صحيفة إسرائيلية تشيد بقدرات حماس الاستخبارية قبل طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن حركة حماس تمكنت، قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من الوصول إلى عشرات الكاميرات، منها عدد كبير داخل الكيبوتسات (المستوطنات الزراعية العسكرية) على حدود قطاع غزة، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يعترف الآن بأنه تم الإبلاغ عما سُميت "مسألة الكاميرات"، لكن هذه المسألة لم تعالج بالسرعة اللازمة.
وأضافت الصحيفة أن قدرات حماس في مجال الاستخبارات لم تتضح للإسرائيليين إلا بعد دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة واستيلائه على البيانات الموجودة على الخوادم التي أنشأتها حماس تحت الأرض، وأجهزة الكمبيوتر المتصلة بها، وأن ما تم الكشف عنه ترك مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية عاجزين عن الكلام، وفقا لــ"إسرائيل اليوم".
وقالت الصحيفة إن الجيش الإسرائيلي يدرك الآن أن هناك هجمات لحماس لم تُكتشف في الوقت الفعلي، وأنه على الرغم من القدرات السيبرانية المحدودة نسبيًا لدى حماس، فإن المعلومات الاستخبارية التي استخرجتها من الهواتف التي تمكنت من اختراقها، خدمتها بشكل جيد في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام ردا على الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.
والمجال الآخر الذي ظهرت فيه قدرات حماس الحقيقية بعد بدء العدوان على غزة -وفقا لصحيفة "إسرائيل اليوم"- هو الحرب السيبرانية، إذ لاحظ الجيش الإسرائيلي السنوات الأخيرة عديدا من محاولات حماس لاختراق هواتف الجنود المحمولة، إلا أنه كما هي الحال مع اختراق الكاميرات، لم يعرف الاحتلال أن ما كان يدركه هو غيض من فيض، قبل أن يستولي على خوادم حماس.
ويدرك الجيش الإسرائيلي الآن أن هناك هجمات قامت بها حماس ولم يتم اكتشافها في الوقت الفعلي، وأن المعلومات الاستخباراتية التي استخرجتها من الهواتف التي تمكنت من اختراقها خدمتها جيدا في عملية طوفان الأقصى، بالإضافة إلى أنها نجحت في تطوير قدرات استطلاعية شملت مسيرات، حلقت فوق قطاع غزة، وقامت بتصوير الأراضي الإسرائيلية.
لكن كاتب التقرير نتانيل فلامر، وهو محاضر بجامعة بار إيلان، يقول "كان التصور في إسرائيل أن حماس لا تملك أجهزة استخباراتية جدية، وأنها على الأكثر تستطيع رفع المنظار والمراقبة من بعيد، وأن المنظمة ليست روسيا ولا الصين".
ويضيف "كان هذا خطأ كبيرا للغاية. كانت لدى حماس أجهزة استخباراتية عالية الجودة، لكن التهديد لم يتم استيعابه بشكل كاف في أنظمة الأمن الإسرائيلية، والواقع أن ما تكشف بُهت منه مسؤولو الاستخبارات الإسرائيليون، على حد تعبير الموقع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الجیش الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى: 10 تحولات جيوسياسية تعيد رسم خرائط القوى العالمية
لم تكن عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 مجرد مناوشة عسكرية عابرة، بل كانت بمثابة ضربة قاصمة، وزلزال جيوسياسي اهتزت على إثره أركان المنطقة والعالم، معيدا تشكيل موازين القوى والاستراتيجيات الدولية. في هذا المقال، نستعرض عشرة محاور رئيسة توضح كيف أدت هذه العملية إلى تحولات عميقة ومستمرة، كشفت النقاب عن وجه جديد للعالم العربي بتحولاته الجيوسياسية، وأنظمته الهشة المتفككة.
1- سقوط "صفقة القرن" وإحياء القضية الفلسطينية
كان "طوفان الأقصى" بمثابة المسمار الأخير في نعش ما سُمِّي بـ"صفقة القرن" التي كانت تهدف إلى تهميش القضية الفلسطينية. لقد كشفت عملية طوفان الأقصى أكذوبة الوطن الصهيوني الآمن، ونجحت في تحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهَر"، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية، وكأنها نفضت عنها غبار سنوات من التهميش. تصاعد الضغط الشعبي العربي بشكل غير مسبوق، مما قيَّد بشكل كبير أي خطوات نحو التطبيع الحكومي مع الكيان الصهيوني، وظهر ذلك جليا في مواقف دول مثل تونس والأردن والمغرب والسودان.. إلخ. كما انهارت محاولات "شرعنة" الاحتلال الصهيوني، مع تزايد الإدانات الدولية لجرائم الحرب الصهيونية، وتقديمها للمحاكم الدولية. هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار أخلاقي أعاد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، نحو قضية ما زالت حية في وجدان الشعوب.
انهارت محاولات "شرعنة" الاحتلال الصهيوني، مع تزايد الإدانات الدولية لجرائم الحرب الصهيونية، وتقديمها للمحاكم الدولية. هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار أخلاقي أعاد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، نحو قضية ما زالت حية في وجدان الشعوب
2- الإطاحة بنظام الأسد ورجوع السنة لحكم سوريا بعد أكثر من 100 عام من حكم الأقليات
لقد كانت "طوفان الأقصى" بمثابة المسمار الأخير في نعش ما كان يُسمى بـ"محور المقاومة" الإيراني. بينما انشغلت طهران و"حزب الله" بالجبهة الفلسطينية الملتهبة، تضاءل دعمهما لنظام بشار الأسد في سوريا. تزامنت هذه الانشغالات مع تصعيد ضربات الكيان الصهيوني الموجعة ضد مواقع "الحرس الثوري" الإيراني، والتي استنزفت قدراته العسكرية والبشرية بشكل كبير. في هذا الفراغ المروع، شنت فصائل المعارضة السنية السورية، وفي مقدمتها "هيئة تحرير الشام"، هجوما منسقا بدعم تركي مكثف وتأييد شعبي واسع، مما أدى إلى سقوط دمشق وحلب. تلا ذلك انسحاب روسي جزئي، حيث قلصت موسكو وجودها العسكري في سوريا لتركيز جهودها على حرب أوكرانيا، مما فتح الباب أمام تشكيل حكومة سورية جديدة ذات أغلبية سنية، مُغَيِّرا جذريا في التركيبة السياسية للبلاد. هذا التحول، الذي كان في مخيلة الكثيرين ضربا من ضروب المستحيل، بعد أن ظلت سوريا في يد الأقليات منذ سقوط الخلافة العثمانية، بات اليوم حقيقة دامغة، تعكس فشل مشروع الاستبداد والمحاور الخارجية في الحفاظ على أنظمة فقدت شرعيتها.
3- احتضار المشروع الإيراني في الشام والعراق
كانت العملية بمثابة ضربة قاسية للمشروع الإيراني في المنطقة. ففقدان إيران لسيطرتها على الجسر البري عبر سوريا، الذي كانت تستخدمه لنقل الأسلحة والدعم اللوجستي إلى "حزب الله"، قيَّد بشكل كبير قدرتها على التأثير في الشام. كما أدت الاغتيالات المتتالية لقادة عسكريين بارزين في "الحرس الثوري" وحزب الله، بمن فيهم قاسم سليماني سابقا وحسن نصر الله وقيادات الصف الأول في حزب الله في ضربات الكيان الصهيوني الأخيرة، إلى إضعاف بنيتها القيادية في الشام. أما في العراق، فقد تراجعت حدة أنشطة المليشيات الموالية لإيران مثل "الحشد الشعبي"، التي باتت تتخوف من التورط في صراعات إقليمية أوسع. فقدت طهران جزءا كبيرا من قوتها الإقليمية، مما قلل من رغبة الدول في التعاون معها بعد انكشاف هشاشة مشروعها القائم على المليشيات. لقد تبين أن وهْم القوة المبنية على المليشيات يمكن أن يتبخر سريعا أمام ضربات استراتيجية تغير المشهد.
4- إعادة تشكيل الاستراتيجيات العسكرية العالمية
لقد أثبت "طوفان الأقصى" أن التفوق التكنولوجي العسكري وحده لم يعد كافيا لضمان النصر. فقد نجحت التكتيكات غير التقليدية، مثل استخدام الصواريخ البدائية والطائرات المسيرة، في اختراق أنظمة دفاعية متطورة مثل "القبة الحديدية" للكيان الصهيوني. هذا الإنجاز فرض إعادة تقييم شاملة للاستراتيجيات العسكرية في جميع أنحاء العالم. دفعت هذه الدروس دولا مثل الولايات المتحدة وروسيا إلى توجيه استثمارات ضخمة في تعزيز أنظمتها الدفاعية ضد التهديدات غير المتماثلة، والتفكير في تطوير تكتيكات جديدة للتعامل مع هذا النوع من الحروب. لقد أثبتت المعارك الحديثة أن العقول المبدعة التي تملك الإرادة يمكنها أن تتفوق على أعتى الترسانات العسكرية، وهذا ما يجب أن تعيه الجيوش حول العالم.
5- حل حزب العمال الكردستاني (PKK) واستقرار حكم العدالة والتنمية في تركيا
بعد طوفان الأقصى، استغلت تركيا ببراعة تهاوي أحجار الدومينو نتيجة حالة الفوضى الإقليمية والضعف الإيراني والسوري؛ لتكثيف حملاتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني (PKK). كانت عمليات مثل "نبع السلام" التي نفذتها أنقرة سابقا، أدت إلى تفكيك البنية العسكرية للحزب بشكل كبير، لكن مع تراجع الدعم الإيراني والسوري بعد سقوط الأسد، بدأ تحالف "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية) بالتفكك. هذا التطور تزامن مع تقليص الدعم الأمريكي للأكراد، مما تركهم في موقف ضعيف وأدى إلى حل الحزب فعليا. إنها قصة جديدة من قصص التخلي عن حلفاء الأمس، حين تتغير حسابات القوى وتتبدل الأولويات، تاركة وراءها فراغاتٍ يُعاد ملؤها بخرائط سياسية جديدة.
6- ظهور القوى الإقليمية الصاعدة
شهدت المنطقة صعود قوى إقليمية جديدة تستغل الفراغ الذي أحدثه التغيير. عززت تركيا نفوذها بشكل كبير في سوريا عبر تحالفات استراتيجية مع الفصائل السنية. في المقابل، برز دور كل من قطر ومصر كوسيط إقليمي رئيسي، حيث تصدرت الدوحة والقاهرة جهود الوساطة في الصراع الفلسطيني الصهيوني بعد تدهور العلاقات الخليجية-الصهيونية، مما منحهما وزنا سياسيا متزايدا، ساعد في ذلك دعم التحالف الأمريكي في المنطقة للنظام المصري؛ بعد أن كان على شفا الانهيار نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تسبَّب فيها. المشهد الإقليمي يتغير، وتظهر وجوه جديدة على الساحة، بعضها يصعد ليملأ الفراغ، وبعضها الآخر يحاول أن يجد موطئ قدم في هذه الفوضى الخلّاقة.
7- إعادة تشكيل التحالفات الدولية
حدثت تحولات جذرية في التحالفات الدولية في المنطقة. بعد انهيار ما كان يُعرف بـ "محور الاعتدال العربي" (الذي كان يضم دولا عربية متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية ومتصالحة مع الكيان الصهيوني)، ترك ذلك فراغا استغلته الصين ببراعة. فقد عززت بكين تواجدها المتنامي من خلال مشاريع اقتصادية ضخمة مثل مبادرة "الحزام والطريق"، مما يشي بتحولات في موازين القوى العالمية. إن العالم يتغير، والقوى الكبرى تعيد ترتيب أوراقها، بينما تتفكك تحالفات الأمس لتفسح المجال لتحالفات جديدة، بعضها غير متوقع.
8- اضطرابات اقتصادية عالمية وتحولات في الطاقة
كانت تداعيات "طوفان الأقصى" الاقتصادية واسعة النطاق. أدت هجمات الحوثيين المتكررة على الملاحة في البحر الأحمر إلى اضطرابات حادة في سلاسل التوريد العالمية، وارتفعت تكاليف البضائع التي تمر عبر البحر الأحمر بأكثر من 30 في المئة، مما أثر على التجارة الدولية. كما دفعت هذه الاضطرابات -بالإضافة لأسباب أخرى- الاتحاد الأوروبي إلى تسريع تحوله نحو مصادر الطاقة المتجددة، لتقليل اعتماده على النفط والغاز، الذي أصبح أكثر عرضة للتقلبات الجيوسياسية. إن التكاليف الاقتصادية للصراعات لم تعد تقتصر على ساحات المعارك، بل تمتد لتضرب شرايين الاقتصاد العالمي، دافعة الدول الكبرى إلى إعادة التفكير في مصادر طاقتها وأمنها الاقتصادي.
9- تصاعد النضالات الشعبية وحقوق الإنسان
أثبتت هذه العملية أن الصراعات الحديثة لم تعد تُحسم بالجيوش التقليدية وحدها، بل عبر تفاعل معقد بين العسكر والسياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا. هذا الواقع الجديد يفرض على الدول تبني استراتيجيات مرنة ومتعددة الأوجه، تستجيب لهذا المشهد الجيوسياسي المتغير باستمرار
لقد أعادت "طوفان الأقصى" حقوق الإنسان والقانون الدولي إلى واجهة النقاش العالمي. تزايدت الإدانات الدولية للكيان الصهيوني، وصدرت تقارير من منظمات حقوقية عالمية تتهمه بارتكاب "جرائم حرب". كما شهدت حركة المقاطعة العالمية (BDS) زخما غير مسبوق، وأثرت اقتصاديا على العديد من الشركات التي تتعاون مع الكيان الصهيوني، وأثرت أيضا على الصورة العالمية للكيان خاصة في الداخل الأمريكي وأوروبا، مما يظهر قوة الرأي العام العالمي في التأثير على السياسات. إن صوت الشعوب، حين يرتفع موحدا، يصبح قوة لا يستهان بها، قادرة على تغيير المعادلات وقلب الطاولات على رؤوس من ظنوا أنهم فوق القانون.
10- تحوُّلات تكنولوجية واستخباراتية
كشفت "طوفان الأقصى" عن ثغرات أمنية واستخباراتية هائلة في الكيان الصهيوني، وفشل أجهزة مثل "الشاباك" و"الموساد" في توقع الهجوم أثار تساؤلات جدية حول قدراتها. في المقابل، برز دور الحرب الإلكترونية والهجمات السيبرانية، مما يؤكد أن ساحة المعركة لم تعد تقتصر على الأرض والجو، بل امتدت إلى الفضاء السيبراني. لقد تبين أن التكنولوجيا الحديثة، بقدر ما هي قوة، يمكن أن تكون نقطة ضعف قاتلة لمن يعتمد عليها دون فهم حقيقي لأبعاد التهديدات الجديدة.
خلاصة: "طوفان الأقصى" كنموذج لصراعات القرن الحادي والعشرين
لقد شكَّل "طوفان الأقصى" نقطة تحول جيوسياسية شاملة، حيث أعاد تعريف مفاهيم الردع والتكتيكات العسكرية. أثرت العملية على الاقتصاد العالمي من خلال اضطرابات في الطاقة والتجارة، وفككت تحالفات قديمة وبنت أخرى جديدة على المستوى السياسي. كما برز الدور المتزايد للرأي العام في صنع القرار، وشهدت التحولات التكنولوجية والاستخباراتية تغيرات عميقة. لقد أثبتت هذه العملية أن الصراعات الحديثة لم تعد تُحسم بالجيوش التقليدية وحدها، بل عبر تفاعل معقد بين العسكر والسياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا. هذا الواقع الجديد يفرض على الدول تبني استراتيجيات مرنة ومتعددة الأوجه، تستجيب لهذا المشهد الجيوسياسي المتغير باستمرار. فهل وعينا الدرس؟ وهل أدركنا أن ما بعد "طوفان الأقصى" ليس كما قبله؟