جبهة تقدم تتأخر وتنحط كل مرة.
في تطور جديد لاحظ الجميع تلك المحاولات من الفصيل السياسي الداعم لمليشيا آل دقلو من أجل منح حربهم الغاشمة أبعادا متصلة بتاريخ المظالم الاجتماعية والصراع الاجتماعي وجذور التهميش في السودان، ببساطة هم يحاولون أن يقولوا لنا:
إن حرب الدعم السريع على الشعب السوداني هي حرب عادلة وضرورية.
بالطبع هذا مستوى بعيد من توثيق عُرى التحالف بين جبهة تقدم وبين الدعم السريع. لكنه أيضا تناول مفضوح ومتهافت لعدة أسباب سأذكرها، وكما يقول منصور خالد فإن السياسة بلا فكر تهريج وفوضى، وخالد سلك نموذج لهذه السياسة المهرجة، ونموذج للسياسي الذي لا يقرأ. ودوما ما كنت أحيله لعدة مراجع من الضروري أن يقرأها قبل أن يتملص من سردية (حرب جنرالين) نحو سردية (حرب التهميش والمظالم) كما كتب قبل أيام.
* أولا: الدعم السريع لا يحمل أجندة محلية في خطابه، الدعم السريع يحمل أجندة القوى السياسية المركزية نفسها، ويسمي حربه حرب الديمقراطية والتحول الديمقراطي وضرب الفلول، ولم يبدأها وفق تهميش طال الرعاة والإبالة والبقارة بل بدأها بعد أن تأكد أن الجيش لن يتنازل عن مسألة الدمج وبالتالي لن يمضي في تنفيذ الاتفاق الإطاري الذي منحه فرصة أن يكون جيشا موازيا للقوات المسلحة السودانية. لو خرجت علينا حركة مسلحة من أتون صراع محلي حول الأرض والحواكير ومسارات الرعي وتهميش مجموعات معينة ضد الدولة وضد سياسات معينة لكان الأمر مفهوما وقد تحدث موسى هلال وحميدتي نفسه بعد أبوجا عن قضايا مثل هذه، ووقتها لم تلتفت لهم الطبقة السياسية بل جرمتهم بذات الدعاية الغربية. أذكر هذه الملاحظة لأكشف لك عزيزي عن التناقض العميق بين موقف هذه القوى السياسية قديما وموقفها اليوم، وقتها بعد اتفاق أبوجا ٢٠٠٦م وقبل تفجر الأوضاع الحالية تابعت القوى السياسية الدعاية الغربية ضد الجنجويد بشكل متطرف ودون تمحيص، واليوم ومع تفجر الأوضاع بشمل كارثي تحالفت مع الدعم السريع النسخة العميلة والمأجورة والسيئة. يُمكن الإطلاع على كتاب الأوغندي د. محمود ممداني (منقذون وناجون) لفهم هذا التناقض.
ثانيا: يختلف الدعم السريع بشكله الحالي جوهريا عن التيارات السياسية الإقليمية والحركات المسلحة التي رفعت شعار التهميش والمظالم، فرغم ضعف الأسس الفكرية لهذا الخطاب أصلا مع ضعف مواز لطرح القوى السياسية في المركز أيضا، إلا أن تلك الحركات والتيارات مثّلت قضية سياسية وأخلاقية ناضلت من أجلها وبنت تنظيمها وكادرها على ذلك، ورغم التواطؤ الخارجي معها لكن ذلك لم ينف دوما وجود قضية يناضل من أجلها المنضوون تحت لواء الحركة.
لكن ماهو الدعم السريع حاليا؟ هو صناعة خارجية إماراتية مئة في المائة،
مليشيا يقبع قائدها مختفيا هناك في الإمارات ويتحرك بالتعليمات. مليشيا تمتلك السلاح والمال وتجد السند الإعلامي من هذا المحور الشرير بل وتقاتل في الجزيرة والخرطوم وكردفان ودارفور وتستهدف لا الدولة أو الجيش فقط بل تستهدف الشعب والمواطنين العزل.
مقارنة بسيطة بين ما قامت به حركة العدل والمساواة العام ٢٠٠٨م في دخول أمدرمان وما قام به الدعم السريع العام ٢٠٢٣م في السودان تشرح لك الفرق. بالتالي فإن هذه المليشيا هي ذراع خارجي وأداة إرهاب ضد الدولة والشعب. ثمة كتب كثيرة تشرح لنا طبيعة استغلال الخارج للتناقض المحلي وصنع الإرهاب المحلي، والإحالة المفيدة هنا تكمن في قراءة تجربة حركات مثل (يونيتا) في أنغولا و(رينامو) في موزمبيق و(الكونترا) في نيكاراغوا إذا كان سلك قد سمع بها أصلا.
ثالثا: التهميش نفسه والمظالم الاجتماعية لوحدها لا تكفي لقيام الحرب، لابد من سياق سياسي يوفر سبب سياسي يقود للحرب. التهميش والمظالم هي قضية نضال سياسي واجتماعي وقد يأخذ عدة أشكال لتحقيق العدالة، ولكن قيام الحرب داخل البلد يتطلب سياق سياسي وهذا ما وفره الاتفاق الإطاري ووفره جهل وعجز القوى السياسية المهيمنة وقتها (قحت) وكذلك التدخل الخارجي. مثلا الحرب الأهلية اللبنانية قامت في لحظة استقطاب سياسي بين قوى تقف مع الفلسطينيين وأخرى ضدهم بدعوى وطنية لبنانية، ولم تقم بسبب التهميش والمظالم القديمة والشعور بالتمييز بين طوائف المسلمين والمسيحيين بمختلف طوائفهم، السياق السياسي وفر وقتها هذا السبب السياسي. بالتالي فإننا نقول أن قوى الحرية والتغيير خلقت السياق السياسي السلبي والعنيف غير الراشد وفعلت الأسباب السياسية الكافية لإشعال الحرب ودفعت التناقض للحد العنيف. الحرب التي قامت أسبابها سياسية وسلطوية من أجل تركيع البلاد.
يمكن الإطلاع على كتاب (جذور الحرب الأهلية – فردريك معتوق)
مما سبق نؤكد الخلاصات الآتية:
١- الحرب في السودان من منظور مليشيا الدعم السريع ليست حرب نبيلة بل هي حرب خبيثة ومؤامرة ضد السودان كله.
٢- الدعم السريع أداة خارجية وذراع مدعوم من محاور إقليمية ولا يحمل أجندة محلية.
٣- جبهة تقدم تؤكد كل مرة بأنها الذراع السياسي للمليشيا، والتحول الأخير في خطابهم في وصف الحرب منتقلة من الأكذوبة القديمة التي روجتها (حرب جنرالين عبثية) للأكذوبة الجديدة (حرب التهميش) هو بث روح جديدة للمليشيا وهذه طبعا مهمة السياسي صانع الخطاب.
٤- تقدم والمليشيا متحالفين مع طرف خارجي إقليمي شرير ضد بلادهم وهذه قمة العمالة والارتزاق.
أخيرا:
هذه المعركة هي معركة لكرامة الشعب السوداني والسيادة الوطنية، وبالتالي فهي معركة الكرامة الوطنية وقد تجلت في وحدة شعبية عميقة مع الجيش الوطني وهروب جماعي للقحاتة نحو خارج البلاد في موقف مخجل لن ينساه الشعب السوداني.
هشام عثمان الشواني
الشواني
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القوى السیاسیة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع تنفي استهداف ملجأً للنازحين بالفاشر
قوات الدعم السريع وصفت اتهامها بقصف نازحين في الفاشر بأنه ضمن حملة تضليل للتغطية على الهزائم التي مُني بها الجيش.
نيالا: التغيير
رفضت قوات الدعم السريع، الاتهامات التي وجهت لها بقصف مركز لإيواء النازحين في الفاشر بشمال دارفور- غربي السودان، ما أدى لسقوط عشرات القتلى والمصابين، وقالت إنها “ادعاءات غير صحيحة جملةً وتفصيلاً”.
وكانت تنسيقية لجان المقاومة- الفاشر، أعلنت صباح السبت، أن قوات الدعم السريع نفذت عمليات قصف يومي الجمعة والسبت على مركز إيواء دار الأرقم وجامعة أم درمان الإسلامية بالمدينة، ما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى.
ونفت قوات الدعم السريع “بشكل قاطع”، في بيان السبت، ما وصفته بـ”ادعاءات كاذبة” حول سقوط مدنيين نتيجة قصف جوي أو مدفعي، زعم من أسمتهم “الغرف الإعلامية التابعة لجيش الحركة الإسلامية الإرهابية” أن قواتها نفذته.
وقالت إنَّ هذه الادعاءات “تأتي في سياق حملة تضليل منهجية تهدف إلى التغطية على الهزائم الميدانية التي مُني بها الجيش الإرهابي وعناصره من المُرتزقة”.
ودمغ بيان الناطق الرسمي، “لجان مقاومة الفاشر” بالتبعية للأجهزة الأمنية للنظام، وقال إن ما تنشره هي وغيرها من واجهات من اتهامات “ما هي إلا افتراءات لا تمت للواقع بصلة، وتكذّبها الحقائق وروايات الآلاف من المدنيين الذين غادَروا المدينة بعد أن وفرت قواتنا لهم ممرات آمنة وملاذات مؤقتة لحماية أرواحهم”.
ودعت قوات الدعم السريع، وسائل الإعلام المحلية والعالمية إلى تحري الدقة والتثبت من صحة المصادر قبل نقل مثل هذه الادعاءات، وأكدت التزامها التام بقواعد الاشتباك التي تراعي سلامة المدنيين وتحترم حقوق الإنسان.
واعتاد طرفا النزاع على نفي الاتهامات الموجهة لهما بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والتعدي على المدنيين سواء بالقصف أو الاعتقال والإخفاء القسري أو التعذيب وغيره.
وكانت الخارجية السودانية، طالبت المجتمع الدولي بإلزام الدعم السريع لتنفيذ قرار رفع الحصار عن الفاشر والتوقف عن مهاجمتها.
وتحاصر الدعم السريع المدينة منذ مايو 2024، ما تسبب في تدهور الوضع الإنساني بشكل غير مسبوق، وانقطاع الإمدادات الغذائية والطبية، وتفاقم معاناة السكان المدنيين في ظل استمرار القتال داخل الأحياء السكنية.
الوسومالجيش الدعم السريع السودان الفاشر جامعة أم درمان الإسلامية دار الأرقم دارفور لجان المقاومة الفاشر