المتحدة حذرت العراق من أن كل الفعاليات التي تنفذها الفصائل تحسب على إيران حتى، وإن حاولت الأخيرة تبرئة نفسها من تبعات هذا السلوك، لكن من جهّز ومن موّل وأثار مكنونات البعد العقائدي في هذه التشكيلات هي طهران".

وبيّن الخبير العراقي أن "إيران حاولت عبر ما يطلق عليه ’استقلالية الساحات’ بعدما تبنّت قبل ذلك خيار ’وحدة الساحات’ بعد أحداث غزة، أن تنأى بنفسها وتبتعد عن تحمّل مسؤولية ما يجري".

وأكد الشريفي أن "رسائل واضحة أوصلتها الولايات المتحدة بأنها سترد ليس على الفصائل فقط، لكن العمليات الأوسع ستكون في الداخل الإيراني، لذلك فإنه إدراكا من هذه الحقيقة ذهبت إيران إلى تبني خيار التهدئة في العراق".

وتابع: "كذلك العراق له خصوصية لدى الأمريكيين، لأن الولايات المتحدة ترى تحالفها مع هذا البلد قضية تمس الأمن القومي الأمريكي ولن يتنازلوا عنها، وأن الأمر يتعلق بالتوازنات الإقليمية والدولية، فمن يقول إن الأمريكان ينسحبون ويغادرون العراق فهو واهم".

وفي 11 شباط/ فبراير الجاري، كشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية بالنسخة الفارسية "بي بي سي" عن تلقي الفصائل المسلحة العراقية وطهران رسالة أمريكية مفادها أنه "إذا استمرت هجماتهم فسوف يأخذون العراق إلى حرب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراق العراق فلسطين الحشد الشعبي طوفان الاقصي المقاومة العراقية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی العراق إلى أن

إقرأ أيضاً:

الانسحاب بعيد المنال.. تحليل للبيان العراقي الامريكي المشترك

بغداد اليوم -  بغداد

بقراءة أولية للبيان العراقي الأمريكي الذي صدر مساء اليوم الأربعاء (24 تموز 2024)، حول حوار التعاون الأمني المشترك بين الولايات المتحدة والعراق، يُظهر بقاء الأوضاع على ما هي عليه، بل يعزز الخطاب الأمريكي مع اختفاء الصوت العراقي الداعي الى انسحاب القوات من العراق.

من ناحية تعزيز الخطاب الأمريكي، فقد اشتمل البيان بهذه الفقرة "وناقشت الوفود كذلك الجهود المبذولة لبناء القدرة التشغيلية لقوات الأمن العراقية من خلال المساعدة العسكرية الأمريكية وبرامج التعاون الأمني، بما في ذلك من خلال المبيعات العسكرية الأجنبية والتمويل العسكري الأجنبي. وشدد الجانبان على أهمية استمرار التعاون لضمان استدامة المعدات العسكرية الأمريكية المنشأ التي تستخدمها قوات الأمن العراقية"، على "اخطار" بعدم التعامل مع "أجانب" لتسليح القوات العراقية والتأكيد على ضرورة التسليح من قبل الولايات المتحدة.

اما النقطة الأبرز ، في هذه الفقرة "واستكشف الجانبان أيضًا فرص توسيع المشاركة العراقية في التدريبات العسكرية الإقليمية التي تقودها القيادة المركزية الأمريكية وتعزيز علاقات الجيش العراقي مع قيادات مكونات الخدمة التابعة للقيادة المركزية الأمريكية"، وهي إمكانية مشاركة العراق للقيادة المركزية الامريكية بتدريباتهم بجانب القوات المتحالفة معهم في المنطقة.

و"قرر الجانبان أيضًا بدء العمل على مذكرة تفاهم لتوفير إطار معزز لعلاقتهما الأمنية الثنائية في السنوات القادمة، بما في ذلك آليات لضمان استمرار الهزيمة المستمرة لتنظيم داعش الإرهابي"، اذ يعتبر وعدا بعيد المدى يعتمد حاليا على مذكرة تفاهم فقط أي ربما تعقد اتفاقية ثنائية في السنوات القادمة او لا.

وأعاد الوفدان "التأكيد على أن البعثة الاستشارية موجودة في العراق بـ"دعوة من الحكومة العراقية" لدعم قوات الأمن العراقية في قتال تنظيم داعش ودعم وتطوير قوات الأمن العراقية، بما في ذلك قوات الأمن الكردية. وأكد الممثلون العراقيون من جديد التزامهم المطلق بحماية الأفراد والمستشارين والقوافل والمنشآت الدبلوماسية للولايات المتحدة ودول التحالف الدولي".

وجاء في باقي البيان:

- توصل الوفدان إلى تفاهم حول مفهوم المرحلة الجديدة من العلاقة الأمنية الثنائية، التي تشمل التعاون من خلال ضباط الاتصال والتدريب وبرامج التعاون الأمني التقليدية.

- جرى اعادة التأكيد على التزام الجانبين بالتعاون الأمني والاهتمام المشترك بالاستقرار الإقليمي ومناقشة مجموعة من القضايا الأمنية الثنائية بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق لعام 2008.  

- أكد الوفدان الأمريكي والعراقي مجددًا التزامهما بتطوير قدرات العراق الأمنية والدفاعية وتصميمهما على تعميق التعاون الأمني عبر مجموعة كاملة من القضايا لتعزيز المصلحة المشتركة للبلدين في أمن العراق وسيادته واستقرار المنطقة.

- قرر الجانبان إنشاء لجنة عسكرية عليا ثنائية لتحليل ثلاثة عوامل - التهديد الذي يشكله تنظيم داعش، والمتطلبات التشغيلية، ومستويات قدرة قوات الأمن العراقية - لتحديد مستقبل العراق. التحالف العسكري الدولي في العراق. واستمر الحوار خلال حوار التعاون الأمني المشترك.

- من المقرر إصدار بيان مشترك مفصل حول مستقبل مهام ووجود التحالف الدولي في العراق.

- أكد الجانبان أهمية استمرار العراق في تقديم الدعم للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش في سوريا ومختلف أنحاء العالم.

- وناقشت الوفود الحاجة الملحة المستمرة لإعادة النازحين والمحتجزين الموجودين حالياً في شمال شرق سوريا إلى بلدانهم الأصلية ودعم إعادة إدماجهم.

هذا البيان نشرته وزارة الدفاع العراقية والأمريكية لضمان عدم التضارب في التصريحات التي زادت عن حدها في الآونة الأخيرة بين من يقول ان هناك انسحابا وبين من يقول لا يوجد. 

واثبت بما لا يقبل الشك هذا البيان، ان الانسحاب الأمريكي في الوقت الراهن مستبعد ولـ"سنوات قادمة" يجب ان تتعامل الحكومات العراقية والدولة مع الامريكان وقواتهم ودون اتفاقية ثنائية.

المصدر: قسم التحليل في بغداد اليوم + البيان المشترك لوزارتي الدفاع العراقية والأمريكية

مقالات مشابهة

  • أسعار تذاكر مباراة العراق والأرجنتين تصل إلى 219 يورو
  • 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن شخص خطير.. لماذا تبحث أمريكا عنه؟
  • صواريخ على قاعدة عين الأسد تستقبل نتائج المباحثات العراقية الأمريكية
  • المقاومة العراقية تستهدف قاعدة عين الأسد الامريكية بـ 4 صواريخ
  • نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق: الولايات المتحدة وإسرائيل سيبقيان حلفاء للأبد
  • بماذا تفكرون عند سماع كلمة العراق.. اجابات متعددة لشعوب مختلفة
  • أمريكا:لم نناقش مع الوفد العراقي انسحاب قوات التحالف الدولي
  • الانسحاب بعيد المنال.. تحليل للبيان العراقي الامريكي المشترك
  • نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي: إيران تمثل خطرا على الولايات المتحدة وإسرائيل
  • نتانياهو من الكونغرس: على الولايات المتحدة وإسرائيل أن تظلا معا