أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أغسطس/ آب الماضي أن تراجع أهمية الدولار الأميركي أمر"لا يمكن عكسه"، ولكن لا يبدو أن هناك علامة على أن الاقتصاد العالمي يُدير ظهره للعملة الأميركية.

وفي تقرير نشرته مجلة "نيوزويك" الأميركية، قال الكاتب بريندان كول إنه ربما كانت تعليقات بوتين في قمة مجموعة البريكس في جوهانسبورغ طريقة أخرى لانتقاد الغرب بسبب العقوبات التي فرضها على روسيا، لكن رغبته في الإطاحة بالدولار لا تظهر أي إشارة للتحقق في الوقت الراهن.

وتعهّدت روسيا "بالتخلص من الدولرة" في اقتصادها ورفض عملات الدول "غير الصديقة" التي أدانت حربها في أوكرانيا، لكن الرسم البياني الذي نشره مصدر الأخبار المالية "بارشارت" على موقع "إكس" يوم الاثنين أظهر استمرار هيمنة العملة الأميركية.

وحسب الرسم البياني، فقد استحوذ الدولار على 48% من معاملات الدفع الدولية العام الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقد من الزمن، في حين كانت حصة اليورو نحو 23.2% ولم تتجاوز حصة اليوان الصيني سوى على 3.47%.

روسيا تعهدت "بالتخلص من الدولرة" في اقتصادها ورفض عملات الدول "غير الصديقة" (شترستوك) البريكس المفتاح

وقال الأستاذ المشارك في الأسواق والسياسة العامة والقانون في كلية كويستروم للأعمال بجامعة بوسطن جاي زاغورسكي، لمجلة نيوزويك إن "العديد من الدول العظمى مثل روسيا والصين وكذلك الدول الصغيرة مثل السلفادور في حاجة ماسة إلى إيجاد طرق للتخلص من الدولار في التجارة الدولية. لهذا السبب أدلى بوتين بتصريحه".

ويرى بوتين أن دول البريكس هي المفتاح لرؤيته المتمثلة في محورية الاقتصاد العالمي بعيدا عن الغرب، ويتفاخر بأن الاستثمارات والمعاملات المتبادلة بين أعضائها زادت بمقدار 6 أضعاف.

وحسب المجلة، يتزايد نفوذ كتلة البريكس، حيث نما نصيبها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 18% في عام 2010 إلى 26% في عام 2021، وذلك وفقا لبيانات البنك الدولي من العام الماضي. ومع انضمام 6 دول أعضاء جديدة في بداية هذا العام، ستمثّل الكتلة حوالي 29% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وحسب زاغورسكي فإن "دول البريكس ترغب في استخدام عملاتها في التجارة العالمية، لكن كل منها لديه مشكلة كبيرة تمنع التجار من قبول عملاتها".

وأوضح أن "الصين تفرض ضوابط على العملة، مما يحد من كمية الأموال التي يمكن أن تتحرك داخل البلاد وخارجها. ومن الصعب على شركة صينية إقناع الغرباء بقبول العملة الصينية إذا لم يتمكنوا من إخراج الأموال من الصين".

وأضاف أن "روسيا لا تفرض ضوابط على العملة فحسب، بل تخضع أيضا لعقوبات دولية، مما يحد من تدفق الأموال بالروبل داخل البلاد وخارجها".

دول بريكس بدأت تسوية الصفقات بالعملات المحلية بدلا من الدولار لتقليل تكاليف المعاملات (غتي)

وكانت الدول الأعضاء في بريكس قد بدأت تسوية الصفقات بالعملات المحلية بدلاً من الدولار لتقليل تكاليف المعاملات والحد من تعرضها للتقلبات العالمية. فعلى سبيل المثال، قالت الهند في سبتمبر/ أيلول الماضي إن شركة تكرير النفط الرائدة لديها، مؤسسة النفط الهندي، استخدمت الروبية لشراء النفط من شركة بترول أبوظبي الوطنية.

واستفادت الهند من وضعها كدولة "صديقة" لروسيا، التي زادت مبيعاتها من النفط إلى البلاد، لكن هذا الوضع واجه عقبات أخرى حيث ذكر موقع "بلومبيرغ" في سبتمبر/أيلول أن موسكو لا تستطيع الوصول إلى أصول الروبية في البنوك الهندية بسبب القيود التي يفرضها بنك الاحتياطي الهندي.

وأعلنت موسكو أنها ستعمل مع أعضاء البريكس لتطوير عملة احتياطية بديلة، وقال بوتين في القمة الأخيرة للمجموعة إن مثل هذه الخطوة "تكتسب زخما"، لكن زاغورسكي يعتقد أن أهمية الدولار لن تتضاءل في أي وقت قريب.

وأضاف "قد يفقد الدولار هيمنته إذا قررت دولة أخرى من الدول الكبرى في العالم إلغاء جميع الضوابط على رأس المال، ولديها فقط نية سلميّة تجاه الدول الأخرى، وتبقِي التضخم تحت السيطرة".

ولا يرى زاغورسكي أن "روسيا تتخلى عن حربها في أوكرانيا، أو أن الصين تتخذ موقفا أكثر مرونة تجاه مغادرة الأموال لبلادها في أي وقت قريب. ودون قيام دول أخرى بإجراء تغييرات حاسمة في السياسة، ستستمر هيمنة الدولار في التجارة العالمية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات من الدول

إقرأ أيضاً:

393 مليار دولار أمريكي حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية خلال 2023

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أظهرت بيانات صادرة عن الهيئة العامة للجمارك الصينية أن حجم التجارة بين الصين والدول العربية شهد توسعا قويا خلال العقدين الماضيين منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-العربي، حيث ارتفع إجمالي حجم تجارة السلع بين الصين والدول العربية إلى 2.8 تريليون يوان "حوالي 393.75 مليار دولار أمريكي" في عام 2023 من 303.81 مليار يوان في عام 2004، بزيادة 820.9%.

ووفقا لوكالة الأنباء الصينية -شينخوا- ففي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، ارتفع حجم واردات الصين وصادراتها مع الدول العربية بنسبة 3.8% على أساس سنوي ليبلغ 946.17 مليار يوان، مسجلًا رقمًا قياسيًا لنفس الفترة، ويمثل 6.9% من إجمالي قيمة التجارة الخارجية للصين.

وتعد الإمارات العربية المتحدة والعراق وعمان وقطر ومصر والمملكة العربية السعودية أكبر ستة شركاء تجاريين للصين من الدول العربية من حيث قيمة التجارة الخارجية، حيث تشكل قيمة التجارة بين الصين والدول الست 84.8% من إجمالي التجارة الصينية العربية في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، حسبما كشفت بيانات الهيئة.

وتعد الصين أكبر مصدر للسيارات والمنسوجات والملابس للدول العربية، وفي فترة يناير-أبريل من العام الجاري، زادت صادرات الصين من المنسوجات والملابس للدول العربية بنسبة 66.3% و3.2% على أساس سنوي على التوالي.

وتعد الدول العربية أكبر مصدر للصين من حيث منتجات الطاقة. وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، استوردت الصين ما قيمته 397.29 مليار يوان من منتجات الطاقة من الدول العربية، أو 38% من إجمالي واردات الصين من منتجات الطاقة خلال هذه الفترة.

وفي الفترة نفسها، بلغ إجمالي التجارة بين شركات القطاع الخاص الصينية والدول العربية 497.14 مليار يوان، بزيادة 16.3% على أساس سنوي، ما يمثل 52.5% من إجمالي التجارة الصينية العربية خلال هذه الفترة، بزيادة 5.7 نقطة مئوية مقارنة بالعام الماضي.

وانعقد الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني-العربي في بكين يوم الخميس الماضي، حيث وقعت الصين عددًا من وثائق التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف مع الدول المشاركة والأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
 

مقالات مشابهة

  • ضبط عصابة تزوير المحررات الرسمية في الجيزة
  • مصر تطالب منظمة التجارة العالمية بتبني قضايا التنمية الشاملة للدول النامية
  • رغم تهديد بوتين.. ضوء أخضر أمريكي لأوكرانيا لضرب أهداف داخل روسيا بأسلحة أمريكية
  • هل يستسلم الغرب لشروط روسيا لإنهاء الحرب على أوكرانيا؟
  • "قائمة الصقور".. ما هي الدول الغربية الـ14 المؤيدة لاستخدام أوكرانيا أسلحتها ضد روسيا؟
  • «الناتو»: روسيا فشلت في تخويفنا.. وعازمون على اختصار طريق أوكرانيا لعضوية الحلف
  • 393 مليار دولار أمريكي حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية خلال 2023
  • الرئاسة الفلسطينية ترحب بقرار حكومة سلوفينيا
  • المجتمع الدولي.. تعريفه ومقوماته وتاريخه
  • أردوغان: المفاوضات الروسية الأوكرانية فشلت بسبب الدول التي تدعم الحرب وتغذيها