بيونغ يانغ تطلق صاروخين قبيل إحياء ذكرى انتهاء الحرب الكورية بحضور وفد صيني رفيع المستوى
تاريخ النشر: 25th, July 2023 GMT
سيول ـ (أ ف ب) – أجرت بيونغ يانغ اختبارين صاروخيين في وقت متأخر الإثنين قبيل بدء الاحتفالات بالذكرى السنوية لانتهاء الحرب الكورية التي سيحضرها وفد صيني رفيع المستوى يشكل أول وفد أجنبي يزور كوريا الشمالية منذ إغلاق الحدود عام 2020 بسبب كوفيد. ووصفت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية المقذوفين بأنهما صاروخان بالستيان حلّقا مسافة 400 كيلومتر قبل أن يسقطا في البحر، وفق ما أفادت وكالتا يونهاب الكورية الجنوبية وكيودو اليابانية.
ونقلت يونهاب عن رئاسة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية أن “جيشنا رصد صاروخين بالستيين أطلقتهما كوريا الشمالية من مناطق قرب بيونغ يانغ باتجاه بحر الشرق عند الساعة 11,55 من ليل الرابع والعشرين (من تموز/يوليو) وعند منتصف ليل الخامس والعشرين” منه. وندد البيت الأبيض بعملية الإطلاق، حيث قالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار “ندين بالتأكيد إطلاق جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية للصواريخ البالستية”، في إشارة إلى الاسم الرسمي كوريا الشمالية. أضافت جان-بيار أن التجارب الصاروخية “تشكل تهديدا لجيران جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية والمجتمع الدولي”، مؤكدة أن “التزامنا بالدفاع عن جمهورية كوريا واليابان لا يزال راسخا”. ويندرج إطلاق الصاروخين في إطار سلسلة اختبارات أسلحة أجرتها بيونغ يانغ في الأسابيع الأخيرة، بينما عزّزت سيول وواشنطن تعاونهما الدفاعي ردا على تهديدات الشمال. وتجري بيونغ يانغ اختبارات أسلحة بشكل روتيني، ويأتي إطلاق الصاروخين الأخيرين بعد أيام على إشراف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون شخصيا على إطلاق هواسونغ-18 وهو أحدث صاروخ بالستي محلي الصنع عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب. وفي خطوة من المرجح أن تشكل مزيدا من الاستفزاز لكوريا الشمالية، وصلت غواصة أميركية ثانية هي “يو اس اس أنابوليس” العاملة بالطاقة النووية إلى قاعدة بحرية كورية جنوبية في وقت قريب من إطلاق الصواريخ الاثنين، وفقا لوكالة يونهاب. وكان رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول قد قام بزيارة غواصة من طراز أوهايو الأربعاء في ميناء بوسان الجنوبي. والعلاقات بين الكوريتين عند أدنى مستوى مع انقطاع التواصل الدبلوماسي بين بيونغ يانغ وسيول إثر دعوة كيم لتسريع برنامج التسلح وتطويره بما يشمل أسلحة نووية تكتيكية. ويأتي إطلاق الصاروخين الإثنين قبل أيام من احتفال كوريا الشمالية هذا الأسبوع بالذكرى السنوية السبعين لنهاية الحرب الكورية. ويتوجّه وفد صيني إلى الشمال في أول زيارة علنية لوفد أجنبي للبلاد منذ جائحة كوفيد-19، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الكورية الشمالية. وفرضت كوريا الشمالية في مطلع العام 2020 إغلاقا صارما لحدودها للوقاية من كوفيد-19، وهي لم تستأنف إلا العام الماضي بعض الأنشطة التجارية مع الصين. انتهت الحرب الكورية بهدنة تم توقيعها في 27 تموز/يوليو 1953 وليس باتفاقية سلام، ما يعني أن الكوريتين ما زالتا نظريًا في حالة حرب. ومؤخرا تأججت التوترات المتصاعدة في شبه الجزيرة الكورية على خلفية فقدان أثر الجندي الأميركي ترافيس كينغ الذي كان ضمن مجموعة تجري جولة في المنطقة المنزوعة السلاح الأسبوع الماضي حين عبر الحدود إلى كوريا الشمالية. الإثنين أعلنت القيادة الأممية للقوة المتعددة الجنسيات التي تشرف على الهدنة أنها بدأت محادثات مع بيونغ يانغ بشأن الجندي الأميركي المفقود.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الحرب لم تنته والجوع والمرض يهددان أهلها
الثورة / متابعات
شهران مرا على وقف إطلاق نار طال انتظاره، لكن غزة تلك البقعة الصغيرة المعذبة لا زالت عالقةً في دوامة من الأزمات التي لا تجد لها حلاً، فضجيج السلاح خفت نسبيا، بعد أن كانت الإبادة وصوت القتل يطغى على الحياة، لكن هذا الخفوت النسبي لم يكن إلا صدى لحياة لا تزال تئن تحت وطأة الجراح.
فرغم أن الحرب خفت صوتها قليلاً إلا أن آثارها حاضرة وضجيج كل تفصيلة في حياة الغزي لا يزال مرتفعا، فما زال الدمار يلاحق كل زاوية ويتوسع بفعل الخروقات الصهيونية، وما زالت ملامح الخوف والحزن تغلف الوجوه التي اعتادت على الحياة تحت سماءٍ مشدودةٍ بالخطر.
الدمار الذي ألحقته حرب الإبادة لا يقتصر فقط على المنازل والمرافق، بل امتد ليغزو أرواح البشر ويصادر حتى أبسط مظاهر الأمل، في هذا الركام من الأنقاض، لا يزال الناس يبحثون عن فرصة لحياة طبيعية، ويجدون أنفسهم حبيسي الظروف التي لا تبدو لها نهاية.
فالشوارع التي كانت تضج بالحياة، تحولت اليوم إلى مساحاتٍ شاحبة، يعاني فيها الناس من ندرة الماء والكهرباء، ويكافح الأطفال في المدارس من أجل الحصول على حقهم في التعليم بعد أن مزقت الحرب مدارسهم، وأصبح الأطباء يحاربون من أجل إنقاذ الأرواح وسط نقصٍ حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
ورغم أن الأمل قد تسلل إلى قلوب البعض بعد وقف إطلاق النار، إلا أن الواقع أصرَّ على أن يبقي سكان عزة في مربع المعاناة، وهذا ليس كلاما يكتبه متعاطف مع غزة وأهلها، بل إن الصحافة الغربية والمؤسسات الحقوقية الأممية توثق ذلك باستمرار.
وهم خطير
صحيفة الغارديان البريطانية قالت، إنه ورغم إعلان وقف إطلاق النار، إلا أن مصطلح “الهدنة” بات يخلق وهمًا خطيرًا بأن الحياة تعود إلى طبيعتها بالنسبة للفلسطينيين المحاصرين داخل ما تبقى من أراضي قطاع غزة، أي الـ 42% المحصورة خلف “الخط الأصفر” الذي فرضته دولة الاحتلال.
وسلطت الصحيفة الضوء على استمرار الانتهاكات الصهيونية لاتفاق وقف إطلاق النار المعلن بوساطة الولايات المتحدة في وقت تتفاقم الأزمة الإنسانية ويزداد البؤس في كافة مجالات الحياة.
وأبرزت الصحيفة أنه منذ إعلان الهدنة في 10 أكتوبر بوساطة أمريكية، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 360 فلسطينيًا، بينهم ما لا يقل عن 70 طفلًا، وفق مسؤول أممي.
وبينت إنه ورغم تراجع عدد الشهداء مقارنة بالعامين السابقين، لا يزال سبعة فلسطينيين يُقتلون يوميًا في المتوسط، وهو معدل يساوي صراعًا نشطًا في أي منطقة أخرى بالعالم، وفق قولها.
وأشارت الصحيفة إلى موقف منظمة العفو الدولية التي ترى أن دولة الاحتلال لا تزال ترتكب جرائم إبادة جماعية، وأن مصطلح “الهدنة” يمنح انطباعًا زائفًا بعودة الحياة الطبيعية في قطاع غزة.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن الفلسطينيين في غزة يعيشون كارثة إنسانية بلا أفق، حيث إن 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في 42% فقط من مساحة غزة حيث تسعة من كل عشرة بلا مأوى، و81% من المنازل دُمّرت أو تضررت بشدة.
بموازاة ذلك فإن الشتاء يزيد المأساة، حيث أغرقت الأمطار المخيمات، وانهارت الخيام، وتدفقت مياه الصرف الصحي، مما زاد المخاوف من تفشي الأمراض، وفق توصيف الصحيفة.
الحرب لم تنته
مجلة The Nation الأمريكية، من جانبها قالت “إن الحرب على قطاع غزة لم تنتهِ بل تغيّر شكلها فحسب، والحقيقة بسيطة، غزة حُرمت من حقها في الشفاء، لا تزال الأنقاض باقية، والمرضى يعانون، والأسرى لم يعودوا إلى ديارهم، وقبضة الاحتلال تشتد، فأي وقف إطلاق نار حقيقي يعني فتح الحدود، وإعادة بناء ما دُمر، والسماح بعودة الحياة، لكن هذا لا يحدث، وما نراه هو جمود مُدبّر وعقاب مُقنّع في صورة هدوء”.
وأبرزت أنه بعد عامين من الإبادة الجماعية، لم تُنهِ صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعاناةَ تمامًا، وإن كانت قد خففت من حدتها.
وترى المجلة الأمريكية، أن الحصار الخانق الذي لا تزال تفرضه دولة الاحتلال على غزة يجعل التعافي المستدام مستحيلاً.
ووفقاً للمجلة، فإنه بالنسبة للكثيرين في غزة، فإن وقف إطلاق النار لم يجلب لهم راحةً، بل كشف عن قسوة ترك الناس يواجهون مصيرهم وحدهم، ويشعر الكثيرون أن هذه المعاناة هي قدرهم، وليست واقعًا سيتغير قريبًا.
وترى أن الفئة الأكثر تضررا هم المرضى، فوفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يحتاج أكثر من 16500 شخص، بمن فيهم آلاف الأطفال، إلى رعاية طبية عاجلة غير متوفرة في غزة.
الجوع والمرض يهددان الغزيين
ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، نيستور أوموهانجي، الذي يزور غزة، فال إن معظم العائلات في قطاع غزة ما زالت تعيش في ملاجئ مكتظة يُهددها الجوع والمرض يوميا.
وأوضح في تصريحات صحفية، أن وقف إطلاق النار كان ضرورياً للغاية، لكنه ليس نهاية الحرب بالنسبة للنساء والفتيات، سواء جسديا أو عاطفيا أو اقتصاديا.
وأكد أن سكان غزة يحبسون أنفاسهم، عالقون بين البقاء وعدم اليقين، مشيرا إلى أن أكثر من 57 ألف أسرة في غزة تُعيلها نساء، والكثير منهن في وضع هش للغاية بلا دخل يُعيل أطفالهن.
وقال “أوموهانجي”، إن العائلات تصطف لساعات للحصول على الطعام والماء، ويطبخون على مواقد مفتوحة، ويغسلون في دلاء، وينامون تحت بطانيات رطبة.
وشدد أن الناس لم يعودوا يطلبون منازل أو تعليما أو طعاما مناسبا، بل يطلبون خيمة، أو مدفأة صغيرة، أو إضاءة، وقال: “لقد انهارت توقعاتهم، فمن كانوا يطلبون منازل ومدارس، يطلبون الآن خيمة جافة، ومدفأة صغيرة، وإضاءة دائمة”.
ولفت المسؤول الأممي إلى أن ثلث المرافق الصحية فقط تعمل جزئيًا، وجميعها تعاني من نقص الكوادر، ومُثقلة، وتفتقر إلى الإمدادات الأساسية، مبينا أن الأدوية شحيحة، ووحدات حديثي الولادة مكتظة، ومع ذلك يواصل الطاقم عمله رغم الخسائر البشرية الفادحة.
وأكد “أوموهانجي” أن النظام الصحي ما زال صامدًا في غزة فقط لأن العاملين فيه يرفضون التخلي عنه، مشيراً إلى أن إعادة بناء قطاع الصحة يتطلب إعادة بناء وتجهيز المرافق الصحية التي دُمرت، وضمان تدفق مستمر وموثوق للأدوية والإمدادات، وإعادة بناء القوى العاملة الصحية.
ورغم قتامة المشهد وقسوة الحياة في غزة، إلا أن المدينة المتعبة المنهكة تبقى مثالاً حياً على الصبر والإرادة، فسكانها يكافحون من أجل الحياة في ظل ظروف استثنائية، ولكن الأمل في غدٍ أفضل، ولو كان خافتاً، يبقى شعلة لا يمكن إطفاؤها.