ظن الناس لفترة طويلة أن مستقبِلات التذوق التي تجعلنا نحدد بالضبط طعم كل شيء نضعه في أفواهنا، موجودة فقط في الفم واللسان. ولكن العلماء اكتشفوا أن براعم التذوق تنتشر في جميع أنحاء الجسم من الفم إلى فتحة الشرج حرفيا.

فهي موجودة على سبيل المثال في القلب وفي الخصيتين، وحينما عُطّلت مستقبلات التذوق في تجربة على الفئران على سبيل المثال؛ قلّ إنتاج الحيوانات المنوية وأصيب الذكور بالعقم.

ولكن لماذا توجد مستقبلات التذوق في جميع أنحاء الجسم وما فائدتها، وهل تستطيع براعم التذوق في القلب والرئتين على سبيل المثال أن تتذوق مثلما يتذوق اللسان؟

مستقبِلات التذوق في الأعضاء الأخرى بالجسم تكتشف العناصر الغذائية لكنها لا تتصل بمركز التذوق في الدماغ (شترستوك) بين براعم التذوق في اللسان وباقي الجسم

يَعرف العلماء أنه وبشكل عام تظهر معظم أنواع الخلايا في الجسم في العديد من الأماكن، فالمستقبلات الضوئية لدى البشر على سبيل المثال موجودة في جميع أنحاء أنظمتنا العصبية وليس فقط في أعيننا، لذا ربما كان من الطبيعي أن تكون مستقبلات التذوق موجودة في جميع الأماكن بالجسم وليس فقط في اللسان.

وفي النهاية اتضح أنه يوجد لدينا بالفعل مستقبلات تذوق في جميع أنحاء الجسم، ولكنها لا تقوم بعملية التذوق مثلما نتذوق من الفم.

تقول نيروبا تشودري أستاذة علم وظائف الأعضاء والفيزياء الحيوية في كلية ميلر للطب بجامعة ميامي، لموقع لايف ساينس العلمي: إن الفم هو المكان الوحيد الذي ستجد فيه براعم التذوق التي تقوم بعملية التذوق التي تتطلب أمرين؛ مجموعة من الخلايا والأعصاب ترتبط بمنطقة الدماغ التي تدرك الذوق.

ولإدراك عملية التذوق فإن براعم التذوق تكتشف العناصر الغذائية في الطعام وترسل رسائل عنها إلى القشرة الذوقية في مركز التذوق بالدماغ. أما مستقبلات التذوق في العديد من الأعضاء الأخرى بالجسم، فهي تكتشف العناصر الغذائية، لكنها موجودة من تلقاء نفسها ولا تتصل بمركز التذوق في الدماغ.

يوجد لدى كل شخص بالغ في المتوسط ما بين 2000 و10000 برعم تذوق (شترستوك) براعم اللسان

ووفقا لموقع كليفلاند كلينيك، فإن براعم التذوق هي خلايا موجودة على اللسان تسمح بإدراك الطعم، بما في ذلك الحلو والمالح والحامض والمر والأومامي. وتتجدد براعم التذوق كل 10 أيام تقريبا، مما يعني أن براعم التذوق المصابة عادة ما يجري إصلاحها من تلقاء نفسها.

وتتيح لك براعم التذوق معرفة ما تأكله وتشربه وما إذا كان مذاقه جيدا أم سيئا، وهذه المعلومات تجعل تناول الطعام ممتعا مما يساعد في الحفاظ على تغذية الجسم. وبراعم التذوق تنبهك أيضا عندما يكون هناك شيء غير آمن مثل الحليب أو اللحوم الفاسدة.

وعلى الرغم من أنه يوجد لدى كل شخص بالغ في المتوسط ما بين 2000 و10000 برعم تذوق، فإننا نفقد براعم التذوق مع تقدمنا في العمر، وهذا يعني أن الأطفال لديهم عدد أكبر من براعم التذوق مقارنة بالبالغين.

وتختلف أحجام وأعداد براعم التذوق من شخص لآخر، وهذا يعني أنه على الرغم من أن كل شخص لديه نفس الأذواق الخمسة، فإن الخبرات المتعلقة بهذه الأذواق تختلف.

براعم التذوق التي فاجأت العلماء

جاءت بداية اكتشافات أن مستقبلات التذوق موجودة في جميع أنحاء الجسم في عام 1996، عندما اكتشف الباحثون أدلة على وجود مستقبلات التذوق في أمعاء الفئران. وكشفت الدراسات اللاحقة أن مستقبلات الطعم الحلو والأومامي والمر كلها موجودة في الجهاز الهضمي للقوارض والبشر.

ووفقا لجورج كيريازيس من جامعة ولاية أوهايو، فإن ذلك كان مفاجئا بعض الشيء، لكنه لم يكن غريبا لأن الفم واللسان جزء من الجهاز الهضمي. الغريب ما حدث لاحقا، عندما اكتُشفت مستقبلات التذوق في أماكن غير متوقعة أبدا؛ في دهون الجسم وعضلة القلب والعضلات الهيكلية والمثانة.

وعثر الباحثون في عام 2013 على مستقبلات التذوق في المعدة والأمعاء والبنكرياس والرئتين والدماغ. كما وجد بحث نُشر في مجلة "بناس"، أن بروتينات التذوق للحلو والأومامي توجد في الخصيتين، وأنها تلعب دورا مهما في خصوبة الفئران. وأدرك الباحثون أن الفئران غير قادرة على التكاثر إذا كانت تفتقد مستقبلات التذوق. ورأى الباحثون أنه إذا قمت بإزالة هذه المستقبلات من خصيتي الفئران أو أوقفت وظيفتها فإن الفئران تصبح عقيمة.

وظائف براعم التذوق في الجسم

وبعدما عُثر على مستقبلات التذوق خارج نطاق اللسانن حاول العلماء البحث عن وظائفها في هذه الأماكن البعيدة. وعرف العلماء أن الخلايا المبطنة للأمعاء -على سبيل المثال- تكتشف مواد كيميائية معينة لتنظيم عملية الهضم، وحينما بحثوا عن الخلايا المحددة المسؤولة عن ذلك وجدوا نفس مستقبلات التذوق الموجودة على ألسنتنا.

كما اكتُشفت مستقبلات الطعم الحلو في خلايا بيتا بالبنكرياس، حيث تساعد على تنظيم الأنسولين. وخلايا بيتا هي الخلايا التي أُنشئت بواسطة البنكرياس للكشف عن مستويات السكر في الدم وإنتاج الأنسولين.

ربما كان ذلك لأن اللسان والأمعاء والبنكرياس مليئة بالخلايا التي تفرز شيئا ما استجابة للإشارات الكيميائية. أما اكتشاف مستقبلات التذوق في أماكن مثل دهون الجسم وعضلة القلب والعضلات الهيكلية والمثانة والدماغ، فهذا يشير إلى أنها أجهزة استشعار أوسع للمغذيات وأنها ليست محصورة داخل نوع واحد من الخلايا أو وظيفة واحدة محددة.

وعُثر على مستقبلات التذوق كذلك في القصبة الهوائية والشعب الهوائية، حيث تلعب دورا في مناعتنا الفطرية. وفي الفئران رُبطت مستقبلات الطعم المر في الشعب الهوائية -على سبيل المثال- بتنظيم التنفس.

إضافة إلى ذلك عُثر على مستقبلات الطعم المر والأومامي في الخصيتين. وعندما قام العلماء بتعطيل مستقبلات الطعم المر في خصية الفئران، أدى ذلك إلى انخفاض حجم الحيوانات المنوية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات على سبیل المثال على مستقبلات موجودة فی

إقرأ أيضاً:

الفراج: الفجوة مع أندية أوروبا لم تعد شاسعة ولكن هل استوعبنا الدرس؟

ماجد محمد

أكد الإعلامي الرياضي وليد الفراج أن بطولة كأس العالم للأندية الأخيرة أظهرت أن الفوارق الفنية بين الأندية السعودية ونظيراتها الكبرى في أوروبا لم تعد ضخمة كما كانت في السابق، مشيرًا إلى أن تقليص هذه الفجوة بات أمرًا ممكنًا خلال سنوات قليلة فقط.

وقال الفراج أن نادي الهلال قدم مستوى ثابتًا ومقنعًا خلال مشاركته في المونديال، وأثبت قدرته على الذهاب بعيدًا لولا تأثير الإصابات وقلة الخيارات في دكة البدلاء، بالإضافة إلى ضعف التدعيم في بعض المراكز.

وأشار إلى أن الكرة السعودية تسير على الطريق الصحيح نحو المنافسة العالمية، لكنّه تساءل في ختام حديثه: “هل تعلمنا الدرس؟”، في إشارة إلى ضرورة استخلاص العِبر وتفادي الأخطاء في المشاركات القادمة.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يكشف أنماطا خفية في سلوك الخلايا
  • تعديل جيني قد يُغني عن “أوزمبيك” لعلاج السمنة والسكري
  • استشهاد فلسطينيين جراء هجوم المستوطنين على بلدة سنجل
  • بلا مضاعفات.. طريقة جديدة تجعل الجسم ينتج “أوزمبيك طبيعي”!
  • مناوي: عجز اللسان وجف مداد القلم عن التعبير عن مدى الإشادة بهؤلاء الأبطال الذين وقفوا بشجاعة لحماية عرضهم وأرضهم
  • شروط التقديم في مبادرة براعم وأشبال مصر الرقمية 2025 لتلاميذ الابتدائي والإعدادي
  • “الموت لجيش إسرائيل” عبارة تنتشر في أوروبا إلى المدن الألمانية
  • «تراثك ميراثك».. كورال التذوق يطرب جمهور الاسكندرية
  • هل يجوز ترديد الأذكار وأنا منهمك في العمل؟.. أمين الفتوى يجيب
  • الفراج: الفجوة مع أندية أوروبا لم تعد شاسعة ولكن هل استوعبنا الدرس؟