ما إمكانية العودة لخارطة الطريق الأممية بعد توقفها؟
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ تقرير خاص
دخلت الحرب في اليمن مرحلة أخرى من الخيبة، ويبدو معها بأن فرص السلام قد تضاءلت كثيرا، وغاب معها الحديث عن خارطة الطريق الأممية بخاصة مع تصعيد مليشيات الحوثي ضد السفن، لكنها عادت خلال الأيام الماضية وبشكل خجول، برغم استمرار التوتر والتصعيد.
مؤخرا، بدأ المبعوث الأممي الى اليمن هانس غروندبرغ بالتحرك مجددا من أجل السلام في اليمن، وقد التقي في 16 مارس/آذار مع مسؤولين أمريكيين في الولايات المتحدة، لبحث سبل التدم نحو استئناف عملية سياسية جامعة في اليمن، وذلك عقب يومين من تقديمه إحاطته أمام مجلس الأمن، التي أكد فيها أن الوساطة في البلاد أصبحت أكثر تعقيدا، كما ناقش ذات الملف -أيضا- مع سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر.
أعقبها لقاء وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، مع رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك، الذين ناقشا مساعي استكمال تنفيذ خارطة الطريق التي هي برعاية أممية.
يقابل ذلك، تصعيد تقوم به مليشيا الحوثي في بعض المحافظات اليمنية، آخرها مأرب التي سقط فيها صاروخ باليستي، وكذلك استمرار الجماعة باستهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وإجراءات اقتصادية قامت بها فيما يخص إيقافها التعامل مع بعض شركات الصرافة التي تعمل في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.
الهروب من الاتهام بالعرقلة / مصالح من وراء السلام
أمام كل تلك التطورات، والجهود المستمرة لإحياء خارطة الطريق التي تدعمها أيضا الرياض، وكذلك إعادة واشنطن تصنيف المليشيات كمنظمة إرهابية، يعتقد المحلل السياسي وأستاذ إدارة الأزمات والصراعات الدكتور نبيل الشرجبي أن الآمال تظل قائمة في إمكانية استئناف العودة للعملية التفاوضية، وذلك حتى لايُتهم أي طرف بأنه المعرقل لتسوية الأزمة.
إضافة إلى ذلك، فإن أطراف الصراع في اليمن وحلفاءهم في الخارج، يسعون لذلك للتسوية لأسباب داخلية، فضلا عن أن السعودية تريد أن تنهي الحرب بأي ثمن وقد تحمله الشرعية، وفقا للشرجبي الذي تحدث لـ”يمن مونيتور”، محذرا من خطورة ما تقوم به الرياض كونها ستكتوي بنار ذلك الحل.
ويرى الشرجبي أن إيران تسعى لإنجاح المفاوضات، لأن مليشيات الحوثي في أفضل وضع، ويمكنهم من تحقيق قضايا لم يتمكنوا من تحقيقها سابقا.
استبعاد الحل
وفي ظل التطورات والمستجدات الراهنة في الساحة اليمنية، خصوصا عسكرة المليشيا الحوثية للبحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وشن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ضربات جوية وصاروخية على مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، بذريعة تقليص خطرها وقدراتها على تهديد الملاحة الدولية، يفيد المحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي، أنه بات الحديث عن إمكانية العودة لخارطة الطريق الأممية لإنهاء الحرب في اليمن مجرد أماني وأحلام، على الأقل في هذه الفترة التي تشهد تصاعدا ملحوظا في ازدياد وتيرة الأعمال العسكرية في خطوط الملاحة الدولية، وردة الفعل العسكري الأمريكي البريطاني وتشكيل ما سمي بـ “تحالف حارس الازدهار”.
ويقول الفاتكي لـ”يمن مونيتور” إنه لا يوجد مؤشرات تجعلنا نتفاءل بإنهاء الحرب عبر الحوار والمفاوضات، أو عبر ما يروج له المجتمع الدولي من حلول سياسية، خاصة مع تعنت مليشيا الحوثي وتجنيدها المستمر لآلاف المقاتلين، واستمرار عملياتها العسكرية في أكثر من محافظة، سيما في تعز ومأرب.
ولذلك فهو يرجح أن تعود الحرب أكثر ضراوة، مما سينجم عنها تفاقم تردي الأوضاع الإنسانية، وازدياد الضحايا من المدنيين، وتقويض الهدنة الهشة التي يتفاخر المبعوث الأممي لليمن، ويعتبرها بأنها أهم ما أحرزه في الملف اليمني منذ تعيينه.
حلول أخيرة
ويتوقع في حال عادت الأطراف للتفاوض، أن طرف الحوثي سوف يكون أكثر تشددا وإصرارا على تلبية شروطه، بخاصة أنه أصبح يجابه أمريكا تحت غطاء نصرته لغزة، وهو ما أعطاه قوة في الساحة الداخلية والخارجية، كما أنه سوف يكون محررا من أي ضغوط دولية.
ويشير المحلل الشرجبي إلى أن هناك إمكانية أكبر من قبل الحوثيين على استخدام القوة العسكرية، لحلحلة الحل، كقيامها بالسيطرة على أهم معقلين للشرعية، وهما مأرب وتعز، وهو ما سيؤهل المليشيا لفرض كامل رؤيتها.
لكنه يعود ليؤكد أن المسار السياسي سيظل في المرحلة القادمة، خاصة إذا ما تم ربط ملفات الصراع في المنطقة بانتهاء العدوان على غزة، في الوقت ذاته تظل معضلة توصيف الحالة السعودية من هذه الحرب بالنسبة للحوثيين هي العقبة المتبقية لإبرام صفقة الحل، حسب الشرجبي.
ومن وجهة نظر المحلل السياسي الفاتكي، فإن إصرار مليشيات الحوثي على استخدام القوة العسكرية، والاستمرار في الحرب لتنفيذ أجندتها الطائفية والسياسية، فالمخرج الوحيد والآمن لخروج اليمن من هذه الأزمة هو تطبيق وتنفيذ المجتمع الدولي قراره ٢٢١٦، ودعمه السلطة الشرعية لبسط سلطاتها الكاملة غير المنقوصة على كامل التراب الوطني، واحتكارها للقوة وحل مليشيا الحوثي وتسليمها الأسلحة لمؤسسات الدولة، وعملها في إطار حزب خاص بها لممارسة العمل السياسي، وفقا للدستور والقانون اليمني، والدخول في مرحلة انتقالية يجبر فيها الضحايا، ويقدم فيها مجرمو الحرب للعدالة، ويتم فيها التهيئة لانتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية، وفقا للدستور الاتحادي اليمني، بعد الاستفتاء عليه، ووفقا لمخرجات الحوار الوطني.
يُذكر أن خارطة الطريق التي بدأ الحديث عنها ديسمبر/كانون الأول الماضي، تضمنت بنودا عدة، أبرزها التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى اليمن، للإعداد لاحقا لعملية سياسية برعاية أممية، وشملت كذلك دفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. إلا أنه لم يتم حتى الآن إحراز أي تقدم في أي بند.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحوثي اليمن هانس غروندبرغ خارطة الطریق فی الیمن
إقرأ أيضاً:
عثمان باونين لـ "الفجر":الشباب أولًا والوحدة أساسًا.. تحالف القوى يحدد خارطة الطريق للسودان
قال رئيس تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني، عثمان باونين، إن تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني يواصل جهوده لحماية المدنيين وتعزيز السلام والاستقرار في البلاد،ونسعى لتوحيد جميع الفصائل المسلحة ضمن جيش وطني متماسك، وتوحيد الصف السوداني تحت حكومة وحدة، تجمع الكل مع اعتماد دستور منقح يحقق التوافق الوطني الشامل، وإجراء انتخابات دستورية تضمن تمثيلًا عادلًا لكل القوى السياسية المعتمدة والمجتمعية.
أضاف باونين في تصريحات خاصةلـ "الفجر"، أهمية التعاون مع الدول العربية والإفريقية ووالمجتمع الدولي لدعم جهود السلام وإعادة الإعمار، مع الحفاظ على رؤية سودانية خالصة؛ نرحب بالاتفاقيات الدولية بشرط مراعاة مصالح السودان، وندعم الجهود الأمريكية والمصرية والرباعية لوقف الحرب، مع تطوير العلاقات مع جميع الأشقاء والإصدقاء والجيران بشكل براغماتي؛ الشباب السوداني هم أمل المستقبل وأساس أي تغيير حقيقي، ووحدتهم ومشاركتهم الفاعلة مفتاح إعادة بناء الوطن.
ما هو تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني؟
تحالف قوى الخلاص الوطني هو كيان سياسي سوداني يضم مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية المعارضة التي تتشارك هدف إنهاء الأنظمة الاستبدادية والمساهمة في تحقيق التحول الديمقراطي في السودان.
ويسعى التحالف إلى توحيد الجهود السياسية والاجتماعية لمواجهة التحديات الداخلية، وتعزيز الحوار الوطني، والمطالبة بحقوق المواطنين، وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
تحالف قوى الخلاص الوطني - الفجريشارك التحالف في المبادرات الوطنية لتشكيل حكومة انتقالية، ودعم عملية المصالحة الوطنية، والعمل على إصلاح مؤسسات الدولة بما يضمن حكمًا رشيدًا وتوزيعًا عادلًا للسلطة والثروة، مع التركيز على تحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
أيضا التحالف موجود في جميع ربوع الدولة السودانية وأيضا يملك قنوات الاتصال متعددة مع جميع في الداخل والخارج.
لعب تحالف قوى الخلاص الوطني السوداني دورًا بارزًا في محاولة إيقاف الحرب الحالية من خلال دمج الجهود السياسية والعسكرية لمعارضة النظام السابق ودولته العميقة والمشاركة في النزاعات الإقليمية مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، مع السعي لحماية المدنيين والمجتمعات المحلية، والمشاركة في مفاوضات السلام لضمان حقوق الجماعات المتضررة وتقاسم السلطة والثروة.
حميدتي والبرهان - الفجركما أطلق التحالف العديد من المبادرات السياسية منذ اليوم الأول للحرب بهدف وقف نزيف الدم في السودان، على الرغم من رفض بعض القوى لهذه المبادرات. وقد لاقت هذه الجهود ترحيبًا من الأمم المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة، ومراكز القرار في الوايات المتحدة والاتحاد الإفريقي،وجامعة الدول العربية، وعدد من المنظمات الدولية الأخرى، معتبرة أن هذه الخطوات تمثل مساهمة مهمة في السعي نحو حل سلمي للصراع.
كيف تري تلك الحرب المندلعة الآن في السودان؟
هذه الحرب العبثية التي تدمر الدولة السودانية يجب أن تقف في الحال والبدء في خطة السلام الشامل الاي دعا إليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خصوصًا أنها تلقي ترحيب من الجميع في السودان وأيضا هناك قبول من عدد كبير من قادة الجيش وأيضا قادة الدعم السريع يريدون وقفها ولكن بعض القادة المنتمين إلى الدولة العميقة، جماعة الاخوان المسلمين لا يريدون ذلك.
عندما تتوقف الحرب، يتحقق الاستقرار في السودان، وهو الشرط الأساسي لدمج جميع الفصائل المسلحة ضمن إطار وطني موحد، بالتوازي مع دعم الجيش والالتزام بالمعايير المهنية المعروفة.
ويهدف هذا الدمج إلى تأسيس جيش وطني متماسك لا يقوم على أساس قبلي أو جهوي أو انتماءات حزبية وسياسية أو أيدولوجية بالإضافة أن أرفض تفكيك الجيش نهائيا ولكن إعادة تنظيمه وأيضا نفس الحديث على الدعم السريع الذي يعد جزء من الجيش السوداني وفق قانون 2017.
كما يشمل مشروع الاستقرار توحيد الصف السوداني تحت قيادة واحدة وحكومة وحدة، بما يعزز القدرة على اتخاذ القرارات الوطنية بشكل متكامل.
واقترح اختيار دستور سوداني من الدساتير السابقة، على أن يتم تنقيحه من قبل متخصصين لضمان توافقه مع متطلبات المرحلة الجديدة، والعمل به كإطار قانوني شامل بدلًا من الوثيقة الدستورية التي كانت سبب حقيقي في إشعال الحرب وذلك ما حذرت منه مع العلم أننا جزء من قوي من الحرية والتغيير من أوائل الثوار.
أولًا، يجب على الأحزاب السياسية الابتعاد عن الأفكار والمعتقدات السابقة والعمل بروح جديدة تركز على الحفاظ على وحدة واستقرار الدولة السودانية.
ثانيًا، إطلاق مبادرة وطنية شاملة لإعادة بناء الدولة السودانية، تهدف إلى تعزيز مؤسساتها وتطوير البنية التحتية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ثالثًا، بعد استكمال جهود إعادة البناء، يتم إجراء انتخابات شاملة يشارك فيها جميع أطياف الشعب السوداني، لضمان تمثيل عادل وشرعية وطنية لكل القوى السياسية والمجتمعية.
الأحزاب السودانية - الفجر ما هي المزايا الأساسية لتطبيق النظام الفيدرالي في السودان؟
من وجهة نظري، يُعد النظام الفيدرالي الاتحادي الأنسب للسودان نظرًا لتنوع أقاليمه وعرقياته وثقافاته، إذ يتيح لكل ولاية أو إقليم إدارة شؤونه المحلية بما يتوافق مع خصوصيته في إدارة التنوع، مع الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة.
كما يوفر هذا النظام توازنًا بين الحكومة المركزية والوحدات المحلية، حيث تتولى الحكومة المركزية القضايا الوطنية الكبرى مثل الدفاع والسياسة الخارجية، بينما تتولى الولايات معالجة القضايا المحلية والتنموية بما يلبي احتياجات سكانها.
ويساهم النظام الفيدرالي في تقليل التوترات القبلية والإقليمية من خلال منح كل منطقة درجة من الحكم الذاتي، ويتيح مشاركة أوسع للشعوب المحلية في صنع القرار، مما يعزز الديمقراطية ويقوي شرعية الدولة.
وإذا تم تطبيق هذا النظام بشكل عادل وشفاف مع دستور واضح يحدد توزيع السلطات والصلاحيات بدقة بين المركز والأقاليم، فسيكون السودان قادرًا على إدارة أكثر فاعلية وبناء مرحلة جديدة من الاستقرار والمشاركة الحقيقية لجميع مكوناته.
من وجهة نظري، يمثل التعاون بين السودان والدول العربية والإفريقية والدولية في إطار خطة سلام شامل عنصرًا محوريًا لتحقيق الاستقرار والسلام الدائم في البلاد. هذا التعاون يعزز الشرعية الدولية والدعم الخارجي لجهود التسوية، ويضفي ثقلًا سياسيًا ودبلوماسيًا على أي مبادرة سلام، ويضغط على الأطراف المتحاربة لقبول الحل السلمي. كما يمنح السودان شبكة أمان من خلال تأمين الحدود، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، ودعم إعادة الإعمار، بما يقلل من تداعيات النزاع على المدنيين ويحد من المخاطر الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، يساهم التعاون الدولي والإقليمي في خلق بيئة سلمية ومستقرة تتيح إعادة بناء مؤسسات الدولة، وإصلاح الهياكل الأمنية، وتعزيز العدالة الانتقالية، مع منع أي محاولات للتقسيم أو سيطرة جماعات مسلحة.
كما تدعم المشاركة الواسعة من الدول العربية والإفريقية والدول المانحة حوافز السلام من خلال دعم الاقتصاد، وبرامج التنمية، وإعادة الإعمار، ما يمنح المواطنين أملًا بمستقبل أفضل ويحد من جذور النزاع. شرط نجاح هذه المبادرات يكمن في أن تكون مبنية على رؤية سودانية خالصة، حيث يقود السودانيون أهدافهم بمبادرة محلية، مدعومة من الخارج بما يعزز السلام ويتيح الموارد والضمانات اللازمة.
كيف تري الجهود الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس ترامب لوقف الحرب في السودان؟من وجهة نظري، تُعد الجهود الأمريكية لوقف الحرب في السودان ذات أهمية كبيرة، لكنها تحتاج إلى صدقية وانخراط فعلي على الأرض لتحقيق نتائج ملموسة.
فالولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا في الدفع نحو هدنة أو وقف إطلاق النار من خلال المبادرات الدبلوماسية، مثل المبادرة الأخيرة ضمن «اللجنة الرباعية» (أمريكا، مصر، السعودية، الإمارات)، التي دعت إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر يليها مسار سياسي شامل.
كما أن تدخل واشنطن يشمل الضغط السياسي والاقتصادي عبر أدوات مثل العقوبات على قيادات النزاع، مما يضعف قدرة الأطراف المتحاربة على الاستمرار في القتال.
ومع ذلك، من الضروري أن تكون الأهداف واضحة، إذ أن الهدنة وحدها لا تكفي إذا لم تتبعها خطوات نحو سلام دائم وسد فجوة الحرب بين الخصمين، إصلاح مؤسسات الدولة، وضمان حماية المدنيين.
ويعتمد نجاح الجهد الأمريكي بشكل كبير على تعاون الأطراف السودانية، بما في ذلك الجيش وقوات الدعم السريع، للالتزام بآليات وقف إطلاق النار وعدم التسويف أو الخروج عن الاتفاقات.
وفي رأي، إذا نُفذت هذه الجهود بصدق وشفافية وبمشاركة فاعلة من داخل السودان، فإنها تمثل فرصة حقيقية لإنقاذ ما تبقى من الدولة، حماية المدنيين، وتمهيد الطريق نحو سلام دائم وبناء سودان جديد.
تصلنا عبر مراكز الدراسات وشبكات الأصدقاء في دوائر القرار بواشنطن مؤشراتٌ تُلمِّح إلى أدوار أوسع في المرحلة المقبلة، وبعض هذه الإشارات يمرّ عبر ما يمكن تسميته بـ“ظلّ الحكومة” في القنوات غير المعلنة. أمّا طبيعة تلك الأدوار فتبقى رهن المشاورات الجارية، وليس كل ما يُعرَف يُقال.
أما بخصوص المرحلة القادمة، فالأمر الأساسي أن الشعب السوداني هو صاحب الحق الأول في اختيار رئيس الحكومة القادم. فالمستقبل السياسي يجب أن يُبنى على إرادة المواطنين، مع ضمان مشاركة جميع الأطراف السياسية والاجتماعية في صياغة الحكومة المقبلة، بما يعكس تطلعات الشعب ويؤسس لحكم رشيد واستقرار دائم في السودان.
سنُدير العلاقة مع روسيا بقدر كبير من البراغماتية، مع إدراكنا لحساسية الدور الأميركي في السودان بوصفه جزءًا من الاستراتيجية الأميركية في قلب إفريقيا.
التعاون مع موسكو يظل ممكنًا في حدود تخدم الاستثمار والاستقرار، بينما تبقى أي ترتيبات عسكرية، ومنها مسألة القاعدة، مرتبطة بحسابات السيادة والتوازن بين واشنطن وموسكو، وبما يضمن ألا يتحول السودان إلى ساحة صراع نفوذ خارجي.
تلعب مصر دورًا كبيرًا وأساسيًا في إنهاء الأزمة السودانية من خلال دعم جهود السلام بشكل محوري واستراتيجي في ظل الحرب الدائرة. فهي تشارك بفاعلية ضمن اللجنة الرباعية مع الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، حيث أصدرت دعوات واضحة لوقف الحرب وبدء مسار سياسي شامل، بالإضافة إلى تواصل مباشر مع القيادة السودانية، مؤكدة دعمها لوحدة السودان وسيادته واستعدادها للمساعدة في إعادة الإعمار وترميم ما دمرته الحرب.
مصر والسودان - الفجركما تضع مصر ملف السودان على رأس أولوياتها الإقليمية، معتبرة أن استقرار السودان جزء من أمنها القومي. وتشترك القاهرة في جهود وقف إطلاق النار ودعم المدنيين وتأمين المساعدات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، تولي مصر اهتمامًا بما بعد الحرب عبر تعزيز التعاون الثنائي لإعادة الإعمار، وتنشيط الاستثمار، وربط البنى التحتية، بما يعكس رغبتها في بناء مستقبل مشترك يخرج السودان من الأزمة.
إذا استمر هذا الالتزام الصادق، المبني على احترام سيادة السودان وتعاون حقيقي مع الأطراف السودانية، فإن الجهود المصرية ستكون ركيزة أساسية لأي خطة سلام شاملة، وتساهم في كسر حلقة العنف، واستعادة الاستقرار، وتمهيد الطريق نحو إعادة بناء الدولة ومؤسساتها.
كما استقبلت مصر الملايين من أبناء الشعب السوداني خلال هذه الأزمة، ووفرت لهم كل الدعم والخدمات، وهو ما يؤكد أن الشعبين المصري والسوداني شعب واحد.
ما هي فكرة البرلمان الشعبي مع مصر؟
من وجهة نظري، العلاقات القوية بين الدول تبدأ بالأساس من التواصل والتفاهم بين شعوبها. لذلك، بمجرد استقرار الأوضاع في السودان، يمكن العمل على إنشاء برلمان شعبي يُطلق عليه "برلمان شعبي وادي النيل"، ليكون منصة تمثيلية للمواطنين على المستوى الشعبي. يمكن أن يبدأ هذا البرلمان بتمثيل المواطنين مباشرة، ثم يتم تطويره وتوسيع نطاقه ليشمل المستوى الحكومي، بحيث تنتقل التجربة والمشاركة الشعبية إلى صُنع القرار الرسمي.
في المرحلة التالية، يمكن أن يمتد هذا البرلمان ليشمل الدولتين المشاركة في حوض نهر النيل، ثم يتم تعميم الفكرة على باقي الدول الإفريقية المعنية، ما يخلق شبكة حقيقية للتعاون الشعبي والدبلوماسي. هذه الخطوة من شأنها تعزيز الشراكة الحقيقية بين الدول الإفريقية والعربية، وتقوية الروابط الشعبية والسياسية، وتمهيد الطريق لإقامة مؤسسات مشتركة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة والسلام الإقليمي.
ما رسالتك إلى المواطن السوداني والشباب السوداني في هذه المرحلة الصعبة؟
إلى المواطن السوداني والشباب السوداني، أود أن أؤكد أنكم أمل المستقبل وعماد أي تغيير حقيقي في وطننا. يعيش السودان اليوم لحظة تاريخية مليئة بالتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وفي ظل صراعات داخلية وخارجية على مصيره، تصبح أولويتنا إيقاف الحرب وإستتباب السلام استعادة السودان إلى ركب العالم المتقدم، وبناء دولة قوية وعادلة تقوم على إرادة سودانية حرة.
أدعوكم جميعًا إلى اليقظة والمشاركة الفاعلة في بناء وطنكم من خلال المبادرة والعمل المدني والتضحيات من أجل السلام والوحدة، لأن وحدتنا وشبابنا من كل أنحاء السودان هم أساس صمودنا وإعمارنا. في هذه اللحظة الحاسمة، يجب أن نكون قوة بناء لا خراب، وأن نضع مصلحة السودان فوق كل اعتبار، ونعمل معًا لاستعادة الأمن واستقرار الدولة وإعادة بناء مؤسساتها. المستقبل يمكن أن يكون مختلفًا إذا تحركنا جميعًا بوعي وإرادة صادقة، فالسودان جدير بأن يعود فخورًا، حرًا وموحدًا، والشباب هم مفتاح هذا التغييروأعني شباب السودان في كل بقاعه شرقه وغربه جنوبه وشماله، لأنهم كان القدح المعلى فيإدارة التنوع في ثورة ديسمبر التي إنصهروا فيها جميعا دون جهوية أو عنصرية أو قبيلة.