استأثرت المظاهرات الطُلاّبية في الولايات المتحدة باهتمام الرأي العام العالمي والعربي بعد أن تحوّل الدعم الجماهيري إلى قلب المؤسسات العلمية في أمريكا. يتأسس هذا الاهتمام على مصدَرين أساسيين أما الأول فيتمثل في أن واشنطن هي الداعم الأساسي للكيان المحتل ولجرائمه في فلسطين وأما الثاني فيظهر في قدرة الشارع الأمريكي على التأثير في صاحب القرار من جهة وفي جلب انتباه الرأي العام العالمي من جهة ثانية.
لكن ما يهمنا من وجهة نظر عربية إنما ينحصر في مستويات ثلاثة : أولها قدرة هذه الاحتجاجات على إضعاف التمويل الضخم وغير المشروط للكيان المحتل من قبل الولايات المتحدة. ثانيا تأثير هذه الاحتجاجات على الناخب الأمريكي غدا وهو ما يصوغ السياسة الخارجية الأمريكية. ثالثا قدرة هذا الحراك على تعرية العجز العربي وخاصة الحراك الطلابي منه.
صوت الطالب ومضامينه
في حركة غير منتظرة امتدت الاحتجاجات الأمريكية التي كانت تقودها مجموعات مدنية مناصرة للقضية الفلسطينية إلى داخل الحرم الجامعي في عدد كبير من الكليات الحكومية والخاصة على حد سواء. وكانت جامعة كولمبيا قد قادت هذا الحراك الطلابي بعد أن قررت رئيسة الجامعة "القبطية من أصول مصرية" دعوة قوات الشرطة إلى فض اعتصامات الطلاب وهو الأمر الذي كان له أثر كبير في امتداد رقعة الاحتجاجات.
وصل الأمر في الساعات الأخيرة إلى اعتقال أكثر من 1300 طالب من كل الجامعات حسب الصحافة الأمريكية وهو رقم كبير جدا مقارنة بطبيعة الاحتجاجات السلمية التي تأتي تضامنا مع مأساة شعب فلسطين وطلبا لإيقاف الدعم الأمريكي للمذبحة.
إن الحراك الطلابي الأمريكي خاصة والغربي عامة لن يخرج تأثيره عن إطاره الداخلي الذي نشأ فيه وهذه هي أقرب الاحتمالات. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فلن يكون خلاصها إلا من الداخل العربي والداخل العربي وحده بعد التحرر من قبضة الاستبداد والقمع الذي يحول بين الشعوب وبين نصرة إخوانهم في غزة.مطالب الطلاب هذه قوبلت بحملة إعلامية شرسة وصلت إلى حدود اتهامهم بالإرهاب وبمعاداة السامية وهي أعلى مراتب تهم الرأي في الغرب عامة. في تصعيد أخير اقتحمت قوات الحرس الوطني والشرطة الحرم الجامعي واعتدت بالعنف على الطلاب وإطار التدريس وأساتذة الجامعات في اعتداء صارخ على القيم التي تغنى بها الغرب عقودا من الزمن.
ثم في مرحلة أخيرة اقتحمت مليشيات تابعة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة تجمعات الطلبة وأماكن اعتصامهم واعتدت عليهم بالقوة والعنف دون تدخل الشرطة وهو ما يشكل سابقة خطيرة قد تؤدي إلى انزلاق الأوضاع هناك.
الثابت إذن أن مطلب الحراك الطلابي كان موجها إلى الداخل الأمريكي الرسمي ولم يكن موجها إلى الخارج رغم أن الدافع إليه كان فعلا خارجيا. رفع الطلبة شعارات "أوقفوا المذبحة الآن" وهو الأمر الذي أزعج الإدارة الأمريكية التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني سيطرة شبه مطلقة.
آثار الحراك الطلابي
تفاءل الكثير من المحللين والنقاد بما وصفوه تحولا كبيرا في الرأي العام الأمريكي معلنا بداية نهاية الهيمنة الصهيونية على القرار السياسي والعسكري هناك. وذهب آخرون إلى أن ما يحدث في الجامعات الأمريكية مؤشر قوي على أن الجيل القادم لن يكون صهيونيا كما هو حال الجيل الأمريكي المتحكم اليوم في القرار السياسي وفي الإعلام.
كثيرة هي الإسقاطات السابقة لأوانها فرغم وجاهتها الظاهرة لكنها في الحقيقة لا تستند على معطيات موضوعية قوية. هناك معطيات عديدة تمنع الوثوق المطلق في تحول الرأي العام الأمريكي ضد المشروع الصهيوني أو لصالح القضية الفلسطينية وقدرته على التأثير. فالحراك الطلابي اليوم ليس جديدا بل عرفت حرب فيتنام 1955/ 1973 حراكا شعبيا وطلابيا أكبر وأعنف لكنه لم يغير من طبيعة السياسية الخارجية الأمريكية باعتبارها سياسة توسعية عدوانية أساسا.
من جهة أخرى فإن الرأي العام الغربي بشكل عام وليس الأمريكي فقط إنما يُصنع صناعة وله مؤثراته القوية الخاصة التي تصعب مواجهتها في حالات السلم والاستقرار. فوسائل الإعلام والجامعات ودور النشر والسينما وكل أدوات القوة الناعمة إنما تسيطر عليها شركات عملاقة هي التي تصوغ الوعي الجمعي القاعدي بما فيها الكنيسة الإنجيلية البروتسنتية المتحالفة مع المشروع الصهيوني.
على جبهة أخرى قد يكون التأثير الطلابي والشعبي ذا أفق على المدييْن المتوسط والبعيد لو كان مسنودا بنهضة عربية أو تحركات مدنية أو ضغط رسمي أو جماهيري كبير. لكن واقع الحال في المنطقة يؤشر إلى العكس من ذلك حيث خيم الصمت والعجز على الجبهة الشعبية وانطلق قطار التطبيع الرسمي دون توقف.
لا توجد على الجبهة العربية إذن مؤشرات صلبة قد تدعم التوجه العالمي نحو النفور من جرائم الكيان الصهيوني بل على العكس من ذلك فإنّ الساحة العربية كانت داعمة لمشروع الإبادة سواء عبر خطوط إمدادا الكيان المحتل أو عبر منع الشارع من الحركة.
بناء على كل ما تقدّم فإن الحراك الطلابي الأمريكي خاصة والغربي عامة لن يخرج تأثيره عن إطاره الداخلي الذي نشأ فيه وهذه هي أقرب الاحتمالات. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فلن يكون خلاصها إلا من الداخل العربي والداخل العربي وحده بعد التحرر من قبضة الاستبداد والقمع الذي يحول بين الشعوب وبين نصرة إخوانهم في غزة.
إن أهم دروس المذبحة الجارية في غزة أنّ هذا العالم الذي نعيش فيه لا يؤمن بالحقوق ولا بالحريات ولا بحق الشعوب في الحرية بل يؤمن بلغة واحدة وهي لغة القوة. فبعد أكثر من نصف سنة من المذابح والمجازر المفتوحة لم تتحرك أية مؤسسة أو جهة عالمية لإيقاف المذبحة في حق الأطفال والنساء والمدنيين. وهي النتيجة التي تؤكد أن انتظار الحلول الخارجية ليس إلا مضيعة للوقت والجهد وتنفيسا سلبيا عن حالة العجز التي تعيشها الأمة وشعوبها.
لن يكون الحل إلا داخليا سواء كان ذلك في مواجهة الاستبداد أو في مواجهة مشاريع الاحتلال والاستيطان والغزو. إن طريق إيقاف المذابح والمجازر في حق شعب فلسطين وشعوب العرب لن يكون ممكنا إلا بعد التحرر من شروط الاستبداد وهو الأمر الذي لن يكون ممكنا قبل أن تدرك الشعوب أن معركة الحرية من الأنظمة الدكتاتورية هي معركة وجود لا معركة حقوق فقط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المظاهرات الرأي فلسطين الجامعات امريكا مظاهرات فلسطين جامعات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحراک الطلابی الرأی العام لن یکون
إقرأ أيضاً:
هاتف iPhone 17 Pro قد يكون الخيار الأفضل مع تغييرات مرتقبة في التصميم والأداء
بينما يستحوذ هاتف iPhone 17 Air على الكثير من الاهتمام حاليًا بسبب تصميمه النحيف للغاية، إلا أن التنازلات المحتملة فيما يتعلق بالكاميرا وسعة البطارية قد تدفع العديد من المستخدمين للنظر في اقتناء النسخة الاحترافية المقبلة، iPhone 17 Pro، بدلًا من ذلك.
موعد إصدار iPhone 17: متى يصل الجيل الجديد من آيفون؟على مدار السنوات الأخيرة، اعتادت آبل الكشف عن هواتفها الجديدة خلال النصف الأول من شهر سبتمبر، ومن المرجح أن تتبع تشكيلة iPhone 17 النمط نفسه. لكن هاتف iPhone 17E، وفقًا للمحلل مينغ-تشي كوو وموقع The Information، قد يتم تأجيله حتى أوائل عام 2026.
وتشير التقارير إلى أن iPhone 17 قد يكون آخر جيل يصدر في الخريف، إذ تخطط آبل لاتباع جدول إصدار جديد بدءًا من iPhone 18، بحيث يتم طرح النسخ منخفضة التكلفة في النصف الأول من العام، فيما تأتي النسخ الاحترافية لاحقًا.
عادةً ما تبدأ الطلبات المسبقة بعد الإعلان الرسمي بيومين، مع بدء الشحن بعد أسبوع تقريبًا.
أجرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعديلات متكررة على الرسوم الجمركية، وهو ما قد ينعكس على أسعار أجهزة iPhone الجديدة. وقد تمكنت آبل حتى الآن من تجنب معظم هذه التكاليف بفضل قائمة إعفاءات متبادلة تشمل الهواتف واللابتوبات وبعض الإلكترونيات الأخرى.
رغم ذلك، تبقى هذه الإعفاءات مؤقتة، وقد تؤثر الرسوم في وقت لاحق على أسعار iPhone 17.
وفي كل الأحوال، ذكرت صحيفة The Wall Street Journal أن آبل تخطط لرفع أسعار هواتف iPhone في وقت لاحق من هذا العام، مشيرة إلى أن الشركة تنوي تبرير الزيادة بتكاليف التصميم وتحسين الميزات، دون الإشارة إلى الرسوم الجمركية.
وأفاد Patrick Holland، المحرر الإداري في CNET، أن آبل لم ترفع سعر النسخ الاحترافية منذ إصدار iPhone X عام 2017، ما يجعل زيادة السعر هذه المرة أمرًا متوقعًا.
ألوان جديدة قادمة مع iPhone 17في أبريل الماضي، أشار المسرب المعروف Majin Bu عبر منصة X إلى أن هاتفي iPhone 17 Pro وPro Max قد يحصلان على خيار جديد من اللون الأزرق السماوي، على غرار الألوان الجديدة التي طرحتها آبل مع أجهزة MacBook Air.
للمقارنة، طرحت آبل العام الماضي هواتف iPhone 16 و16 Plus بألوان مثل الوردي، والفيروزي، والأزرق البحري، إضافة إلى الأبيض والأسود. أما النسخ الاحترافية فجاءت بلون "تيتانيوم الصحراء" إلى جانب الأبيض والأسود والتيتانيوم الطبيعي.
تغييرات متوقعة في تصميم الكاميراتشير الشائعات إلى أن iPhone 17 Pro سيشهد إعادة تصميم ملحوظة للكاميرا الخلفية، حيث يُتوقع أن تعتمد آبل شريط كاميرا أفقي يمتد عبر عرض الهاتف، في تصميم يشبه ما قدمته Google مع هاتف Pixel 9.
وكان Majin Bu قد نشر في يناير صورة مسربة تظهر التصميم الجديد، فيما نشرت قنوات مثل Front Page Tech مقاطع فيديو لتصاميم ثلاثية الأبعاد تظهر الترتيب الأفقي للعدسات مع الحفاظ على التصميم الهرمي داخل الشريط.
بالنسبة للكاميرا الأمامية، أفاد المحلل Jeff Pu أن الدقة سترتفع من 12 ميجابكسل إلى 24 ميجابكسل في جميع طرازات iPhone 17.
وأشار Pu كذلك إلى أن نسختي iPhone 17 Pro وPro Max ستدعمان عدسة تيليفوتو بدقة 48 ميجابكسل، بدلًا من 12 ميجابكسل في الجيل السابق، ما يعني أن جميع العدسات الثلاث (الرئيسية، والواسعة، والتيليفوتو) ستأتي بدقة 48 ميجابكسل.
مقارنة المواصفات: iPhone 17 مقابل iPhone 17 Pro وPro Maxالشاشةبعد الانتقادات التي واجهتها آبل لعدم ترقية شاشة iPhone 16 و16 Plus إلى تردد أعلى، تُشير التسريبات إلى أن جميع نسخ iPhone 17 ستدعم معدل تحديث 120 هرتز (Pro Motion)، وربما شاشة تعمل دائمًا (Always-On) في النسخة الأساسية.
ورغم توقعات بعض المستخدمين، فإن الشاشة المضادة للانعكاس التي ميزت هاتف Galaxy S25 Ultra لن تكون متوفرة، إذ أفادت مصادر MacRumors بأن آبل أوقفت هذه الميزة بسبب مشاكل في عملية الطلاء.
وقد تقلص آبل مستشعر Face ID في نسخة iPhone 17 Pro Max، ما قد يؤدي إلى "جزيرة ديناميكية" أصغر، بينما تحافظ الطرازات الأخرى على حجمها الحالي.
الذاكرة العشوائيةفي ظل التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن ترفع آبل سعة الذاكرة العشوائية في جميع نسخ iPhone 17 إلى 12 جيجابايت، وفقًا لما ذكره المسرب Digital Chat Station في أبريل، وهو ما أكده أيضًا المحلل Kuo.
يُشار إلى أن الجيل السابق iPhone 16 جاء بذاكرة 8 جيجابايت في جميع النسخ.
الإطارتشير الشائعات الأخيرة إلى أن آبل ستستبدل الإطار المصنوع من التيتانيوم في iPhone 17 Pro بإطار من الألومنيوم، وهي خطوة يُقال إنها ستشمل جميع النسخ من iPhone 17.
عمر البطاريةتسعى آبل لابتكار تصميم نحيف مع نسخة iPhone 17 Air، ما قد يؤدي إلى تقليص عمر البطارية، إلا أن تقارير AppleInsider تفيد بأن الشركة قد تعتمد بطاريات من نوع السيليكون-أنود، التي قد تساعد في تحسين الأداء.
أما بالنسبة لهواتف iPhone 17 Pro، فهناك توقعات بتحسين عمر البطارية، حيث أشار Jeff Pu في مايو إلى أن النسخة الأساسية ستعمل بشريحة A19 من تطوير آبل، بينما تحصل النسخة الاحترافية على شريحة A19 Pro. علمًا بأن iPhone 16 اعتمد على شريحة A18، التي حسّنت من كفاءة الطاقة.
هل يمكن الوثوق في الشائعات؟رغم كثرة التسريبات، يبقى كل ما ورد في إطار التوقعات حتى إعلان آبل الرسمي. وغالبًا ما تستند الشائعات إلى معلومات مسربة من فرق العمل على التصميمات، لكنها لا تعكس دائمًا المنتج النهائي.