الماء في الأرض تُستنزف بسرعة.. هل يمكن وقف نزيفها؟
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
المياه الجوفيّة هي مياه عذبة مصدرها المطر أو ذوبان الثلوج، حيث تتسرب إلى التربة وتخزّن في المسامات بين الصخور وجزيئات التربة.
ويمكن للمياه الجوفيّة أن تبقى تحت الأرض لمئات الآلاف من السنين، أو يمكنها أن تظهر على السطح وتساعد في ملء الأنهار والجداول والبحيرات والبرك والأراضي الرطبة، ويمكن أن تخرج المياه الجوفيّة أيضاً على شكل ينابيع أو يتم ضخها من الآبار الجوفيّة.
وتكتسب المياه الجوفيّة أهمية كبيرة في الطبيعة، حيث توفّر ما يقرب من نصف حجم جميع المياه المعدّة للاستخدام المنزلي ونحو 43% من استخدام المياه لأغراض الري.
وتوفر طبقات المياه الجوفيّة التي يسهل الوصول إليها صمام الأمان في حالات الجفاف، وتلعب هذه الموارد أيضاً دوراً حاسماً في التكيف مع تغير المناخ من خلال الحفاظ على مجموعة واسعة من النظم الإيكولوجية المعتمَدة (النظام الإيكولوجي هو النظام البيئي الذي يشمل جميع الكائنات الحية في منطقة معينة، بالإضافة إلى تفاعلاتها مع بعضها البعض، ومع كل ما هو غير حي حولها مثل الطقس والشمس والتربة والمناخ والغلاف الجوي، حيث يكون لكل كائن حي دور يلعبه للمساهمة في صحة وتوازن وإنتاجية النظام البيئي ككل) وتوفير المياه العذبة عندما تكون موارد المياه السطحية شحيحة.
وعلى الرغم من كونها مورداً متجدداً، فإن إعادة الملء الطبيعي لطبقات المياه الجوفيّة في العمق عملية بطيئة وتستغرق عقوداً أو قروناً طويلة حتى تتعافى بعض طبقات المياه الجوفيّة بعد استنفادها، لذك يشكل استنزاف المياه الجوفيّة مشكلة كبيرة تهدد الأمن المائي والغذائي على كوكب الأرض.
ويعد النمو السكاني أحد التهديدات الرئيسية لمخزون المياه الجوفيّة، سواء أكانت منزلية أم زراعية أم صناعية، ويسهم التصنيع وارتفاع مستويات المعيشة في زيادة الطلب على المياه.
استنزاف متسارع
في دراسة نشرت حديثا، قام فريق من علماء البيانات والمتخصصين في المياه وخبراء السياسات بتجميع أول مجموعة بيانات عالمية النطاق لمستويات المياه الجوفيّة، ومن خلال تحليل الملايين من قياسات مستوى المياه الجوفيّة في 170 ألف بئر تقع في أكثر من 40 دولة في البلدان التي تشمل نحو 75٪ من عمليات سحب المياه الجوفيّة العالمية، رسم الباحثون خرائط لكيفية تغير مستويات المياه الجوفيّة مع مرور الوقت.
وتوصلت الدراسة إلى نتيجتين رئيسيتين:
الأولى
تُظهر أن النضوب السريع للمياه الجوفيّة منتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وأن معدلات الانخفاض تسارعت على مدى العقود الأربعة الماضية في 30% من طبقات المياه الجوفيّة في العالم.
ووجد الباحثون أن الاستنزاف كان أكثر حدة في القرن الحادي والعشرين مما كان عليه في العشرين سنة الأخيرة من القرن السابق، خاصة في المناطق الجافة ذات الأراضي الزراعية الشاسعة التي تلقت كميات أقل من الأمطار، ويسلط هذا التسارع الواسع النطاق في انخفاض منسوب المياه الجوفيّة الضوء على الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير أكثر فعالية لمعالجة استنزاف المياه الجوفيّة، كما يسلط الضوء على التأثير الكبير لتغير المناخ في تفاقم هذه الظاهرة.
والنتيجة الثانية
كشفت عن حالات محددة انعكست فيها اتجاهات النضوب عقب تغيير السياسات، وإدارة تغذية طبقات المياه الجوفيّة، وتحويل المياه السطحية، وأنه من خلال التدخلات في الوقت المناسب، يمكن لهذا المورد المهم أن يتعافى.
وفي نحو 20% من طبقات المياه الجوفيّة التي دُرست، وجد الباحثون أن معدل انخفاض مستويات المياه الجوفيّة في القرن الحادي والعشرين تباطأ مقارنة بالثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
الوقاية والحلول
مع النهج الحالي في التعامل مع المياه الجوفيّة فإن العالم يتجه نحو الكارثة، لكنْ يمكن للحكومات اتخاذ إجراءات ورسم سياسات تُعاكس هذا الاتجاه، واتباع أساليب التخطيط الإستراتيجي والتكيفي على نطاق واسع لإدارة ما لديها بشكل أكثر فعالية وتقليل الاستثمارات التي يتعين عليها القيام بها لمنع الأزمة من أن تصبح حقيقة واقعة.
ومع إعطاء الأولوية للإدارة الفعالة للمياه في المناطق المعرضة للخطر، لا بد من العمل بشكل أكثر استباقا لتضمين هذا النهج في المناطق الأقل عرضة للخطر قبل أن تصبح الندرة أمراً حتمياً.
وللتعامل مع الاستغلال المفرط للمياه الجوفيّة، ينبغي تحديد أقصى عمق للحفر في كل منطقة، وتقنين حفر آبار جديدة وفقاً للوضع الجيولوجي فيها، واتباع سياسات زراعية لتحديد دورة المحاصيل، وزراعة المحاصيل ذات الاستهلاك المنخفض للمياه في المناطق غير الغنية بالمياه الجوفيّة.
فعلى سبيل المثال، تشير الدراسة التي أشرنا إليها إلى أن استنزاف المياه الجوفيّة في السعودية قد تباطأ في طبقة المياه الجوفيّة هذا القرن، وقد يعود سبب ذلك إلى الخطوات التي نفذتها المملكة في سياستها الزراعية في العقود الأخيرة للحد من هدر المياه، مثل حظر زراعة بعض المحاصيل التي تستهلك الكثير من المياه.
كما أنه من المفيد في هذا الصدد الاعتماد على نهج الاقتصاد الدائري، مثل تحويل تدفقات الأنهار الزائدة خلال السنوات الرطبة إلى “مواقف مائية”، والتي تسمح للمياه بالترشيح إلى طبقة المياه الجوفيّة لاستخدامها في سنوات الجفاف، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها وتحويلها إلى مياه صرف عالية الجودة يمكنها تجديد وإعادة تغذية طبقة المياه الجوفيّة وإعادة استخدامها في الزراعة لتخفيف ضخ المزيد من المياه الجوفيّة.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: المیاه الجوفی ة فی فی المناطق ة التی
إقرأ أيضاً:
زلزال كاليفورنيا القادم قد يكون أسرع من الصوت وأشد تدميرا
حذّر فريق بحثي من جامعة جنوب كاليفورنيا من نوع نادر وخطير من الزلازل قد يضرب ولاية كاليفورنيا في أي وقت، يُعرف باسم "الزلازل الفائقة السرعة".
هذا النمط من من الزلازل تتحرك فيه موجة التمزق على طول الصدع بسرعة تتجاوز سرعة الموجات الزلزالية نفسها، تماما كما يحدث عندما تكسر طائرة حاجز الصوت وتُطلق "دويا انفجاريا" في السماء.
عندما يحدث الزلزال، لا ينكسر الصخر كله في لحظة واحدة، بل تبدأ نقطة صغيرة بالتحرك، ثم تنتشر الحركة تدريجيا على طول الصدع، أي الفاصل بين كتلتين من القشرة الأرضية، هذا الانتشار هو ما يسمى موجة التمزق، وهي تشبه شرارة صغيرة تشق طريقها بسرعة على طول خط الصدع، مطلقة الطاقة التي نحسّها في صورة اهتزازات.
وعندما نقول إن الزلزال الفائق السرعة "أسرع من الصوت"، نحن لا نقصد أنه أسرع من الصوت في الهواء، فسرعة الصوت في الهواء تقريبا 340 مترا في الثانية، أما في الصخور فالموجات الزلزالية تسير بسرعة أكبر بكثير (قد تصل إلى 3000–5000 متر في الثانية).
ولكن المقصود في هذا السياق أن موجة التمزق تكون أسرع من الموجات الزلزالية نفسها داخل الصخور، وهذا ما يجعل الاهتزازات أشدّ وأخطر لأن الطاقة تتجمع في "جبهة واحدة"، مثل موجة صدمية، بشكل يشبه بالضبط تخطي حاجز الصوت في الهواء.
عادة ما تنتقل طاقة الزلزال على شكل موجات اهتزازية تتسابق عبر الصخور والتربة، لتصل إلى سطح الأرض مسببة الدمار الذي نعرفه. لكن في الزلازل الفائقة السرعة، تسير موجة التمزق بسرعة تفوق الموجات الزلزالية العرضية، فيحدث ما يشبه "الصدمة الزلزالية" التي تضرب منطقة واسعة على نحو مفاجئ، وتضاعف من شدّة الاهتزازات.
ويحذر الباحثون، بحسب ورقة رأي بحثي عرضت في دورية "سيسمولوجيكال ريسيرش ليترز" من أن كثيرا من أنظمة البناء والهندسة الزلزالية في كاليفورنيا لم تُصمم بعد لمواجهة هذا النوع من الزلازل، لأن معظم النماذج الهندسية الحالية تفترض أن الزلزال ينتشر بسرعة ثابتة تقل عن سرعة الموجات الزلزالية.
إعلانلكن إذا تحولت بعض صدوع كاليفورنيا، مثل صدع سان أندرياس الشهير، إلى نمط فائق السرعة، فقد تكون القوى الموجهة والاهتزازات الجانبية أشدّ مما تتحمله بعض المنشآت الحيوية، كالجسور والسدود ومحطات الطاقة.
احتمالات شبه مؤكدهورغم أن العلماء لا يستطيعون التنبؤ بموعد الزلزال القادم، فإن الإحصاءات تشير إلى أن زلزالا بقوة 7 درجات أو أكثر سيحدث بشكل شبه مؤكد في كاليفورنيا خلال العقود المقبلة.
ولهذا يدعو الباحثون إلى تكثيف مراقبة الصدوع النشطة عبر شبكات أكثر دقة من أجهزة القياس، إضافة إلى تطوير نماذج محاكاة رقمية تستطيع تمثيل سلوك الزلازل الفائقة السرعة.
كما توصي الدراسة بتحديث أكواد البناء لتأخذ في الاعتبار هذه السيناريوهات غير التقليدية، بحيث تصمم البنى التحتية لتحمل موجات تسارع مفاجئة واتجاهية، لا اهتزازات عادية فقط.