كيف يحقق الجيش الإسرائيلي مع نفسه عند ارتكاب أي مخالفات محتملة؟
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
سلط تقرير أعدته الإذاعة الأميركية العامة "إن بي آر" الضوء على الطريقة التي يجري بها الجيش الإسرائيلي التحقيقات المتعلقة بارتكاب جنوده أي مخالفات محتملة ضد المدنيين.
وضرب التقرير مثالا على حادثة وقعت في 14 أبريل الماضي، عندما بدأ آلاف الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، السير من جنوب غزة إلى الجزء الشمالي من القطاع بعد انتشار شائعة مفادها أن الجيش الإسرائيلي سيسمح للنساء والأطفال وكبار السن بالمرور الآمن.
يقول التقرير إن جنودا إسرائيليين أطلقوا في حينه النار على الحشود عندما اقتربوا من نقطة تفتيش، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ما يقرب من عشرين آخرين، وفقا لموظف طوارئ وصحفيين كانوا هناك.
وبعد ذلك أعلن الجيش الإسرائيلي إن الحادث "قيد المراجعة".
ماذا يعني هذا؟تقول زيف ستال، المديرة التنفيذية لمنظمة "يش دين"، وهي منظمة إسرائيلية تقدم الحماية القانونية للفلسطينيين، إنه "بشكل عام، لا يتم التحقيق في كل حادثة ولا كل شكوى بطريقة جنائية، بل بطريقة عملياتية".
وتضيف ستال: "عندما يُتهم الجيش الإسرائيلي بانتهاك القوانين الدولية أو قواعد السلوك الخاصة به، تشرف وكالة داخلية تُعرف باسم المدعي العام العسكري على العملية".
"تبدأ الوكالة بإجراء مقابلة عبر محاميها مع الجنود المتورطين في الحادث وتكون سرية ولا يقصد منها في البداية إجراء تحقيقات جنائية"، وفقا لستال.
وتشرح قائلة إن "الجيش يمنح الجنود امتيازات ويعدهم بأن المقابلات لن تكون مادة تستخدم للتحقيق الجنائي، حتى يتمكن الجنود من التحدث بحرية عما حدث".
وتتابع ستال أنه "لا يوجد جمع للأدلة في هذه المرحلة فيما يتعلق بالجريمة الجنائية، في حال كانت هناك واحدة.. لذا فإن التوجه يكون عمليا في بعض الأحيان أكثر من كونه جنائيا".
ويشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق إزاء احتمال قيام المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع قادة الحكومة بشأن احتمال وقوع جرائم حرب إسرائيلية في غزة.
ويسلط احتمال صدور أوامر اعتقال محتملة بحق القادة الإسرائيليين الضوء على كيفية قيام الجيش الإسرائيلي بالتحقيق مع الأفراد المتهمين بانتهاك معايير الجيش الخاصة بالسلوك في زمن الحرب.
في كل عام، يتلقى جيش الدفاع الإسرائيلي مئات الشكاوى حول ارتكاب مخالفات، حيث كانت هذه الأمور تركز في الماضي عادة على جنودها المنتشرين في الضفة الغربية المحتلة.
ولكن منذ بداية الحرب مع حماس في أكتوبر الماضي، تراوحت الشكاوى بين قيام الجنود بإطلاق النار على اللاجئين الفلسطينيين العزل أو حادث استهداف قافلة تابعة لمنظمة "المطبخ المركزي العالمي" الإغاثية وتسبب بمقتل سبعة من موظفيها مطلع الشعهر الماضي.
ووفقا لخبراء حقوق الإنسان في إسرائيل، فقد أظهر الجيش الإسرائيلي افتقارا للشفافية والإرادة للتحقيق مع جنوده.
وتؤكد ستال أن بعض أكبر المشاكل تأتي خلال المرحلة الأولى من التحقيقات الداخلية داخل الجيش الإسرائيلي.
أحد المخاوف الأكثر إلحاحا لمنظمتها هو المدة التي يمكن أن تستغرقها عملية التحقيق، وغالبا ما تكون أكثر من عام، وأحيانا أطول من ذلك بكثير، مما قد يؤدي لعدم توفر الأدلة نتيجة طول الفترة، بحسب ستال.
بالإضافة إلى ذلك، غالبا لا تتم مقابلة الضحايا المزعومين في هذه التحقيقات إلا في وقت متأخر من العملية، كما تقول الخبيرة القانونية الإسرائيلية سمدار بن ناتان.
وتضيف بن ناتان إن "شهادة الضحية، في كثير من الأحيان، هي أول شيء نفكر فيه كفتح تحقيق، لكن العكس تماما يحصل فهم (الجيش الإسرائيلي) عادة ما يستمعون أولا لما يقوله الجنود، وبعد ذلك يحصلون على شهادات بعض الضحايا فقط".
وتتابع بن ناتان إنه "من منظور قانوني، عندما تجمع كل هذه العناصر وفقا للطريقة التي يجري بها الجيش الإسرائيلي التحقيقات، فمن الصعب التوصل لنتائج عادلة".
وفي رده على هذه المعطيات قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته "تعمل وفقا للقانون، وبالتالي هو ملزم بإجراء فحص شامل لأي ادعاء بانتهاك القانون، وكذلك يتم فحص كل شكوى على أساس موضوعها، بما في ذلك من خلال تحقيق جنائي إذا لزم الأمر".
لكن البيانات الواردة من الجيش الإسرائيلي في نهاية عام 2022 والتي استعرضتها "إن بي آر" تظهر أن الشكاوى المقدمة إلى الجيش نادرا ما تؤدي إلى أي شيء.
فمن بين 1260 شكوى تتعلق بإلحاق جنود إسرائيليين الضرر بالفلسطينيين وممتلكاتهم بين عامي 2017 و2021، أسفرت 11 شكوى فقط عن لوائح اتهام، وهي نسبة تمثل أقل من 1 في المئة من جميع الشكاوى.
وتعد منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" واحدة من العديد من المنظمات التي عملت مع الجيش الإسرائيلي لجمع الأدلة في تحقيقاتها.
تقول المتحدثة باسم المنظمة ساريت ميخائيلي: "كنا نتواصل مع الشهود ونحيلهم للشرطة العسكرية".
وتضيف: "كان زملائي يقضون ساعات في تنسيق الاجتماعات بين الشهود والشرطة العسكرية من أجل أخذ شهادتهم، وفي بعض الأحيان كنا نأخذ الأدلة ونحيلها".
وبعد سنوات من جمع الأدلة لمساعدة الجيش الإسرائيلي في تحقيقاته، تقول ميخائيلي إن المنظمة نادرا ما شهدت أيا من قضاياها تتجاوز مرحلة التحقيق الأولية.
وتتابع ميخائيلي: "لقد فعلنا ذلك لسنوات عديدة وتوصلنا في النهاية إلى نتيجة مفادها أنه لا جدوى من ذلك، بغض النظر عما فعلناه، كانت النتيجة نفسها دائما: عدم المساءلة".
وتشير ميخائيلي إلى أن المنظمة توقفت عن إحالة القضايا إلى الجيش الإسرائيلي تماما منذ عام 2016.
وتشدد ميخائيلي: "لقد توصلنا إلى نتيجة مفادها أن الاستمرار في إحالة القضايا إلى هيئات التحقيق الإسرائيلية لا يؤدي إلى نتائج عكسية من خلال عدم المساءلة فحسب، ولكنه يعطي أيضا انطباعا زائفا عن وجود نظام فعال" للعدالة.
وتبين ميخايلي إن منظمة "بتسيلم" تواصل حاليا جمع الأدلة عندما يقتل الجنود الإسرائيليون أو يصيبون فلسطينيين، ولكن بدلا من إحالتها للجيش، تقوم المجموعة الآن بنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الصحافة الحرة.
ومطلع الشهر الجاري، قال مسؤولون اسرائيليون لصحيفة "نيويورك تايمز" إنهم يتوقعون ان تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف ضد أعضاء في الحكومة الاسرائيلية وربما رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، في ما يتصل بادارة العمليات العسكرية المدمرة التي شنتها اسرائيل في قطاع غزة.
بحسب الصحيفة الأميركية فان المحكمة الجنائية الدولية تدرس أيضا توجيه التهم الى قادة من حركة حماس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی
إقرأ أيضاً:
إستشهاد 51 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي معظمهم قرب مركزي مساعدات بغزة
عواصم "أ ف ب": أعلن الدفاع المدني في غزة أن 51 شخصا إستشهدوا منذ فجر اليوم بنيران الجيش الإسرائيلي، معظمهم سقطوا قرب مركزين لتوزيع المساعدات في وسط وجنوب القطاع الفلسطيني المدمر.
وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل لوكالة فرانس برس إن طواقم الدفاع المدني نقلت إلى مستشفى "ناصر" في خان يونس "25 شهيدا على الأقل وعشرات الإصابات من بينهم عدد من الأطفال بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ صباح اليوم في غرب رفح".
وأضاف أن "قوات الاحتلال استهدفت بالرصاص وقذائف الدبابات تجمعات للمواطنين قرب منطقتي العلم والشاكوش في غرب رفح، حيث كانوا ينتظرون الوصول إلى مركز المساعدات" في شمال غرب رفح.
وأشار إلى أن الجنود الاسرائيليين أطلقوا النار من موقع عسكري "عندما اقترب آلاف المواطنين من منطقة الشاكوش" التي تبعد حوالي كيلومترين عن مركز المساعدات في رفح.
وفي وقت سابق ذكر بصل أن الدفاع المدني نقل "21 شهيدا على الأقل وأكثر من 150 إصابة، إثر إطلاق النار والقصف المدفعي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي باتجاه آلاف المواطنين من منتظري المساعدات قرب مركز للمساعدات الأميركية بين مفترق الشهداء (نتساريم) وجسر وادي غزة" في وسط القطاع إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات.
وذكر شهود عيان أنه قرابة الساعة 01,45 فجرا بتوقيت القدس، تجمع آلاف الفلسطينيين قرب مفترق نتساريم الذي يبعد مئات الأمتار عن مركز لتوزيع المساعدات.
وقال شاهد عيان يدعى ربحي القصاص "كنا تقريبا 50 ألف (شخص)، خدعنا اليهود و جعلونا ندخل (مركز توزيع الغذاء)، من ثم اطلقوا النار علينا بشكل عشوائي والجرحى والقتلى بالشوارع من أجل لقمة العيش".
وتساءل "إلى متى هذا الوضع، إلى متى سوف يبقى الناس في هكذا وضع، نريد حلا لهؤلاء الضحايا الذين يموتون".
وسبق أن أكد أحد الشهود أن الجيش الإسرائيلي "أطلق الرصاص وعدة قذائف مدفعية بالتزامن مع إطلاق النار من طائرات مسيرة إسرائيلية باتجاه آلاف المواطنين منتظري المساعدات عندما اقتربوا من مفترق نتساريم قرب جسر وادي غزة" ما أدى إلى وقوع قتلى ومصابين.
كذلك، أشار بصل إلى "نقل 5 شهداء وعدد من الجرحى جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت فجر اليوم (الثلاثاء) منزلا في حي الصبرة جنوب مدينة غزة ونقلوا الى مستشفى الشفاء في مدينة غزة".
واندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق نفّذته حركة حماس ضد الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1219 شخصا معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بحرب مدمّرة قتل فيها 56077 شخصا في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم أنّ أحد المتعاونين معها قُتل في غزة وهو الخامس منذ بدء الحرب في القطاع الفلسطيني.
وقالت اللجنة على موقعها الإلكتروني، إنّ "محمود بركة الذي كان يعمل في الدعم اللوجستي في مستشفى الصليب الأحمر الميداني في رفح، قُتل الأحد".
وأضافت في منشور على منصة إكس أنّه "قُتل أثناء عودته إلى منزله"، مشيرة إلى أنّه "ترك خلفه زوجته وثلاثة أبناء وبنتَين".
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنّ "مقتله يشكّل... لحظة مؤلمة بالنسبة إلى فرقنا".
وأكدت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا أنّ "هذه الخسارة المؤلمة تذكّرنا مرّة جديدة بالتحديات الهائلة التي يواجهها زملاؤنا وسكان غزة كلّ يوم".
ضرورة وقف إطلاق النار
شددت فرنسا وألمانيا اليوم على ضرورة التوصل لوقف لاطلاق النار في غزة، في موازاة وقف اطلاق النار الذي أعلنته الولايات المتحدة بين اسرائيل وايران.
واعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحفيين على هامش زيارة رسمية لأوسلو "بعيدا عما يحدث في إيران، أؤكد هنا على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة واستئناف دخول المساعدات الإنسانية" الى القطاع.
وأكد "إنها أولوية مطلقة" لعودة الاستقرار الى المنطقة.
من جهته أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن "الوقت حان" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس.
وفي تصريحات أدلى بها أمام البرلمان، شدد ميرتس على الدعم الألماني لإسرائيل التي قال إن "لها الحق في الدفاع عن وجودها وسلامة مواطنيها".
لكنه أضاف أن ألمانيا تحتفظ بحق "طرح تساؤلات نقدية بشأن ما ترغب إسرائيل بتحقيقه في قطاع غزة".
وقال إن ألمانيا "لن تفكر في تعليق أو إنهاء" اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي يعيد التكتل النظر فيها في إطار سعيه للضغط على الدولة العبرية للسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى غزة.
لكن ميرتس دعا إسرائيل إلى ضمان "التعامل الإنساني مع الناس في قطاع غزة، خصوصا النساء والأطفال والشيوخ".
جاءت تصريحاته في ظل الآمال بنجاح وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بينما يتبادل الطرفان الاتهامات بمواصلة الأعمال العدائية.
أمام الانتقادات الدولية المتزايدة لحرب إسرائيل على قطاع غزة ردا على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على اسرائيل في 7 اكتوبر 2023، شددت برلين لهجتها، رغم أنها تبقى إلى جانب الولايات المتحدة، من أكثر حلفاء إسرائيل ولاءً.