الإعلام اليمني يتوحّد في دعم المقاومة بغزة ويغيّر خطابه
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
صنعاء- مع انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحول الإعلام اليمني بمختلف قنواته الفضائية وأثير إذاعاته ومنصاته الإلكترونية إلى منبر مفتوح على مدار الساعة، لدعم المقاومة الفلسطينية وتغطية الأحداث المتسارعة في قطاع غزة.
ووحدت المقاومة الفلسطينية ومظلومية غزة وسائل الإعلام اليمنية بمختلف توجهاتها ومشاربها الفكرية والحزبية والسياسية، خاصة في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
وقال رئيس مجلس إدارة قناة المهرية الفضائية الخاصة مختار الرحبي "منذ اللحظات الأولى لطوفان الأقصى اتخذنا قرارا بدعم المقاومة الفلسطينية في غزة، وعلى رأسها حماس وكتائب القسام، والتغطية الدائمة لكل أحداث عملية الطوفان وما أعقبها من عدوان إسرائيلي وحرب إبادة".
وأضاف الرحبي في حديث مع الجزيرة نت "قمنا أولا بتجميد عرض البرامج والمسلسلات، وبدأنا بخارطة برامجية جديدة، عبارة عن توجيه معنوي مع المقاومة في قطاع غزة، وتغطية مباشرة واستضافة لكبار الضيوف في الداخل والخارج، لعرض مشروعية مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ورفض العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني".
ورغم أن قناة المهرية كانت تعارض جماعة أنصار الله الحوثيين، فإنها أعلنت دعم هجمات الجماعة في البحر الأحمر ضد السفن الإسرائيلية أو المتجهة إليها عبر البحر الأحمر، حيث قال الرحبي إنهم في القناة يدعمون كل حركات المقاومة الفلسطينية إعلاميا ومعنويا، وكل الجهات التي تدعم المقاومة الفلسطينية.
وأضاف "لقد صُنفنا من القنوات اليمنية الأكثر دعما للمقاومة ولصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، واستعادة حقوقه المشروعة في إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشريف".
كما كان الإعلام التابع لجماعة أنصار الله الحوثيين قد أعلن الوقوف المباشر مع عملية طوفان الأقصى، واعتبر أنها "بداية معركة التحرير لأرض الإسراء والمعراج، وانتهاء الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين العربية الإسلامية، من النهر إلى البحر".
وأفردت وسائل الإعلام الحوثية، سواء التلفزيونية أو الإذاعية أو الصحفية والرقمية، مساحات كبيرة للبث المباشر وللمتابعة اليومية لمستجدات وتطورات الأحداث في غزة، لتأتي العمليات العسكرية التي يقومون بها ضد الأهداف الإسرائيلية بالصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيرة، لتضيف بعدا آخر للتغطية الإعلامية، خصوصا مع بدء الهجمات ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وارتفعت وتيرة زخم الإعلام الحوثي المؤيد للمقاومة في غزة بشكل أكثر مع قيام الولايات المتحدة وبريطانيا في 12 يناير/كانون الثاني الماضي بضربات جوية وصاروخية على مواقع في العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر، وعلى محافظات يمنية أخرى تقع تحت سيطرة الحوثيين منذ عام 2014.
يقول وكيل وزارة الإعلام بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا الدكتور محمد قيزان إن "الإعلام اليمني الرسمي ينطلق في تغطيته لعملية طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني على غزة من مسؤوليته الدينية والعربية والإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، في سبيل تحرير أرضه وطرد الاحتلال المجرم من كافة الأراضي الفلسطينية، وفي مقدمتها القدس الشريف، وهذا موقف ثابت لليمن حكومة وشعبا على مدار تاريخ الصراع العربي والفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي الغاشم".
وأضاف للجزيرة نت أن "الإعلام الرسمي اليمني وكافة وسائل الإعلام اليمنية الخاصة والحزبية تفاعلت بدرجة كبيرة مع عملية طوفان الأقصى، وحيّت رجال المقاومة الأبطال من كافة الفصائل الفلسطينية، على كسر هيبة العدو الصهيوني والتطور النوعي في التسليح والتخطيط والصمود والمباغتة للعدو وهزيمته، وترسيخ مبدأ أن المحتل مهما تجبر وتغطرس ومهما كانت قوته وبطشه، فإن أصحاب الأرض قادرون على هزيمته وطرده".
وأشار قيزان إلى أن تغطية وسائل الإعلام اليمنية أكدت على حق الفلسطينيين في استمرار مقاومة المحتل بكل الأدوات والأسلحة المتاحة بيد المقاومة، وأن هذا حق مشروع كفلته القوانين والدساتير الدولية، وقبل ذلك واجب ديني في الدفاع عن الوطن والموت في سبيله، وفق قوله.
وأكد أن موقف الحكومة اليمنية يرفض بشدة حرب الإبادة التي تشنها الآلة الحربية الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، وسياسة الأرض المحروقة التي تستخدمها حكومة "الكيان الصهيوني" عقب عملية طوفان الأقصى، وتواصل مطالبتها للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي للقيام بواجبهم إزاء العدوان الغاشم على قطاع غزة، ووقف حرب الإبادة، ودعم نضال الفلسطينيين لاستعادة أرضهم.
واعتبر قيزان أن التحرك الميداني الجماهيري في اليمن، خاصة تعز ومأرب وحضرموت والمهرة وبقية المحافظات اليمنية، وحملات الدعم والمساندة للمقاومة الفلسطينية، أخذت مساحة كبيرة من التغطية الإعلامية في وسائل الإعلام اليمنية وفي مقدمتها الإعلام الرسمي، وأكدت على الأهمية الكبيرة التي تمثلها قضية فلسطين في قلوب اليمنيين، باعتبارها قضيتهم الأولى والمركزية، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني منذ سنوات الانقلاب والحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات المقاومة الفلسطینیة عملیة طوفان الأقصى البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
حُرية الصحافة للعام 2025
يقوم الإعلام بدور رئيس وفاعل في تشكيل اتجاهات وآراء المجتمع، وفي التأثير المباشر على الأنماط التنموية في المجتمعات، ولهذا فإنه يحظى باهتمام كبير من حيث تمكينه ودعم تطلعاته بما يتناسب مع سياسات الدول وانفتاحها ومتغيرات تطورها ونموُّها المتسارع خاصة في ظل التطورات التقنية، التي أصبحت تمثِّل تحوُّلا أساسيا من تحولات وسائل الإعلام وأنماطه المختلفة.
وبمناسبة الاحتفال بحرية الصحافة للعام 2025، الذي يوافق الثالث من مايو من كل عام، أصدرت اليونسكو تقريرا بعنوان (التقارير الإخبارية في ظل عالم جديد جريء. تأثير الذكاء الاصطناعي على حُرية الصحافة ووسائل الإعلام)، يخبرنا عن تلك التحولات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في الصحافة ووسائل الإعلام من خلال الاستخدامات والتطورات المختلفة، وأثرها في حُرية الصحافة؛ فبحسب التقرير أنه في (حين أن مبادئ وسائل الإعلام الحُرة والمستقلة والتعددية لا تزال حاسمة، إلاَّ أن تأثير الذكاء الاصطناعي على جمع المعلومات ومعالجتها ونشرها عميق، إذ يقدِّم كل من الفرص المبتكرة والتحديات العميقة).
فالذكاء الاصطناعي يوفِّر إمكانات هائلة للوصول إلى المعلومات وتمكين التواصل العالمي، إضافة إلى تغيير واقع تدفق المعلومات في جميع أنحاء العالم، وهو بذلك يقدِّم فرصا لحُرية الصحافة وإمكانات التعامل من البيانات ومعالجتها بكفاءة، وإنشاء محتوى أكثر فاعلية، إضافة إلى تحسين التأكُد من الحقائق والتكيُّف المحلي والمتعدِّد للمحتوى الإخباري وترجمته، إلاَّ أنه من جهة أخرى يُبرز العديد من المخاطر والتحديات المتعلِّقة بحرية التعبير، الأمر الذي حذَر منه التقرير الدولي بشأن سلامة الذكاء الاصطناعي الصادر في يناير 2025 عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ونبَّه إلى أهمية حماية الخصوصية وحُرية التعبير في برامج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتعددة.
ولقد خُصِّص الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة لهذا العام لاستكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة والحق في حُرية التعبير، إذ حمل شعار (حُرية التعبير في مواجهة ثورة الذكاء الاصطناعي)؛ حيث تمثِّل هذه الثورة المتسارعة خطرا يتعلَّق بإعادة إنتاج المعلومات المضلِّلة وتضخيم خطابات الكراهية، وتمكين أشكال جديدة من الرقابة غير المسؤولة على الصحفيين والمواطنين، مما ينعكس على مبادئ حُرية التعبير وحُرية الصحافة، إضافة إلى المشكلات الأمنية والاجتماعية والثقافية المختلفة.
يستعرض التقرير تلك الأدوات التي يوفِّرها الذكاء الاصطناعي لوسائل الإعلام، المرتبطة بزيادة الكفاءة في المهام التي تساعد غرف الأخبار على تلبية المتطلبات المتزايدة للمنافسة، غير أنه يقدِّم أيضا تلك التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام ليس على حُرية الصحافة وحسب، بل أيضا على مستوى الاستدامة المالية، إذ أصبحت وسائل الإعلام تعاني الهشاشة المالية بسبب شركات الذكاء الاصطناعي التي (تعيد نشر المحتوى الإعلامي دون تعويض مناسب، وتحويل الإيرادات من المنافذ المستقلة إلى الألعاب الرقمية وإلى الجهات الفاعلة في الذكاء الاصطناعي)، الأمر الذي يحتاج إلى مناقشة مكافآت عادلة للمحتوى الذي يُعاد استخدامه، إضافة إلى ضرورة إيجاد (آليات إنفاذ حقوق الطبع والنشر ونماذج عادلة لتقاسم الإيرادات).
وتزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، أصدرت مؤسسة مراسلون بلا حدود (التصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2025، الذي يرصد وضع الصحافة في 160 دولة من أصل 180 دولة في العالم تم تقييمها، اعتمادا على خمسة مؤشرات رئيسة هي: (السياق القانوني، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي والثقافي، والأمني). ولقد أكَّد التصنيف أن حُرية الصحافة في العالم في أسوأ أوضاعها على الإطلاق، وأن أكثر من (نصف سكَّان العالم يعيشون في دول ذات وضع خطير للغاية)، وأوضح أن النرويج لا تزال (رائدة وقدوة) في حُرية الصحافة تليها إستونيا وهولندا.
وفي افتتاحية التصنيف المعنونة بـ(الهشاشة الاقتصادية تهديد رئيس لحرية الصحافة)، ذكرت (آن بوكاندي) مديرة تحرير مراسلون بلا حدود، أن الضغط الاقتصادي يمثِّل مشكلة كبيرة أكثر غدرا، إذ (يبلغ المؤشر الاقتصادي لتصنيف حرية الصحافة العالمي مستوى منخفضا غير مسبوق وحرج مع استمرار انخفاضه في عام 2025)، ولذلك فإن الحالة العالمية لحرية الصحافة توصف الآن بـ(الوضع الصعب، لأول مرة في تاريخ هذا المؤشر)؛ بسبب الضغط على المعلنين والداعمين الماليين، والمساعدات العامة المقيدة، الأمر الذي يجعل المؤسسات الصحفية عالقة بين خيارات الاستقلال التحريري وضمان ملاءتها الاقتصادية.
يرصد التقرير تراجع حرية الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتونس والأرجنتين، إضافة إلى الأوضاع الصحفية (الكارثية) في فلسطين؛ حيث دمَّر الجيش الإسرائيلي غرف الأخبار، وقتل ما يقارب 200 صحفي، وفرض حصارا على القطاع لأكثر من 18 شهرا، إضافة إلى تدهور الاقتصاد الإعلامي في العديد من الدول، نتيجة لهيمنة شركات التكنولوجيا على نشر المعلومات، التي استولت على الكثير من الإعلانات التي عادة ما تدعم مؤسسات الصحافة؛ حيث بلغ إجمالي الإنفاق على الإعلانات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي 247.3 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بزيادة قدرها 14% مقارنة بعام 2023 -حسب التصنيف-، الأمر الذي لم يؤثر على إيرادات المؤسسات الصحفية وحسب بل أدى إلى تضخُّم المعلومات المضللة.
وقد تم تصنيف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن أخطر المناطق على الصحفيين، نتيجة انتهاكات إسرائيل على الصحافة في غزة والضفة الغربية، ومواصلتها قمع وسائل الإعلام الإسرائيلية، كذلك ما يحدث في اليمن وسوريا وغيرها من بلدان المنطقة من مخاطر تستهدف الصحفيين ووسائل الإعلام عموما، إضافة إلى مخاطر تدهور الاقتصاد الإعلامي بسبب الأزمات المالية التي تعانيها المؤسسات الإعلامية، ولقد ظهرت سلطنة عُمان في التصنيف بوصفها من دول الخليج الأكثر ازدهارا اقتصاديا مع المملكة العربية السعودية والكويت وقطر بوصفها أعلى دول المنطقة للسنة الثانية، إلاَّ أنها دول لا تزال تعاني من بعض التحديات التي تعوق حرية الصحافة -حسب التقرير.
والحق أن تقرير عُمان التي تقدمت إلى المرتبة 134 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2025، لا يقدِّم حقيقة العمل الصُحفي الذي تقوم به المؤسسات الإعلامية المختلفة الحكومية والخاصة؛ فالمطَّلع على التقرير التفصيلي الذي أعدته مؤسسة مراسلون بلا حدود، والذي اعتمدت عليه في التصنيف يحتوي على معلومات وبيانات ما بين 2016-2021، فلم يُذكر شيئا عن (قانون الإعلام) الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 58 /2024، الذي منح الإعلام حقوقا تكفل حريته واستقلاله، إضافة إلى إصدار السياسة العامة للاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، الذي يُسهم في حماية الحقوق والخصوصية في برامج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وبالتالي حماية حُرية الصحافة.
إضافة إلى ذلك فإن عُمان مشهود لها على مستوى العالم بمواقفها التي تدين الإساءة إلى سيادة الدول وقتل الصحفيين وتدمير المؤسسات الإعلامية وغير ذلك، كما يعرف العالم مواقفها المشرِّفة في دعم القضايا الإقليمية والعالمية، والتصريح بتلك المواقف في وسائل الإعلام المختلفة؛ فالقارئ والمتابع لوسائل الإعلام العمانية يعرف يقينا مستوى حُرية التعبير عن الرأي، والإعلان عن المواقف الداعمة للقضايا الإنسانية في كافة المجالات، ولعل موقفها من القضية الفلسطينية والوضع في اليمن يمثل أحد تلك الشواهد المتعددة.
ولأن عُمان تؤكد على الحُرية المسؤولة التي تحمي حقوق الإنسان وتؤكد على مبدأ الشفافية والموضوعية، فإنها في ذلك تقدِّم نموذجا في حُرية الصحافة وحُرية التعبير عن الرأي، بما يقدمه الكُتَّاب والصحفيون من نشر للعديد من الآراء بشأن قضايا الفساد والقضايا الاجتماعية والاقتصادية المختلفة التي قد لا نجدها في الكثير من الصحف في الدول، إلاَّ أن مسؤولية هذه الحُرية تقتضي الحفاظ على حقوق الآخرين وحماية الأمن الوطني والصحي ووحدة الدولة، الأمر الذي يجب فهمه ضمن هذا النطاق بأنه لا يمثِّل تضييقا بقدر ما يُعد حماية للوطن.
وعلى الرغم من أن حُرية الصحافة في عُمان تُعدُّ نموذجا مهما ولافتا، إلاَّ أنه من المهم التنبه إلى ضرورة تعزيز وسائل حماية الصحفيين والإعلاميين ودعم إمكاناتهم وتمكينهم، إضافة إلى أهمية إيجاد وسائل جديدة للتمكين الاقتصادي لمؤسسات الإعلام الخاصة، التي كثيرا ما تعاني من قلة الدعم وانصراف الإعلانات إلى وسائل التواصل الاجتماعي وغير ذلك من التحديات التي تسببها التقنيات الحديثة وتحولات الصحافة.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة