عربي21:
2024-06-02@21:34:13 GMT

الانتخابات الرئاسية التونسية والدرس السنغالي

تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT

ستكون تونس من بين ما يزيد عن خمسين دولة. في العالم ستقع فيها انتخابات إما رئاسية أو تشريعية أو كلاهما أواخر السنة الجارية 2024 وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والأكيد أن نتائج هذه الانتخابات ستتأثر بالأحداث الدولية والإقليمية الظاهرة الآن على السطح مثل الحرب الروسية الأوكرانية والمحرقة الصهيونية ضد غزة إضافة إلى الأوضاع الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحارقة والتي يزداد لهيبها مع تواصل الأزمات الدولية وانعكاساتها الاقتصادية.



ضمن هذا السياق حصلت الانتخابات الرئاسية في السنغال يوم 24 مارس 2024 وقدمت درسا ديمقراطيا بليغا في منطقة تعيش دوامة من الاضطرابات الناتجة عن الانقلابات المناهضة للنفوذ الفرنسي. وذلك من خلال ما أبداه الشعب السنغالي بكل مكوناته السياسية والعرقية والدينية من تضامن ورفض للانحراف بالسلطة نحو الاستبداد بتجاوز الدستور وتمديد العهدة الرئاسيةحيث تصدى الشارع لذلك في كنف السلمية واليات الديمقراطة رغم استعمال القوة من جانب السلطة  .

ولما تعذر التمديد تأجلت الانتخابات لترتيب الأوضاع لصالح المرشح الرسمي بعد أن تم الزج بكل منافسيه المحتملين في السجن بتهم ملفقة وعلى رأسهم عثمان سوكنو زعيم حزب الوطنيين من أجل العمل والأخلاق والأخوة (باستيف) مع قرابة ألفين من أنصاره ومعارضين آخرين.

أولوية كل المعنيين بالمنافسة الانتخابية هي تغيير مزاج الناخب أو في الحد الأدنى تعديله في اتجاه إعادة ثقته في العملية السياسية برمتها وفي الانتخابات خاصة لإعادة الأمل في المستقبل من أجل الإقبال على المشاركة والاختيار الواعي.إلا أن ضغط الشارع وقرار المجلس الدستوري استطاعا إبطال إجراءات الرئيس المنتهية عهدته الثانية  ماكي سال وتنظيم الانتخابات بعد إطلاق سراح كل المساجين السياسيين ومن بينهم مؤسس حزب (باستيف) عثمان سوكنو الممنوع قضائيا من الترشح وأمينه العام بشير جماي فاي الذي رشحه الحزب للرئاسة بدلا عن رئيسه والتي خاضها تحت شعار مقاومة الفساد والنفوذ الفرنسي وفاز فيها من الدور الأول .

فكيف يمكن أن تستفيد بلادنا دولة وسلطة ومعارضة ومجتمعا مدنيا ونخبا فكرية وسياسية ومواطنين  من هذا الدرس الديمقراطي الذي يشابه سياقه سياقنا وبلاده بلادنا؟

رغم المدة التي تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتي لا تقل  عن ستة أشهر فإن دينامكيته قد انطلقت مبكرا بإعلان السلطة التزامها بموعده الدستورى وإنجازه وفق القانون الانتخابي لسنة 2014 مع تغيير طفيف في شروط الترشح وتاكد ذلك من خلال تصريحات هيئة الانتخابات التي من المنتظر أن تعلن الرزنامة الانتخابية إلى جانب دعوة رئاسة الجمهورية الناجبين للتصويت. إلا أن بعض المعنيين بالعملية ومتابعيها يبدون عدة مخاوف في علاقة بامكانية وضع حواجز قانونية أو إجرائية لإقصاء مترشحين جديين من المنافسة وكذلك حول ضمانات حياد الدولة ومؤسساتها تجاه جميع المترشحين .

ويبقى المعني الأول بتبديد هذه المخاوف هو هيئة الانتخابات صاحبة الولاية الكاملة على العملية من بدايتها إلى نهايتها.

هل تستخلص بلادنا بكل مكوناتها وأطيافها ومؤسساتها العبرة من التجربة السنغالية وغيرها من التجارب الديمقراطية التي جمعت بين وحدة الدولة ووحدة المجتمع و جعلت المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار؟أما السياقات والمناخات التي ستقع ضمنها الانتخابات فهي أيضا محل غموض لأن السؤال المتداول اليوم هو هل ستحصل المنافسة فعلا وفق المعايير الدولية لتتمكن البلاد من التفرغ لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب أم لا؟ خاصة وأن كل الطيف السياسي والمتابعين للشأن التونسي يجمعون على ضرورة تنقية المناخات العامة في علاقة باستقلالية القضاء وحياد الإدارة وحق الترشح للجميع دون استثناء وإطلاق سراح المساجين السياسيين فالدرس السنغالي يؤكد أن الحيلة في ترك الحيل خاصة وإننا لسنا إزاء تمديد للعهدة بل إزاء ضمان للالتزام بالمعايير الدولية في عملية تجديد الشرعية على اساس من النزاهة والديمقراطية  التي لا مفر منها ولا وجود لطريق غيرها لتحقيق التنمية التي تحتاجها الدولة ومؤسساتها في هذه المرحلة للقيام بدورها في خدمة المجتمع بفاعلية ونجاعة، حيث أكدت تجربة السنوات الماضية ذلك كما يحتاجها المجتمع وكل قواه الحية دون استثناء أو إقصاء للمحافظة على وحدته والالتفاف حول دولته ومؤسساتها لتجاوز المأزق الاقتصادي الحاصل نتيجة  مراكمة الفشل لما لا يقل عن نصف قرن من الزمن    .

وأمام تعدد الخيارات المطروحة على الناخبين حسب المعلن من الترشحات بشكل غير رسمي وأحيانا غير صريح  سواء من في الحكم ولديه حصيلة ستكون إما له أو عليه، أو من جرب الحكم سابقا خاصة ما قبل الثورة أو بعدها وستكون لتجربته السابقة انعكاسا على وضعه التنافسي، أو من لم يجرب الحكم وستكون مصداقيته وخبرته المكتسبة ووعوده ونتائجه في منافسة 2019 إن سبق له أن ترشح معيارا لاختياره .

إلا أن الفيصل في ذلك كله هو الإطار الموضوعي السليم الذي تضمنه الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها هيئة الانتخاباب ثم اختيار الناخب الذي يرتبط أساسا بنسبة مشاركته التي يتحكم فيها مزاجه الذي تصنعه الظروف الذاتية والموضوعية والذي بينت المحطات السابقة أنه محكوم باللامبالاة وفقدان الأمل في تغيير ظروفه والتقوقع حول وضعه الذاتي الاقتصادي والاجتماعي دون الاهتمام  بالشأن العام.

لذلك تصبح أولوية كل المعنيين بالمنافسة الانتخابية هي تغيير مزاج الناخب أو في الحد الأدنى تعديله في اتجاه إعادة ثقته في العملية السياسية برمتها وفي الانتخابات خاصة لإعادة الأمل في المستقبل من أجل  الإقبال على المشاركة والاختيار الواعي. فهل تستخلص بلادنا بكل مكوناتها وأطيافها ومؤسساتها العبرة من التجربة السنغالية وغيرها من التجارب الديمقراطية التي جمعت بين وحدة الدولة ووحدة المجتمع و جعلت المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار؟

*كاتب وناشط سياسي تونسي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس انتخابات رئاسة تونس انتخابات سياسة رئاسة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الرؤية والهدف!!

أطياف - صباح محمد الحسن
الرؤية والهدف!!
طيف أول:
ثمة طفلة تقف على أصابعها
تنظر من النافذة علها ترى سلاما يلوح في الأفق
وهي تلمس حبلها الصوتي
الذي اتعبه الصراخ!!
وبالأمس إختتمت تنسيقية القوى المدنية مؤتمرها التأسيسي الذي أقامته بأديس ابابا بحضور سياسي كبير قدمت فيه رؤيتها لوقف الحرب ورؤيتها السياسية في بيانها الختامي
وناشد المؤتمرون المجتمع الدولي للتدخل والضغط الجاد على طرفي الصراع لإعادتهم إلى منبر التفاوض بجدة
وإقرار آليات لحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الانسانية
وأسكتت (تقدم) ألسن كانت تنتظر إدانتها ومحاكمتها على ميدان سياسي لطالما أنها عملت في الترويج لزمن طويل الي أن التنسيقية ماهي إلا مجموعة سياسية تتماهى مع قوات الدعم السريع وتغض الطرف عن جرائمه،
العصا التي ظل خصومها يهشون بها عليها لتحقيق مآربهم السياسية
فالمتربصون بها كيدا وقفوا يراقبونها عن كثب يحسبون كل خطواتها نحو التقدم الي هدفها منذ أن اعلنت عن بداية مؤتمرها وحتى الجلسة الختامية
لكن المؤتمر التأسيسي بالأمس أدان بأشد العبارات الإنتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، والقوات المسلحة وكذلك ماقامت به المليشيات والحركات المتحالفة معهما، وطالب بالتحقيق الدولي في هذه الانتهاكات والجرائم ومحاسبة المتورطين فيها وهذا يعني ان ما ظلت تردده الفلول والخصوم السياسية الأخرى التي اصبحت تلتقي معها في طريقة طرحها الناقد بروح ونفس التخوين ماهو إلا فرية وكذبة ابريل التي اشعلت الحرب للقضاء على الإطاري وأحرقت ودمرت البلاد و لم تكتف بذلك واصبح الاصرار عليها أحد العوامل الأساسية في إستمرار الحرب وإطالة امدها
ولم يتوقف المؤتمر على عتبة الإدانة بل دخل الي مبادئ وأسس عملية بناء الجيش القومي المهني الواحد الذي لايسمح له بالتدخل في السياسة والاقتصاد أي أن الجيش والدعم السريع غير مسموح لهما بسرقة السلطة ولا سرقة الاقتصاد مرة أخرى
كما أن من أهم النقاط التي خرج بها المؤتمر في بيانه الختامي أنه صمم تصوراً للعدالة الإنتقالية يهدف الي عدم الإفلات من العقاب ومحاسبة المتورطين في كافة الجرائم بما في ذلك جرائم الحرب والتطهير العرقي في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور، ومجزرة اعتصام القيادة العامة، وحرب أبريل ٢٠٢٣ وجرائمها البشعة، وجرائم العنف الجنسي والموجهة ضد النساء خاصةً وصولاً الي مجتمع خال من الكراهية والعنصرية
وبهذا تكون تنسيقية القوى المدنية قدمت رؤية وضعت بها النقاط على الحروف التائهه عند المواطن الذي سيطرت عليه الآلة الإعلامية المضللة طيلة أيام كلما شكى من إنتهاكات واحتلال للمنازل وطالب بمحاسبة ومحاكمة الدعم السريع حدثته الفلول عن أن القوى المدنية هي التي تستحق الإعدام بدلا عن قوات الدعم السريع وهي الطبخة الفاسدة التي ظلت الفلول تقدمها على طبق المزايدة السياسية الأمر الذي جعلها تفشل في تحقيق جميع اهدافها وتظل للابد خاسرة حائرة تندب حظها التعيس.
طيف أخير:
#لا_للحرب
حزب الأمة الجديد وحزب الميرغني ابرز الوجوه التي ستدفع بها مصر في مؤتمرها القادم للحاق بركب تقدم عبر مائدتها المستديرة
الجريدة

   

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: تنافس امرأتين في الانتخابات الرئاسية بالمكسيك حدثً تاريخي
  • وثيقة العدل والإحسان السياسية باعتبارها مشروعا تنمويا وطنيا (2/2)
  • رائدة الأعمال توماسدوتير تفوز بالانتخابات الرئاسية في أيسلندا
  • الدين والدولة في السودان
  • رئيس حزب الريادة: الوقوف خلف القيادة السياسية أمر حتمي في ظل الأوضاع الراهنة
  • الرؤية والهدف!!
  • ايران.. ثلاث عقبات امام الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية
  • صفحة لودريان طويت وواشنطن جمّدت الانتخابات الرئاسية؟
  • السديس: ملوك بلادنا منذ الدولة السعودية الأولى اهتموا بحماية التوحيد والذود عن الإسلام
  • إدانة ترامب بكل التهم الـ34 الموجهة ضده