أمين البحوث الإسلامية: الدعوة الإسلامية المعاصرة تواجه تحدياتٍ تستوجب الهمّة الصّادقة
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد في فعاليات المؤتمر الثالث لكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، والذي عقد تحت عنوان: «نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن..روية واقعية استشرافية»، بمركز الأزهر للمؤتمرات بالقاهرة، وبمشاركة مختلِف الهيئات العلمية والبحثية والتعليمية بالأزهر، ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء واللجنة الدينية بمجلس النواب.
وقال الأمين العام في كلمته التي ألقاها، إن الحديث عن هذه الشراكة يأتي في وقت يمر فيه العالم بألوان عدة من المآسي، لعل أولاها ما يقع لإخواننا في فلسطين بشكل عام وفي غزة بشكل خاص؛ حيث يأتي هذا المؤتمر ليشير إشارة واضحة إلى أهمية الشراكات العلمية والتعاون بين المؤسسات المعنية بالشق الدعوي والشق العلمي إيمانًا منها بأن تجلية الحقائق لا يتأتى إلا من خلال القضاء على ما يعرف بتزييف الواقع والشبه الباطلة التي لا يمكن أن تصمد أمام نقد علمي أو حقيقة علمية، مشيرًا إلى أن ثاني المآسي التي يمر بها العالم ما يعرف بأم الفواحش المثلية الجنسية والتي جيشت من أجلها الجيوش وأعدت من أجلها المؤسسات ورصدت لأجلها الأموال بغية القضاء على الفطرة النقية والسلوك السوي الذي فطر الله تبارك وتعالى الناس عليها، حيث تأتي أهمية هذه الشراكة تبصر الناس بما ينسجم عقلا ونقلا وروحًا وفكرًا.
أضاف عياد أن ثالث هذه المآسي هو ما يعرف بظواهر الإلحاد، هذه الظواهر التي لم تعرف لبيئاتنا التي شرفنا الله تبارك وتعالى بالانتساب إليها سبيلا إلا عندما أتيح ما يعرف بالغزو الثقافي أو الغزو الفكري الذي عمل على تغيير الحقيقة وتزييف الواقع؛ حيث يأتي مثل هذا التعاون ليؤكد على أهمية تضافر الجهود وتوحيد الكلمة حول هذه المآسي التي يمكن أن يلزم عنها القضاء على الأخضر واليابس، موضحًا أن القضية الفلسطينية يحاول فيها عدو غاشم القضاء عليها بأدواته وآلاته وأعوانه على شعب أعزل لا سند له ولا نصير إلا الله تعالى.
أشار الأمين العام إلى أهمية هذا المؤتمر الفكريّ، الّذي ينطلق عنوانه من شراكةٍ ضروريّةٍ، وتعاونٍ واجبٍ بين المؤسّسات المعنيّة بالدّعوة والدّعاة، ليصل إلى وعيٍ رشيدٍ بالواقع، واستعدادٍ للمستقبل؛ حيث إنّنا اليوم في حاجةٍ شديدةٍ إلى هذا التّعاون؛ خدمةً للإسلام، وهدايةً للخلق، وخاصّةً في ظلّ ما يواجهه الإسلام من تحدياتٍ داخليّةٍ وخارجيّةٍ، تؤثّر في عقول المسلمين وقلوبهم، موضحًا أن المؤسّسات المعنيّة بالدّعوة وإن كان بينها تمايزٌ إداريٌّ واضحٌ، فلا ينبغي أن يكون ذلك سببًا في عزلةٍ دعويّةٍ، بل الواجب أن يكون بينها تكاملٌ مثرٍ للحراك الدّعويّ، وأنّ وجود قطيعةٍ عمليّةٍ بين هذه المؤسّسات وهمٌ كبيرٌ لدى بعض الأدمغة، والواقع يشهد على التعاون الفعال والمثمر بين المؤسسات والهيئات الدينية في مصر، والتي يجب أن تزيد تلك الجهود في سبيل التّكامل والتّعاون بما يعود على الدّعوة والأمّة بالخير.
أكد عياد أن الدّعوة إلى الله فريضةٌ إيمانيّةٌ، وضرورةٌ مجتمعيّةٌ، والعمل في هذا الميدان هو مهمّة الأنبياء والمرسلين، وطريق العلماء والمصلحين، فضلًا عن كون الدّعوة الإسلاميّة أحد المعايير المهمّة في سبيل النّهوض بالأمّة، وأنّ ما تواجهه الأمّة اليوم من مشروعاتٍ منحرفةٍ وأجنداتٍ مموّلةٍ تستهدف الهويّات والعقائد والمناهج ليدعونا إلى مزيدٍ من القراءة الواعية، والدّراسة العميقة، والتّحليل الدّقيق، ووضع الخطط والبرامج العلاجيّة والوقائيّة، لمواجهتهـا والتّغلّب عليها، والتّقليل من مخاطرها، مشيرًا إلى دور الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي تنبه لتلك التحديات وعمل على مواجهتها فأنشأ المراكز العلمية والوحدات البحثية والفرق الميدانية التي تعمل على مواجهة هذه التحديات وفق رؤية علمية مستنيرة تتجاوب مع الإسلام طرحًا وعرضًا وأصولا وفروعًا.
وبين الأمين العام أنّ الدّعوة الإسلاميّة المعاصرة تواجه تحدياتٍ كثيرةً على الصّعيدين الدّاخليّ والخـارجيّ، تستوجب الهمّة الصّادقة والعمل الرّشيد، ومن تأمّل الحراك الدّعويّ ومناهج الدّعاة وجد ميلًا غريبًا لدى بعض الدّعاة عن رحابة الشّريعة وسعة أحكامها إلى تعصّبٍ مذهبيٍّ مظلمٍ أو إلى دعوةٍ حزبيّةٍ ضيّقةٍ، وعن عرض شموليّة الإسلام لكلّ جوانب الحياة إلى حبسه في ركنٍ قصيٍّ من أركانها، وعن الواقع وما يفرضه من مستجدّاتٍ إلى ماضٍ لا يكاد يخرج منه، وعن تعدّديّةٍ مثريةٍ إلى أحاديّةٍ مغلقةٍ، ناهيك عن الأمراض القلبيّة الّتي تسلّلت إلى المتصدّرين من الدّعاة من حبّ الزّعامة والظّهور، والعجب واتّباع الهوى!، موضحًا أنه إضافة إلى هذا البلاء الدّاخليّ بلاءً وافدًا استقبلته عقولٌ معطّلةٌ، وأنظارٌ قاصرةٌ، وقلوبٌ عمياء، هو ذلكم التّطـرّف بشقّيه إمّا إلى الإفراط بالتّشدّد، أو التّفريط بالإلحاد والتّشكيك، وذلكم الانحراف عن القيم الإسلاميّة المستقرّة المتعلّقة بالأسرة الطّبيعيّة إلى شذوذٍ ومثليّةٍ، وكلّ ذلك شرٌّ، وأنّ من الوعي الدّعويّ أن ندرك أنّ من يحرص على بذر هذه الآفات في نفوسنا وبلادنا، إنّما يريد أن تظلّ أمّة الإسلام مشغولةً عن تأكيد خيريّتها، فلا تأمر بمعروفٍ، ولا تنهى عن منكرٍ، ولا تؤمن بالله.
وختم عياد بالتأكيد أن هذا المؤتمر بحضور كوكبةٍ من العلماء والمفكّرين الأجـلّاء، يأتي خطـوةً جـادّةً لتأكيد ضرورة التّكامل المعرفيّ والدّعويّ بين المؤسّسات المختلفة، لمواجهة التّحديات الّتي تواجه الدّعوة الإسلاميّة، وللإسهام في تصحيح بعض المفـاهيم الخاطئـة السّائدة؛ لتقديم الإسلام للعالم بصورته المشرقة، وبيان قدرته علـى إنقاذ البشريّة ممّا هي فيه من الشّقاء والظّلم، وأن من تمام الوعي الفكريّ أن تدرك مؤسّسات الدّعوة أنّ صناعة الدّعاة ينبغي أن تزاوج بين الثّقافة الدّينيّة المبنيّة على أصولٍ من الوحي السّماويّ وما حوله من علومٍ شارحةٍ وبين معطيات الزّمان والمكان؛ ليكون الدّعاة بذلك تراثيّين مع اتّصالٍ وثيقٍ بالواقع، ومعاصرين دون بعدٍ من الماضي؛ حيث حرص مجمع البحوث الإسلاميّة في ورقته الّتي تقدّم بها إلى المؤتمر أن يصوغ رؤيته حول تكوين داعيةٍ معاصرٍ، فجاءت في ستّة محاور، هي البناء العقديّ، والرّوحيّ، والعلميّ، والأخلاقيّ، والبدنيّ، والمهاريّ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البحوث الإسلامية نظير عياد كلية الدعوة الإسلامية شراكة أزهرية صناعة وعي فكري آمن الأوقاف مجلس النواب الإفتاء مؤتمر كلية الدعوة الأمین العام الإسلامی ة المؤس سات بین المؤس ة الإسلام ما یعرف
إقرأ أيضاً:
أبو العينين: المنطقة المتوسطية أمام مرحلة جديدة تستوجب بناء شراكات اقتصادية وتنموية حقيقية
أكد النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب ورئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، أن المنطقة المتوسطية أمام مرحلة جديدة تستوجب «تفعيل القدرات، وتحديث الأهداف، وبناء شراكات اقتصادية وتنموية حقيقية».
جاء ذلك خلال تصريحات له منذ قليل للمحررين البرلمانيين، قبيل بدء اجتماعات المكتب والمكتب الموسع لمنتدى الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط.
وقال “أبو العينين” إن مقررات برشلونة التي انطلقت منذ سنوات كانت تستهدف بناء سياسات تضمن الأمن والتنمية المستدامة عبر برامج مدروسة تعزز القدرات وتشجع الكفاءات في دول المتوسط، مشيرًا إلى أن إنشاء الاتحاد من أجل المتوسط جاء كآلية مؤسسية لدعم هذا المسار .
وأوضح أن المسار شهد تباطؤًا كبيرًا بعد فترة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، إلا أن المرحلة الأخيرة تشهد «عودة قوية» بفضل قناعة متنامية بأن دول المتوسط تمتلك قدرات لا يجب انتظار المنح أو المعونات لتفعيلها، بل ينبغي بناء شراكات تنموية وتبادل الخبرات واستثمار الطاقات الكامنة .
وأشار أبو العينين إلى أن هناك توجهًا لإنشاء هيئة خاصة ضمن المفوضية الأوروبية تكون مسؤولة عن تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب برامج تمويلية واسعة في التعليم والصناعة والابتكار.
وأكد أهمية تبني «أفكار غير تقليدية، وإنشاء مشروعات صناعية متقدمة، وتأسيس جماعات عمل مشتركة، وتوفير وسائل تمويل ميسّرة» تتيح خلق وظائف جديدة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة في دول جنوب وشمال المتوسط على حد سواء.
وأضاف أن الهدف خلال المرحلة المقبلة هو تحديث أهداف عملية برشلونة، ودراسة الإمكانات المتاحة وفتح آفاق استثمارية جديدة تشمل كل دول المنطقة، مع توفير تمويل، وأفكار مبتكرة، ودفعة سياسية قوية تدعم مسار الشراكة .
وأشار إلى أن التحركات الدبلوماسية المصرية خلال الفترة الأخيرة، بما في ذلك جولات الرئيس السيسي، أحدثت منظومة جديدة تسرّع من تنفيذ هذه الخطة، خصوصًا في ملفات الطاقة، والمناخ، والتعليم، والصحة، والتنمية الاقتصادية.
وأشاد أبو العينين بدور مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي مشيراً الي إن مصر اليوم تحظى باحترام متزايد في المجتمع الدولي، بفضل سياستها المتوازنة ومواقفها الواضحة تجاه قضايا المنطقة، مشيرًا إلى أن «تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال السنوات الأخيرة وضعت إطار جديد للعلاقات الدولية يقوم على الشراكة الحقيقية واحترام إرادة الشعوب .
وأضاف أن العالم ينظر إلى مصر باعتبارها دولة تمتلك رؤية واقعية وخطة عمل واضحة، مؤكدًا أن الدور المصري في ملفات الأمن الإقليمي، ووقف النزاعات، ودعم الاستقرار، يعكس مكانة راسخة واحترام دولي متصاعد، وهو ما يمنح القاهرة قدرة أكبر على قيادة مبادرات التنمية والتكامل داخل منطقة المتوسط .
وأكد أبو العينين أن البرلمانات تلعب دور محوري في متابعة تنفيذ البرامج ومراقبة الأداء، مشددًا على أن البرلمان المصري بدأ بالفعل مرحلة نشاط واسع وأن أولويات الاجتماعات الحالية تشمل تطورات النزاعات في الشرق الأوسط ووضع خارطة طريق تستند إلى مخرجات مؤتمر شرم الشيخ، والتي أسهمت في تحقيق نتائج إيجابية.
وفي ما يتعلق بقضايا المنطقة، قال أبو العينين إن مصر تحافظ على ثوابتها بشأن القضية الفلسطينية : لا تهجير ولا تصفية للقضية، وحان الوقت لموقف دولي حاسم يوقف الإبادة ، مؤكدًا ضرورة احترام القرارات الدولية والعودة لطاولة المفاوضات تمهيدًا لمرحلة الإعمار .
وتناول أيضًا ملفات السودان وضرورة وقف الحرب، وسد النهضة ورفض مصر للتصرفات الأحادية الإثيوبية، بالإضافة إلى تطورات سوريا ولبنان وليبيا، مشيرًا إلى أن التدخلات الخارجية بدأت تتراجع وأن الحلول يجب أن تكون بإرادة الشعوب .
وشدد أبو العينين على أهمية الانتقال من ثقافة المعونات إلى ثقافة الاستثمار، عبر مشروعات استراتيجية ضخمة في التعليم، الصحة، الصناعة، الطاقة المتجددة، والصناعات القائمة على الخامات النادرة، إضافة إلى إنشاء جامعات ومراكز إنتاج مشتركة .
وأوضح أن جذور الهجرة غير الشرعية اقتصادية بالأساس، وأن الحل يكمن في شراكات حقيقية توفر فرص عمل ومشروعات انتاجية تضمن حياة كريمة للشباب.
واختتم أبو العينين تصريحاته للمحررين البرلمانيين بالقول إن هناك ثقة كبيرة في مصر وقيادتها السياسية، وإن الحماس في دول المتوسط يتزايد لأن المصالح أصبحت مشتركة، والمستقبل يحتاج إلى تكامل حقيقي مؤكداً علي أن أوروبا، باعتبارها "قارة عجوز " تحتاج إلى شراكات تنموية مع جنوب المتوسط تقوم على العمل الشرعي والمنفعة المتبادلة.