موقع النيلين:
2024-05-20@07:33:23 GMT

ماهو الدعم السريع حاليا؟

تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT


جبهة تقدم تتأخر وتنحط كل مرة.
في تطور جديد لاحظ الجميع تلك المحاولات من الفصيل السياسي الداعم لمليشيا آل دقلو من أجل منح حربهم الغاشمة أبعادا متصلة بتاريخ المظالم الاجتماعية والصراع الاجتماعي وجذور التهميش في السودان، ببساطة هم يحاولون أن يقولوا لنا:

إن حرب الدعم السريع على الشعب السوداني هي حرب عادلة وضرورية.

وهذا ما يعرف بتحويل (الجُناة والمجرمين لضحايا) ومن ثم منحهم الحق الأخلاقي ليفعلوا ما يريدون، فتتحول صورة حميدتي في ذهن الناس من صورة مجرم إرهابي مغتصب لصورة ثائر يقاتل من أجل الحق والعدالة !!

بالطبع هذا مستوى بعيد من توثيق عُرى التحالف بين جبهة تقدم وبين الدعم السريع. لكنه أيضا تناول مفضوح ومتهافت لعدة أسباب سأذكرها، وكما يقول منصور خالد فإن السياسة بلا فكر تهريج وفوضى، وخالد سلك نموذج لهذه السياسة المهرجة، ونموذج للسياسي الذي لا يقرأ. ودوما ما كنت أحيله لعدة مراجع من الضروري أن يقرأها قبل أن يتملص من سردية (حرب جنرالين) نحو سردية (حرب التهميش والمظالم) كما كتب قبل أيام.

* أولا: الدعم السريع لا يحمل أجندة محلية في خطابه، الدعم السريع يحمل أجندة القوى السياسية المركزية نفسها، ويسمي حربه حرب الديمقراطية والتحول الديمقراطي وضرب الفلول، ولم يبدأها وفق تهميش طال الرعاة والإبالة والبقارة بل بدأها بعد أن تأكد أن الجيش لن يتنازل عن مسألة الدمج وبالتالي لن يمضي في تنفيذ الاتفاق الإطاري الذي منحه فرصة أن يكون جيشا موازيا للقوات المسلحة السودانية. لو خرجت علينا حركة مسلحة من أتون صراع محلي حول الأرض والحواكير ومسارات الرعي وتهميش مجموعات معينة ضد الدولة وضد سياسات معينة لكان الأمر مفهوما وقد تحدث موسى هلال وحميدتي نفسه بعد أبوجا عن قضايا مثل هذه، ووقتها لم تلتفت لهم الطبقة السياسية بل جرمتهم بذات الدعاية الغربية. أذكر هذه الملاحظة لأكشف لك عزيزي عن التناقض العميق بين موقف هذه القوى السياسية قديما وموقفها اليوم، وقتها بعد اتفاق أبوجا ٢٠٠٦م وقبل تفجر الأوضاع الحالية تابعت القوى السياسية الدعاية الغربية ضد الجنجويد بشكل متطرف ودون تمحيص، واليوم ومع تفجر الأوضاع بشمل كارثي تحالفت مع الدعم السريع النسخة العميلة والمأجورة والسيئة. يُمكن الإطلاع على كتاب الأوغندي د. محمود ممداني (منقذون وناجون) لفهم هذا التناقض.

ثانيا: يختلف الدعم السريع بشكله الحالي جوهريا عن التيارات السياسية الإقليمية والحركات المسلحة التي رفعت شعار التهميش والمظالم، فرغم ضعف الأسس الفكرية لهذا الخطاب أصلا مع ضعف مواز لطرح القوى السياسية في المركز أيضا، إلا أن تلك الحركات والتيارات مثّلت قضية سياسية وأخلاقية ناضلت من أجلها وبنت تنظيمها وكادرها على ذلك، ورغم التواطؤ الخارجي معها لكن ذلك لم ينف دوما وجود قضية يناضل من أجلها المنضوون تحت لواء الحركة.
لكن ماهو الدعم السريع حاليا؟ هو صناعة خارجية إماراتية مئة في المائة،

مليشيا يقبع قائدها مختفيا هناك في الإمارات ويتحرك بالتعليمات. مليشيا تمتلك السلاح والمال وتجد السند الإعلامي من هذا المحور الشرير بل وتقاتل في الجزيرة والخرطوم وكردفان ودارفور وتستهدف لا الدولة أو الجيش فقط بل تستهدف الشعب والمواطنين العزل.

مقارنة بسيطة بين ما قامت به حركة العدل والمساواة العام ٢٠٠٨م في دخول أمدرمان وما قام به الدعم السريع العام ٢٠٢٣م في السودان تشرح لك الفرق. بالتالي فإن هذه المليشيا هي ذراع خارجي وأداة إرهاب ضد الدولة والشعب. ثمة كتب كثيرة تشرح لنا طبيعة استغلال الخارج للتناقض المحلي وصنع الإرهاب المحلي، والإحالة المفيدة هنا تكمن في قراءة تجربة حركات مثل (يونيتا) في أنغولا و(رينامو) في موزمبيق و(الكونترا) في نيكاراغوا إذا كان سلك قد سمع بها أصلا.

ثالثا: التهميش نفسه والمظالم الاجتماعية لوحدها لا تكفي لقيام الحرب، لابد من سياق سياسي يوفر سبب سياسي يقود للحرب. التهميش والمظالم هي قضية نضال سياسي واجتماعي وقد يأخذ عدة أشكال لتحقيق العدالة، ولكن قيام الحرب داخل البلد يتطلب سياق سياسي وهذا ما وفره الاتفاق الإطاري ووفره جهل وعجز القوى السياسية المهيمنة وقتها (قحت) وكذلك التدخل الخارجي. مثلا الحرب الأهلية اللبنانية قامت في لحظة استقطاب سياسي بين قوى تقف مع الفلسطينيين وأخرى ضدهم بدعوى وطنية لبنانية، ولم تقم بسبب التهميش والمظالم القديمة والشعور بالتمييز بين طوائف المسلمين والمسيحيين بمختلف طوائفهم، السياق السياسي وفر وقتها هذا السبب السياسي. بالتالي فإننا نقول أن قوى الحرية والتغيير خلقت السياق السياسي السلبي والعنيف غير الراشد وفعلت الأسباب السياسية الكافية لإشعال الحرب ودفعت التناقض للحد العنيف. الحرب التي قامت أسبابها سياسية وسلطوية من أجل تركيع البلاد.

يمكن الإطلاع على كتاب (جذور الحرب الأهلية – فردريك معتوق)
مما سبق نؤكد الخلاصات الآتية:
١- الحرب في السودان من منظور مليشيا الدعم السريع ليست حرب نبيلة بل هي حرب خبيثة ومؤامرة ضد السودان كله.

٢- الدعم السريع أداة خارجية وذراع مدعوم من محاور إقليمية ولا يحمل أجندة محلية.
٣- جبهة تقدم تؤكد كل مرة بأنها الذراع السياسي للمليشيا، والتحول الأخير في خطابهم في وصف الحرب منتقلة من الأكذوبة القديمة التي روجتها (حرب جنرالين عبثية) للأكذوبة الجديدة (حرب التهميش) هو بث روح جديدة للمليشيا وهذه طبعا مهمة السياسي صانع الخطاب.
٤- تقدم والمليشيا متحالفين مع طرف خارجي إقليمي شرير ضد بلادهم وهذه قمة العمالة والارتزاق.

أخيرا:
هذه المعركة هي معركة لكرامة الشعب السوداني والسيادة الوطنية، وبالتالي فهي معركة الكرامة الوطنية وقد تجلت في وحدة شعبية عميقة مع الجيش الوطني وهروب جماعي للقحاتة نحو خارج البلاد في موقف مخجل لن ينساه الشعب السوداني.

هشام عثمان الشواني
الشواني

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوى السیاسیة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

‏الاتحاد الأوروبي: (كان -ومازال- مسؤولاً عن جرائم ميليشيا الدعم السريع)


‏أقول للاتحاد الأوروبي: (كل مناطق سيطرة الجيش السوداني تنعم بالأمن والحماية للمدنيين).

‏والاتحاد الأوروبي: (كان -ومازال- مسؤولاً عن جرائم ميليشيا الدعم السريع، لأنه دعمها في قمة مالطا بما أسماه “عملية الخرطوم”، لمحاربة الهجرة).

‏والميليشيا وجهت كل المساعدات لقتل المدنيين السودانيين!
خالد الإعيسر
17 مايو 2024م

مقالات مشابهة

  • العقل الجمعي الالكتروني وزعزعة الوعي السياسي
  • النفاق السياسي عند بعض النخب الاردنية
  • نيروبي توقيع اتفاقات أم طرح تساؤلات
  • أشباح «الإبادة العرقية» تشعل قلقا عالميا: لماذا يخشى العالم توسع الحرب في السودان إلى مدينة الفاشر؟
  • ‏الاتحاد الأوروبي: (كان -ومازال- مسؤولاً عن جرائم ميليشيا الدعم السريع)
  • ما وراء محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا؟
  • الدرك السحيق
  • المبعوث الأميركي إلى السودان: «الإسلاميون مشكلة لنا وللسودانيين» ويحذر من عواقب وخيمة لتدخل «الدعم السريع» عسكرياً في الفاشر
  • انتخاب الرئيس ..بين الاعمار السياسي والتفليش المبرمج !؟
  • سفراء الخماسية: لمشاورات بين الكتل السياسية اللبنانية إنهاءً للجمود السياسي