من الذي يدير حرب المليشيا ضد السودان بالنظر إلى القدرات الذاتية لطاقم دقلو أخوان
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
*ومن يجعلِ الضرغامُ للصيدِ بازُه*
*تَصيَّدهُ الضرغامُ فيما تصيَّدا*
اللواء (م) مازن محمد اسماعيل
• من الذي كَتَب الوثيقة الدستورية؟
• الذي فعل ذلك هو الذي حكم السودان وخط خارطته منذ ١١ أبريل وحتى ينتهي العمل بالوسيخة الدستورية التي لوَّث بها البلاد وعقول شعبها.
• من الذي كتب الإتفاق الإطاري ووثيقة المحامين الدستورية؟
• الذي فعل ذلك هو الذي قرر الحرب التي اشتعلت في ١٥ أبريل ٢٠٢٣م.
• يخلط البعض بين من كَتَبَ ومن كُتِبَتْ له ، ويظن البعض جهلاً أو تجاهلاً أنَّ من كُتِبَ له هو من كَتَب.
• من الذي يقود المليشيا في غمار هذه الحرب؟
• عند بدء الحرب تم تجنيد عشرات الآلاف من المرتزقة من أربعة عشر دولة مختلفة ، وتم شراء ذمم لمسئولين صغار وكبار على المستوى المحلي ، وتم توظيف عدد من وسائل الإعلام الدولية والرقمية ، وتم شراء ذمم عدد الرؤساء والحكومات الإفريقية ، وتم شراء ذمم نافذين في السياسة الغربية ، وغير ذلك الكثير من أجل مساندة المليشيا في هذه الحرب ، وفي الشهر الجاري أكَّدت الخارجية وصول أكثر من ٤٠٠ رحلة جوية تحمل أسلحة للمليشيا من أبو ظبي عن طريق تشاد ، وتابع الناس وصول دفعة من ١٢٠٠ سيارة دفع رباعي للمليشيا من الامارات إلى المليشيا عن طريق الكاميرون عبر تشاد ، وخلال ثلاثة عشر شهراً تم استئجار شركة فاغنر للقتال بجانب المليشيا ودفعها للتمرد على الدولة الروسية نفسها ، ولاشك أن ذلك يتطلب قدراتٍ تخطيطية ولوجستية وعملياتية ودبلوماسية واستخبارية .. يقصُرُ دونها باع الإمارات وآل دقلو ، والمصالح المرجوة من هكذا عمل تفوق كثيراً لدى المخططين مجرد إدارة ميناء أو تنصيب شخص على رأس حكومة.
• بالنظر إلى القدرات الذاتية لطاقم دقلو أخوان (إن كانا لا يزالان موجودان) ، ومع اليقين الثابت بأن حكام الإمارات لا يعدو شأنهم أن يكونوا مجرد بيدقٍ في هذا المُخطَّط الذي يتم توظيفهم فيه كواجهة وصرَّاف آلي لمخططات المنطقة وليس السودان وحده … فمن الذي يدير حرب المليشيا ضد السودان على وجه الحقيقة؟*
• من الذي يحدد طبيعة عمليات المليشيا وأهدافها وتكتيكاتها وخططها واستراتيجيتها واحتياجاتها ، من الذي ينظم اتصالاتها هرمياً وأفقياً وداخلياً وخارجياً ، وأين تنعقد منظومة القيادة والسيطرة؟ ، وهل مجموعة المُهرِّجين المفاوضين (عمر حمدان ، فارس النور ، يوسف عزت ، القوني دقلو) يملكون قرار وقف عمليات المليشيا …الخ؟
• الذين فعلوا ذلك هم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا .. الذين قادوا الأوضاع في الإقليم وفق مخططات مسبقة (سردناها تفصيلاً في مقالاتٍ سابقة) ، فأخرجوا دولها عن دائرة الفعل ، ونشروا الفوضى الخلاقة ، وحولوا الدول المستقرة إلى دولٍ فاشلة ، وجعلوا شعوبها ضحايا القتل والتشريد والتهجير.
• الذين فعلوا ذلك هم مخططي استراتيجيات وثيقة كامبل ، وفرضية الشرق الأوسط الجديد ، وخطة حدود الدم ، ونظرية الفوضى الخلاقة.
• إن التحالف الاستراتيجي بدول روسيا والصين ليس بالضرورة أن يكون فردوساً للاستقرار والازدهار ، وإنما سيتوقف ذلك على طبيعة الأهداف والاتفاقيات التي سينبني عليها هذا التحالف ، ومدى الالتزام والنزاهة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه .. وفي ذات الوقت فإن هذا التحالف بقدر أهميته لروسيا والصين فإنه يشكل عاملاً هاماً لثبيت وحدة السودان والمحافظة على سيادته واستقلال قراره السيادي ، وضامناً مهماً لاستغلال السودان لما حباه الله به من موارد.
• روسيا والصين دولٌ عظمى ، ومن الأخطاء الجسيمة أن تنبني العلاقة مع مثل هذه الدول على أسسٍ غير استراتيجية ، والذين يحاولون مغازلة الدول الغربية بعلاقاتٍ مرحليةٍ مع دول المعسكر الشرقي سيقودون أنفسهم وبلادهم إلى مآلاتٍ شيدة الخطورة ، وسيكونون كالمُنْبَتِّ الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
• مما تختزنه الذاكرة الوطنية -تقول الرواية- في يوليو ١٩٧١م طلب السوفيات من السادات التدخل لدى النميري حتى لا يقوم بإعدام الشفيع أحمد الشيخ باعتباره حاصلاً على وسام لينين ، ولمَّا كان السادات غاضباً كذلك من انقلاب الشيوعيين على النميري .. اتصل على النميري طالباً استعجال التنفيذ ، واعتذر السادات بدوره للسوفيات بأن طلبهم واتصاله جاء متأخراً بعد التنفيذ ، وترتب على ذلك فتورٌ شديد في علاقة السوفيات بالسادات إذ أن محادثته مع النميري كانت مسجلة بواسطة KGB التي قابله مديرها آندروبوف وأسمعه تسجيل مكالمته مع النميري ، ثم قال: السيد الرئيس ، إن الاتحاد السوفياتي دولةٌ عظمى ، وسيادتكم تتعاملون مع الاتحاد السوفياتي وكأنه كوستاريكا!! ثم نال السادات ومصر من ذلك قول الشاعر:
*تناولَ سِرحانٌ فريسةَ ضيغمٍ*
*فحطَّمه بالكفِّ منه وقضقضا*
اللواء (م) مازن محمد اسماعيل
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: من ک ت ب من الذی
إقرأ أيضاً:
فصل الجيش عن الحزب والحركة
حيدر المكاشفي
خلال زيارته للمملكة العربية السعودية في اطار جولته الخليجية التي شملت الى جانب المملكة كل من دولتي الامارات وقطر، وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة كانتا من الرعاة الرئيسيين لمبادرة جدة لوقف الحرب في السودان، إلا أن زيارة ترامب لم تتضمن أي تصريحات أو مبادرات جديدة بخصوص الأزمة السودانية. لم يُذكر السودان في الخطابات الرسمية أو المؤتمرات الصحفية، فيما عدا تلك الاشارة المعممة التي وردت على لسان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والتي جاء فيها (سنواصل جهودنا لإنهاء الأزمة في السودان من خلال منبر جدة والذي يحظى برعاية سعودية أميركية)، فهل بناءً على ما سبق، يمكن القول إن زيارة ترامب إلى الخليج تجاوزت فعلياً ملف الحرب في السودان، حيث لم يتم التطرق إليه بشكل علني أو ضمن جدول الأعمال المعلن مما يشير إلى أن الأزمة السودانية لم تكن ضمن أولويات هذه الجولة الدبلوماسية..شخصياً و بعدد من الشواهد لا اعتقد أن إدارة ترامب تجاهلت تماماً وكلياً أزمة حرب السودان الكارثية، فادارة ترامب في فترة رئاسته الاولى هي من قدمت قانون (حماية الانتقال الديمقراطي)، الذي تضمن عدداً من الحوافز، في سياسة يمكن وصفها بسياسة العصا والجزرة، ومعلوم أيضاً ان سياسة ترامب منذ ولايته الاولى تعمد الى تجاهل المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وتحويل السياسة الأميركية في المنطقة إلى تحالفات مع دول معينة مثل السعودية، مصر، والإمارات وقطر لتدير هي ملفات، منها مثلاً ملف السودان الموكل الى المملكة العربية السعودية بحسب تصريحات ولي العهد السعودي، كما أن نهج إدارة ترامب الممتد حتى الآن منذ ولايته الأولى واتضح جليا في زيارته الحالية للدول الخليجية، انها تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية هي تعزيز العلاقات الاقتصادية، وضمان فعالية المساعدات الأميركية من خلال تقليص الإنفاق غير الفعّال، ومكافحة التشدد والتطرف وإنهاء الحروب، وطالما ان ملف حرب السودان أوكل تماماً للمملكة العربية السعودية لم يعد ترامب بحاجة للاشارة اليه وترك أمره لولي العهد السعودي الذي أشار اليه في حديثه الذي نقلناه عنه، ولكن هب ان ترامب تدخل مباشرة في ملف حرب السودان وملأ الميديا بالتصريحات، فما عساه ان يفعل غير محاولة حمل الطرفين المتقاتلين للتفاوض، فمن المستبعد جداً ان يتدخل بصورة سافرة لانهاء الحرب كأن يفرض حظر على الطيران أو ارسال قوات للفصل بين المتقاتلين أو اي إجراء عسكري آخر..
المشكلة اذن ليست هي عدم اشارة ترامب لحرب السودان، وانما المشكلة في طرفي الحرب انفسهم وبالذات في قيادة الجيش التي يمكن ان نستلف لقب (مستر نو) من السيد عبدالواحد محمد احمد النور ونخلعه على قيادة الجيش التي صارت بالفعل (مستر نو)، برفضها لكل المنابر التي اتيحت للتداول حول الازمة، بل حتى المنبر الذي شاركت فيه وتوصل لتفاهمات مبدئية بين الفريق كباشي وعبدالرحيم دقلو في العاصمة البحرينية المنامة، تنصلت عنه قيادة الجيش ووأدته في مهده، والملاحظ هنا ان قيادة الجيش مرتهنة تماماً للوبي البلابسة وعلى وجه الخصوص جماعة الكيزان، فكلما تسربت اخبار عن لقاء يجمع طرفي الحرب، تجد هذه الجماعة سارعت لشن حملة شعواء ضده، فتسارع بدورها قيادة الجيش ليس لنفي التسريب فحسب بل والتأكيد على استمرار الحرب حتى القضاء على المليشيا، ولا تفسير لذلك سوى ان قيادة الجيش واقعة تماماً تحت تأثير وقبضة الكيزان ولا تملك الارادة الحقيقية للمضي في أية فرص تفاوض تلوح في الافق، وما لم تتحرر قيادة الجيش من الهيمنة والسيطرة الكيزانية وتمتلك ارادة نفسها سيظل الحال كما هو عليه، وبالطبع لن تتحرر قيادة الجيش من قبضة الكيزان مالم يتم فصل الجيش عن الحزب والحركة ونعني بهما حزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية، ومعلوم ان هذين (الحاءين) الحزب والحركة ما فعلاه بالدولة منذ استلام الاخيرة للسلطة عبر انقلابها المشؤوم، فهما لم يسيطرا على الجيش فقط بل جعلوا من الحزب والحركة والدولة شيئاً واحداً، تماهت السلطة في الحزب وتمدد الحزب في السلطة، ووضع الدولة في خدمة الحزب، رئيس الدولة هو رئيس الحزب، ومساعد الرئيس في القصر هو نائب الرئيس في الحزب، والوالي هو رئيس الحزب في الولاية، ووزير الوزارة الفلانية هو أمين القطاع العلاني في الحزب وهكذا دواليك، كل الدولة في جوف الحزب بما في ذلك الــ… والــ… والــ… مما تعدون وتعرفون من مؤسسات وهيئات يتشكل منها قوام أي دولة، وباختصار وضع الحزب الدولة رهينة له ورهن إشارته من قمة جهازها التنفيذي وإلى أصغر وحدة محلية، وأحكم عليها الخناق تحت إبطه، لا فاصل بين الانتماء السياسي للحزب والحركة والانتماء العام للمنصب، ذاك هو هذا، وهذا هو ذاك، فلا تدري ما الذي يفعله من أجل الحزب، وما الذي يفعله من أجل المنصب، فقد اختلط حابل الدولة بنابل الحزب، حتى صار السودان كله من أقصاه إلى أقصاه رهينة بين يديه، وجعل ما فيه ومن فيه مثل خادم الفكي كلهم مجبورون قسرا على خدمته، يسوقهم حيث ما شاء ويطبق عليهم ما يشاء بالقوة والقهر والجبروت حيناً ولا يريهم إلا ما يرى، ولا يسمع إلا ما يطربه، وبالجزرة والإغراء والملاطفة حيناً آخر، ورغم ان لجنة ازالة التمكين التي تكونت بعد ثورة ديسمبر سعت لتعديل هذا الوضع المقلوب والصورة الشائهة للدولة، بإنهاء دولة الحزب لصالح دولة الوطن بفصل الحزب عن الدولة وتخليص رقبتها من تحت إبطه، إلا ان انقلاب اكتوبر2021 الذي نفذته قيادتي الجيش والدعم السريع قبل ان تكتشف الاخيرة نوايا الانقلاب الحقيقية وتتبرأ منه، حيث وضح ان الهدف الرئيس للانقلاب كان القضاء على الثورة وإعادة الكيزان للسلطة، وهذا هو المشهد الماثل حتى الآن منذ انقلاب اكتوبر اذ ماتزال قيادة الجيش تحت إبط الحزب والحركة..
الوسومحيدر المكاشفي